يبدو أن أزمة البحر الأحمر في تفاقم مستمر، رغم التحركات والعمليات العسكرية التي تقودها قوات التحالف الدولي والأوروبي لردع الهجمات الإرهابية التي تشنها مليشيا الحوثي بدعم من إيران ضد السفن التجارية المارة في هذا الممر الاستراتيجي الهام.

وأشارت التقديرات إلى أن 57 سفينة هو متوسط عدد السفن التي تعبر مضيق باب المندب يوميا، وقد تراجع عبور السفن في شهر أبريل الماضي بنحو 59% مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي.

وألقت تداعيات التوتر في البحر الأحمر بظلالها على خطوط الملاحة الدولية التي تمر في مضيق باب المندب.

وأدت الأزمة إلى ارتفاع أسعار الشحن؛ لأن الرحلات البديلة حول الطرف الجنوبي لإفريقيا أطول، ومن ثم أكثر تكلفة، ويجري تمرير هذه التكلفة إلى العملاء. وفي الوقت نفسه، ارتفعت أحجام النقل بنسبة 6.8 في المائة إلى 3 ملايين حاوية نمطية، مما يعكس الطلب القوي، خصوصاً على خطوط النقل عبر المحيط الهادئ.

التراجع المستمر في حركة السفن التجارية بهذا الشريان الحيوي في المنطقة والعالم كله، خلّف آثاراً اقتصادية كبيرة؛ ظهرت نتائجها بشكل كبير مع مرور الربع الأول من العام 2024، حيث تسببت الأزمة في عدم استقرار سلاسل التوريدات، إضافة إلى ارتفاع تكاليف الشحن والتأمين البحري، مع تغيير خطوط الملاحة مرور السفن صوب جنوب إفريقيا لتفادي الوضع الأمني المضطرب.

الأربعاء، أعلنت شركة الشحن الألمانية "هاباغ- لويد"، وهي واحدة من أكبر شركات النقل البحري في لعالم، عن تراجع في صافي أرباحها للربع الأول بنسبة 84%؛ رغم ارتفاع أسعار الشحن والطلب إلا أن التراجع يكشف حجم الخسائر الكبيرة التي تتعرض لها شركات الشحن جراء تفاقم أزمة البحر الأحمر. وانخفض صافي ربح شركة تشغيل الحاويات الخامسة عالمياً إلى 299 مليون يورو (324 مليون دولار)، من 1.747 مليار يورو في العام السابق. وانخفضت الإيرادات بنسبة 24 في المائة إلى 4.260 مليار يورو.

ووفقاً لتصريحات الرئيس التنفيذي للشركة، رولف هابن جانسن، نشرتها وكالة "رويترز": "على الرغم من أن نتائجنا أقل بكثير من الأرقام القوية جداً للعام السابق بسبب عودة سلاسل التوريد إلى وضعها الطبيعي، يسعدنا أن نبدأ العام الجديد بداية جيدة". ومع ذلك قالت الشركة إنها تتوقع، الآن، أن تبلغ أرباحها قبل خصم الفوائد والضرائب والإهلاك والاستهلاك لعام 2024، نحو 2 - 3 مليارات يورو، مقابل توقع سابق، صدر في 14 مارس الماضي، يبلغ 1 - 3 مليارات يورو.

من جانبها كشفت شركة "تسلا" وهي إحدى الشركات المصنعة للمركبات الكهربائية في ألمانيا تراجع تسليمات الشركة للمرة الأولى بسبب هجمات الحوثي في البحر الأحمر. وقالت الشركة في تقاريرها إنها أنتجت 433,371 سيارة في الربع الأخير، ولكنها سلمت فقط 386,810 سيارات. وهذا يعتبر انخفاضا بنسبة حوالى 8.5% من عدد التسليمات خلال الفترة من يناير إلى مارس في العام الماضي.

وهذه هي المرة الأولى التي تسجل فيها الشركة انخفاضا سنويا منذ تأثير جائحة كوفيد-19 على التسليمات في عام 2020.

وأعلنت "تسلا" أن التسليمات تأثرت بتحويلات الشحن الناجمة عن هجماتٍ حوثية في البحر الأحمر، وهجوم بالحرق على مصنع "جيجافاكتوري" في برلين. وأشارت أيضا إلى أن تصعيد إنتاج طراز موديل 3 المحدث أثر جزئيا بالانخفاض. وتراجعت أسهم الشركة أكثر من 5% خلال التداولات الأخيرة.

المصدر: نيوزيمن

كلمات دلالية: البحر الأحمر

إقرأ أيضاً:

عاصفة واحدة أغرقت سفننا

بقلم: كمال فتاح حيدر ..

قبل 100 عام، وعلى وجه التحديد في عام 1925 كان حوض الخليج العربي مسرحاً مأساوياً لفاجعة بحرية أغرقت السفن الخشبية التي كانت تعمل هناك، حيث بسطت العاصفة مخالبها على المسطحات المائية الممتدة من رأس البيشة في البصرة وحتى رأس مسندم في سلطنة عمان. .
لم تكن السفن الخليجية العاملة في عرض البحر مزودة في ذلك العام المشؤوم باجهزة التنبؤ بأحوال الطقس، وليست لديها وسيلة التواصل مع المحطات الساحلية، فعلى الرغم من أنشطة المحطات الساحلية في البصرة وفي مسقط وفي بندر عباس التي كانت تدعم السفن التجارية العابرة للمحيطات بتقارير يومية عن الطقس وتقلبات البحر، لكن سفننا الخشبية التقليدية لم تكن على تواصل مع تلك المحطات. كل ما كانوا يمتلكونه وقتذاك هو مخطوطاتهم الموروثة، وقواعدهم الملاحية المحفوظة في كتيبات صغيرة يطلق عليها (رحماني) أو (راهماني) والتي تعود في اصلها إلى المرشد البحري شهاب الدين أحمد بن ماجد، أو سليمان بن أحمد المهري، أو النوخذة جاسم القطامي، وغيرهم. واحيانا تأتي التعاليم على شكل أرجوزات يحفظها العاملون في البحر على ظهر القلب بلغة قريبة من العامية. مثال على ذلك قولهم:
وينبغي معرفة الأرياحي
ومدخل البحر والمفتاحي
فغلقه يمكث ربع عامي
مدة تسعين من الأيامي
فهذه التسعون فيها الغلقا
حقيق من جاز بها أن يشقى
وبالتالي فان العاصفة المشؤومة التي اكتسحت الخليج عام 1925 كانت خارج التوقعات، وكانوا يسمون تلك السنة: (سنة الطبعة)، ومفردة (طبعة) تعني الغرق، من قولهم: طبعت السفينة. أي غرقت. .
تذكر السجلات التاريخية ان العاصفة هبت في ليلة الثاني من أكتوبر في تلك السنة. .
لقد فجعت المدن الخليجية كلها في تلك الليلة بفقدان رجالها وبحارتها، جاءت في البداية على شكل رياح شديدة اجتاحت مناطق الغوص (مغاصات اللؤلؤ)، نذكر من تلك المغاصات: فشت الديبل وداس وحالول وأبو الحنين وجنة وحولي واشتيه وغيرهن. وكانت سفن الغوص حينها تستعد للمغادرة والعودة الى ديارها، فقد كانت السفن متقاربة ومتلاصقة للتعبير عن فرحتها وسعادتها بانتهاء موسم الغوص. كانت الرياح الشديدة مصحوبة بأمطار غزيرة، فقد تعالت الأمواج ثم تلاطمت، فتبعثرت السفن في كل الاتجاهات، وتصادمت مع بعضها البعض، فغرقت أكثرها في غضون ساعات معدودات. يقال إنها كانت مئات السفن، غرق منها ما يقارب 80%، وبعد انتهاء العاصفة وسكون البحر هرعت سفن الإنقاذ بعد أن وصلتها اخبار الكارثة، حاملة معها الطعام والشراب والإسعافات الأولية، وقد ذكر تلك الحادثة الدكتور بندركار الهندي الجنسية، وهو الشاهد على آثار تلك العاصفة، وذكر المؤرخون بأن الذين غرقوا كانوا قرابة 8000 بحارا، وجاء كذلك في مذكرات مستشار حكومة البحرين (تشارلز بلجريف) الذي تحدث عن الحادثة نقلا عن الأهالي في البحرين. وللباحثة الاماراتية (فاطمة حمد بوعيسى الشامسي) كتاب من تأليفها يحمل عنوان: (سنة الطبعة – ملحمة أبطالها الأجداد)، وهو من إصدارات عام 2022. .
ختاماً: يبدو ان النكبات لا تأتي فرادى ففي تلك الليلة بالتمام والكمال من ذلك العام انهار نفق القطار في مدينة تشيرش هيل التابعة لولاية فيرجينيا أسفر عن مقتل معظم العاملين في النفق. .
لا ريب أنها صدفة من العيار الثقيل. . .

د. كمال فتاح حيدر

مقالات مشابهة

  • متأثرةً بأزمة البحر الأحمر.. الهند تعلن عن صندوق تنمية بحري  
  • هآرتس: الشركة التي اخترقت تطبيق واتساب أسسها إيهود باراك
  • تدريبات عسكرية على البحر الأحمر تحاكي استعادة السفينة “جلاكسي ليدر” المحتجزة في اليمن
  • عاصفة واحدة أغرقت سفننا
  • هذه هي أولى السفن المحظورة التي تسمح لها صنعاء بعبور البحر الأحمر 
  • جوتيريش: تعطيل الملاحة في البحر الأحمر سبّب بعدة مشاكل لمصر
  • الأمم المتحدة: إخراج سكان قطاع غزة من أرضهم تطهير عرقي
  • هيئة قناة السويس: الاستقرار يعود إلى البحر الأحمر
  • رئيس قناة السويس: مؤشرات البحر الأحمر إيجابية وجاهزون لاستقبال السفن
  • العروض المميزة تنعش فنادق البحر الأحمر خلال إجازات منتصف العام