بغداد- انقسم العراقيون في تقييم قرار الحكومة تحويل موقع ما يُعرف بـ"شعبة الاستخبارات الخامسة" في عهد النظام السابق، وبـ"معسكر العدالة" اليوم، الذي شهد أيضا عملية تنفيذ إعدام الرئيس الأسبق صدام حسين عام 2006، إلى منتجع سياحي وثقافي ومتحف.

وفي حين رأى البعض أنها خطوة مهمة تطوي "حقبة من الظلم والاستبداد" مرّ بها العراق، يعتقد آخرون بضرورة الحفاظ على جانب من مساحة هذه الشعبة الكبيرة "لتبقى شاهدا على عمليات التعذيب والإعدامات التي عرفتها في الماضي".

وجاء في بيان لمكتب رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني -الأربعاء- أنه استنادا لتوجيهات رئيس الوزراء الصادرة في فبراير/شباط 2023، أقر المجلس المضيّ في إجراءات إخلاء وفتح منطقة "الشعبة الخامسة" في مدينة الكاظمية.

خطة متكاملة

وكشف بيان للناطق الرسمي باسم الحكومة باسم العوادي، عن خطة إعمارية متكاملة للمدينة، تشمل تخصيص أراضي هذه المنطقة لإقامة مرافق خدمية، ومراكز ثقافية ودينية، ومدن استراحة متعددة للزائرين الذين يفدون إليها من أبنائها ومن مختلف مناطق العالم.

كما تتضمن الخطة إقامة منشآت تعليمية وطبية ورياضية وأسواق تجارية تحاكي إرث المدينة، فيما سيتم ربط المنطقة الجديدة بمنطقة الكريعات بواسطة جسر معلق حديث، وربطها بالمنطقة المحيطة بضريح الإمامين الكاظمين، عبر سكة قطار.

وبحسب العوادي، سيتم تحويل المبنى الخاص بمقر "الشعبة الخامسة" إلى متحف كبير سيحتفظ بكل الوثائق والأدلة التاريخية وأدوات التعذيب والشواهد الأخرى.

وتقع "الشعبة الخامسة" في مدخل مدينة الكاظمية وقبالة مدينة الأعظمية عبر نهر دجلة شمالي العاصمة بغداد، وشهدت حالات تعذيب وإعدام معارضي الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين خلال فترة حكمه الممتدة من 1979 إلى 2003.

وتم إعدام صدام حسين نفسه في الموقع ذاته في 30 ديسمبر/كانون الأول عام 2006، على خلفية إدانته في "مجزرة الدجيل" والتي راح ضحيتها 148 شخصا عام 1982.

الكبيسي استبعد وجود بُعد سياسي في قرار تحويل الشعبة الخامسة إلى منتجع (الجزيرة) خصوصية المكان

ومن بين الذين تعرضوا للتعذيب في هذا الموقع الكاتب والصحفي العراقي فلاح المشعل، بين 22 أيلول/سبتمبر1987 وحتى 23 فبراير/شباط 1988، مع آخرين متهمين بقضية التآمر على النظام السياسي آنذاك.

وقال المشعل إنه يساند تحويل الموقع إلى منتجع ترفيهي مع الحفاظ على خصوصية في جانب منه لتكون تذكارا له ولأهالي الضحايا. واقترح أن تكون هناك جدارية تدوّن فيها أسماء السجناء الذين قُتلوا في هذه الشعبة بعد تعذيبهم، واقترح دعوة الفنانين إلى مسابقة نصب تذكارية تُكتب فيها "قصة الموت في هذا المكان".

وعن سبب الإعلان عن هذا القرار في هذا التوقيت، يعتقد المحلل السياسي والمستشار في "المركز العربي للدراسات الإستراتيجية" يحيى الكبيسي، أنها خطوة نابعة من رغبة حكومية في تطوير المنطقة المحيطة بمرقد الإمام الكاظم موسى بن جعفر خاصة بعد إنشاء جسر الكريعات المؤدي إلى الكاظمية.

ونفى وجود بُعد سياسي في اتخاذ هذا القرار. وأشار في حديثه للجزيرة نت إلى احتمالية وجود توصية أمنية بهذا الشأن، لأن موقع السجن والمعسكر ليس مناسبا على الإطلاق من الناحية الأمنية.

بوابة بغداد الشمالية ومدخل مدينة الكاظمية حيث تقع الشعبة الخامسة (الجزيرة) خيانة للذاكرة

في المقابل، يرى المفكر والباحث في الشأن السياسي العراقي غالب الشابندر، أن القرار "خيانة للذاكرة العراقية في حال تحويله إلى منتجع أو مرفق ترفيهي، خاصة وقد قضى المئات من العراقيين نحبهم في هذا الموقع".

ويقول الشابندر، وهو قيادي سابق في حزب الدعوة الإسلامية، للجزيرة نت، إن "الشعبة الخامسة" يجب أن تتحول إلى "ذاكرة مشتعلة بالشعور بالظلم والدكتاتورية بعهدة أهل الاختصاص وأصحاب الضمائر الطاهرة، لأن هذا الاختيار يقتل شعبا بكامله"، حسب تقديره.

من ناحيته، يصف رئيس "الاتحاد العربي للإعلام السياحي" صباح علال زاير، القرار الحكومي بالموفّق، لا سيما وأن العاصمة بغداد تفتقر للأماكن الترفيهية وبالأخص المطلة على نهر دجلة. وأوضح أن جميع دول العالم تستغل مثل هذه الأماكن لإنشاء منتجعات وحدائق ومتنزهات تكون متنفسا للناس الذين تجذبهم تلك الإطلالة.

ويضيف زاير للجزيرة نت، أن السائح القادم إلى العراق -وبغداد خصوصا- بحاجة إلى أن يرى معلما سياحيا يكون محط استراحة واسترخاء له، يضم فندقا كبيرا وأماكن ترفيهية ومقاهي ومطاعم فاخرة وغيرها.

من جانبه، يرى المحلل الاقتصادي ضرغام محمد علي، أن الحكومة تهدف من خلال قرارها إلى خلق منطقة سياحية في مفصل اقتصادي مهم، لأن الكاظمية تشهد سنويا زيارة مئات الآلاف، لذا هي بحاجة إلى منتجعات ومحطات استراحة، "خاصة وأن ما يتوفر بها لا يلبي الطموح".

وفي حديثه للجزيرة نت، يعتبر محمد علي أن استثمار تلك المنطقة هو الأمثل كونه يزيد من الرقع الخضراء ويخلق متنفسا لأهاليها، كما يمنع الاستيلاء عليها من قبل متنفذين وتحويلها إلى مجمعات سكنية أو تجارية بطريقة غير مدروسة. وأشار إلى أن الشركات التي ستنفذ المشروع هي التي ستحدد الفترة الزمنية لإنجاز المنتجع وملحقاته.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: ترجمات حريات الشعبة الخامسة للجزیرة نت إلى منتجع صدام حسین فی هذا

إقرأ أيضاً:

رغد صدام تنتقد مقتل صحفي عراقي وتدين غياب سلطة الدولة والفوضى في العراق

وجّهت ابنة الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، رغد صدام، الجمعة، جُملة انتقادات بخصوص مقتل صحفي عراقي شاب، بالسلاح، بسبب ما قالت إنه: "غياب سلطة الدولة والتخبط وسوء الإدارة والفوضى".

وبحسب وكالة الأنباء العراقية الرسمية "واع"، مساء الخميس، فإنّ الصحفي ليث محمد رضا، التّابع إلى شبكة الإعلام العراقي، قد قُتل، الخميس، وذلك إثر مشاجرة بإطلاق نار في منطقة العرصات ببغداد.

وقالت رغد صدام حسين في منشور لها على حسابها الرسمي بموقع التواصل الاجتماعي "إكس" (تويتر سابقا): "وسط التخبط وسوء الإدارة والفوضى التي أعتدنا على سماعها لأكثر من 22 عاماً، لازال الأبرياء في العراق يُقتلون بسبب (أرعن مسنود) وعدم وجود دولة حقيقية تُدير أمور البلد وتهتم بمصالح الشعب وتحفظ حقوقه"، حسب قولها.

وفي السياق نفسه، أضافت ابنة الرئيس العراقي الراحل صدام حسين: "رحم الله الشاب الإعلامي الأعزل (ليث محمد) الذي راح ضحية السلاح السائب وعدم فرض هيبة الدولة وسلطة القانون".

إلى ذلك، كانت وزارة الداخلية العراقية، قد أعلنت مساء الخميس، عن إلقاء القبض على المتّهم بقتل الصحفي ليث محمد رضا، وذلك بحسب ما أوردت وكالة الأنباء العراقية الرسمية "واع".

كذلك، كان مدير قسم فحص الأموات في دائرة الطب العدلي في العراق، عبد الوهاب عصام، قد كشف عن تفاصيل تشريح جثة الصحفي ليث محمد رضا الذي قُتل برصاص أحد أفراد حماية مسؤول خلال مشاجرة ببغداد.


وفي تصريحات لوكالة الانباء العراقية "واع"، أوضح عبد الوهاب عصام أنّ: "السبب الرئيسي للوفاة (وفاة الصحفي) هو الطلقة التي اخترقت الكتف الأيمن للمجنى عليه باتجاه القلب"، مشيرا إلى أنّ "الطلقة مزقت كل الأعضاء التي كانت في طريقها.. البنكرياس والرئتين والقلب".

وأبرز مدير قسم فحص الأموات في دائرة الطب العدلي في العراق، أنه: "لا توجد أي طلقات في الرأس، وأن الدم الذي خرج من أنف الضحية هو حالة طبيعية"، مردفا: "هناك أيضا طلقة اخترقت عظم الساق للمجنى عليه مما تسببت بانقسام العظم".

وفي وقت سابق، نعت وكالة الأنباء العراقية "واع"  الصحفي ليث محمد رضا، الذي قتل إثر حادث مشاجرة بإطلاق نار مؤسف في منطقة العرصات ببغداد، متقدمة بـ"خالص العزاء والمواساة إلى عائلة الشهيد وذويه، وتدعو الله عز وجل أن يتغمده بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته، وأن يلهم أهله وزملاءه الصبر والسلوان".

مقالات مشابهة

  • لويزيانا..رفع حظر الإعدام بغاز النيتروجين
  • مؤشرات خطيرة في سوريا تنذر بتكرار فوضى العراق بعد صدام
  • الموافقة على المخطط الدائم لحفظ مدينة ندرومة العتيقة
  • رغد صدام تنتقد مقتل صحفي عراقي وتدين غياب سلطة الدولة والفوضى في العراق
  • منظمات كوردية تطالب الحكومة العراقية باعتذار رسمي عن مجازر صدام حسين
  • للنظامين.. جدول امتحانات الثانوية العامة 2025 الشعبة الأدبية
  • منتجع ريكسوس بريميوم جزيرة السعديات يدعو الضيوف للاستمتاع بعروضه الرمضانية الشيقة
  • تخبط وفوضى.. رغد صدام حسين تنتقد مقتل صحفي عراقي شاب في مشاجرة بالسلاح
  • أتلتيكو مدريد وبرشلونة.. صدام «السداسي الهجومي»!
  • منتجع ريكسوس المعيريض- رأس الخيمة.. وجهة الرفاهية والاسترخاء على شاطئ البحر