الاحتيال الاستثماري.. من بونزي إلى العملات الرقمية المزيفة
تاريخ النشر: 16th, May 2024 GMT
لطالما كانت عمليات الاحتيال الاستثماري بمثابة آفة على المشهد المالي لعقود من الزمن، حيث قامت بسحب مليارات الدولارات من المستثمرين المطمئنين.
وتستغل هذه المخططات الاحتيالية ثقة الأفراد وجشعهم وتعدهم بعوائد عالية مع الحد الأدنى من المخاطر.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2تعرف على مزايا ومخاطر الاستثمار في السنداتتعرف على مزايا ومخاطر ...list 2 of 2نصائح فوربس للموظفين في أواخر حياتهم المهنية لمواجهة تحديات التقاعدنصائح فوربس للموظفين في أواخر ...end of list
ومع أن الأسواق المالية أصبحت أكثر تعقيدا وترابطا فقد تطور أيضا تعقيد عمليات الاحتيال هذه، مما يجعل من المهم أكثر من أي وقت مضى أن يكون المستثمرون يقظين ومطلعين.
1- الاحتيال الاستثماري.. جاذبية وخطرغالبا ما تعمي جاذبية الأرباح السريعة والكبيرة المستثمرين عن المخاطر الكامنة في مخططات الاستثمار المشكوك فيها، ويمكن أن تتخذ عمليات الاحتيال هذه أشكالا عديدة، بدءا من المخططات الاحتيالية والمخططات الهرمية "التسويق الهرمي وغيره" أو حتى عمليات الضخ والتفريغ وعروض العملات المشفرة الاحتيالية كما سيأتي شرحها في هذا التقرير.
ووفقا للجنة التجارة الفدرالية الأميركية (إف تي سي)، فقد خسر الأميركيون ما يقارب 3.3 مليارات دولار بسبب الاحتيال الاستثماري في عام 2022 وحده، وهو إشارة واضحة للتهديد المنتشر الذي تشكله عمليات الاحتيال هذه.
خسر الأميركيون ما يقارب 3.3 مليارات دولار بسبب الاحتيال الاستثماري في عام 2022 وحده
2- أنواع عمليات الاحتيال الاستثمارية مخططات بونزيربما تكون سلسلة بونزي هي النوع الأكثر شهرة من عمليات الاحتيال الاستثماري، حيث تتضمن هذه السلسلة استخدام رأس المال من المستثمرين الجدد لدفع عوائد للمستثمرين السابقين، مما يخلق الوهم بوجود عمل مربح، ومع ذلك فإنها تنهار حتما عندما يجف نبع المستثمرين الجدد.
سلسلة بونزي احتيال يقوم على استخدام رأس المال من المستثمرين الجدد لدفع عوائد للمستثمرين السابقين مما يخلق الوهم بوجود عمل مربح (ميدجيرني)
واحدة من أكثر الحالات شهرة هي قضية بيرنارد مادوف الذي أدى مخططه الاحتيالي إلى خسائر بقيمة 65 مليار دولار خلال الأزمة المالية العالمية 2007-2008، مما أثر على آلاف المستثمرين في جميع أنحاء العالم.
وقال رئيس هيئة الأوراق المالية والبورصة وقتها جاي كلايتون في مقابلة مع شبكة "سي إن بي سي" إن "مخطط مادوف كان عبارة عن بيت من ورق، وكان مقدرا له السقوط".
مخططات المضخة والتفريغتتلاعب مخططات الضخ والتفريغ بأسعار الأسهم من خلال بيانات كاذبة أو مضللة، حيث يثير المحتالون ضجة بشأن الأسهم، مما يتسبب في ارتفاع سعرها، ثم يبيعون أسهمهم بالأسعار المتضخمة، مما يجعل أسهم مستثمرين آخرين لا قيمة لها.
وشاع هذا التكتيك بشكل متزايد مع ظهور منصات التواصل الاجتماعي، حيث يمكن أن تنتشر المعلومات المضللة بسرعة أكبر.
وقال جون ريد ستارك -وهو خبير في الأمن السيبراني- بمقال لمجلة فوربس "إن إخفاء الهوية على الإنترنت سهّل على المحتالين تنفيذ هذه المخططات".
المخططات الهرميةتعتمد المخططات الهرمية على التوظيف المستمر للحفاظ على دفعات للمشاركين الأوائل على عكس مخططات بونزي، تتطلب المخططات الهرمية من المشاركين تجنيد أعضاء جدد الذين بدورهم يقومون بتجنيد المزيد من الأعضاء، وإنشاء هيكل هرمي، وهذه المخططات غير قانونية وغير مستدامة، وتنهار عندما يتباطأ التوظيف.
وتفيد لجنة التجارة الفدرالية بأن المخططات الهرمية غالبا ما تتنكر كبرامج تسويق مشروعة متعددة المستويات (إم إل إم)، مما يجعل اكتشافها أكثر صعوبة.
الاحتيال في الرسوم المسبقةيتضمن الاحتيال في الرسوم المسبقة خداع الضحايا لدفع رسوم مقدمة مقابل خدمات أو استثمارات لا تتحقق أبدا، يعد المحتالون بعوائد كبيرة أو صفقات مربحة مقابل دفعة مقدمة، وبمجرد دفع الرسوم تختفي العوائد الموعودة جنبا إلى جنب مع المحتالين.
وينتشر هذا النوع من الاحتيال بشكل خاص في فرص الاستثمار عبر الإنترنت وعمليات الاحتيال العقاري.
غالبا ما يستخدم المحتالون مواقع ويب ذات مظهر احترافي وشهادات مزيفة لبناء المصداقية
عمليات احتيال العملات المشفرةخلق ظهور العملات المشفرة جيلا جديدا من عمليات الاحتيال الاستثماري، وتجذب عروض العملات الأولية الاحتيالية (آي سي أو إس) وعمليات تبادل العملات المشفرة المزيفة المستثمرين بوعدهم بعوائد عالية لتختفي مع أموالهم.
وقد حذرت الرئيسة السابقة لمؤسسة تأمين الودائع الفدرالية شيلا بير في مقابلة مع بلومبيرغ من أن "العملات المشفرة هي الغرب المتوحش للتمويل، مع القليل من التنظيم والمخاطر العالية".
3- تعرف على العلامات التحذيريةيتطلب تحديد عمليات الاحتيال الاستثماري عينا ثاقبة وجرعة صحية من الشك.
وتشمل العلامات الحمراء شائعة الوعود بالعائدات غير الواقعية، وأساليب البيع عالية الضغط، والافتقار إلى الشفافية، وغالبا ما يستخدم المحتالون مواقع ويب ذات مظهر احترافي وشهادات مزيفة لبناء المصداقية.
وتقول جين دو المحللة المالية في "وي إكس زد سيكيوريتيز" إن "المحتالين هم من المتلاعبين الرئيسيين، إنهم يعرفون كيفية استغلال ثقة الناس وجشعهم".
4- تكتيكات مشتركةيستخدم المحتالون مجموعة متنوعة من الأساليب لخداع المستثمرين، بما في ذلك الهندسة الاجتماعية والمستندات المزيفة، مع إنشاء مخططات متقنة بمواد ذات مظهر احترافي وشهادات متوهجة لبناء المصداقية.
وتقول ماري جونسون المستشارة المالية لبلومبيرغ "إن تعقيد عمليات الاحتيال يتزايد ويصبح أكثر احترافا، لذلك من الضروري التحقق من شرعية أي فرصة استثمارية".
المحتالون يستخدمون مجموعة متنوعة من الأساليب لخداع المستثمرين مع إنشاء مخططات متقنة بمواد ذات مظهر احترافي وشهادات متوهجة لبناء المصداقية (ميدجيرني)إحدى أهم عمليات الاحتيال هي مخطط بونزي الذي دبره بيرني مادوف، حيث استخدم مادوف منصبه المرموق وعلاقاته المتشعبة في السوق لجذب المستثمرين، كان كل شيء يبدو احترافيا من الخارج لدرجة تبعده عن الشك.
وقد علق رئيس هيئة الأوراق المالية والبورصة جاي كلايتون في مقابلة مع شبكة "سي إن بي سي" بقوله "طبيعة عمل مادوف وطريقة حياته وسمعته الجذابة بكونه أحد الأثرياء المعروفين في السوق تجعل كل شيء يبدو أكثر من طبيعي، وفي نهاية المطاف احتال عليهم بمليارات الدولارات".
انهار مخطط مادوف في عام 2008 تاركا وراءه سلسلة من الخراب المالي والحسرة، وقال كلايتون "كانت خيانة مادوف بمثابة دعوة للاستيقاظ للصناعة المالية".
5- نتائج وخيمة للضحايايمكن أن يكون تأثير الوقوع ضحية لعملية احتيال استثماري مدمرا، ماليا وعاطفيا، وكثيرا ما يعاني الضحايا من خسائر مالية فادحة، حيث يفقدون مدخراتهم وصناديق التقاعد.
ويمكن أن تكون الخسائر العاطفية بالقدر نفسه من الأهمية، مما يؤدي إلى التوتر والقلق وفقدان الثقة.
ويقول الدكتور جون سميث عالم النفس المتخصص في الصدمات المالية إن "العواقب يمكن أن تكون مدمرة، ماليا ونفسيا، وفي كثير من الحالات بلا سقف، مما يؤدي إلى مآلات وخيمة كالانتحار أو غيره من فقدان السلوك السوي".
ينصح الخبراء المستثمرين بطلب المشورة من المستشارين الماليين الموثوقين وتجنب اتخاذ قرارات متهورة بناء على أساليب البيع عالية الضغط
6- الحماية ضد عمليات الاحتياللحماية نفسك من عمليات الاحتيال الاستثمارية يعد البحث الشامل والعناية الواجبة أمرا بالغ الأهمية، ويجب على المستثمرين التحقق من شرعية الفرص عن طريق إجراء فحوصات خلفية للشركات والأفراد.
وتنصح المستشارة المالية ماري جونسون بـ"مراجعة المعلومات من مصادر متعددة"، وتقدم الهيئات التنظيمية في السوق جميع الموارد والدعم للمستثمرين للإبلاغ عن عمليات الاحتيال والتعامل معها.
7- الضمانات الشخصيةيعد تبني عقلية متشككة وتجنب عروض الاستثمار غير المرغوب أهم ما يمكنه أن يمنع العديد من عمليات الاحتيال المحتملة، فيما ينصح الخبراء المستثمرين أيضا بطلب المشورة من المستشارين الماليين الموثوقين وتجنب اتخاذ قرارات متهورة بناء على أساليب البيع عالية الضغط.
8- اتخاذ الإجراءات اللازمة في حالة الاحتيالإذا كنت تشك في تعرضك للاحتيال فمن الضروري اتخاذ إجراء فوري، يمكن أن يساعد إبلاغ السلطات والهيئات التنظيمية عن الأمر في تخفيف بعض الأضرار.
ويمكن للطرق القانونية مثل الدعاوى الجماعية والمساعدة من وكالات حماية المستهلك أن تساعد أيضا في استرداد الأموال المفقودة.
وتقول المحامية ليندا لي "إن التعافي أمر صعب، لكنه ليس مستحيلا مع الدعم القانوني المناسب".
وتشكل عمليات الاحتيال الاستثماري تهديدا كبيرا للأمن المالي، ولكن مع الوعي والتعليم يمكن للأفراد حماية أنفسهم.
إن البقاء على اطلاع واليقظة والحذر خطوات أساسية في حماية الثروة، ومن خلال فهم الأشكال المختلفة لعمليات الاحتيال الاستثماري والتعرف على العلامات التحذيرية يمكنك حماية مستقبلك المالي وتجنب الوقوع ضحية لهذه المخططات الاحتيالية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ترجمات حريات تمويل شخصي من عملیات الاحتیال العملات المشفرة هذه المخططات یمکن أن
إقرأ أيضاً:
كيف نجا البرنامج النووي الباكستاني من مخططات إسرائيل والهند ؟
في أوائل الثمانينيات، هاجمت إسرائيل المفاعل النووي العراقي "أوزيراك"، مما دمر المشروع النووي العراقي بشكل كامل.
ورغم تهديدات إسرائيل المستمرة تجاه البرنامج النووي الإيراني، استطاع البرنامج النووي الباكستاني النجاة من عدة هجمات إسرائيلية محتملة، رغم أن بعضها اقترب من مفاعل كاهوتا بالقرب من الحدود الهندية.
فكيف نجح الباكستانيون في إفشال تلك المخططات؟ البداية النووية لباكستان بدأت باكستان الاهتمام بالتكنولوجيا النووية بعد استقلالها عام 1947، حيث جذب رئيس الوزراء لياقت علي خان العديد من العلماء الباكستانيين من الهند.
ومن أبرز هؤلاء العلماء كان رافي محمد تشودري، الذي أسس مختبر التوتر العالي عام 1952. وفي الخمسينيات، انضمت باكستان إلى برنامج "الذرة من أجل السلام" الذي أطلقته الولايات المتحدة، رغم تصريحات الحكومة بأنها لا تعتزم تطوير قنبلة نووية. البرنامج النووي الباكستاني:
مشروع 706 بعد حرب 1971 مع الهند، قرر رئيس الحكومة ذو الفقار علي بوتو تسريع تطوير البرنامج النووي الباكستاني بعد أن علم أن الهند بصدد بناء قنبلة نووية.
انطلقت جهود باكستان في مشروع سري حمل اسم "706"، بقيادة علماء مثل منير أحمد خان وعبد القدير خان. بين عامي 1974 و1983، تم تطوير الأسلحة النووية الباكستانية بشكل سريع، حتى أجرى العلماء أول اختبار بارد لجهاز نووي في 11 مارس 1983.
المواجهة مع الاستخبارات والهجمات المحتملة بحلول منتصف السبعينيات، أصبح البرنامج النووي الباكستاني هدفًا للاستخبارات الأميركية والسوفياتية. ومنذ عام 1976، تمكنت الاستخبارات الباكستانية من القبض على عدة جواسيس أمريكيين وسوفيات، بما في ذلك مهندس نووي باكستاني اشتبه في محاولة تسريب معلومات للولايات المتحدة.
في المقابل، كانت إسرائيل تتابع عن كثب تطور البرنامج النووي الباكستاني، حيث عبر رئيس وزراء إسرائيل مناحيم بيغن عن قلقه من تطوير باكستان للأسلحة النووية.
مخططات إسرائيل والهند لشن هجمات في أوائل الثمانينيات، كانت هناك خطط إسرائيلية بالتعاون مع الهند لتوجيه ضربة عسكرية مشتركة ضد المنشآت النووية الباكستانية، خصوصًا في كاهوتا.
كما كشفت الاستخبارات الباكستانية عن تحركات سلاح الجو الهندي الذي كان يخطط لمهاجمة المنشآت النووية الباكستانية، بل وقام بإجراء تدريبات على ذلك. لكن الطائرات الإسرائيلية التي اقتربت من الحدود الباكستانية تم اعتراضها من قبل سلاح الجو الباكستاني، مما حال دون تنفيذ الهجوم. التهديدات المستمرة والتجارب النووية رغم تهديدات إسرائيل والهند، واصل البرنامج النووي الباكستاني تطوره.
في عام 1998، أعلنت الهند عن إجراء تجارب نووية ناجحة، مما دفع الحكومة الباكستانية إلى إجراء أول اختبار نووي لها في 28 مايو من نفس العام. ورغم المخاوف من هجوم إسرائيلي محتمل على المنشآت النووية الباكستانية قبل الاختبارات، تمكنت باكستان من الرد بسرعة على التحدي الهندي، معلنة أن لديها "القنبلة النووية الإسلامية" الأولى.
الخلاصة من خلال يقظة الاستخبارات والاحتياطات الأمنية المشددة، تمكنت باكستان من حماية برنامجها النووي رغم التهديدات المتواصلة من إسرائيل والهند. وعلى الرغم من محاولات مشتركة من الهند وإسرائيل لإضعاف المشروع النووي الباكستاني، نجحت باكستان في تحقيق أهدافها النووية بفضل العزم السياسي والعسكري.