ما بعد العلمانية في الدولة الديمقراطية
تاريخ النشر: 16th, May 2024 GMT
كلام الناس
نورالدين مدني
قد يرى البغض في تناول مثل هذه القضايا انصراف عن هموم الوطن والمواطنين رغم أنها من صميم تطلعات المواطنين المشروعة في قيام دولة المواطنة والديمقراطية والعدالة.
أكتب اليوم عن كتاب "مابعد العلمانية" لمؤلفه مجدي عزالدين حسن الصادر عن
دار المصورات للنشر والطباعة والتوزيع الذي تناول فيه مسألة إعادة التفكير نقدياً في مفهوم العلمانية.
لن أخوض معكم في الإفادات التاريخية والاجتهادات الفلسفية التي استغرصها المؤلف وهو يغوص في هذا الشأن السياسي الاجتماعي الذي خلص فيه إلى أن العلمانية هي نتاج حركة الإصلاح الديني في أوروبا..
لذلك اجتهد المؤلف في التوفيق بين الدين وروح العصر وأكد أن مفهوم العلمانية لاينفصل عن جملة قيم التنوير المعرفي العقلانية واللبرالية والمواطنة والعقد الاحتماعي والديمقراطية والحرية والتسامح والتقدم.
انتقد المؤلف وهو يستعرض جهود المسنيرين الذين مهدوا الطريق لمرحلة مابعد العلمانية بعض اطروحات الغلاة الذين يربطون بين العلمانية بين إبعاد الدين، لكنهم اكتشفوا استمرار وجود الدين مؤثراً وفاعلاًفي الحياة العامة وإن ظلوا يتمسكون بضرورة تمايز الطاقات العلمانية وانعتاقها عن المؤسسات الدينية.
أكد المؤلف أن المطلوب من الدولة الديمقراطية أن لا تتبنى أي وجهة نظر دينية أو غير دينية لأن النظام الديمقراطي يتيح للفريقين البقاء في رحابها و على المتدينين والعلمانيين اللقاء كأنداد في اسخدامهم العمومي للعقل.
إن وجود الدين في حياتنا العامة لايعني إزالة العلمانية رغم أن بغض مفاهيم الأصوليين والغلاة لاتنسجم ولا تتوالفق مع متطلبات قيام الدولة الديمقراطة لذلك لابد من ربط كل عمليات الإصلاح الديني بقواعد الديمراطية وأن أي إصلاح لابد أن يتم في مساق ديمقراطي.
يخلص المؤلف إلى أنه من الخطأ الطرح الفلسفي لما بعد العلمانية بوصفه تجاوز للعلمانية إنما باعتباره مساراً تطويرياً جديداً لها وأن التعايش بين مكونات الأمم والشعوب لايتطلب تنازلات وكل ما هو مطلوب هو الاتفاق على مششتركات تجمعهم وتبقى أساساً للحوار السلمي والتنافس الحر في ظل الدولة الديمقراطية.
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
توجه العراق نحو الليبرالية الجديدة.. 8 أمثلة لاستغلال الديمقراطية
كتب د. بلال الخليفة
أولا:-
من الأمثلة الشائعة هو ما حدث في هاييتي حيث حدث فيه ما حدث في نيكاراكوا وهو تطبيق عقيدة الصدمة من جعل الشعب يعاني معاناة شديدة من ازمة اقتصادية (تضخم كبير) مع فقدان الامن بوجود طبقة سياسية دكتاتورية فاسدة ، لكن شاءت الاقدار ان جرت فيها انتخابات ووصل بصندوق الاقتراع اشخاص جيدين ولكن هذا الامر لم يروق للإدارة الامريكية ومن خلفها (أصحاب الشركات) حتى عملوا على إقامة انقلاب بدعمهم واشرافهم ضد الشرعية وبعد ذلك ان الانقلابيين جاءوا بأجندات تخص التحول الى السوق الحر من خلال مجموعة قرارات إصلاحية للاقتصاد (من وجهة نظر المنظمات لكنها في الواقع لا تصب في مصلحة هاييتي) ومن تلك القرارات الإصلاحية هو خفض رواتب الموظفين بنسبة 65 % وحجب المساعدات التي كانت تقدمها الحكومة للفلاح وهذا أدى الى انخفاض الإنتاجية للفلاح من ان ناتجة من الرز الذي كان يكفي لهاييتي بشكل تام الى ناتج من الرز فيه عجز بنسبة 50 % .
هذا العجز كان في صالح أمريكا حيث انه يتم تعويض العجز بشرائه من أمريكا وبالتالي كان قرار الإصلاح الاقتصادي ضد مواطني هاييتي وفي صالح أمريكا.
ثانيا: -
الامثلة كثيرة، لكن لنأتي بمثال من التاريخ، وهو الخلاف الحاصل بين الحكومة السورية وشركة النفط البريطانية (بي بي). في 12-7-1966 , اعلن رئيس الوزراء السوري آنذاك الدكتور يوسف زعين للصحفيين ان مجموعة الشركات البريطانية قد ابلغت بقرار فسخ العقد المبرم معها، للعلم ان قيمة العقد كانت 20 مليون جنية استرليني لمد انبوب نفطي بين حقول قرتشو في الجزيرة ومرفأ طرطوس على البحر الابيض المتوسط.
بالمقابل تم التوصل الى اتفاق مع شركة سنام بروجيتل الايطالية لتنفيذ المشروع بمبلغ اقل بكثير عن البريطانية وهو 2.5 مليون جنية استرليني.
البريطانيون لم يسكتوا عن فسخ العقد لشركتهم، فوجهوا تهديد الى الحكومة السورية بأسقاطها، وعن طريق مقال نشرته في يوم 31-8-1966 جريدة (فاينانشيال تايمس) اللندنية في تعليقها، (لاحظ جيدا) ان شركة نفط العراق (شركة النفط الوطنية-سابقا) سوف توجه من الان اما اختيار:
1- مقاومة اي مطلب بزيادة حصة سوريا من عوائد النفط، والتوقع بتوجيه ضربة من الحكومة السورية بمنع تصدير النفط عن طريق اراضيهم.
2- محاولة التساهل بقدر ما، وبذلك تقدم سابقة خطيرة. وربما تطلب من لبنان ايضا ان تحذو حذو سوريا وموقف الدكتور يوسف زعين، للعلم ان لبنان يمر في اراضيها ايضا انبوب نفطي تابع لشركة النفط العراقية.
3- سقوط الحكومة السورية، وهو امر لا يقل احتمالا عما سبق ذكرة.
الغريب ان الشركة كانت تماطل وتماطل لتبطئ سير المفاوضات وبالتالي كسب الوقت، لانها كانت تمتلك معلومات اكيدة عن نجاح محاولة انقلاب ستحدث في سوريا، والتي حدثت بالفعل وقام فيها سليم حاطوم وزمرته اليمينية للإطاحة بالحكم السوري وبالتالي بحكومة زعين والنتيجة الغاء قرار استبعاد الشركة البريطانية.
خلاصة ما تم ذكرة
هو ان الديمقراطية الجديدة هي وجدت لحماية الأقلية الثرية من الأغلبية الفقيرة. وكما يحدث في كل أزمات العالم حيث ان الحكومات تقدم حزم من المساعدات الاقتصادية والمالية الى الشركات الكبرى ولكن في نفس الوقت يتم تسريح الاف او ملايين الموظفين، هذا يعني حماية الثري وعدم اكتراث بالفقير .
اما فيما يخص العراق. نلاحظ وجود قرارات ومشاريع لا تخدم المواطن بشيء بل انها جاءت في خدمة بعض ( لاحظ) الأثرياء وعلى سبيل المثال القانون الاخير وهو العفو ، حيث شمل كبار (ان لم يكن الاكبر) أثرياء العراق الذين عليهم احكام قضائية وخرجوا من السجن وكانما فصل لهم.