اليوم 24:
2024-07-04@01:40:07 GMT

محمد السادس «مخزن» الوضوح السياسي

تاريخ النشر: 1st, August 2023 GMT

لا عقد في السياسة المغربية. لا عقد من الماضي ولا عقد في الحاضر ولا عقد في تصور المستقبل. هذا ببساطة ما يمكن استخلاصه من خطاب الملك محمد السادس الأخير، الذي ألقاه في الذكرى 24 لتوليه العرش، مقدماً مثالاً على البراعة الاستراتيجية للدبلوماسية المغربية وفهماً دقيقاً يجمع بين الإرث التاريخي للنظام الملكي والواقع المعاصر للمجتمع المغربي، لتكوين رؤية التطوير ورسم المسار المستقبلي للبلاد.

ببساطة وصدق، يؤكد العاهل المغربي أن فلسطين تشكل جزءاً مهماً من سياسة بلده الخارجية وحجر زاوية في هويته العربية، ولكن أيضاً على قاعدة الربط بين المغرب والعالم من خلال الالتزام بمبدأ العدالة الدولية ومنطلقات السلام، لا من أي منطلق عنصري أو ديني أو عرقي أو صراعي. هذه الدقة في حماية التحالفات الاستراتيجية للمغرب وثبات موقفه في القضايا الدولية الحساسة، هما ما يتيح له أن يباهي بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية والاعتراف الدولي المتنامي الذي يكتسبه في ملف الصحراء، خاصة من إسرائيل. وهما ما يسمحان له بأن يقدم هذا الإنجاز بوصفه انتصاراً استراتيجياً ودبلوماسياً لشعبه وبلاده، من دون أن يكون في ذلك ذرة تناقض بين المصلحة الوطنية للمغرب ومسؤولياته العربية والدولية بخصوص القضية الفلسطينية.

واللافت أيضاً أن مضمون الموقف المغربي يقوم على تحقيق مكاسب استراتيجية عبر الدبلوماسية النشطة، متخلياً عن الضجيج المرافق في العادة لآليات العمل السياسي في المنطقة والقائم على التهديد والوعيد والتشنج والمزايدات في ملفات فلسطين وغيرها. وفي هذا السياق، يمكن فهم النهج الدقيق للعلاقة مع الجزائر الذي عبر عنه الخطاب، بكلام واضح عن اليد الممدودة دوماً، كما عبر المنطق التصالحي الهادف إلى الاستقرار والتفاعل الإقليمي الخلاق، بدل مواجهات. فعلى الرغم من التفاؤل الحذر يؤسس الخطاب لتقارب محتمل بين الجارين المهمين على قاعدة احترام المعطيات التاريخية والجيوسياسية المعقدة الموجودة بينهما، ويفتح الباب أمام إحقاق التوازن بين المصالح الوطنية لكل منهما وبين شروط الانسجام الإقليمي.

هذا في السياسة… أما فيما هو أبعد وأهم، يكشف الخطاب عن مرتكزات لصناعة السياسة المغربية، وفق خطاب الملك.

ترتكز السياسة المغربية على الاستخدام الاستراتيجي للقوة الناعمة في منطقة غالباً ما يهيمن عليها منطق القوة والاستقواء. فدبلوماسية الرباط متجذرة في استثمار التأثير الثقافي، والشراكات الاقتصادية، والدبلوماسية الهادئة، بالإضافة إلى الموقف التقدمي من قضايا الطاقة المتجددة وحقوق الإنسان. وقد كان لافتاً تطرق العاهل المغربي إلى تقديم ملف ترشيح مشترك بين المغرب وإسبانيا والبرتغال لاحتضان نهائيات كأس العالم لكرة القدم 2030 بوصفه «إنجازاً يتطلع المغرب إليه ويعمل على أن يكون تاريخياً على جميع المستويات»، باعتبار أنه «ترشيح غير مسبوق، يجمع بين قارتين وحضارتين؛ أفريقيا وأوروبا، ويوحد ضفتي البحر الأبيض المتوسط، ويحمل طموحات وتطلعات شعوب المنطقة، للمزيد من التعاون والتواصل والتفاهم»، كما جاء في الخطاب.

لم يكن من باب المجاملة أو سياسات التسويق أن يركز الملك في خطابه على التزام المغرب بالتنمية المستدامة والممارسات المبتكرة المتعلقة بها، معرجاً على المعنى الذي يكتنزه إنتاج أول سيارة مغربية، وطراز منها يعمل بالطاقة الهيدروجينية. فليس هذا مما يعزز إمكانات الدولة وجهةً استثماريةً وحسب، بل يؤكد أيضاً على الأولوية التي توليها الدولة لتنويع قاعدة المواهب المغربية وتهيئة الجيل الجديد ليكون في صلب الأدوار الاقتصادية الجديدة للمغرب. يكفي في هذا السياق النظر إلى الزمن القياسي الذي حقق في خلاله ميناء طنجة المتوسط قفزته النوعية على مستوى التصنيف العالمي، حيث ارتقى، حسب تقرير البنك الدولي، من المرتبة السادسة إلى الرابعة عالمياً خلال 2022 من بين أكثر من 340 ميناء حاويات حول العالم شملها التصنيف، متفوقاً بذلك على موانئ أوروبية، من حيث الكفاءة ومؤشر الأداء. ويوفر ميناء طنجة المتوسط ربطاً دولياً يغطي ما يقرب من 186 ميناءً و77 دولة في 5 قارات، فهو على بُعد 10 أيام من الولايات المتحدة الأميركية و20 يوماً من الصين، وفي القارة الأفريقية يخدم الميناء ذاته 35 ميناء و21 دولة في غرب أفريقيا عن طريق الرحلات الأسبوعية.

كلمة «الجدية» كانت الأكثر وروداً في خطاب العاهل المغربي بوصفها مبدأ عاماً للعمل الوطني والسياسي والاجتماعي، إلى جانب تركيزه على أولوية النزاهة والكفاءة والخدمة في مجالات الخدمة العامة. فدعوته إلى «الجدية في الحياة السياسية والإدارية والقضائية»، تشير إلى أن الملك يضع توقعات واضحة لمن هم في مواقع السلطة، تكون هي الفيصل بين المنتظر من الحكم المغربي والنماذج الأقل شفافية والأقل خضوعاً للمساءلة.

علاوة على ذلك، فإن إدراك الملك للآثار السلبية للأزمات العالمية والجفاف على المجتمع المغربي يظهر وعياً واستعداداً لمواجهة التحديات الاقتصادية والبيئية بشكل مباشر، بدل الاستثمار فيها باعتبارها أعذاراً للفشل أو تأجيل الاعتراف بها، وتحمل مسؤوليتها بسبب الصعوبات التي تكتنفها. يعزز هذا النهج بيئة مواتية للنمو والاستقرار الوطنيين، ويوسع السبل لتحقيق مغرب مزدهر ومنصف.

باختصار يعكس خطاب العاهل المغربي فهماً دقيقاً للتحديات الثلاثة التي تختصر عالمنا اليوم؛ وهي سباق تطوير البنية التحتية وتنمية المواهب واعتناق التقدم التكنولوجي بوصفه مذهباً رئيسياً للتطوير. كما يعبر الخطاب عن التزامه مواجهة هذه التحديات وجهاً لوجه، بروح «الوحدة بين الشعب والملك»، والعمل بغية دفع المغرب إلى الأمام في هذه المجالات الحاسمة من المنافسة العالمية.

المصدر: اليوم 24

كلمات دلالية: العاهل المغربی

إقرأ أيضاً:

الوالي التازي: جهة الشمال شهدت تحولاً كبيراً منذ اعتلاء الملك محمد السادس العرش

زنقة 20 ا أنس أكتاو

في كلمته خلال الدورة العادية -يوليوز- لمجلس جهة طنجة تطوان الحسيمة، قال والي الجهة يونس التازي، أنه في إطار احتفالات المملكة بالذكرى الخامسة والعشرين لتولي الملك محمد السادس العرش، يمكن أن تفخر جهة الشمال بالتحول الكبير الذي شهدته الجهة منذ تولي الملك الحكم.

وأكد الوالي التازي أن الجهة أصبحت قطباً وطنياً بارزاً بفضل المشاريع التنموية الكبرى التي أطلقها الملك محمد السادس.

وأشار الوالي في كلمته له إلى أن مدينة طنجة شهدت نهضة شاملة جعلتها وجهة دولية بامتياز، حيث تحول مطار طنجة ابن بطوطة إلى مطار دولي يستقبل رحلات من مختلف أنحاء العالم.

كما لم تكن مدينة تطوان بمعزل عن هذا التطور، وفق التازي، إذ شهدت مطار سانية الرمل عمليات تطوير كبرى، مما جعله مطاراً دولياً أيضاً، يضيف والي الشمال.

أما مدينة الحسيمة، وفق التازي، فإنها تشهد حالياً أشغالاً هامة لتطوير مطار الشريف الإدريسي بهدف تحويله إلى مطار دولي يسهم في تعزيز الربط الجوي للمدينة مع العواصم الدولية.

وفي سياق متصل، تطرق الوالي إلى البرامج التنموية الكبرى التي تعكف الجهة على تنفيذها، والتي تشمل قطاعات البنية التحتية، التعليم، الصحة، والسياحة. وذكر أن هذه البرامج تهدف إلى تحسين مستوى العيش للسكان وجذب الاستثمارات.

وأكد التازي على أهمية المهرجانات والأحداث الثقافية والرياضية التي تحتضنها الجهة، مشيراً إلى أن هذه الفعاليات تلعب دوراً مهماً في تعزيز الهوية الثقافية للمنطقة وجذب السياح.

وفي ختام تصريحه، أبدى الوالي اعتزازه بالجهود المبذولة لتحويل جهة طنجة تطوان الحسيمة إلى نموذج تنموي يحتذى به، مؤكداً على أن هذه التحولات الكبرى تأتي بفضل الرؤية الحكيمة للملك محمد السادس والسياسات التنموية التي أطلقها منذ توليه العرش.

مقالات مشابهة

  • الملك محمد السادس يبعث برقية تهنئة إلى ولد الغزواني
  • الملك يعزي ملك المغرب بوفاة والدته الأميرة للا لطيفة هاتفيا
  • بعد اعتذاره.. الفنان المصري محمد رمضان يعلن إحياء حفل ختام مهرجان موازين في المغرب
  • محمد رمضان "يخلط" بين المغرب وبلد آخر .. وناقد يعلق
  • الوالي التازي: جهة الشمال شهدت تحولاً كبيراً منذ اعتلاء الملك محمد السادس العرش
  • وزارة القصور: الصور المنسوبة لوالدة الملك محمد السادس غير حقيقية وكاذبة
  • نتانياهو يعزّي الملك محمد السادس في وفاة للا لطيفة
  • بنكيران يعزي الملك محمد السادس في وفاة الأميرة للا لطيفة
  • محمد رمضان يكشف عن مفاجأة غير متوقعة لمحبيه في المغرب
  • محمد رمضان يتعرض لموقف محرج خلال حفله بالمغرب .. فيديو