الذكاء الاصطناعي قد يعوق الوصول إلى حضارات ذكية أخرى
تاريخ النشر: 16th, May 2024 GMT
خلال السنوات القليلة الماضية لم يكن حضور الذكاء الاصطناعي مقتصرًا على مراكز الأبحاث العلمية والمختبرات، بل بات جزءا لا يتجزأ من الحياة اليومية للعديد من البشر، مع وجود مساحة أكبر من أيّ وقت مضى للمزيد من التغلغل في أنشطة الإنسان الحديث.
ويطمع العديد من الخبراء والعلماء إلى جعل الذكاء الاصطناعي أداة أكثر فعالية وقوّة بجعله ذكاء اصطناعيا فائقا، متفوّقا على قدرة الإنسان العقلية في التحليل والحفظ والاكتشاف وغيرها من السمات، غير أن ما يخشاه جمهور آخر من العلماء أنّ ذلك سيحد من نمو وتطوّر الحضارة البشرية.
وأشار عالم الفلك الأسكتلندي "مايكل غاريت" في دراسته الحديثة إلى بعض انعكاسات هيمنة الذكاء الاصطناعي، ودوره في تهديد عجلة النمو الحضاري. وتناول في الدراسة على وجه التحديد كيف أنّ الذكاء الاصطناعي يحجّم فرص البشر في التواصل مع أيّ حضارة ذكية أخرى في الكون.
وربط غاريت ظهور الذكاء الاصطناعي باحتمالية مرور البشر الآن في إحدى تلك اللحظات الحرجة، مستشهدا بفرضية "المصفاة العظيمة"، وهو عتبة افتراضية من الصعب للغاية عبورها للمرحلة التالية في سلّم النمو الحضاري.
وتعد فرضية المصفاة العظيمة أحد الحلول التي تجيب على مفارقة "فيرمي"، ويتساءل فيها العالم الإيطالي "إنريكو فيرمي" عن سبب عجز البشر عن العثور على أيّ علامة لحضارة أخرى حولنا، علمًا بأنّ الكون واسع ويحتوي على مليارات الكواكب القادرة على احتضان الحياة، ولو أن واحدا من تلك الكواكب كان متقدما كفاية لتمكن بسهولة من التواصل معنا، وهذا ممكن، فعمر كوكبنا 4.5 مليارات سنة، ولو أن كوكبا يحتضن حياة وعمرها أكبر بألف سنة مثلا لامتلك قدرات متطورة جدا مقارنة بحضارتنا.
وردا على سؤال فيرمي يجيب بعض الباحثين بأن نمو وازدهار الحياة لتصل إلى مستوى متقدم كهذا ليس بالأمر السهل، لأن هناك تحديات كبرى في خط سير الحياة منذ نشأتها وحتى مستوى الحياة العاقلة لا يسهل اجتيازها، وهذه التحديات تقلل من عدد الحضارات المتقدمة في مجرتنا والكون كله إلى حد كبير.
يقول غاريت: إنّ الذكاء الاصطناعي الفائق يمكن أن يكون مصفاة عظيمة لحضارتنا، وسيصل بالبشر إلى عنق الزجاجة التي لن يتجاوزها الإنسان إلى المحطة التالية بسهولة، وربّما يكون الذكاء الاصطناعي الفائق أحد المصافي العظيمة التي تمنع البشرية من المضي قدما لاكتشاف العوالم الأخرى.
ويردف قائلا: إنّ طبيعة الذكاء الاصطناعي الفائق في تعزيز قدراته الخاصة بسرعات عالية تتجاوز متوسّط المدّة الزمنية التي يستغرقها البشر في التطوّر والتعلّم دون الذكاء الاصطناعي، مما سيحد من سيطرة الإنسان على هذه الأدوات.
ويعتقد غاريت أنّ حدوث أخطاء فادحة غير مقصودة تودي بالحضارة البشرية بات أمرا واردا، فلو اعتمدت الدول بشكل متزايد على استخدام أنظمة الذكاء الاصطناعي المستقلّة في منظوماتها العسكرية، فقد تحدث حالة من القتل والتدمير على نطاق واسع وغير مسبوق في تاريخ البشرية.
وبالنظر إلى السيناريو السابق، تشير الدراسة إلى أنّ العمر الطبيعي للحضارة في سياق كهذا لن يكون أكثر من 100 عام، وهي فترة وجيزة للغاية في سلّم النهوض الحضاري، خاصة عند النظر إلى أنّ نشاط الإرسال الراديوي ومحاولة التواصل مع الأكوان البعيدة عبر موجات الإشارات الراديوية لم يحدث إلا خلال سبعينيات القرن الماضي، وعليه فإنّ حظوظ حضارة البشر الحالية في التواصل مع حضارات أخرى ستكون شبه معدومة.
ولا تُصوّر الدراسة نهاية مأساوية تنتظر البشرية خلال العقود القادمة فحسب، بل يعمل الكاتب على توجيه تحذيرات لكافة المعنيين إزاء أهمية وضع معايير محكمة وقوية لضبط عمليات تطوير الذكاء الاصطناعي، بما في ذلك المجالات العسكرية، لا سيما وأنّ هناك سوابق باستخدام أسلحة فتاكة في حالات الحرب.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ترجمات حريات الذكاء الاصطناعي الذکاء الاصطناعی التواصل مع
إقرأ أيضاً:
الإمارات تحافظ على مكانتها مركزاً للاستثمار في الذكاء الاصطناعي
أبوظبي (الاتحاد)
تسهم الأساسيات الاقتصادية القوية لدولة الإمارات، والتركيز الاستراتيجي على الابتكار، ومكانة الدولة مركزاً للاستثمار في التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، في التغلب على التقلبات المرتبطة بالتغيرات الجذرية في قطاع التي شهدها العالم مؤخراً، حسب دراسة صدرت عن شركة «فوركس دوت كوم». وتوقعت الدراسة أن تحافظ الإمارات على قدرتها على الجذب طويل الأجل للمستثمرين، والحفاظ على زخم نمو قطاع الذكاء الاصطناعي، على الرغم من الاضطرابات الأخيرة، مشيرة إلى أن التغييرات الحادثة في قطاع الذكاء الاصطناعي، أثارت التساؤلات حول تقييم سوق الذكاء الاصطناعي، باعتباره القطاع الذي أصبح مفتاحاً للاستراتيجيات الاقتصادية العالمية وخطط الابتكار المستقبلية.
وقالت الدراسة: إن الإمارات، تعتمد بشكل كبير على قطاع التكنولوجيا للبنيّة التحتيّة للبيانات، وكجزء من خطة تنويع الاستثمار بعيداً عن النفط، تمّ تخصيص أموال كبيرة للذكاء الاصطناعي والبيانات والابتكار. وأضافت أنه التطورات الخاصة بـ DeepSeek تسببت بزعزعة ثقة المستثمرين عالمياً، ما دفعهم إلى إعادة تقييم تخصيصات المحافظ وإعادة التفكير في وضع قطاع التكنولوجيا ملاذاً آمناً مع حلول عام 2025، حيث بدأ المستثمرون في المؤسسات والقطاع الخاص بالتحوّل نحو نهج أكثر حذراً مع التركيز على الأساسيّات الراسخة بدلاً من تقيّيمات الذكاء الاصطناعي المتضاربة، مؤكدة أنه رغم ذلك، ولكن يمكن القول إن قطاع الذكاء الاصطناعي سيظل جزءاً رئيساً من الاقتصادات العالمية، وبينما يظل الاتجاه طويل الأجل سارياً، فقد تتباطأ وتيرة نموه المتسارع، ما يؤدي إلى حركة أكثر استقراراً واستدامة للقطاع.
وأفادت رزان هلال، معدة الدراسة، ومحلّلة السوق لدى FOREX.com «بأن المنافسة في قطاع الذكاء الاصطناعي، احتدمت بعد طرح الصين حلولاً فعالة من حيث التكلفة، ما شكل تحدياً لبرنامج ChatGPT التابع لشركة OpenAI، وذلك بعد أسبوع واحد فقط من استثمار Oracle وSoftBank وOpenAI بقيمة 500 مليار دولار في توسيع البنية التحتية للذكاء الاصطناعي في الولايات المتحدة، ما عزز مكاسب السوق». وأوضحت: «ورغم ذلك لم يدم انتعاش السوق طويلاً، حيث واجهت المؤشرات العالمية، بما في ذلك«ناسداك» و«ستاندرد آند بورز 500» و«داو جونز» و«داكس»، تراجعات قوية، لافتة إلى أنه في الوقت نفسه، لم يشهد مؤشر MSCI الإماراتي سوى تصحيح طفيف، حيث ظل فوق أعلى مستوى له، والذي تحقق آخر مرة في أغسطس 2022، بعد تسجيل ارتفاع بنسبة 18% بين أكتوبر 2024 ويناير 2025، متجاوزاً نطاق الأسعار بين مارس 2023 إلى أغسطس 2024.
وذكرت هلال، أنه خلال الأسبوع الماضي، جاءت أرباح الشركات الكبرى عن الربع الرابع بنتائج متباينة، ما مهد الطريق للتحديّات في الأرباع القادمة، حيث جاء DeepSeek بمثابة جرس إنذار لتقيّيمات قطاع الذكاء الاصطناعي، مستنتجة من ذلك أن يكون المستثمرون أكثر حذراً مع الأسهم ذات القيمة العالية طوال عام 2025، خاصة مع سياسات«ترامب» الحازمة التي زادت التوتر في السوق.