اليوم 24:
2025-04-23@23:38:46 GMT

محمد السادس «مخزن» الوضوح السياسي

تاريخ النشر: 1st, August 2023 GMT

لا عقد في السياسة المغربية. لا عقد من الماضي ولا عقد في الحاضر ولا عقد في تصور المستقبل. هذا ببساطة ما يمكن استخلاصه من خطاب الملك محمد السادس الأخير، الذي ألقاه في الذكرى 24 لتوليه العرش، مقدماً مثالاً على البراعة الاستراتيجية للدبلوماسية المغربية وفهماً دقيقاً يجمع بين الإرث التاريخي للنظام الملكي والواقع المعاصر للمجتمع المغربي، لتكوين رؤية التطوير ورسم المسار المستقبلي للبلاد.

ببساطة وصدق، يؤكد العاهل المغربي أن فلسطين تشكل جزءاً مهماً من سياسة بلده الخارجية وحجر زاوية في هويته العربية، ولكن أيضاً على قاعدة الربط بين المغرب والعالم من خلال الالتزام بمبدأ العدالة الدولية ومنطلقات السلام، لا من أي منطلق عنصري أو ديني أو عرقي أو صراعي. هذه الدقة في حماية التحالفات الاستراتيجية للمغرب وثبات موقفه في القضايا الدولية الحساسة، هما ما يتيح له أن يباهي بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية والاعتراف الدولي المتنامي الذي يكتسبه في ملف الصحراء، خاصة من إسرائيل. وهما ما يسمحان له بأن يقدم هذا الإنجاز بوصفه انتصاراً استراتيجياً ودبلوماسياً لشعبه وبلاده، من دون أن يكون في ذلك ذرة تناقض بين المصلحة الوطنية للمغرب ومسؤولياته العربية والدولية بخصوص القضية الفلسطينية.

واللافت أيضاً أن مضمون الموقف المغربي يقوم على تحقيق مكاسب استراتيجية عبر الدبلوماسية النشطة، متخلياً عن الضجيج المرافق في العادة لآليات العمل السياسي في المنطقة والقائم على التهديد والوعيد والتشنج والمزايدات في ملفات فلسطين وغيرها. وفي هذا السياق، يمكن فهم النهج الدقيق للعلاقة مع الجزائر الذي عبر عنه الخطاب، بكلام واضح عن اليد الممدودة دوماً، كما عبر المنطق التصالحي الهادف إلى الاستقرار والتفاعل الإقليمي الخلاق، بدل مواجهات. فعلى الرغم من التفاؤل الحذر يؤسس الخطاب لتقارب محتمل بين الجارين المهمين على قاعدة احترام المعطيات التاريخية والجيوسياسية المعقدة الموجودة بينهما، ويفتح الباب أمام إحقاق التوازن بين المصالح الوطنية لكل منهما وبين شروط الانسجام الإقليمي.

هذا في السياسة… أما فيما هو أبعد وأهم، يكشف الخطاب عن مرتكزات لصناعة السياسة المغربية، وفق خطاب الملك.

ترتكز السياسة المغربية على الاستخدام الاستراتيجي للقوة الناعمة في منطقة غالباً ما يهيمن عليها منطق القوة والاستقواء. فدبلوماسية الرباط متجذرة في استثمار التأثير الثقافي، والشراكات الاقتصادية، والدبلوماسية الهادئة، بالإضافة إلى الموقف التقدمي من قضايا الطاقة المتجددة وحقوق الإنسان. وقد كان لافتاً تطرق العاهل المغربي إلى تقديم ملف ترشيح مشترك بين المغرب وإسبانيا والبرتغال لاحتضان نهائيات كأس العالم لكرة القدم 2030 بوصفه «إنجازاً يتطلع المغرب إليه ويعمل على أن يكون تاريخياً على جميع المستويات»، باعتبار أنه «ترشيح غير مسبوق، يجمع بين قارتين وحضارتين؛ أفريقيا وأوروبا، ويوحد ضفتي البحر الأبيض المتوسط، ويحمل طموحات وتطلعات شعوب المنطقة، للمزيد من التعاون والتواصل والتفاهم»، كما جاء في الخطاب.

لم يكن من باب المجاملة أو سياسات التسويق أن يركز الملك في خطابه على التزام المغرب بالتنمية المستدامة والممارسات المبتكرة المتعلقة بها، معرجاً على المعنى الذي يكتنزه إنتاج أول سيارة مغربية، وطراز منها يعمل بالطاقة الهيدروجينية. فليس هذا مما يعزز إمكانات الدولة وجهةً استثماريةً وحسب، بل يؤكد أيضاً على الأولوية التي توليها الدولة لتنويع قاعدة المواهب المغربية وتهيئة الجيل الجديد ليكون في صلب الأدوار الاقتصادية الجديدة للمغرب. يكفي في هذا السياق النظر إلى الزمن القياسي الذي حقق في خلاله ميناء طنجة المتوسط قفزته النوعية على مستوى التصنيف العالمي، حيث ارتقى، حسب تقرير البنك الدولي، من المرتبة السادسة إلى الرابعة عالمياً خلال 2022 من بين أكثر من 340 ميناء حاويات حول العالم شملها التصنيف، متفوقاً بذلك على موانئ أوروبية، من حيث الكفاءة ومؤشر الأداء. ويوفر ميناء طنجة المتوسط ربطاً دولياً يغطي ما يقرب من 186 ميناءً و77 دولة في 5 قارات، فهو على بُعد 10 أيام من الولايات المتحدة الأميركية و20 يوماً من الصين، وفي القارة الأفريقية يخدم الميناء ذاته 35 ميناء و21 دولة في غرب أفريقيا عن طريق الرحلات الأسبوعية.

كلمة «الجدية» كانت الأكثر وروداً في خطاب العاهل المغربي بوصفها مبدأ عاماً للعمل الوطني والسياسي والاجتماعي، إلى جانب تركيزه على أولوية النزاهة والكفاءة والخدمة في مجالات الخدمة العامة. فدعوته إلى «الجدية في الحياة السياسية والإدارية والقضائية»، تشير إلى أن الملك يضع توقعات واضحة لمن هم في مواقع السلطة، تكون هي الفيصل بين المنتظر من الحكم المغربي والنماذج الأقل شفافية والأقل خضوعاً للمساءلة.

علاوة على ذلك، فإن إدراك الملك للآثار السلبية للأزمات العالمية والجفاف على المجتمع المغربي يظهر وعياً واستعداداً لمواجهة التحديات الاقتصادية والبيئية بشكل مباشر، بدل الاستثمار فيها باعتبارها أعذاراً للفشل أو تأجيل الاعتراف بها، وتحمل مسؤوليتها بسبب الصعوبات التي تكتنفها. يعزز هذا النهج بيئة مواتية للنمو والاستقرار الوطنيين، ويوسع السبل لتحقيق مغرب مزدهر ومنصف.

باختصار يعكس خطاب العاهل المغربي فهماً دقيقاً للتحديات الثلاثة التي تختصر عالمنا اليوم؛ وهي سباق تطوير البنية التحتية وتنمية المواهب واعتناق التقدم التكنولوجي بوصفه مذهباً رئيسياً للتطوير. كما يعبر الخطاب عن التزامه مواجهة هذه التحديات وجهاً لوجه، بروح «الوحدة بين الشعب والملك»، والعمل بغية دفع المغرب إلى الأمام في هذه المجالات الحاسمة من المنافسة العالمية.

المصدر: اليوم 24

كلمات دلالية: العاهل المغربی

إقرأ أيضاً:

تكريم المهندس محمد البطاشي ضمن اجتماعات منظمة "إيدسمو" في المغرب

 

مراكش- خاص

احتفت المنظمة العربية للتنمية الصناعية والتقييس والتعدين "إيدسمو" بالمهندس محمد بن سالم البطاشي عضو اللجنة الاستشارية سابقًا في وزارة الطاقة والمعادن بسلطنة عُمان؛ وذلك تقديرًا على جهوده القيمة ومساعيه المُقدَّرة في دعم التعدين العربي؛ حيث قدم سعادة المهندس عادل صقر الصقر المدير العام لمنظمة "إيدسمو" درعًا تكريميًا وشهادة تقديرية.


 

جاء ذلك على هامش أعمال الاجتماع الحادي والثلاثين للجنة الاستشارية لقطاع الثروة المعدنية، الذي تعقده منظمة "إيدسمو" بالتعاون مع وزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة بالمملكة المغربية، في مدينة مراكش، ويستمر حتى غدٍ الخميس.

وتشارك في فعاليات هذا الاجتماع 15 دولة عربية تُمثِّل عددًا من الوزارات والمؤسسات من الدول الآتية: سلطنة عُمان، والمملكة الأردنية الهاشمية، ودولة الاماردات العربية المتحدة، ومملكة البحرين، والجمهورية التونسية، والمملكة العربية السعودية، وجمهورية السودان، وجمهورية العراق، ودولة قطر، ودولة الكويت، ودولة ليبيا، وجمهورية مصر العربية، والمملكة المغربية (مُستضيف الاجتماع)، والجمهورية الإسلامية الموريتانية، والجمهورية اليمنية.

إضافة إلى مشاركة 6 جهات مراقِبة؛ وهي: مؤسسة الفجيرة للموارد الطبيعية، وشركة قطر للتعدين، والمجمع الشريف للفوسفات، والمكتب الوطني للهيدروكاربورات والمعادن، وجامعة الصناعات التعدينية، ومجموعة مناجم.

وافتتح الاجتماع سعادة المهندس عادل صقر الصقر المدير العام لمنظمة "إيدسمو"، برفع أسمى آيات الامتنان والعرفان لجلالة الملك محمد السادس، ملك المملكة المغربية، على الدعم المستمر والرعاية السامية التي يوليها جلالته وحكومته الرشيدة للعمل العربي المشترك ومؤسساته، ومن ضمنها المنظمة العربية للتنمية الصناعية والتقييس والتعدين.

وأعرب الصقر عن شكره وامتنانه إلى معالي ليلى بنعلي وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة بالمملكة المغربية، على جهودها الكبيرة والمقدرة في دعم أنشطة المنظمة والتعاون معها في استضافة هذا الاجتماع وتنظيم الزيارات الميدانية المصاحبة له، كما أعرب عن خالص تقديره لسعادة المهندس أحمد بوزيد- المدير العام لتنمية الانتاج الطاقي والمعدني، على رئاسته لهذا الاجتماع، متمنياً لسعادته كل التوفيق والسداد في مهامه كما توجه سعادته بالشكر والتقدير لاعضاء اللجنة الاستشارية وللمشاركين أول مرة في هذا الاجتماع، مؤكدًا على التزامنا المشترك نحو تعزيز التعاون في قطاع الثروة المعدنية وتطوير افاقه.


 

وأكد الصقر استمرار جهود المنظمة في دعم قطاع التعدين العربي، بما يتماشى مع التوجهات الإقليمية والعالمية؛ حيث تم تنفيذ العديد من الأنشطة والمشاريع الفنية الهامة خلال الفترة ما بين الاجتماعين، إضافة إلى بناء شراكات استراتيجية مع الجهات والمنظمات الإقليمية ذات الصلة، كما تم تطوير "المنصة العربية لمعادن المستقبل APFM" لمواصلة التعريف بالثروات المعدنية العربية وفرص استثمارها لتعزيز مساهمتها في تحقيق تنمية اقتصادية شاملة ومستدامة.

وناقش الاجتماع عددًا من البنود المدرجة في جدول الأعمال، من ضمنها عرض الوثيقة الأولية لـ"خارطة الطريق الاسترشادية لمعادن الانتقال الطاقي بالمنطقة العربية"، ومشروع "المكتبة الرقمية للدراسات التعدينية العربية"، إلى جانب عرضٍ حول تجربة دولة الامارات العربية المتحدة الرائدة في مجال إنتاج الطاقة المتجددة، إضافة إلى عرض تطور "المنصة العربية لمعادن المستقبل APFM"، والتي تُعد أول منصة معلوماتية وتفاعلية رسمية للمعادن وفرص استثمارها في المنطقة العربية، والتي أُنشئت بمبادرة من "الإيدسمو" وبمباركة من أصحاب المعالي الوزراء العرب المعنيين بشؤون الثروة المعدنية، في اجتماعهم التشاوري التاسع بالمملكة العربية السعودية في يناير 2024.

ويُصاحب الاجتماع تنظيم زيارات ميدانية للمنشآت التعدينية لكلٍ من منجم درع الأصفر، والمُركب الصناعي لكماسة التابعين لمجموعة مناجم، ومنجم بن جرير وجامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية التابعين لمجموعة المكتب الشريف للفوسفات بمدينة مراكش، وذلك للتعرف على التجربة المغربية الرائدة في مجال التعدين والصناعات المرتبطة به.

مقالات مشابهة

  • بوعدي عن إمكانية تمثيله للمنتخب المغربي: قراري الحالي الوحيد هو أن أعطي نفسي الوقت للاختيار
  • غدا.. منتخب المغرب يصل القاهرة للمشاركة في كأس أمم أفريقيا تحت 20 عاما
  • عمدة مونبوليي الفرنسية يعلن عن مشاريع في الصحراء المغربية
  • شركة كندية تطلق مشروعا لاستكشاف النحاس في تيماريغين المغربية
  • تكريم المهندس محمد البطاشي ضمن اجتماعات منظمة "إيدسمو" في المغرب
  • الفلاحة المغربية تحقق 9 مليارات أورو في المبادلات مع أوروبا
  • 3 سنوات من الإنجازات والألقاب والنهضة للمنتخبات المغربية الكروية
  • الملك محمد السادس يعزي عميد مجمع الكرادلة في وفاة البابا فرانسوا الأول
  • السبب ماس كهربائي.. حفظ التحقيقات في حريق بمخزن ورق بحدائق القبة
  • السكوري من مؤتمر العمل العربي بالقاهرة: المغرب يُرسي دعائم الدولة الإجتماعية بقيادة جلالة الملك