بوابة الوفد:
2025-03-17@00:19:58 GMT

قولوا الحق يرحمكم الله!؟

تاريخ النشر: 16th, May 2024 GMT

انظروا تحت أرجلكم.. تجدوا تراب خمسة عصور وبقايا خمس مدن وآثار خمس حضارات تحت تراب القاهرة، حضارة فرعونية وحضارة إغريقية وحضارة فارسية وحضارة رومانية وحضارة إسلامية.. وربما تحت أقدامكم الآن بقايا درع مكسورة كان يلبسها فارس مغوار وبقايا مكحلة كانت تكتحل بها أميرة تمشى فى موكب فخم، وأكاد أسمع أصوات المواكب ونفير الجيوش تحت التراب.

. والعرس وضيوفه والقاتل والقتيل والظالم والمظلوم فى حفرة واحدة قد استووا ترابا، لا شىء فى الدنيا يساوى أن نكذب أو نخون أو نظلم، لا شىء يدعونا لأن نخاف والخائف سوف يتمدد إلى جوار الذى يخاف منه بعد قليل، والجبان لن ينجو من الموت والرعديد سوف يسبق الشجاع إلى حتفه، وسوف تتفكك هذه البنايات وتنهار تلك العمائر الجميلة كأنها ديكور من ورق اللعب، وسوف تزول هذه الزخارف كأنها نقش على الماء ولن تبقى إلا شواهد قبور، ثم تغور الشواهد فى التراب أو الرمال، ثم لا يبقى اسم ولا رسم. والذى يعى هذا جيدا سوف يُقبـِل على الدنيا بجسارة وسوف يخوض أحداثها بقلب من حديد، وسوف يقول الحق لا يخشى فيه لومة لائم، وسوف يبسط يده بالخير لا يخاف فقرا، وسوف يواجه البأس لا تزلزله الزلازل ولا تحركه النوازل.. وهؤلاء هم أهل الإحسان الذين يعبدون الله كأنهم يرونه ويتعاملون مع الموت كأنه رفيق حاضر وصاحب مصاحب منذ الميلاد، فاجتهدوا أن تكونوا من هؤلاء لتدين لكم الدنيا وتسلم لكم الآخرة وقولوا الحق يرحمكم الله»، رائعه من روائع الدكتور مصطفى محمود من كتاب « الإسلام فى خندق.». 
بداخلنا شعور غير مفهوم مزيج مختلط من الخوف والأمل الهزيمة والدافع للاستمرار، اليأس والتأقلم الصمت وعواصف التفكير التردد واللامبالاة، هناك غضب مغلف بالهدوء، إنكار يشوبه الاستهتار وزهد فى باطنة التمنى والرجاء.. كشمعة ضوءها خافت محاطة بظلام دامس بالكاد يُرى ما حولها، فلا نحن فى ظلامٍ تام ولا نحن منعمون بالنور هذه هى الدنيا.. وكيف يمكننا أن نوقظ أنفسنا من كابوس ونحن نعلم أننا لسنا نائمين!!؟..الكنز الحقيقى اللى لقيناه فى رحلة الحياه هو أننا فهمنا ولعلنا لم نفهم فهمنا الناس والحياة، فهمنا أن العشم فى غير الله مذلة وإن الروح والحنية والأصل الطيب أهم من الشكل فهمنا إن مش كل اللى بيضحك فى وشنا بيحبنا وإن النفوس الخبيثة بتبقى واضحة قدامنا ومكشوفة، فهمنا إن حرام نتعامل مع الناس القاسية أو نهدر طاقتنا وحتى مشاعرنا مع الناس الغلط، تتراقص الأقنعة بين مخلص ومتلاعب، وبين من يبحث عنك لذاتك ومن يريدك لمآربه، فلا تغتر بحلاوة اللسان، فالأفعال هى البوصلة التى ترشدك إلى جوهر الإنسان الكلمات قد تزيف، لكن الأفعال لا تعرف إلا لغة الصدق، ولتكن المواقف هى الحكم الذى يفصل لك، بين الأصيل من الزائف، يحارب الإنسان طوال حياته من أجل الدنيا وعندما يموت لا تمنحه تلك الدنيا سوى قطعة أرض مترين بـمتر ليُدفن فيها من التراب إلى التراب، فيا رب أحسن خاتمتنا وأصلح لنا فساد قلوبنا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم، سلاما لمن قيدتهم ظروفهم الصعبة، وبقوا فى أماكنهم يتأملون أحلامهم، لأولئك الذين سبقتهم تواريخ ميلادهم وبات الزمن يطفئ شموع ما ادخروه من أمنيات.

رئيس لجنة المرأة بالقليوبية وسكرتير عام اتحاد المرأة الوفدية

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: ماجدة صالح

إقرأ أيضاً:

وأينما زُرِعتَ فأثمِر ..!!

صديق السيد البشير*
Siddigelbashir3@gmail.com

"كمْ قليلٌ من الناس يترك في كل شيء مذاق.”
(مظفر النواب)
قليل من الناس، من يترك في كل شيء مذاقا، ترك مظفر النواب مذاقا في الأدب على مختلف الصعد، لكن المعز محمد شريف، ترك مذاقا في فعل الخيرات والمسرات، لتلحقه الدعوات في الأيام المباركات أيام رحيله عن دنيانا الفانية، اسبغ الله على قبره شآبيب الرحمة والغفران.
قضى المعز سنوات عمره، ساعيا في قضاء حوائج الناس بمحبة وتجرد ونبل وإنسانية، ليدخل ضمن زمرة الذين إختصهم الله بقضاء حوائج الناس، الذين حببهم الله إلى الخير، وحبب الخير إليهم، أنهم الآمنون من عذاب الله يوم القيامة.
المعز شريف أحد الذين قصدهم أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعيّ المطَّلِبيّ القرشيّ، الإمام الشافعي في لوحة زاهية رسمها بالكلمات حين أنشد :
إِنَّ لِلَّهِ عِباداً فُطَنا
تَرَكوا الدُنيا وَخافوا الفِتَنا
نَظَروا فيها فَلَمّا عَلِموا
أَنَّها لَيسَت لِحَيٍّ وَطَنا
جَعَلوها لُجَّةً وَاِتَّخَذوا
صالِحَ الأَعمالِ فيها سُفُنا
وضع بصمتة مضيئة في كتاب الأعمال الإنسانية، سعيا بين مسح دمعات من وجوه الفقراء والمساكين والأرامل والأيتام والمتعففين، إلى جانب الأشخاص ذوي الإعاقة، الذين ربطتهم به علاقة خاصة، مزينة بحميمية التواصل وجلائل الأعمال، ليستعيد بذلك تجارب البروفيسور فيصل محمد مكي محجوب عبدالحفيظ (رحمة الله عليهما) في (الصلات الطيبة)، النافذة البصرية المهمة المختصة بشريحة الأشخاص ذوي الإعاقة، التي بثت على شاشة تلفزيون السودان قبل سنوات خلت، ليتبعهم في ذات الدرب النبيل، عبدالله محمد الحسن من خلال برنامج (بنك الثواب)، كأن حالهم يقول : (وأينما زُرِعتَ فأثمِر).
ملأ المعز محمد شريف الدنيا وشغل الناس، حيا وميتا، ليشق نعيه الجميع من عارفي فضله، الذين بذلوا التدوينات، من صوتيات، ومرئيات، ونصوص، تلك التي تناولت سيرته الباذخة، عطاء ومنجزات، التي خاطبت الأسماع والأبصار والعقول، المبذولة على المنصات الرقمية المختلفة.
أصبح نموذجا يحتذى به في قضاء حوائج الناس بتجرد ونكران ذات، ليغادر _وفق كلمات هند عبدالمجيد _بهدوء في أيام مباركة من شهر رمضان الكريم، "المعز محمد شريف" هو الإنسانية و العطاء لأجل العطاء، ما جعله يسكن القلوب فبكته العيون فلتغشاك رحمة الله)، اللهم في جنات وعيون وزروع ومقام كريم يا رب العالمين.
*صحافي سوداني  

مقالات مشابهة

  • أيمن أبو عمر: بر الوالدين عبادة وقربى إلى الله
  • وأينما زُرِعتَ فأثمِر ..!!
  • عقوبة عقوق الوالدين معجّلة في الدنيا
  • هل هذا هو إسلامكم ؟
  • قرأ كتابين.. وأفتى!
  • التكافل الاجتماعي.. والتسوُّل على المنصات
  • رئيس جامعة الأزهر: الدنيا دار فناء وما في أيدينا أمانة سنردها
  • رئيس مركز الفكر الإسلامي والدراسات المعاصرة: على المسلم مجاهدة نفسه على طريق الحق
  • علي جمعة: 3 منح أعطاها الله لكل إنسان للعبور من ابتلاء الدنيا
  • “نزيف التراب”.. دراما فلسطينية توثق البطولة وتكشف المعاناة