الهباش يدعو الى تشكيل نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب
تاريخ النشر: 16th, May 2024 GMT
قال الدكتور محمود الهباش ، قاضي قضاة فلسطين، مستشار الرئيس للشؤون الدينية والعلاقات الإسلامية ، إنه لا بد من تشكيل نظام عالمي جديد يقوم على أقطاب متعددة حتى يقع العدل في المجتمع الإنساني، وحتى نقيم النظام الإنساني القائم على التوازن وغير ذلك فإن الأرض ستفسد لأن القوي سيأكل الضعيف والغني سيأكل الفقير وهكذا سيسود نظام وشريعة الغاب.
جاءت أقوال الهباش خلال كلمته باسم دولة فلسطين في المؤتمر الدولي التاسع لمجموعة الرؤية الاستراتيجية "روسيا- العالم الإسلامي" المنعقد في جمهورية روسيا الاتحادية، بمشاركة وفود من مختلف دول العالم الإسلامي وروسيا وشخصيات وعلماء دين ومفكرين من مختلف دول العالم.
وأضاف قاضي القضاة أنه في ظل النظام العالمي السائد وقعت نكبة فلسطين التي كانت ذكراها الـ76 يوم أمس، وضاعت حقوق الشعب الفلسطيني في ظل هذا النظام العالمي الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية أو تدعي أنها تقوده، وأنها تريد تشكيل نظام عالمي قائم على الحرية وقائم على الديمقراطية كما تزعم، مشيرا إلى أن الشعب الفلسطيني يعيش هذه الأيام نكبة جديدة بفعل العدوان الاسرائيلي على شعبنا في قطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس المحتلة راح ضحيتها حتى الآن أكثر من 120 ألف إنسان بين شهيد وجريح، وأكثر من 70 بالمئة من البنية التحتية والمنشآت والمساكن في قطاع غزة دمرت، ومئات المساجد والكنائس والمدارس والمستشفيات والبيوت، وأكثر من 370 ألف وحدة سكنية، وأكثر من مليون ونصف مليون إنسان أصبحوا نازحين بلا بيوت وبلا مأوى يعيشون في الخيام وبعضهم يعيش في العراء.
وأكد أنه في ظل هذا النظام العالمي الذي تقوده الولايات المتحدة، فإن كل هذه الجرائم التي تقع في فلسطين تقع بموافقة أميركية وتقع برضى أميركي وبدعم أميركي، ولذلك فإن الولايات المتحدة الأميركية تتحمل المسؤولية الكاملة عن كل الدماء التي تسيل وعن كل الضحايا الذين يسقطون وعن كل الدمار الذي يقع وتتحمل الولايات المتحدة الأميركية المسؤولية عن التنكر لحقوق الشعب الفلسطيني لأنها هي التي ترعى وتساند وتدعم العدوان الإسرائيلي، وهي التي استخدمت الفيتو ثلاث مرات في مجلس الأمن خلال سبعة أشهر لمنع مجلس الأمن من اتخاذ قرار بوقف العدوان، وهي التي استخدمت الفيتو مرة أخرى لمنع مجلس الأمن من الموافقة على حصول دولة فلسطين على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة.
وطالب الهباش المجتمع الدولي، في ظل المذبحة التي يعيشها الشعب الفلسطيني، بإرسال رسالة واضحة لإسرائيل والولايات المتحدة الأميركية بأنه لن يقبل المجتمع الدولي باستمرار هذه المذبحة ويجب أن يتغير الواقع وأن يعترف العالم بالخطيئة التي ارتكبها بحق الشعب الفلسطيني وعليه أن يصحح هذا الخطأ بالاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني والاعتراف بدولة فلسطين وانسحاب إسرائيل من أرض دولة فلسطين، والاعتراف بهذه الدولة على أساس قرارات الشرعية الدولية، مضيفا أنه بهذه الطريقة فقط سوف يسود العدل.
وأشار إلى أن جمهورية روسيا الاتحادية والعالم الإسلامي يشكلون قوة كبيرة مع بعضهم، وأن روسيا أصلا قوة عظمى والعالم الإسلامي بإمكانه أن يكون قوة عظمى لأنه يمتلك موارد بشرية هائلة وموارد طبيعية هائلة وإمكانات وأرضا وجغرافية ودينا واحدا ولغة واحدة، وبإمكانه أن يشكل قوة كبرى مع روسيا ومع الصين لصياغة نظام عالمي جديد يحق الحق والعدل.
وأكد الهباش أن "الشعب الفلسطيني لن يلقي الراية ولن يستسلم وسنظل ندافع عن حقوقنا ونحن مؤمنون أن العالم الحر سيقف معنا وعاجلا أو آجلا سوف نحصل على حقوقنا وسنقيم دولتنا رغم أنف الاحتلال ورغم أنف الذين لا يريدون للعدل أن يسود في العالم".
المصدر : وكالة سواالمصدر: وكالة سوا الإخبارية
كلمات دلالية: الولایات المتحدة الأمیرکیة العالم الإسلامی الشعب الفلسطینی نظام عالمی
إقرأ أيضاً:
دنابيع السياسة العربية.. من دنبوع اليمن إلى دنبوع فلسطين
محمد الجوهري
تصريحات الرئيس الفلسطيني المزعوم محمود عباس (أبو مازن) عن مجاهدي حماس في غزة، وألفاظه النابية بحقهم، لا تقدم جديداً سوى المزيد من السقوط الأخلاقي للسلطات العميلة التي تستمد شرعيتها من البيت الأبيض، الحليف الرئيسي للكيان الصهيوني. وهذه الظاهرة ليست وليدة اليوم، بل هي عُرف سياسي متفشٍّ في أغلب الجمهوريات العربية، حيث تبقى تلك الأنظمة خانعة كماً وكيفاً، مقابل بقائها في السلطة الوهمية، واستفادة أصحابها من بعض الامتيازات الخاصة، كالأرصدة الضخمة وممارسة الفساد بحق الشعوب دون حسيب أو رقيب.
ولم يعد خافياً أن عباس وأفراد عائلته يملكون مصالح مشتركة مع الاحتلال، وبسببها لا يزال في السلطة منذ أكثر من عشرين عاماً، حيث ترتبط هذه المصالح باستمرار خدماته للكيان الصهيوني. وينطبق هذا الوضع على أعضاء حكومته العميلة، المشاركين في قمع الشعب الفلسطيني، وتبرير كل إجرام إسرائيلي بحقه، كما هو الحال في غزة والضفة، حيث ينفذ الجيش الإسرائيلي عمليات قتل وخطف علني، بتواطؤ عباس وأزلامه.
في اليمن، كما في فلسطين، توجد حكومتان: إحداهما مرضيٌّ عنها دولياً وتحظى بدعم أمريكي، وأخرى منبوذة دولياً لكنها تستمد قوتها من الشارع اليمني. ومن البدهي أن تقف الأخيرة مع الشعب الفلسطيني في مظلوميته الكبرى، حيث لا ضغوطات غربية تمنعها من ذلك، بخلاف الأخرى التي يتمنى أعضاؤها أن يكون لهم موقف مشرف من غزة، لكن ذلك يتعارض مع مصدر شرعيتهم في البيت الأبيض، ما يفقدهم إياها بمجرد إعلان تضامنهم مع الشعب الفلسطيني.
وعلى هذا القياس تتشكل أغلب الحكومات العربية؛ فإذا أراد شعبٌ ما أن يسترد حريته، صُدم بالهيمنة الأمريكية التي بدورها تفرض عليه حكومة شكلية لا شرعية لها سوى من المجتمع الدولي، الذي تهيمن عليه الغطرسة الأمريكية. ولهذا، فإن ظاهرة “الدنابيع” هي الأكثر انتشاراً في عالمنا العربي.
وكلمة “دنبوع” -في الأصل- تشير إلى الفار عبد ربه منصور هادي، فهذا لقبه، وهو ليس أول رئيس شكلي في المنطقة، لكن غباءه الشديد فضح عمالته وتبعيته للسعودية وأسيادها الغربيين في أكثر من موقف، وأهمها تصريحه العفوي بشأن تفاجئه بالعدوان السعودي على بلاده، رغم أن الأخيرة زعمت أن عاصفة الحزم كانت بطلب منه. وله أيضاً تصريح سابق يكشف عبوديته لنظام عفاش، حين أكد أنه لم يستلم أي سلطة من سلفه سوى العلم الجمهوري.
مطلع العام 2022، اضطرت السعودية إلى استبدال الدنبوع بآخر لا يقل عنه عمالة للغرب، وهو المرتزق رشاد العليمي الذي لا يقل عنه ولاءً للخارج، إذ يطالب منذ عام ونصف بتدخل أمريكي لاحتلال بلاده بحجة حماية الملاحة الصهيونية في البحر الأحمر، في سقوطٍ أخلاقي لا نظير له في التاريخ اليمني الحديث أو القديم. فالعليمي لا يبالي بأي معايير أخلاقية، ولا يكترث لأي دوافع سوى عبوديته للمال، كما لا يحرص على تقديم أي صورة مشرفة له أمام المجتمع اليمني، إذ إن الشرف ليس من دوافعه هو وأمثاله في مجلس الثامنة الخونة الموالي للغرب والصهاينة.
وهكذا يتجلى المشهد العربي في صورته القاتمة: زعامات مستوردة، أنظمة مصطنعة، لا شرعية لها إلا بقدر خدمتها لمصالح الاستعمار الغربي، ولا قيمة لها لدى شعوبها إلا بمقدار ما تُمعن في قهرهم ونهبهم. وما محمود عباس سوى حلقة صغيرة في سلسلة طويلة من دنابيع السياسة العربية الذين ما إن تهب عليهم رياح التحرر حتى ينكشف عوارهم، ويسقط قناع الزيف عن وجوههم الباهتة.
ولم يكن عباس حالة شاذة؛ فقد سبقه ولحقه كثيرون، كأنور السادات، الذي رهن القرار المصري لواشنطن، ووقع اتفاقيات الاستسلام مع الصهاينة، ثم سُمّي عهده “عصر الانفتاح على الغرب” ولو على حساب كرامة مصر، وكذلك خلفه حسني مبارك، الذي جعل من مصر مخفراً كبيراً لحماية حدود الكيان الصهيوني في وجه المقاومة الفلسطينية، وبارك حصار غزة لسنوات طويلة.
وكذلك حال ملوك الخليج والأردن، فالشرعية هناك مطلقة للطغاة، وليس للشعب أي حق في الحديث عن حقوقه المصادرة، وأولها حق التعبير والتضامن مع الشعب الفلسطيني، وكل هؤلاء، وأمثالهم، يثبتون حقيقة أن الاحتلال العسكري ليس الشكل الوحيد للاستعمار، بل إن أخطر أشكاله هو الاحتلال السياسي الداخلي، عبر وكلاء صغار بلباس الزعماء.