الأسبوع:
2025-05-02@05:54:19 GMT

«نبْت» في أروقة المحاكم

تاريخ النشر: 16th, May 2024 GMT

«نبْت» في أروقة المحاكم

استهلال:

«إن انحيازي للمرأة المصرية هو عن قناعة تامة وإيمان حقيقي بأن احترام المرأة وتقدير دورها، وتمكينها وحمايتها، هو واجب وطني والتزام سياسي وليس هبه أو منحة بل هو حق أساسي لها وعلينا جميعًا أن نتخذه كمنهج حياة، فبدونه لن يتحقق أي نجاح منشود ».. من كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسي، في احتفالية المرأة المصرية والأم المثالية 23 يناير 2022 م.

حقائق تاريخية لا يعلمها أحد

- «الإمبراطورية التي لا تغرب عنها الشمس وأعرق ديمقراطيات العالم، بريطانيا العظمى»، إليزابيث كاثلين كولبورن، المولودة في مقاطعة تشيشير (تشيستر) شمال غرب إنجلترا في 9 أغسطس عام 1905م، كانت أول قاضية في بريطانيا العظمى، عُينت في عام 1962م أول قاضية في محاكمة المقاطعة، ثم أصبحت بعد ذلك أول قاضية في المحكمة العليا.

- «الولايات المتحدة الأمريكية النموذج العالمي للديمقراطية الحديثة، -كما يقال-».. روث بادر جينسبورج، المولودة في 15 مارس 1933م ببروكلين نيويورك، عُينت أول قاضية في الولايات المتحدة الأمريكية من قبل الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر في عام 1980م، كقاضٍ في محكمة الاستئناف بمقاطعة كولومبيا، وصوت لصالحها مجلس الشيوخ الأمريكي في وقت سابق من العام نفسه حتى تلتحق بالمنصب رسميًا.

- «مصر التي هي بحق أم الدنيا».. إنصاف البرعي، المولودة في 1933م.. الحاصلى على ليسانس الحقوق جامعة القاهرة عام 1955م، التي عملت في المحاماة ثلاث سنوات أو أقل أشهرًا.

فكرة غيرت التاريخ

في صبيحة يوم شتوي عام 1958م، وقبل التوجه لمكتبها التي تمارس منه مهنة المحاماة، ابتاعت لنفسها عدد من الجرائد المصرية، نقدت البائع ثمنها الزهيد، وتطلعت إلى الصحف المرصوصة خلف بعضها، لتطالع على الصفحة الأولى للجريدة الأعلى في مصفوفة الصحف المصرية لإعلان صغير لا يتجاوز مائة كلمة والأسطر الستة كلمة نشره مجلس القضاء المصري الأعلى فحواه «مطلوب قضاة».

خطرت في بالها فكرة، لم تغير مجرى حياتها، بل غيرت مجرى التاريخ العربي والبشري كله فكرة نابعة من وجدانها ودعمها عقلها، فغيرت طريقها من مكتبها إلى مقر مجلس القضاء الأعلى.

وعلى ورقة بيضاء كتبت إنصاف البرعي، كلمات لم تزد عن الخمسين كلمة، مائتان حرف على الأكثر كتبتها بخط يدها الواضح القوي الجميل، كتبت طلبًا خلاصته «أريد أن أصبح قاضية». هل خطر ببالها أنها تُغير تاريخ العالم؟ هل جال في خاطرها أنها تصنع الريادة المصرية والعربية على العالم كله؟ لا ندري.. لكن ما ندريه أنها فعلت، غيرت تاريخ العالم وصنعت الريادة لبلدها. نظر المجلس إلى طلبها فوجد الشروط تنطبق عليها فوافقوا بالإجماع على طلبها، ليشاركوها صناعة التاريخ.. هي بتقدمها لمنصب القضاء وهم بموافقتهم.. لتصبح ابنة الأربعة وعشرين عامًا أول قاضية في العالم الحديث الذي نعرفه بتشكيل دوله.. وأصغر قاضية في العالم حتى الآن.. لتصبح إنصاف البرعي، القاضية المصرية، هي إنصاف لتاريخ العالم ما بعدها غير ما قبلها.

ريادة وأرقام

سبقت سيادة المستشارة القاضية إنصاف البرعي، إليزابيث كاثلين كولبورن، أول قاضية في بريطانيا العظمى، توليها منصب القضاء بأربعة أعوام، وكانت أقل منها عمرًا بـ 27 عامًا كاملة، وكان تقدمها بطلب من شخصها. توافرت فيها الشروط فوافق مجلس القضاء الأعلى العظيم على طلبها، فقط لأنها مطابقة للشروط، دون نظر إلى جنسها أو سنها، لم يكن الموافقة على طلبها تكريمًا لمسيرة مهنية في المحاماة أو إرضاءًا لخاطر زوجها، كحال البريطانية إليزابيث كاثلين كولبورن، صاحبة السبعة والخمسين عامًا.

اثنان وعشرون عامًا.. الفارق الزمني بين قطع إنصاف البرعي، شريط نهاية السباق بينها وبين أول قاضية في الولايات المتحدة الأمريكية، روث بادر جينسبورج، لتحصد المركز الأول على قاضيات العالم بفارق كبير بين أقرب منافستها، وفارق أكبر مع أول قاضية أمريكية بدأت مسيرتها في القضاء بعد اثنين وعشرين عامًا من مسيرة إنصاف البرعي.

تغلبت المصرية ابنة الأربعة والعشرين عامًا، على الأمريكية ابنة السبعة والأربعين عامًا في ريادة الزمن وريادة العُمر، وريادة أنها فكرت فقررت فاستجابت مصر لها، بينما الأمريكية عينها رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، جيمي كارتر، ولم يوافق على طلبه إلا بعد عرضه والتصويت عليه على مجلس الشيوخ الأمريكي.

تحقيق

وقف التاريخ بجسده النحيل المرهق ووجهه غائر الخطوط بفعل الزمن يجر ملابسه المتهدلة على الأرض في خشوع أمام قاضية مصري في تحقيق رسمي.

بعظمة وقوة سألته القاضية المصرية:

س- من أول قاضية في العصر الحالي منذ أن بدأت حدود الدول في الظهور الحالي؟!

بابتسامتة سعيدة غجزت خطوت وجهه الغائرة عن محوها أجاب بصوت رخيم قادم من آلاف السنين:

ج- سيادة المستشارة المصرية القاضية إنصاف البرعي ابنة الأربعة والعشرين عامًا هي أول قاضية في العالم كما تعرفونه.

لم تظهر القاضية المصرية أي تعبيرات على وجهها المحايد وسألت:

س- وماذا عن البريطانية إليزابيت كاثلين كولبورن والأمريكية روث بادر جينسبورج؟!

أخاديد وجهه الغائرة عجزت عن إخفاء نظرة سخريته من السؤال أو لعلها سعادته من الإجابة.. فقال بلهجة أظهرت سعادتها نبرات صوته الرخيم:

- ماذا عنهن؟! أنهن لا شيء.. فالقاضية الثانية في العالم بعد إنصاف البرعي المصرية القاضية العراقية زكية إسماعيل حقي.. البريطانية هي الثالثة لم تكن حتى الوصيفة.. أما الأمريكية روث بادر جينسبورج فلم تكن الثالثة ولا الرابعة ولا الخامسة، الثالثة كانت قاضية المغرب أمينة عبد الرازق في عام 1961م، وبعدها جويدة جيجة بنت تونس في عام 1972، وبعدهن بنت اليمن السعيد حميدة زكريا 1973م، وعقبها القاضية الليبية نعيمة جبريل في عام 1975م، تلتها السورية غادة مراد في عام 1979م.

وجهت القاضية المصرية سؤالًا للتاريخ:

س- ومن هي أول قاضية في التاريخ بشكل عام؟

شخصت عينا التاريخ كأنه ينظر إلى اللامكان.. تذكر حينما كان يحبو منذ آلاف السنين.. استعاد صوته حيويته كشاب قوي أعادت ذكريات السنين إليه قوته وقال في صوت زاد رخامته جهوريته:

- كنت طفلًا أحبو.. أسير على أربع.. حينما لم يكن هناك عالم وكانت مصر.. سبعة آلاف عام أتذكر الأميرة نبت صاحبة ريشة ماعت.. المنتمية إلى ما تسمونه الأسرة السادسة التي حملت لقب ساب الفرعوني الذي يعني قاضي ولقب الوزيرة ثاتي.. من روعتها تزوج ملككم الشهير تيتي صاحب هرم سقارة الشهير ابنتها ملكة مصر.. أول قاضية في العالم وأول وزيرة عدل.. في الوقت الذي لم يكن هناك عالم كان هناك مصر.. مصر التي أراها كما هي لم تتغير.. تستعين أمجاد الماضي وتبني أمجاد الحاضر وتجهز للمستقبل.. أعظم منظومة عدلية ترأستها أعظم قاضية "نبت".

صمت التاريخ قليلًا وأخذ شهيقًا كاد أن يخلي غرفة التحقيق من الهواء واستطرد:

استحضرتها في تاريخكم مرات ثلاث.. رأيتها في وجه إنصاف البرعي.. ورأيتها في عزم تهاني الجبالي.. نائبة محكمة "جبت" الدستورية.. وفي نضالها الذي جمع القانون بالسياسة.. فكانت وتدًا في تعديل مصير تاريخكم الحالي.. كما بكيت على قاضية مصر والعالم الأولى نبت.. وكما دمعت عيني على إنصاف البرعي عند رحيلهما.. إنهمرت عبراتي على رحيل نبت العصر الحديث تهاني الجبالي.

امتزجت كلماته بعبراته وتابع:

حافظوا على تاريخكم.. اكتبوا تاريخ نبت وتاريخ إنصاف البرعي وتهاني الجبالي وآلاف نبت في محاكمكم.. درسوه في تربيتكم القومية.

أجبره بكاؤه الذي تحول إلى نشيجٍ امتلك جسده.. طلبت منه القاضية المصرية أن يجلس ليستريح.. رفض الجلوس.. تعلل بأن العظيمات لا يجب الحديث عهن إلا وقوفًا.. ثم غرق في البكاء.

تمهلت القاضية حتى هدأ نحيبه.. وسألته:

س- هل لديك أقوال أخرى؟!

نظر إليها التاريخ نظرة جمعت بين النظر إليها وبين النظر إلى كل مكان.. وأجاب ضاغطًا على مخارج حروفه:

ج- أنا في كل مكان أرى وأسجل.. أمس كنت في زيارة "نبت" أخرى.. تمارس القضاء.. أعطاني وجهها المضيء المرسوم كحدود مصر قوة لأتجول بين أرواق محاكم فأشاهد في النيابات وعلى المنصات القضائية آلأف "نبت" مثلها من القاضيات المصريات.. أرى ما لا ترون.. رأيت على وجهوهن ما سطرته أنا على مدار السنين وسجلته في بردياتكم وجدران معابدكم رأيت على وجوههن:

"أنا هي القاضية نبت.. أنا التي أحكم بالحق.. استمد عزمي منه.. إرتويت بماء النيل.. وطعمت من أرضه فامتزجت القوة في جسدي والحق في روحي.. لأحكم لكم بالعدل".

طالبته القاضية بالتوقيع فزيل التحقيق بعبارته:

"أنا هو التاريخ.. أقول لكم الحق.. حَيت مصر.. وستحيا.. وتحيا مصر".

اقرأ أيضاًصبرة القاسمي لـ"الشاهد": الإخوان سجدوا بعد علمهم باغتيال فرج فودة ورفعت المحجوب

صبرة القاسمي لـ"الشاهد": لم يكن هناك مشروع يحمي الشباب من براثن الإرهاب في التسعينات

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: الرئيس عبدالفتاح السيسي الأم المثالية احتفالية المرأة المصرية صبرة القاسمي الولایات المتحدة الأمریکیة القاضیة المصریة فی عام لم یکن

إقرأ أيضاً:

سعودية تطارد محامياً إنجليزياً محتالاً في المحاكم لاستعادة 25 مليون دولار

خاص

لم تتراجع سيدة سعودية عن حقها، وقررت أن تمضي قدماً حتى النهاية في ملاحقة محامٍ بريطاني اتهمته بالاستيلاء على 25 مليون دولار كانت قد ائتمنته عليها لاستثمارها في صفقة عقارية خارج المملكة، قبل أن تكتشف أنه أنفقها على مقتنيات فاخرة من عقارات ويخوت ومصانع زوارق.

ويواجه المحامي البريطاني رونالد غيبس إجراءات قانونية مشددة في بريطانيا، بعد أن ألزمت المحكمة العليا في لندن ببيع عدد من عقاراته الفاخرة الواقعة في أرقى أحياء العاصمة البريطانية، من بينها عقار في ضاحية ريتشموند الجنوبية، قدرت قيمته بأربعة ملايين جنيه إسترليني، وذلك لسداد جزء من الديون المستحقة عليه لصالح السيدة.

وتسعى هيئة الدفاع عن السيدة حالياً إلى استصدار أوامر جديدة من المحكمة تجبر غيبس على تصفية ممتلكات إضافية، تشمل عقارات في شارع كينغز وتشيستر أفينيو، تمهيداً لاسترداد المبالغ التي وعد بإرجاعها قبل أكثر من عقد.

وبحسب ما نقلته صحيفة تلغراف البريطانية، فإن السيدة كانت قد كلفت غيبس بشراء عقار في باريس، على أن يعيد لها المبلغ الأصلي في عام 2013، إلا أن الأخير خالف الاتفاق، واستغل الأموال في شراء شقق فاخرة في مونتينيغرو، بالإضافة إلى يخت ومصنع لصناعة الزوارق.

وفي حكم سابق، أمرت المحكمة العليا غيبس بدفع نحو 40 مليون دولار تعويضًا للسيدة، لتغطية أصل الدين مع الفوائد. وقال القاضي نيل كالفر في حيثيات الحكم إن المحامي المتهم بذل ما بوسعه للتهرب من إعادة الأموال، مدعيًا أن استثماراته لم تعد تتيح له السداد.

يُذكر أن المحكمة أصدرت في فبراير الماضي قرارًا بتجميد أموال غيبس، كما أقيم مزاد علني لبيع اليخت الذي اشتراه بقيمة 17 مليون جنيه إسترليني، في محاولة لتحصيل جزء من المبلغ المستحق للسيدة.

إقرأ أيضًا:

طبيب بريطاني: شعب المملكة محظوظين بالرعاية الصحية التي لديهم .. فيديو

مقالات مشابهة

  • شاهد بالفيديو.. “مقلد” الفنانة إنصاف مدني يواصل إبهار الجمهور ويعود لتقليدها بأغنية جديدة
  • سعودية تطارد محامياً إنجليزياً محتالاً في المحاكم لاستعادة 25 مليون دولار
  • مصر.. شريحة هاتف تتسبب في أزمة كبرى وقضايا أمام المحاكم
  • خلال ساعات.. ترامب في مواجهة المحاكم الأمريكية بثلاث تحديات قانونية
  • روان أبو العينين: قناة السويس رمزًا للسيادة المصرية ومن أهم ممرات التجارة بالعالم
  • شاهد بالفيديو.. شاب سوداني يقلد صوت الفنانة إنصاف مدني بــ(الكربون) ويصيب الجمهور بالدهشة
  • خبراء وممثلو أجهزة المنافسة حول العالم يعلقون على التجربة المصرية في مجال سياسات المنافسة
  • عباس شومان: الميراث لا يقبل التغيير.. ومن يريدون إنصاف المرأة يظلمونها.. فيديو
  • المتهمون ضحايا الترجمة.. تقرير نرويجي: المحاكم التركية تحظر استخدام اللغة الكوردية
  • رؤساء المحاكم الابتدائية يشاركون في ورشة النزاع الانتخابي بتونس