ما أسباب انقسام إسرائيل حول اليوم التالي للحرب؟ وما السيناريو الأقرب؟
تاريخ النشر: 17th, May 2024 GMT
انفجرت الخلافات بين قادة الاحتلال حول اليوم التالي للحرب إذ يقف وزير الدفاع يوآف غالانت رافضا أي خطط لحكم عسكري لقطاع غزة، خلافا لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وشركائه في اليمين المتطرف.
وحول أسباب تلك الخلافات، يقول الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية الدكتور مصطفى البرغوثي، إن صمود الشعب الفلسطيني في غزة ومقاومته الباسلة وعدم رحيله إلى شبه جزيرة سيناء كما خطط نتنياهو وضع إسرائيل أمام فشل عسكري وسياسي مزدوج.
ويضيف البرغوثي -خلال حديثه لبرنامج "غزة.. ماذا بعد؟"- أن من ضمن الأسباب أيضا غياب أي حل إسرائيلي للأزمة الحالية، إضافة إلى أن "إسرائيل كمنظومة صهيونية وبنيان سياسي تتحول نحو الفاشية مما يزيد من حدة التناقضات في مجتمع غير متجانس".
أما بشأن توقعه للسيناريو الأقرب لحل معضلة اليوم التالي للحرب، فأشار البرغوثي إلى أن قوة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وجناحها العسكري في عام 2005 كانت أقل بكثير مما هي الآن، ولم يستطع رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك أرييل شارون إبقاء جيشه داخل غزة.
وزاد موضحا "ستبقى المقاومة طالما لم يرحل الشعب الفلسطيني"، معربا عن اعتقاده أن إسرائيل لن تستطيع البقاء داخل القطاع، الذي سيصمد من أجل حريته. كما أن "الشعب الفلسطيني لن يقبل بأن يحكم من أي قوة خارجية سواء إسرائيل أو طرف دولي، وهو من سيقرر مصيره".
وبحسب البرغوثي، فإن نتنياهو يحلم بعملية عسكرية متواصلة لسنوات يتم خلالها تدمير مقومات الحياة في غزة أملا بدفع الفلسطينيين للرحيل لتنفيذ خططه بالتطهير العرقي للقطاع ثم الضفة الغربية.
وشدد على أن السابع من أكتوبر/تشرين الأول لم يكن سببا بل نتيجة لـ76 عاما من النكبة والتهجير واحتلال الأراضي الفلسطينية، مشددا على أن إسرائيل لم تحتَج في أي يوم من الأيام لمبرر لممارسة بطشها "فالاحتلال هو السبب بكل شيء".
وخلص في ختام كلامه إلى أن إسرائيل ستبقى بنفس المأزق والأزمة العميقة والمعضلة المستعصية بعد معركة رفح، مضيفا أنه لا حل سوى إنهاء الاحتلال ومنظومة الاستعمار الاستيطاني الإحلالي.
ماذا يعني الحكم العسكري؟بدوره، قال الخبير العسكري والإستراتيجي العميد إلياس حنا، إن أي حكم عسكري لغزة، "يعني الخضوع لقانون الطوارئ الإسرائيلي؛ فالحاكم والمنظومة عسكرية بحتة، حيث يتم التعامل من منظور أمني كمتابعة الخلايا النائمة لحماس وفصائل المقاومة".
ولفت حنا إلى أن هذا النوع من الحكم يستبعد أي شيء سياسي أو مدني فالكل تحت السلطة العسكرية، لكنه استدرك بالقول إن صمود غزة عسكريا يخلق مشاكل إستراتيجية كبيرة لإسرائيل.
ووصف الخبير الإستراتيجي مشروع غالانت القائم على سيطرة جهات محلية غزية على القطاع بمرافقة دولية بالسخيف وغير القابل للتحقيق، كما أن "أي مشروع دولي لا يمكن الحديث عنه قبل القضاء على حماس وهو ما لم يتحقق حتى الآن".
ومع ذلك يتولى غالانت حماية الجيش ومعنوياته ويقف بينه وبين نتنياهو -وفق حنا- الذي أشار إلى أن الجيش الذي يقاتل منذ اكثر من 7 أشهر لم يعتد على هذه المعارك الضارية، ولم يستطع تحقيق أي إنجاز تكتيكي عملياتي أو إستراتيجي يقدم للقيادة السياسية.
هذه خطط نتنياهو وشركائه
من جانبه، يرى الباحث المختص في الشأن الإسرائيلي عادل شديد، أن الجدل والنقاش الذي تجاوز الغرف المغلقة بين الحكومة والأجهزة العسكرية والأمنية "يؤكد أن هناك شبه إجماع باستثناء نتنياهو ووزيريه إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش أن الحرب أوصلت إسرائيل إلى مأزق كبير".
ورجح شديد أن "لا إمكانية لحل الأزمة الحالية التي تعكس قناعة المستوى العسكري بأن إسرائيل في ورطة"، لافتا إلى أن تغير موقف غالانت نابع من المقاومة الشرسة في غزة.
ولفت إلى أن نتنياهو غير معني بمناقشة أي مسألة سياسية لأن هناك قرارا ليس بإعادة احتلال غزة فحسب بل بعودة الاستيطان إليها، كما أنه يحاول نقل النقاش من مجلس الحرب إلى المجلس الأمني المصغر ذي الأغلبية اليمينية.
وينبه إلى أن حديث غالانت الأخير لم يكن باسم الحكومة والقرار السياسي وإنما بلسان المؤسسة العسكرية، قبل أن يشير إلى أن هناك اتفاقا بين نتنياهو وشركائه باليمين لاتخاذ إجراءات سريعة لضمان عدم قيام أي كيان فلسطيني مستقبلا.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ترجمات حريات إلى أن
إقرأ أيضاً:
انقسام أردني حول تأنيث الكادر التعليمي للمرحلة الأساسية
عمّان- أثار قرار وزارة التربية والتعليم الأردنية القاضي بتأنيث الكادر التدريسي للطلبة من الصف الأول وحتى السادس الأساسي، جدلا واسعا بين من اعتبروه خطوة لدعم البيئة التربوية للطلبة في مراحلهم المبكرة، وبين من عبروا عن تخوفهم من تداعياته على مصير المعلمين الذكور ومستوى المخرجات التعليمية، ومن أن يكون مقدمة لسياسات قد تمهّد للاختلاط في المدارس.
وسيشمل القرار 123 مدرسة تنطبق عليها المعايير، مع استثناء بعض المدارس التي تملك مبررات فنية وإدارية خاصة، حيث سيتم استبدال كادرها التدريسي والإداري من الذكور بالإناث، وأثار هذا القرار تساؤلات حول مدى قدرة التجربة على تحقيق التوازن التربوي المطلوب.
ويعبر المعلم عمار أحمد، الذي يعمل مدرسا للصفوف الأساسية منذ 7 أعوام، للجزيرة نت، عن قلقه من القرار، معتبرا أن "الإقصاء الكامل للمعلمين الذكور من هذه الصفوف قد يحرم الطلبة من نماذج تربوية ذكورية مهمة، خصوصا مع دخولهم مراحل تكوين اجتماعية ونفسية حساسة".
وأشار أحمد إلى أن وجود المعلمين الذكور إلى جانب المعلمات ضروري لإحداث توازن في العملية التربوية، مضيفا "ليس من المنطقي أن ننظر للمراحل الأساسية كسلة واحدة، فاحتياجات طالب الصف الأول تختلف كثيرا عن احتياجات آخر في الصف السادس".
أما المعلمة أماني إسماعيل فقد أبدت حيرتها تجاه القرار، فمن جهة ترى أن قدرة المعلمة على احتواء الطفل في هذا العمر أكبر، إلا أنها تعتقد أن التأنيث الكامل قد يؤثر من الجانب الأكاديمي والتربوي، موضحة أن "الجهد المبذول لضبط سلوك الطلبة الذكور أصبح يطغى على حساب جودة العملية التعليمية وإيصال المعارف".
وفي حديثها للجزيرة نت، قالت عضو مجلس النواب الأردني هدى العتوم إن هناك دراسات متخصصة يجب العودة إليها، ويجب أن تكون من البيئة الأردنية تحديدا، لا مجرد استناد إلى تجارب عالمية.
إعلانوأضافت أن "المعلمات يواجهن صعوبات كبيرة في التعامل مع الطلبة الذكور في الصف الرابع حاليا، فكيف سيكون مع الأعمار الأكبر حيث أبدى العديد منهم عدم تقبلهم للمعلمات، لا سيما في القرى والمناطق الريفية التي تتسم بتنشئة اجتماعية مختلفة"، مؤكدة أن "طبيعة المكان والتنشئة المجتمعية يجب أن تكون حاضرة في أي قرار تربوي".
وحسب العتوم، يحتاج الطالب في عمر 11 و12 سنة إلى نماذج واضحة في حياته، ويجب أن يرى صورة المعلم والمربي والعالم أمامه داخل المدرسة، محذرة من أن غياب هذه النماذج قد يؤثر على بناء الهوية الشخصية للطالب كونه ذكرا.
وتابعت أن ذلك من شأنه أن يزيد من مستوى البطالة لدى الذكور الذين هم المعيلون الأساسيون للأسرة، لافتة إلى أن نحو 180 ألف طالب ضمن هذه الفئة العمرية سيتم تدريسهم من قبل معلمات بدلا من المعلمين، وهذا سيسهم -برأيها- في تراجع فرص العمل للمعلمين الذكور.
وشددت العتوم على أن مثل هذا القرار يحتاج إلى تأنٍ ودراسة مستفيضة، مع انتقال تدريجي ومدروس، خاصة في ظل غياب تهيئة حقيقية للمعلمات للتعامل مع الطلبة الذكور في هذه المراحل الحساسة.
تأثير إيجابيبالمقابل، أكد مدير إدارة التخطيط في وزارة التربية والتعليم فيصل هواري للجزيرة نت، أن القرار سيكون له تأثير إيجابي على أوضاع المعلمين الذكور وسيشكل فرصة لهم؛ مضيفا "من الممكن أن يتحول المعلم إلى أي شاغر آخر يراه مناسبا له مثل العمل في الإدارة، لأن الذكور عادة يفضلون المواقع الإدارية".
وحول جدوى القرار، أكد الهواري أن الوزارة استندت إلى دراسة عالمية حديثة أظهرت تحسن التحصيل الدراسي وزيادة الاتجاهات الإيجابية لدى الطلبة عند تطبيق التأنيث في المراحل المبكرة.
وقال "نحن واثقون من قرارنا ولا نلتفت للتعليقات هنا وهناك، بل ننقل خبرة وتجربة عملية، بدأنا في مرحلة سابقة بتأنيث الصفوف الثلاثة الأولى، ووجدنا أن الأهالي طالبوا باستكمال التجربة بعد ملاحظتهم التحسن". وأوضح أن القرار سيقتصر فقط على الصفوف الأساسية حتى السادس، ولن يتعداه إلى المراحل الأعلى، مشددا على أن البيئة المدرسية ستبقى كما هي.
إعلانمن جانبه، قال المختص التربوي ورئيس الهيئة الإدارية لنادي المعلمين سابقا هيثم البطاينة، للجزيرة نت، إن الطالب يفضل أن يكون مدرسه معلما لأنه يعتبره صديقا لا سيما في المرحلة الأساسية العليا فهو ينظر إليه كقدوة ويبوح له بتساؤلاته.
وبشأن إمكانية أن يكون القرار مقدمة لاختلاط الطلبة كما يعتقد البعض، شدد الهواري على أنه لا يوجد أي توجّه لذلك في المدارس، مشيرا إلى أن التغيير فقط إداري وتدريسي عبر تحويل كادر المعلمين من ذكور إلى إناث.
معايير علميةأما أستاذ التربية الابتدائية في الجامعة الأردنية رمزي هارون فأكد للجزيرة نت ضرورة أن يُناقش القرار بناء على معايير علمية دقيقة لا على أساس الانطباعات أو المخاوف الاجتماعية غير الموثقة.
وأشار إلى أن الأبحاث التربوية الحديثة تؤكد أن جنس المعلم ليس العامل الحاسم في جودة التعليم، بل تبرز أهمية الكفاءة التربوية ومستوى الالتزام المهني والقدرة على بناء علاقات آمنة وداعمة مع الطلبة.
ويرى أن المعلمات يمتلكن مهارات عالية في التنظيم العاطفي والتواصل، وهذا ينعكس إيجابا على تحصيل الطلبة وسلوكهم، إضافة لكونهن أكثر ميلا لاستخدام أساليب تفاعلية ومشجعة تعزز مشاركة الأطفال في الصفوف الأولى، مضيفا أن مهنة التعليم الابتدائي أكثر جذبا للإناث، وأن الدراسات تظهر أنهن يتمتعن برضا وظيفي أعلى من الذكور ما ينعكس على التزامهن وأدائهن.
وفي ما يتعلق بالمخاوف حول تعامل المعلمات مع الذكور في عمر 12 عاما، اعتبر هارون أنها لا تستند إلى أدلة علمية، مؤكدا أن الأمهات يقمن بدور أساسي في تربية الأبناء من كلا الجنسين، وأن الطلبة الذكور في هذا العمر لا يحتاجون سوى إلى بيئة تعليمية آمنة ومحفزة، من دون أن يثير وجود معلمات أي مشكلات سلوكية جوهرية إذ إنهن لسن "وحوشا".
وشدد على أن نجاح هذه الخطوة مرتبط بتوفير بيئة مهنية داعمة للمعلمات، بعيدا عن التصورات التقليدية والأحكام غير المدروسة.
إعلان