مؤسس فيسبوك يُغضب التونسيين.. ما علاقة قرطاج وروما؟
تاريخ النشر: 16th, May 2024 GMT
متابعة بتجــرد: أثار مارك زوكربيرغ الرئيس التنفيذي لشركة ميتا جدلا واسعا في تونس بعد نشره صورة على حسابه الرسمي في موقع فيسبوك يرتدي فيها “تي شيرت” كُتب عليه العبارة اللاتينية المشهورة “Carthago delenda est” (يجب تدمير قرطاج)، وهو ما اعتبره عدد من النشطاء “إساءة” لبلدهم، ولكن يبدو أن هذا العبارة تحمل معاني مغايرة، وخاصة أن زوكربيرغ استخدمها في مناسبات سابقة خلال “حروبه الطويلة” مع عمالقة التكنولوجيا.
واحتفل زوكربيرغ، الثلاثاء، بعيد ميلاده الأربعين، حيث نشر صورا استعاد من خلالها ذكرياته الأولى منذ الطفولة، مرورا بمرحلة المراهقة والجامعة، وحتى تأسيسه إحدى أكبر الشركات التكنولوجية في العالم.
ولاقت الصور استحسانا من قبل عشرات الآلاف من المستخدمين حول العالم، إلا أن نشطاء تونسيين اعتبروها “مسيئة” لبلادهم، وخاصة أن العبارة على قميص زوكربيرغ ترتبط أساسا بإمبراطورية قرطاج أقدم جمهورية في التاريخ.
وخاطب الطبيب والناشط السياسي ذاكر الأهيذب، زوكربيرغ بقوله “عيد ميلاد سعيد. لاحظ مستخدمو فيسبوك في تونس وجود الشعار الروماني “يجب تدمير قرطاج” (على قميصك)، وهو تعبير عدائي لتونس قرطاج، ونطلب منكم توضيح أسباب ارتداء هذا القميص”.
ودون الباحث والناشط السياسي معاذ بن نصر “لا أعتقد أنه من باب الصدفة أن يلبس مارك قميصا مكتوب عليه يجب أن تدمر قرطاج”.
وكتب الباحث سامي الجلولي “يجب استثمار واقعة تي شيرت مالك فيسبوك، الداعي لتدمير قرطاج كحملة إعلانية لقرطاج وتونس. فرصة اتصالية رائعة”.
فيما ذهب البعض إلى تقديم “قراءة” مختلفة لعبارة زوكربيرغ والمعروف أساسا بمواقفه المؤيدة لإسرائيل، على أساس أنها موجهة ضد سكان فلسطين والعرب عموما.
ما أصل العبارة؟
أول من استخدم عبارة “يجب تدمير قرطاج” هو السياسي الروماني المعروف كاتو الأكبر (ماركوس كاتو)، وذلك خلال الحرب البونية الثالثة وهي جزء من سلسلة حروب خاضتها روما مع قرطاج بين عامي 264 و146 قبل الميلاد، حيث كان كاتو يختم جميع خطاباته بهذه العبارة من أجل حض الرومان على القتال.
ومنذ ذلك الوقت أصبحت هذه العبارة مرجعا لدى عشرات السياسيين والإعلاميين خلال الحرب، حيث استخدمها الوزير الإنكليزي أنتوني أشلي كوبر، إيرل شافتسبري الأول في خطاب أمام البرلمان عام 1673 خلال الحرب الإنكليزية الهولندية الثالثة، حيث قارن إنكلترا بروما وهولندا بقرطاج.
وفي تسعينييات القرن التاسع عشر، نشرت صحيفة “ساترداي ريفيو” اللندنية عدة مقالات، عبرت عن المشاعر المعادية لألمانيا، تحت عنوان “يجب تدمير ألمانيا”.
كما استخدم جان هيرولد باكويس المذيع في راديو باريس الذي سيطرت عليه ألمانيا النازية بين عامي 1940 و1944 شعار “إن إنكلترا، مثل قرطاج، يجب أن تدمر”.
وعام 2008، حذر الرئيس الروسي الولايات المتحدة من تكرار أخطاء الإمبراطورية الرومانية، حيث قال إن “سياسيا رومانيا بدأ وأنهى كل حديث له بقوله إنه يجب تدمير قرطاج. وأخيرا دُمرت قرطاج وهوجمت المنطقة حولها لكن الإمبراطورية الرومانية دُمرت في النهاية على أيدي البربر. وعلينا أن نحذر من البربر”.
وفي آذار/ مارس الماضي، انتقدت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا تصريحات رئيس لاتفيا إدغار رينكيفيتش التي اختتمها بعبارة “يجب تدمير روسيا”.
ودونت على قناتها في موقع تلغرام “من الواضح أن هذه إشارة إلى العبارة اللاتينية الشهيرة “يجب تدمير قرطاج”، والتي أنهى بها كاتو الأكبر جميع خطاباته في مجلس الشيوخ الروماني في القرن الثاني قبل الميلاد”، مضيفة: “من المستحيل القضاء على أمية رينكيفيتش -فهو ميؤوس منه- لكنني أحترم كاتو”.
ليست المرة الأولى
هذه ليست المرة الأولى التي يستخدم فيها مؤسس فيسبوك عبارة “يجب تدمير قرطاج”، ففي عام 2011 جمع زوكربيرغ حشدا كبيرا من المهندسين ومسؤولي التسويق في الشركة لمناقشة كيفية الرد على منتج غوغل الجديد حينها (غوغل بلس) والذي تم إيقافه عام 2019 لعدم تحقيقه النتائج المأمولة.
وخلال خطابه أمام فريقه، أشار زوكربيرغ إلى كتاب كلاسيكي قديم درسه في جامعة هارفارد، بقوله “كما تعلمون، كان أحد الخطباء الرومان المفضلين لدي ينهي كل خطاب بعبارة “يجب تدمير قرطاج”. لسبب ما أفكر في ذلك الآن”، داعيا المهندسين والمصممين ومديري المنتجات في فيسبوك إلى أن “يطمحوا إلى مستوى أعلى من الموثوقية وتجربة المستخدم وأداء الموقع”.
وخلال احتفاله بالذكرى العاشرة لتأسيس فيسبوك، في مؤتمر “إف 8” عام 2014، واصل زوكربرغ “حربه” ضد خصومه التكنولوجيين، إذ باتت شركة سناب شات هي “قرطاج” التي يسعى لتدميرها، وخاصة بعدما رفضت الشركة الناشئة عرضا بـ3 مليارات قدمتها فيسبوك لشرائها عام 2013. وأعلن زوكربيرغ، خلال المؤتمر، عن نسخة جديدة من كاميرا ماسنجر، والتي تتضمن نسخة مشابهة جدا للتأثيرات الموجودة في تطبيق سناب شات، كما أضاف تطبيق إنستغرام التابع لفيسبوك، لاحقا، ميزة “القصة” الموجودة أساسا في تطبيق سناب شات.
main 2024-05-16 Bitajarodالمصدر: بتجرد
إقرأ أيضاً:
مؤسس الرهبنة المسيحية في العالم.. الكنيسة القبطية الأرثوذكسية تُحيي ذكرى الأنبا أنطونيوس الكبير
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
تُحيي الكنيسة القبطية الأرثوذكسية برئاسة البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية اليوم تذكار نياحة “وفاة” الأنبا أنطونيوس الكبير أب جميع الرهبان مؤسس الرهبنة المسيحية في العالم.
ويذكر الكتاب الكنسي “السنكسار” قصته كالآتي:
في مثل هذا اليوم من سنة 72 للشهداء (356م) تنيَّح القديس العظيم الأنبا أنطونيوس كوكب البرية وأب جميع الرهبان.
وُلِدَ هذا القديس سنة 251م في بلدة قمن العروس ( قمن العروس: قرية بمركز الواسطى محافظة بنى سويف) من أبوين غنيين محبين للفقراء فربياه في مخافة الله، مات والده فوقف أمام الجثمان يتأمل زوال العالم والتهب قلبه نحو الأبدية وقال " أين هِمَّتك وعزيمتك العظيمة وجمعك للمال. إني أرى الجميع قد بَطُلَ وتَرَكْتَهُ. إن كنت قد خرجتَ أنتَ بغير اختيارك فلا أعجبَّن من ذلك بل أعجب أنا من نفسي إن عملتُ كعملك ". وكان يتأمل في أعمال الآباء الرسل وكيف تركوا كل شيء وتبعوا المخلص ( مر 10: 28)، وكيف كان الناس يبيعون أملاكهم ويأتون بأثمانها ويضعونها عند أقدام الرسل لتوزيعها على المحتاجين ( أع 4: 34 – 37). وفي ذات يوم دخل إلى الكنيسة كعادته فسمع الإنجيل يقول: " إن أردت أن تكون كاملاً فاذهب وبع كل مالك وأعطه للفقراء فيكون لك كنز في السماء وتعال اتبعني " ( مت 19: 21)، فكان لهذه الآية وقْعُها العميق في قلبه. فمضى وباع كل ما يملك، وأبقى لأخته نصيبها وأودعها في بيت للعذارى، ووزع ما خصَّه على الفقراء والكنائس. ثم خرج من القرية وسكن في كوخ صغير بجوار النيل وكان يتردد على النساك المجاورين يتعلَّم من كل واحد الفضيلة التي اشتهر بها. وبعد مدة عبر النيل وسكن في مقبرة فرعونية قديمة بجوار جميزة على الشاطئ الشرقي للنيل، وسُمي المكان فيما بعد " دير الجميزة " أو "دير بسبير" وهو الآن " دير الميمون "، وهناك لاقى حروباً شديدة من الشياطين، منها أنهم ضربوه ضرباً شديداً حتى فقد النطق، فحمله أصدقاؤه إلى الكنيسة حتى تماثل للشفاء، ثم رجع إلى مكان عبادته.
توغَّل بعد ذلك في الصحراء الشرقية إلى أن وجد عين ماء فسكن بجوارها في مغارة وداوم على الصوم والعبادة ومقاومة حروب الشياطين، وكان الله يساعده لينتصر عليها. واستمر القديس على هذا الحال عشرين سنة واجتمع حوله أناس كثيرون ليتتلمذوا على يديه وآخرون يطلبون الشفاء من أمراضهم. فخرج إليهم القديس واستفادوا كثيراً من إرشاداته وصنع الله على يديه آيات وأشفية كثيرة، وتتلمذ له كثيرون وسكنوا في مغارات كثيرة حول مغارته، وصار أباً ومرشداً لهم، وبذلك أَسَّسَ أول نظام رهباني في العالم كله حتى دُعي بحق أنطونيوس أب الرهبان.
نزل إلى الإسكندرية مرتين، الأولى سنة 311م أثناء اضطهاد مكسيميانوس قيصر ليشجع المؤمنين على الثبات في الإيمان وكان يزور المسجونين ويُقوِّى عزائمهم. والثانية سنة 355م ليدافع عن الإيمان القويم ويقف إلى جوار البابا القديس أثناسيوس الرسولي ضد الأريوسيين.
كان يحترمه الملوك ويكرمه كل الناس. ذهب إليه في إحدى المرات بعض الفلاسفة يناقشونه فانذهلوا من عِلمه وذكائه الفطري. ولما بلغت أخبار قداسته إلى الإمبراطور قسطنطين كتب له رسالة مُظهِراً شوقه العظيم لرؤيته، وطالباً الصلاة من أجله ومن أجل المملكة. فرد عليه القديس برسالة باركه فيها، طالباً السلام للمملكة وللكنيسة، وأوصاه فيها بما فيه خلاص نفسه ونجاح مملكته.
ولما دَنَتْ نياحة القديس الأنبا بولا أول السواح مضى إليه الأنبا أنطونيوس بتدبير إلهي وكفنه ثم صلى عليه ودفنه.
زاره القديس مكاريوس فألبسه زى الرهبنة، ثم رجع إلى برية شيهيت وأَسَّس الرهبنة فيها. وفي أواخر أيام الأنبا أنطونيوس كان له تلاميذ كثيرون في مناطق مختلفة من مصر، مثل شيهيت، ونتريا، وجبل النقلون بالفيوم، كان يفتقدهم أحياناً إما بنفسه أو برسائله، وله عشرون رسالة بهذا الصدد.
ولما أكمل جهاده الصالح جمع أولاده وأوصاهم بالثبات في الجهاد الرهباني، كما أوصاهم أن يعطوا عُكَّازه للقديس مكاريوس، والفروة للقديس أثناسيوس الرسولي، وثوب الجلد الخاص به للقديس سيرابيون تلميذه. كما أوصاهم بإخفاء جسده بعد نياحته. ثم رقد على الأرض وفاضت روحه في يديّ الرب الذي أحبه، وهو بشيخوخة حسنة، ومضى إلى محلّ النياح الأبدي. وكان عَمره عند نياحته مائة وخمس سنين.