اليورانيوم وأهم معاقل فرنسا في أفريقيا.. هل تقف روسيا وراء انقلاب النيجر؟
تاريخ النشر: 1st, August 2023 GMT
موسكو- منذ اليوم الأول للانقلاب العسكري في النيجر والأنظار تتجه إلى باريس وتأثير الانقلاب على مصالحها في الدولة الغنية باليورانيوم المهم للمفاعلات النووية في فرنسا، لكن الأنظار لم تغفل أيضا عن موسكو التي يرى البعض أن لها دورا في أزمة النيجر أو على أقل تقدير تتحين الفرصة لتوجيه ضربة إلى المصالح الغربية على وقع الحرب المستمرة في أوكرانيا.
هذا التجاذب الروسي الغربي في أوكرانيا هو ما يعطي للانتكاسة الفرنسية في النيجر بعدا إضافيا في سياق محاولات موسكو الرد على العقوبات الغربية، عبر فتح كل ما أمكن من ساحات جديدة للصراع مع الغرب، والذي باتت القارة السمراء أبرز معاقله.
وجاء توقيت انقلاب نيامي ليحمل بدوره دلالة رمزية، إذ تزامن مع انطلاق النسخة الثانية من القمة الروسية الأفريقية في سان بطرسبورغ، والتي كانت الورقة الأمنية في القارة الأفريقية حاضرة فيها.
وفي هذا السياق، كشفت مصادر رسمية روسية أن مرحلة التحضير للقمة ترافقت مع ضغوط غربية بقيادة الولايات المتحدة على دول أفريقية لرفض المشاركة في القمة أو على الأقل خفض مستوى تمثيل وفودها.
كرة الثلج
وبحسب مراقبين روس، أظهر انقلاب النيجر فشلا جديدا في السياسات الغربية التي منحت روسيا في المقابل ميزة إستراتيجية، فالعديد من الدول الأفريقية ترتبط اقتصاديا وسياسيا بباريس بسبب الماضي الاستعماري.
لكن في الآونة الأخيرة بدأت دول القارة واحدة تلو الأخرى في رفض إقامة علاقات خاصة مع فرنسا مقابل إعطاء الأفضلية للصين وروسيا، ليأتي الدور على النيجر التي شكلت واحدة من آخر معاقل النفوذ الفرنسي التي تعلن تمردها على باريس بعد مالي وبوركينا فاسو.
ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية أن باريس (القوة الاستعمارية السابقة في منطقة الساحل والداعمة لرئيس النيجر محمد بازوم) "هي الهدف الرئيسي للعسكريين الذين يتولون السلطة في النيجر".
وعلاوة على ذلك، يشير المحللون الروس إلى وجود صلة بين القيادة الجديدة للنيجر وسلطات مالي المجاورة التي اتبعت منذ فترة طويلة سياسة منفتحة على موسكو ومؤيدة لها، في الوقت الذي رفض الرئيس المنتخب محمد بازوم حضور القمة الروسية الأفريقية في سان بطرسبورغ الروسية.
وهو ما تجلى أيضا من تحذير السلطات العسكرية الانتقالية في مالي وبوركينا فاسو وغينيا كوناكري من أي تدخل عسكري ضد النيجر، معتبرة في بيان مشترك أن "أي تدخل عسكري في النيجر سيكون بمثابة إعلان حرب علينا".
"البصمة" الروسية
وبانتظار اتضاح الصورة وتبلور واقع جيوسياسي جديد في النيجر يرجح خبراء روس أن قلب منطقة الساحل وأفريقيا جنوب الصحراء سيشكل محورا جديدا للصراع الروسي الصيني مع المنظومة الغربية.
وفي هذا السياق، قال محلل الشؤون الدولية سيرغي بيرسانوف إنه من غير المؤكد وجود بصمة روسية مباشرة في أحداث النيجر رغم تنامي وجود موسكو منذ سنوات طويلة وبشكل هادئ في بلدان مجاورة مثل مالي وأفريقيا الوسطى من خلال شركة فاغنر.
وفي حديثه للجزيرة نت، أضاف بيرسانوف أن التوجه المعادي لفرنسا لدى القيادة الجديدة في نيامي يدل على أن نفوذ باريس في غرب أفريقيا أصبح في مخاض مفصلي لن يتردد الكرملين في استثماره.
لكن المتحدث يشير إلى أن الصراع على النيجر -حتى مع تأكيدات الإليزيه عدم وجود نية للتدخل العسكري- سيكون مختلفا وأكثر عنفا مما كان مع البلدان الأفريقية الأخرى التي أفلتت من السيطرة الفرنسية.
وحسب رأيه، يعود ذلك بشكل كبير إلى الاحتياطيات الإستراتيجية من اليورانيوم في هذا البلد الأفريقي، خاصة أنه عنصر أساسي في إنتاج الطاقة النووية، إذ تشكل المحطات النووية مصدر الطاقة الرئيسي في فرنسا، موضحا أن باريس وحدها تحصل على 70% من طاقتها الكهربائية من هذه المحطات التي يتجاوز حجم عائدات عملها 3 مليارات دولار سنويا، ويشكل يورانيوم النيجر نحو 40% من اليورانيوم الذي تستهلكه فرنسا.
استغلال الأخطاء
من جانبه، يؤكد مدير مركز التنبؤات السياسية دينيس كركودينوف أن روسيا استفادت إلى حد كبير من أخطاء السياسات التي اتبعتها فرنسا في أفريقيا، والتي باتت تصفها بشكل لافت في الآونة الأخيرة بأنها شكل من أشكال الاستعمار الجديد.
ففي الوقت الذي تمكنت فيه باريس من السيطرة على مستعمرتها السابقة بالقوة الناعمة من خلال الفرنك الأفريقي واللغة الفرنسية وقوات التدخل السريع إلا أن الإستراتيجية التي اتبعتها في بعديها الأمني والعسكري لم تعد مجدية، وفشلت في مكافحة ما يسمى التمدد الجهادي في المنطقة، مقابل نجاحات في ذلك حققتها شركة فاغنر الروسية.
وبموازاة ذلك، قد تؤدي خسارة فرنسا حليفها الأكثر موثوقية وولاء في القارة السمراء الرئيس المنتخب محمد بازوم إلى توقف إمداد باريس باليورانيوم الذي تحتاجه بالفعل نتيجة عدم قدرتها على الوصول إلى الثروات المحلية في النيجر.
ومن هذا المنطلق، يعتبر كركودينوف أن ما حصل يصب في صالح روسيا، موضحا أن النيجر ليس لها منفذ إلى البحر، وهي مجبرة على بيع مواردها عبر الجزائر أو عبر دول خليج غينيا، مما يعني أن السلطات الجديدة في البلاد ستتخذ قرارات بشأن هذه القضية بالتعاون الوثيق مع الجيران، وبما يتماشى مع المزاج السائد في هذه البلدان.
وأضاف أنه حتى في حال فشل محاولة الانقلاب ستحاول السلطات تقليل الاعتماد على فرنسا وبناء تبادل أكثر تكافؤا للموارد معها، وفي هذا الصدد قد تأتي روسيا في الأفق كحليف.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: فی النیجر فی هذا
إقرأ أيضاً:
بأيدي عناصر داعش..موسكو: واشنطن ولندن تخططان لاستهداف القواعد الروسية في سوريا
اتهمت الاستخبارات الخارجية الروسية، الأجهزة الأمريكية والبريطانية بالتخطيط لهجمات إرهابية على القواعد العسكرية الروسية في سوريا.
وقال جهاز الاستخبارات الخارجية الروسية في بيان اليوم السبت، نقله موقع "روسيا اليوم"، معلوماته، تؤكد أن "الإدارة الأمريكية المنتهية ولايتها وبريطانيا، تعملان بعد الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، على منع استقرار سوريا، وعلى نطاق أوسع، لتكريس الفوضى في الشرق الأوسط".وأضاف البيان "تعتقد واشنطن ولندن أنهما ستتمكنان في مثل هذه الظروف من تحقيق هدفهما الجيوسياسي بسرعة، وهو ضمان هيمنتهما طويلة المدى على المنطقة على أساس المفهوم البغيض المتمثل في النظام القائم على القواعد".
وأشارت الاستخبارات الروسية إلى أن الوجود العسكري الروسي على ساحل البحر الأبيض المتوسط في سوريا، يعرقل هذه الخطط.
وأكد البيان أن "الاستخبارات الأمريكية والبريطانية تستعد لشن هجمات إرهابية على القواعد العسكرية الروسية في سوريا"، على أيد مسلحي تنظيم داعش الإرهابي الذين أفرجت عنهم السلطات الجديدة في سوريا من السجون.
وحسب البيان، فقد حصل قادة ميدانيون في داعش على طائرات دون طيار لاستهداف المواقع الروسية.
وأضافت المخابرات الروسية، أن القيادتين الأمريكية والبريطانية أمرتا بقصف مواقع داعش، مع إعلام التنظيم مسبقاً بذلك، للتمويه وإخفاء التورط مع التنظيم. وأضاف البيان "هذا النهج الذي يتبعه الأنغلوسكسانيون الذين يعلنون التزامهم باستقرار وبناء سوريا الديمقراطية، يظهر بشكل واضح موقفهم الحقيقي تجاه هذا البلد وشعبه".
الاستخبارات الروسية: الأجهرالخاصة الأمريكية والبريطانية تحضران لاستهداف القواعد الروسية في سوريا
للمزيد من التفاصيل:https://t.co/Q7YA2PVisn