أسباب وعلاج تقلب الأطوار وتغيير الأحوال بآيات من القرآن
تاريخ النشر: 16th, May 2024 GMT
لا يخلو إنسان في هذه الحياة من المتاعب والأحزان والآلام ، وتقلب الأطوار وتغير الأحوال من قبض وبسط وعسر ويسر وفرج وكرب وشدة ورخاء وسراء وضراء. ولا شك أن ذلك كله يظهر أثره على وجهه ولكن ما سبب ذلك؟ وماعلاجه؟ يقول الشيخ مبارك علي محمد علي، إمام وخطيب مسجد سيدي أبي الحجاج الأقصري، لا شك أن القبض الذي يصيب الإنسان له أسباب كثيرة منها:
فضل القرآن الكريم وثواب حفظه في الدنيا والآخرة رواق القرآن الكريم هدية الأزهر للمصريين.. ونشر رسالته في ربوع الوطن
1- كثرة الذنوب وهذا يزول بالتوبة والاستغفار. أخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ، عَنْ أبِي مُوسى أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قالَ: «لا يُصِيبُ عَبْدًا نَكْبَةٌ فَما فَوْقَها أوْ دُونَها إلّا بِذَنْبٍ وما يَعْفُو اللَّهُ عَنْهُ أكْثَرُ. وقَرَأ: ﴿وما أصابَكم مِن مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أيْدِيكم ويَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ﴾ [الشورى»: ٣٠] وذكر الإمام القرطبي عن ابن صبيح قال : "شكا رجل إلى الحسن الجدوبة : فقال له : استغفر الله، وشكا آخر إليه الفقر فقال له : استغفر الله وقال له آخر : ادع الله أن يرزقني ولداً فقال له : استغفر الله، وشكا إليه آخر جفاف بستانه، فقال له : استغفر الله، فقال له الربيع بن صبيح أتاك رجال يشكون أنواعاً فأمرتهم كلهم بالاستغفار ! فقال : ما قلت من عندي شيئاً ! إن الله عز وجل يقول في سورة نوح : " قُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا " ( سورة نوح، الآيات: 10-12 ) .
2- وقد يكون القبض والكرب بسبب أمل ضاع أو مرض ألم بالإنسان وعلاج ذلك يكون في التسليم لأمر الله وفي ذلك يقول الإمام الشافعي: دَعِ الأَيّامَ تَفعَلُ ما تَشاءُ وَطِب نَفساً إِذا حَكَمَ القَضاءُ وَلا تَجزَع لِحادِثَةِ اللَيالي فَما لِحَوادِثِ الدُنيا بَقاءُ وَكُن رَجُلاً عَلى الأَهوالِ جَلداً وَشيمَتُكَ السَماحَةُ وَالوَفاءُ وَإِن كَثُرَت عُيوبُكَ في البَرايا وَسَرَّكَ أَن يَكونَ لَها غِطاءُ تَسَتَّر بِالسَخاءِ فَكُلُّ عَيبٍ يُغَطّيهِ كَما قيلَ السَخاءُ وَلا تُرِ لِلأَعادي قَطُّ ذُلّاً فَإِنَّ شَماتَةَ الأَعدا بَلاءُ وَلا تَرجُ السَماحَةَ مِن بَخيلٍ فَما في النارِ لِلظَمآنِ ماءُ وَرِزقُكَ لَيسَ يُنقِصُهُ التَأَنّي وَلَيسَ يَزيدُ في الرِزقِ العَناءُ وَلا حُزنٌ يَدومُ وَلا سُرورٌ وَلا بُؤسٌ عَلَيكَ وَلا رَخاءُ إِذا ما كُنتَ ذا قَلبٍ قَنوعٍ فَأَنتَ وَمالِكُ الدُنيا سَواءُ وَمَن نَزَلَت بِساحَتِهِ المَنايا فَلا أَرضٌ تَقيهِ وَلا سَماءُ وَأَرضُ اللَهِ واسِعَةٌ وَلَكِن إِذا نَزَلَ القَضا ضاقَ الفَضاءُ.
3- وقد يكون القبض والكرب بسبب ظلم وقع على الإنسان لا يستطيع دفعه وعلاج ذلك الصبر وسعة الصدر فدعْوةُ المظلومِ تُحمَلُ علَى الغَمامِ و تُفتَحُ لها أبوابُ السَّماءِ و يقولُ اللهُ تباركَ وتعالى وعزَّتي وجلالي لأنصرَنَّكَ ولَو بعدَ حينٍ.
4- وهناك قبض لا يعرف له سبب وهذا يزول بالذكر والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم. قال تعالى: (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) الرعد28. أخرج أحمد والترمذي في سننه من حيث أبي بن كعب رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله إني أكثر الصلاة عليك فكم أجعل لك من صلاتي؟ فقال: «ما شئت». قال: قلت: الربع، قال: «ما شئت فإن زدت فهو خير لك»، قلت: النصف، قال: «ما شئت، فإن زدت فهو خير لك»، قال: قلت: فالثلثين، قال: «ما شئت، فإن زدت فهو خير لك»، قلت: أجعل لك صلاتي كلها قال: «إذا تُكْفَى همَّكَ، ويُغْفرُ لك ذنبك»: «هذا حديث حسن».وفي رواية: «إذن يكفيك الله ما أهمك من دنياك وآخرتك».
والمتدبر للقرآن الكريم والفاهم لسنة النبي الكريم يعلم: أن كل شيء بقدر الله والله سبحانه قسم للعبد سعادته وشقائه ورزقه وعمره، فما كان لك سوف يأتيك على ضعفك، وما كان لغيرك لن تناله بقوّتك. قال تعالى: (وَإِن يَمْسَسْكَ ٱللَّهُ بِضُرٍّۢ فَلَا كَاشِفَ لَهُۥٓ إِلَّا هُوَ ۖ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍۢ فَلَا رَآدَّ لِفَضْلِهِۦ ۚ يُصِيبُ بِهِۦ مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِۦ ۚ وَهُوَ ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ). والسنة النبوية الشريفة مليئة بالأذكار والأدعية لتفريج الكربات وأهل البيت وصحابته الكرام تعلمنا منهم في الشأن الكثير فمن ذلك قول سيدنا الإمام علي كرم الله وجهه: وَكَم لِلّهِ مِن لُطفٍ خَفيٍّ يَدِقُّ خَفاهُ عَن فَهمِ الذَكيِّ وَكَم يُسرٍ أَتى مِن بَعدِ عُسرٍ فَفَرَّجَ كَربَهُ القَلبُ الشَجيِّ وَكَم أَمرٍ تُساءُ بِهِ صَباحاً وَتَأتيكَ المَسَرَّةُ بِالعَشيِّ إِذا ضاقَت بِكَ الأَحوالُ يَوماً فَثِق بِالواحِدِ الفَردِ العَلِيِّ تَوَسَّل بِالنَبِي في كُلِ خَطبٍ يَهونُ إِذا تُوُسِّلَ بِالنَبيِّ وَلا تَجزَع إِذا ما نابَ خَطبٌ فَكَم لِلّهِ مِن لُطفٍ خَفيِّ وقال الحافظ السيوطي رحمه الله في تاريخ الخلفاء: أخرج البيهقي وابن عساكر من طريق أبي المنذر هشام بن محمد عن أبيه قال: أضاق الحسن بن علي رضي الله عنهما وكان عطاؤه في كل سنة مائة ألف فحبسها عنه معاوية رضي الله عنه في إحدى السنين فأضاق إضاقة شديدة، قال: فدعوت بدواة لأكتب إلى معاوية رضي الله عنه لأذكره نفسي ثم أمسكت فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام، فقال: " كيف أنت يا حسن" فقلت بخير يا أبتِ وشكوت إليه تأخر المال عني، فقال: " أدعوت بدواة لتكتب إلى مخلوق مثلك تذكره ذلك" فقلت نعم يا رسول الله فكيف أصنع، فقال: (قل اَللَّهُمَّ اقْذِفْ في قَلْبِي رَجَاءَكَ وَاقْطَعْ رَجَائِي عَمَّنْ سِوَاكَ حَتى لا أَرْجُو أَحَدًا غَيْرَكَ اَللَّهُمَّ وَمَا ضَعُفَتْ عَنْهُ قُوَّتِي وَقَصُرَ عَنْهُ عَمَلِي ولَمْ تَنْتَهِ إِلَيْهِ رَغْبَتِي وَلَمْ تَبْلُغْهُ مَسْأَلَتِي وَلَمْ يَجْرِ عَلَى لِسَانِي مِمَّا أَعْطَيْتَ أَحَدًا مِنَ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ مِنَ الْيَقِينِ فَخُصَّنِي بِهِ يا رَبَّ الْعَالَمِين )
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: آيات من القرآن تغيير الأحوال فرج رضی الله عنه استغفر الله فقال له ما شئت
إقرأ أيضاً:
خالد الجندي: كل كلام سيدنا النبي فى الدين مؤيد بالوحي
أكد الشيخ خالد الجندي، عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، أن القصص التي يرويها لنا النبي محمد ﷺ عن الأمم السابقة ليست مجرد حكايات أو روايات منقولة، وإنما هي وحي من الله عز وجل، موضحًا أن هذا من دلائل صدق الرسالة النبوية وإعجاز القرآن الكريم.
وقال عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، خلال حلقة برنامج "لعلهم يفقهون"، المذاع على قناة "dmc"، اليوم الخميس: "أول سؤال ممكن يتبادر للذهن، هو النبي ﷺ عرف القصص دي منين؟ الإجابة ببساطة في قول الله تعالى: (وما ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى)، وهذا هو الإطار العام الذي نحتكم إليه، لأننا نؤمن أن النبي صلى الله عليه وسلم مؤيد بالوحي في كل ما يتعلق بأمور الدين والشرع".
وأوضح أن "كل ما يقوله النبي ﷺ في شأن الدين هو وحي يوحى، أما الأمور الدنيوية فقد تكون من باب التجربة أو العادات أو الأعراف، لكن حين يتحدث في القصص القرآني، فهو ينقل عن الله سبحانه وتعالى بلا زيادة ولا نقصان".
وأضاف الجندي: "ربنا سبحانه وتعالى قال في أكثر من موضع: (ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك)، وقال: (وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم، وما كنت لديهم إذ يختصمون)، يعني النبي ﷺ لم يكن حاضرًا هذه المشاهد، لكنه أُخبر بها بوحيٍ من ربه، فصار يخبرنا بها لنأخذ منها الدروس والعِبر".
وأشار إلى أن القرآن ملئ بالآيات التي تدل على أن هذه القصص جاءت من عند الله، وليست نتيجة مطالعة النبي لكتب أو مراجع بشرية، مستشهدًا بقوله تعالى: (ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا)، موضحًا أن النبي لم يقرأ كتبًا سابقة ليأتي بهذه الأخبار، وإنما كلها وحي صادق.
وتابع الجندي: "ربنا بيقول للنبي في آيات كثيرة ألم ترَ، زي: (ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه)، و(ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل)، طيب النبي شاف إيه؟ الحوادث دي كانت قبل مولده أصلاً، ومع ذلك ربنا بيقول له ألم ترَ، لأن الرؤية هنا رؤية علم، وليست رؤية بصرية، علمه الله بها وعلّمنا نحن من خلالها".
وشدد على أن "قصص القرآن ليست فقط للعظة، وإنما دليل على مصدره الإلهي، وأن هذا النبي الكريم ﷺ ما كان له أن يعلم هذه التفاصيل الدقيقة لولا أن الله هو الذي أوحى إليه بها، وهذا من أعظم أوجه الإعجاز في القرآن".