صوت الشعر يصدح «يطري علينا الوله».. والبدر يجيب «المسافر راح»
تاريخ النشر: 16th, May 2024 GMT
اختار النادي الثقافي أن يكون تأبينه للشاعر الراحل "بدر بن عبدالمحسن" بأٍسلوب مغاير، في أمسية ثقافية امتلأت كراسي الحضور فيها بعشاق الشاعر الراحل، وطغى صوت الشعر على أي صوت سواه، وصدح الشعراء بأعذب ما سيبقى في التاريخ معنونا بخلود لغة البدر.
الأمسية التي بدأتها الدكتورة منى بن حبراس السليمية –عضو مجلس إدارة النادي- بكلمة ذكرت فيها دور الشاعر الراحل في اكتشاف مناطق الحداثة في النص الشعري الخليجي، والحديث عن كونه أحد مؤسسي اللغةِ النبطيةِ الأرستقراطية، وهي اللغة بين منزلتين: الجزالةِ في المفردةِ اللهجيةِ الدارجة، والحداثةِ المغلقة.
وحول ماقدمه بدر عبدالمحسن للنص الغنائي قالت الدكتورة منى: "ما قام به بدر بن عبدالمحسن كان إنجازا مهمّا في هذا الإطار، وذلك عندما قلّصَ المسافةَ وألغى التباعدَ المتخيلَ بين النصِّ الغنائي (بثالوثه: الكلمة واللحن والأداء)، وبين النصِّ الشعري؛ فنجدُنا عندما نستمعُ إلى "المزهرية" بصوتِ البدر أو نقرأُها مكتوبةً، فكأننا نستمعُ إلى غناءِ عبادي الجوهر، أو إلى راشدِ الماجد بينما نقرأ "لا تلوّح للمسافر"، أو لعبدالكريم عبدالقادر إذ نقرأ "يطري عليه الوله"، و"يا ظماي"، أو لعبدالمجيد عبدالله عندما نقرأ "تخيّل"، أو لمحمد عبده".
وتحدثت السيلمية عن اللغة العابرة للحدود التي يمتلكها البدر قالت: "من ميزاتِ الشفرةِ الجماليةِ التي اعتمدَها أنَّها عابرةٌ للأمزجةِ ومتجاوزةٌ لجغرافيةِ التلقي، فالشاعرُ والمتلقي في عُمان يستمتعُ بنصوصِه كما يستمتعُ بها الشاعرُ والمتلقي في السعودية، وفي باقي أقطار الخليج، وخارجَ حدود الخليج، لذا فإن خارطةَ تلقيه كانت شاسعة، وكان بدرا يضيءُ في الأقاصي العليا، بينما كفوفُ شعرِه تصافحُ قلوبَ الأجيالِ برقتِها العذبة".
وقدم الشاعر طاهر العميري كلمته في الأمسية التي تحدث فيها عن أثر الشاعر بدر عبدالمحسن في مسيرة الشعر في الخليج، وبدأها بالتلامس الأولي بين طاهر وعوالم البدر حيث قال: " من أكثر من عشرين عام كنت أحاول اكتشاف مجرات عالم البدرالغريبة، ارتطامي الأول به من خلال قصيدتيه "كفاك غرور" و" كلهم راحوا"، والتي كان يشرق بأحزانهما يومها عبادي الجوهر، أغنيات ممتلئة بالجراح والأحلام، في ثنائية القرب والبعد وارتجاف العاشق أمام مفردات الحب التي تكتنز بها أيامه".
واستعرض طاهر العميري مواضع الجمال في مجموعة من قصائد البدر، وقال العميري واصفا لغة الشاعر الراحل: " في لغة بدر بن عبدالمحسن تلك الطاقة الخلاقة، والقدرة على إنتاج الصور المبتكرة التي تعكس حداثة الروح والتي تؤسس لتجربة شعرية مفارقة بما تنتجه من معان ودلالات جديدة تعكس حجم الاحتراق الداخلي من خلال لغة حلمية تخيلية".
وازدانت أجواء الأمسية بمجموعة من القصائد الشعرية للبدر التي ألقاها الشاعر حمود بن وهقة، والشاعر أصيلة السهيلية، والشاعر حمود الحجري، والشاعر عبدالعزيز العميري".
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
من بدر الأمس إلى ابن البدر اليوم: اليمن في مواجهة العدو الإسرائيلي والعدوان الأمريكي
يمانيون/ تقارير
في خطابٍ يجسد روح الجهاد ويُحاكي تطلعات الأمة، حلَّق السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي فوق تفاصيل الأحداث الراهنة، راسمًا خريطةً استراتيجيةً لموقف اليمن الثابت في مواجهة العدوان الأمريكي المُتصاعد، ورابطًا إياه بِحبلٍ إيماني وَثيقٍ بالله، ومتصلٍ بإسناد فلسطين كمحنة لابتلاء المواقف واختبار الضمائر وتمحيص الشعائر وفرز الشعارات.
(لا يمكن لأصحاب الضمائر ولأهل الدين أن يسكتوا عما يجري في فلسطين) يقول السيد ويمد حججه البالغة مخاطباً شعوبا ومعاتباً أنظمة، في خطاب لم يكن مجرد رَدٍّ عابرٍ على غاراتٍ عسكرية، بل كان بيانًا وجوديًّا يُجسِّد “صراع الإرادات” بين قوةِ إيمان الشعوب ومشاريع الهيمنة الصهيونية، حيث تَبرُز اليمن كقلعةٍ من قلاع الصمود، تُعيد إنتاج تاريخ المجد بسيوف مشهورة بأياد المؤمنين المرابطين في صفوف الجهاد من الشام الى اليمن، في الضفة المقابلة لجهة التطبيع والارتهان والخنوع.
التصعيد الأمريكي.. أدوات الضغط وكسر الإرادةبدايةً، يُعرِّف السيد القائدُ العدوان الأمريكي الأخير على اليمن باعتباره حلقة في سلسلةٍ طويلةٍ مِن “حروب الإخضاع” أو كما سماه جولة جديدة من الحرب، التي تُدار مِن قِبَل واشنطن حماية للعدو الإسرائيلي، بهدف إعادة تشكيل المنطقة وفق معادلة الاستباحة في مضمار إقامة مشروع الصهيونية الكبرى. فالقصف الجوي والبَحري الذي استهدف المدنيين والبنية التحتية في صنعاء ومحافظات يمنية أخرى، ليس سوى محاولةٍ لِوَأد أي صوتٍ رافضٍ للانصياع للهيمنة الأمريكية، ويُشكِّلُ عائقًا أمام المخططات الصهيونية التوسعية في زمن الطاغية ترمب
في هذا الإطار، يؤكِّد السيد أن اليمن، ومنذ انطلاق “معركة طوفان الأقصى”قبل15 شهرًا، اختارت أن تكون في خندق المواجهة المباشرة، عبر تبني استراتيجيةٍ ثنائية المحور:
الأول: محور ضغط عسكري عبر حظر الملاحة البحرية للعدو الإسرائيلي في البحر الأحمر والبحر العربي، واستهداف السفن المتجهة إلى فلسطين المحتلة، كأداةٍ لِكسر الحصار الظالم عن غزة.
الثاني: محور دعم معنوي برفع سقف الخطاب الدولي المُندِّد بالصمت العربي والدولي إزاء جرائم الإبادة الجماعية، ومحاولة إيقاظ ضمير الأمة المُغَيَّب، ووضعها في مسؤوليتها من خلال تذكير الأنظمة وتحذيرها وتنوير الشعوب وتثويرها.
يُشير كلام السيد هنا إلى أن واشنطن، التي تَعتبر البحر الأحمر شريانًا حيويًّا لمصالحها، تُدرك أن نجاح اليمن في تعطيل الملاحة “الإسرائيلية” يُهدِّد مشروعها الإقليمي، لذا تُسارع إلى تصعيد العدوان، حماية للكيان ودفاعا عنه، مُستغِلَّةً انشغال الأنظمة العربية بِمُناكفاتها الداخلية ومستثمرة لحظة خنوع عربي واستسلام غير مسبوق للمشيئة الترامبية، وتواطؤ بعضها مع العدو الإسرائيلي.
الحضور اليمني من رد الفعل إلى فرض معادلة الردععلى الصعيد العسكري، يُقدِّم الخطاب رؤيةً واضحة مبنية بحتمية أن اليمن تنتقل مِن مرحلة الدفاع إلى مرحلة “صناعة الردع”، عبر دخولها الضاغط وفعلها المؤثر، وأحدها تحويل البحر الأحمر إلى ساحةٍ لموازنة الرعب وتحقيق الأمن القومي العربي. فبعد أن كانت الضربات الأمريكية تُلقى دون ردٍّ مُباشر، ها هي السفن الحربية الأمريكية تُواجه صواريخ باليستية وطائرات مسيّرة، تُصنَع محليًّا بِإمكانيات يمنية، في إشارةٍ إلى تطور غير مسبوق في أدوات المجابهة والتصدي، بعض هذه الأسلحة جرى ابتكارها واستخدامها للمرة الأولى في تاريخ الحروب، بإقرار الأمريكي نفسه، وفي لحظة فعل يمني إسنادي إنساني لا محل له من التباهي والمفاخرة في مقام الانتصار لمظلومية فلسطين الكبرى وقضية المسلمين الأولى.
ولفهم هذه المعادلة، يُوضح السيد أن اليمن اعتمدت على:
– الخبرة التراكمية: مِن حرب السنوات الثمانِ ضد التحالف الأمريكي السعودي الإماراتي، والتي مهَّدت وهيأت لبناء ترسانة عسكرية نوعية بالإفادة من خبرة تراكمية ميدانية عملياتية قلما توفرت في جيش من الجيوش وحرب من الحروب الكبرى.
– الحرب النفسية: عبر إثبات القدرة في غير موضع ومكان وفي شتى الظروف الجغرافية والزمانية والاقتصادية والأمنية، ومن بين أمثلتها الزاخرة بالدلائل استهداف حاملات الطائرات الأمريكية، (أكثر من حاملة ولأكثر من مرّة)، ما يُقلِّل إن لم يقتل هيبة “القوة العظمى” في عيون الشعوب المُستضعفة ويضع الغول الأمريكي على مذبح نهايته وسقوطه المزمع والمرتقب بأعين شماتة مناوئيه الدوليين في الشرق والغرب.
– توسيع ساحة المواجهة: بتهديد المصالح الاقتصادية للعدو الإسرائيلي وحماته، عبر شلّ حركة الملاحة التي يستحيل على الكيان البقاء بدونها لفترة دون سداد فواتير عجزه وأرقام خسائره من مخازن الأمريكيين التي لا تنقطع إمداداتها من أموال النفط الخليجي وضريبة الحماية والبقاء.
غير أن الأهم هنا هو الرمزية والبعد الديني الذي يستمدها السيد مِن “غزوة بدر”، حيث يُحوِّلُ التفوق العسكري المادي للعدو إلى هزيمة معنوية، عبر توظيف الإيمان كسلاحٍ استراتيجي. فكما انتصر 300 مجاهد مؤمن حول الرسول على ألف مُشرك، قد تُكتب الهزيمة لأكبر القوى العسكرية على نحو مماثل ومعجز، ونشير هنا إلى أن خطاب السيد جاء بين سلسلة دروس نبي الله إبراهيم عليه السلام التي فيها ما فيها من محطات الصراع والكفر بالطاغوت على طريق توحيد الله وتحرير الوجود البشري من عبودية الشرك والخضوع والارتهان، وهي أعلى قيمة إنسانية يرجى تحقيقها بالقتال وبذل التضحيات الجسام في سبيل الوصول اليها.
فلسطين: الخيط الرفيع بين التضامن الإنساني والأمن القومييُعتبر الربط بين أمن المنطقة ودعم فلسطين مِن أكثر النقاط التي أثارها الخطاب، لكن السيد يُقدِّم تحليلًا استباقيًّا لهذه العلاقة، حين أشار مفصلاً إلى: إن الصمت على جرائم العدو الإسرائيلي وشريكه الأمريكي اليوم، يعني غدًا تكرارها في أي دولة عربية وإسلامية وتكرار الخذلان الذي تلاقيه فلسطين اليوم من أشقائها المسلمين أنظمة وشعوبا، فلسطين حلقة في مسلسل المشروع التوسعي الصهيوني الكبير، والدور على البقية مسألة وقت، ويرى ترامب أنه قد تأخر كثيرا، لذا يستعجل اليوم تحقيقه باكثر من وسيلة وأداة، فالمشروع الصهيوني بحكم الواقع والوقائع، ليس استيطانيًّا فحسب، بل هو “رأس حربة” لتفكيك الدول العربية، وإخضاعها للعدو الاسرائيلي، وتجاهل الخطر لا يدفع الخطر بل هو خطأ وخطيئة سرعان ما ستدّفع الأنظمة أثمانها. يقول السيد ويرى أن لووكان الصمت يجدي لأمنت سوريا الساكتة من شر الصهيوني وأطماعه التي يبدو أن حدودها بحدود المشروع الصهيوني الكبير.
هنا، تبرز فكرةٌ محورية: إن انهيار صمود غزة سيكون إيذانًا بانهيار كل خطوط الدفاع العربية، فالقضية الفلسطينية هي “البوصلة الأخلاقية” للأمة، وفقدانها يعني فقدان الهوية والشرعية لأي نظامٍ عربي.
لا يخلو الخطاب مِن رسائل توبيخ موجهة للأنظمة العربية على صمتها المُريب، وتذكيرٌ بأن الصهيونية لا ترى لأحد جميلا، وليس في قاموسها شكر لخدمتها أيا تكن خدماتهم وتفانيهم وخياناتهم العظمى لأوطانهم وشعوبهم.
وللمجتمع الدولي يجدد السيد كشف عوار العالم وفضحٌ ازدواجية شعارات حقوق الإنسان، التي تتبخر حين يكون الجاني العدو الإسرائيلي والمظلوم الشعب الفلسطيني، ومن هذه الحقيقة يجدد السيد القائد مشروعية وقانونية وإنسانية الموقف اليمني الذي يزيد وهجه كلما زاد صلف الظلم على الشعبين الفلسطيني واليمني.
وفي إطار نفسي، يُمهِّد الخطاب لِمرحلةٍ جديدةٍ مِن التصعيد، عبر الإعلان عن مسيرات مليونية في ذكرى غزوة بدر، في سياق استعراضٍ للقوة الشعبية المساندة لخيارات التصدي والمواجهة العسكرية وتجديد التزكية الجماهيرية لقرارات القيادة الثورية في لحظة حضور إقليمي وعالمي مشهود.
مِن بدر التاريخ إلى بدر اليوم التاريخ يتجدديختتم الخطاب باستشرافٍ لمستقبل الصراع، حيث يُلقي السيد بِسؤالٍ استفزازي: هل ستُكرر أمريكا و”إسرائيل” سيناريو هزيمة التحالفات الكبرى أمام إرادة المؤمنين المجاهدين؟ الجواب يقول السيد، ويشرح بالتفصيل والشواهد والتجارب، لا يعتمد على ميزان القوى العسكري ومعادلات القوة، بل على ميزان الإيمان، التاريخ حافل بالأمثلة، والسنن الإلهية جارية لا تتبدل إنما يكابر عنها الإنسان، يتجاهلها أو يغفل عنها.
اليمن، بهذا المنطق، لم تعد مجرد دولةٍ تُدافع عن سيادتها، بل هي “مختبرٌ حي” لإثبات فشل المشاريع الصهيونية المهددة لأمن بلداننا العربية وهويتنا الإسلامية، والسؤال الذي يطل مع كل منعطف وجولة من الصراع هو: هل ستُدرك الأمة أن حبل نجاتها الوحيد هو العودة إلى الله وتصديق وعوده، أم ستستمر في انتظار “نصرٍ غربي” لن يأتي؟!.
نقلا عن موقع أنصار الله