أيمن سلامة: وحشية إسرائيل تزايدت بعد قرارات محكمة العدل الدولية
تاريخ النشر: 16th, May 2024 GMT
محمد أبو سبحة| القاهرة (زمان التركية)ــ تنظر محكمة العدل الدولية في طلب دولة جنوب أفريقيا، فرض تدابير احترازية إضافية ضد إسرائيل، في دعوى جريمة الإبادة الجماعية التي تنظرها المحكمة ضد تل أبيب، والتي أعلنت كل من تركيا ومصر وليبيا الانضمام إليها بجانب جنوب افريقيا، فيما يلفت الخبير القانوني المصري أيمن سلامة، أن الجيش الإسرائيلي زاد من وحشية هجماته منذ صدور التدابير الإلزامية الأولى عن محكمة العدل الدولية، ويتوقع أن تشمل التدابير الإضافية التي قد تصدرها المحكمة إجراءات تتعلق بمدينة رفح التي يشن حاليا الجيش الإسرائيلي توغلا بريا فيها.
وذكر الدكتور أيمن سلامة، أستاذ القانون الدولي الزائر بأكاديمية ناصر العسكرية للدراسات العليا، أن محكمة العدل الدولية في قرارها الابتدائي الأول بتاريخ 26 يناير هذا العام، أمرت في دعوى الإبادة الجماعية التي رفعتها جنوب إفريقيا ضد إسرائيل باتخاذ ستة تدابير تحفظية، مؤقته، وذكر أنه لم تأمر المحكمة بهذه الأوامر الستة إلا بعد أن وجدت أن ادعاءات جنوب أفريقيا على إسرائيل بأنها ترتكب جرائم الإبادة الجماعية في غزة معقولة، ومن بين هذه الأوامر أن تتخذ إسرائيل تدابير مؤقتة لمنع ارتكاب جريمة الابادة الجماعية بما في ذلك عن طريق زيادة المساعدات الإنسانية وتوفير الخدمات الإنسانية في غزة لسكان القطاع الذين يتعرضون لجريمة الإبادة الجماعية، لكن وفقا للطلب الأخير لجنوب أفريقيا يوم الثلاثاء إلى عدالة المحكمة في لاهاي، فمن الواضح أن إسرائيل لم تلتزم باتخاذ إجراءات فورية احترازية وفعاله لتمكين وصول المساعدات الإنسانية، وتوفير الخدمات الأساسية للمدنيين في قطاع غزة.
تزايد وتيرة العمليات العسكرية في غزةويرى سلامة أنه منذ صدور الأمر الالزامي للمحكمة في 26 يناير هذا العام، فإن وتيرة العمليات العسكرية العدوانية الإسرائيلية تتصاعد، والنسبة المئويه للقتل والدمار تتصاعد، وذلك يعكس أن إسرائيل لم تستجب بل تهين محكمة العدل الدولية.
ووفقا للدكتور سلامة فقد تفاقمت الأوضاع الإنسانية المأساوية في قطاع غزة، وتحديدا في مدينة رفح في الأسبوعين الأخيرين، بعد أن قامت إسرائيل بالفعل بإغلاق المعبر وإيقاف كافة المساعدات الانسانية للدخول إلى قطاع غزة، ويقول إنه حتى إن فُتح المعبر، فهناك حواجز وعراقيل تواجه المساعدات، من بينها الفحص المتعنت من قبل الجيش الإسرائيلي وقائدي السيارات ومن يؤمنون هذه السيارات بالمساعدات الإنسانية، من هجمات المستوطنين الإسرائيليين.
ولا يستطيع أيمن سلامة الجزم بما سيصدر عن محكمة العدل بعد أيام من أوامر إضافية أخرى تحديدا ضد إسرائيل استجابة لجنوب أفريقيا، ولكن قد تأمر المحكمة بسحب جيش الاحتلال الإسرائيلي تشكيلاته ووحداته العسكرية من مدينة رفح، وقد تأمر المحكمة أيضا بوقف إطلاق نار مؤقت في مدينة رفح تحديدا.
Tags: أيمن سلامةرفحمحكمة العدل الدولية
© 2024 جميع الحقوق محفوظة -
المصدر: جريدة زمان التركية
كلمات دلالية: أيمن سلامة رفح محكمة العدل الدولية
إقرأ أيضاً:
«فومبي».. مرآة التاريخ التي تعكس وحشية الإنسان
صدرت رواية “فومبي” للكاتبة والشاعرة بدرية البدري عن دار الساقي في العام 2022، تعود بك “فومبي” إلى نهايات القرن التاسع عشر مع ظهور حركات الحقوق المدنية في عصر إعادة الإعمار.
تقدم لنا بدرية البدري عملاً أدبياً خارج حدود المألوف في إنتاج الرواية العمانية. “فومبي” كما تقول الكاتبة في مقدمة الرواية: "هي أشبه بقاعة محكمة، فيها ضحايا ومجرمون، يقدم كل منهم أدلته ويدافع عن نفسه، والقارئ هو القاضي الوحيد". وهذا ما انتهجته الكاتبة في الأسلوب السردي السلس الذي يجمع بين الفلسفة والسرد الأدبي التاريخي العميق.
تصور “فومبي” بشاعة الإنسانية الفجّة أمام نزعة السلطة والنفوذ "كمخلوق قبيح جُمّل كثيرا ليحتمل العالم رؤيته". حيث تعرّضنا لقضايا العدالة الانسانية وظلم الإنسان للإنسان. إستنادا إلى تجارب تاريخية مؤلمة. في عهد الملك ليوبولد الثاني، وهو ثاني ملوك بلجيكا، الذي دوّن عنه أنه فرض سيطرته الشخصية على منطقة واسعة في وسط أفريقيا عُرفت باسم "دولة الكونغو الحرة" خلال الفترة من 1885 إلى 1908. مستغلا ببشاعة مواردها الطبيعية الغنية كالمطاط والعاج، لتزخر خزينته المستعرَة بما لا يطفئها من أرباح طائلة من خلال نظام استعماري قاس.
تُكثّف “فومبي” الضوء على قضايا الظلم واستغلال النفوذ لتدسّ لنا بين سطورها ما يتناوله الواقع المعاصر عندما ذكرت بديرة البدري في مستهل الرواية: "... لكنك لو رفعت بصرك قليلا عن الورق ونظرت حولك لوجدت أبطالها يحيطون بك، ولا أظنك ستنصدم إن رأيت نفسك بينهم، تلبس أجسادهم، وتمارس أدوارهم، وربما -أقول ربما- ترفع يدك عاليا ليهبط الشيكوت على جسد أحدهم".
“فومبي”، سرد تاريخي يصوّر تشويه السلطة المطلقة للهوية الإنسانية. فقد تناولت الانتهاكات الجسيمة لملك بلجيكا ليوبولد الثاني ضد المستعمرة التي أقامها في الكونغو. وهنا تكمن أهمية الرواية التي توثّق حدثا تاريخيا مهما في الذاكرة الجمعية في شكل سردي يستنهض ما غفى في قلوبنا من جراء إعتياد المشاهد والأحداث الوحشية.
في “فومبي”، التي تعني الروح الهاربة أو الشبح في بعض لغات الكونغو. والتي استخدمتها الكاتبة بفطنة مستحضرة بذلك أسطورة أفريقية تشير إلى أن الرجل الأبيض هو “فومبي” بعد أن نجح في خطف لون الروح. توظيف بدرية البدري لهذا المفموم في روايتها يثير الدهشة والفضول معا. حيث تكتشف في طياتها أنها تتناول مفهوم الأوراح الهاربة من قبضة الشيطان لتبيان قسوة الظلم حول العالم. والجشع الذي يأكل بعضه بعضا. مستعينة بأحداث قضية الاستعمار البلجيكي الفظ للكونغو.
الأصوات في “فومبي” غزيرة ومتداخلة. حيث تستخدم بدرية البدري تقنية السرد المتعدد، فتتداخل الأصوات والشخصيات بطريقة تحمِل القارئ إلى عوالم متباينة ودرجات متكاثفة من الفضول، أمام استكشاف تعدد التجارب القاسية والتشويه الكبير للهوية الإنسانية التي عاشها سكان الكونغو تحت حكم ليوبولد الثاني.
مؤكد أن الكاتبة استعانت بهذه التقنية لتعزز من عمق الرواية، حيث تقدم كل شخصية منظورها بصوتها الخاص، وقد نجحت الكاتبة تماما من خلال هذا الأسلوب السردي في إظهار الأبعاد المختلفة للموضوعات المطروحة. لا سيما في توظيف لغة تتخللها الفصاحة الشعرية، مما يجعل النص يتسم بالعمق والقدرة على تداول مشاعر متلوّنه في في ظل الظروف الاجتماعية والسياسية للرواية. مما يمنح القارئ إحساسًا بالزمن والمكان. مناوبة في سردها بين الحكايات الشخصية والأحداث التاريخية.
رواية “فومبي” للكاتبة بدرية البدري، هي تأريخ سردي للظلم ودوافعه، ونبش عميق في النفس البشرية، ودعوة من قلب عربي عماني إلى التفكّر في تقلّب مراتب الإنسان وتلوّن غرائزه تبعا لمقاماته. هذه الرواية ما وجدتها إلا دعوة مستترة بأحداث واقعية لكيفية مواجهة وتعزيز قيم الإنسانية في عالم سلطوي يعاني الاستغلال. ودعوة لاستحضار الأسئلة الوجودية حول الغريزة الوحشية للذات البشرية. لاسيما عندما تعرّضك لمشاهد العنف التي اتُبعت في الكونغو تحت حكم ليوبولد الثاني. كبتر الأطراف التي كانت تمثّل العقوبة الشائعة والتي تُفرض على السكان المحليين في الكونغو لعدم تحقيقهم الحصص المطلوبة في جمع المطاط. والإصطياد العشوائي في شِباك الاختطاف لسكان البشرة السوداء لتغريبهم. في حقبة مخيفة تكاثفت فيها سلطة الرجل الأبيض على الرجل الأسود أثناء ازدهار تجارة العبيد. هذا الاختطاف ما كان إلا رفاهية وأمنية تجنب الضحية أساليب التعذيب فوق أرضه وموطنه.
تعكس تسلسل الأحداث في الرواية الأحداث التاريخية في الواقع، فقد إنتهت الإنتهاكات الشرسة في الكونغو إلى غضب دولي واسع بعد أن كشف المبشّرون والصحفيون، مثل إدموند دين موريل، عن الانتهاكات الجارية في الكونغو. ثم في نهاية مطاف الأحداث التاريخية التي تناولتها الرواية، وتحت الضغط الدولي الكبير، اضطرت بلجيكا إلى ضم الكونغو كمستعمرة رسمية تحت إدارتها في العام 1908، منهيةً بذلك الحكم الشخصي الشرس لليوبولد الثاني على المنطقة.
تحرّضك رواية فومبي لإعادة تعريفك لنفسك وللمفاهيم الأساسية في العدالة البشرية. وتفتح أمامك آفاقاً جديدة للتفكّر حول ماهية الإنسان، أبيضا كان أو أسود. وما يعنيه الانتماء للوطن، وكيف تؤثر سلطة المال والنفوذ على الفرد والجماعة. هذه الرواية تجربة فريدة للقارئ.