دُفعة 2024 في جامعات أميركا سوء حظ أم صنعٌ للتاريخ؟
تاريخ النشر: 16th, May 2024 GMT
واشنطن- "دُفعة 2024" كان عنوان المقال الرئيسي لمجلة "نيويوركر" الأميركية هذا الأسبوع، مرفوقا بصورة تعبيرية تُظهر 3 جامعيين مكبلي الأيادي يتقدمون إلى منصة إحدى الجامعات ليستلموا شهادات تخرّجهم من رئيسها، بينما يحيط بهم رجال الشرطة من كل جانب.
وعكست هذه الصورة ما تعرفه مئات الجامعات الأميركية من حراك طلابي نادر رفضا للعدوان الإسرائيلي المدعوم أميركيا على قطاع غزة، ولأي علاقات تجمع كلياتهم بإسرائيل.
وشهدت الأشهر الماضية، منذ عملية "طوفان الأقصى" ولا سيما الأسابيع الأخيرة، أجواءً ساخنة في الجامعات الأميركية. ويواجه ملايين الطلاب الأميركيين، خاصة اليهود والمسلمين والعرب، حالة متوترة ومختلفة عما كان عليه الوضع قبل السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وأثار الحراك طلابي في مختلف أرجاء الولايات المتحدة جدلا لم ينتهِ، حول معضلة التوازن بين حق حرية التعبير والتجمع السلمي من ناحية، وبين قواعد وسياسات الجامعات حول الاعتصامات وتعطيل الدراسة وسلامة الطلاب من ناحية أخرى.
ومع تحول الجامعات إلى مراكز للنشاط السياسي، وبسبب استمرار العدوان على غزة، أقام الطلاب مخيمات مؤيدة لفلسطين للتعبير عن التضامن وزيادة الوعي بين زملائهم.
وبدلا من الانخراط في هذه الاحتجاجات السلمية من خلال الحوار، اختارت العديد من إدارات الجامعات تدخل الشرطة، وبدأت رئيسة جامعة كولومبيا نعمت شفيق هذا النهج، مما أدى إلى فض اعتصامات الطلاب بالقوة واعتقال قرابة 2600 طالب من مختلف الكليات.
وهذا النهج لا يهدد قدسية الحرية الأكاديمية فحسب، بل يقوض أيضا دور الجامعات كمراكز علمية وملتقى للنقاشات السياسية والاختلافات الفكرية.
وبرأي مرهف الأشقر، الأستاذ المشارك في جامعة "واين" الحكومية بولاية ميشيغان، فإن استدعاء الشرطة في الجامعات يعد نهجا غير لائق، وأن ما جرى يضر بالصورة العامة للجامعة والثقة بين طلابها وأساتذتها، كما يتعارض بشكل أساسي مع دور المؤسسات التعليمية في تعزيز الحوار المفتوح والتعلم.
وينتظر الطلاب وعائلاتهم بحماس نهاية 4 سنوات من التعليم الجامعي للحصول على شهادة تخرّجهم في احتفال ضخم تقيمه كل جامعة. وتتم دعوة شخصية عامة من العيار الثقيل مثل رئيس سابق، أو سيناتور شهير، أو رمز مجتمعي، أو رجل أعمال من الوزن الثقيل، لإلقاء كلمة للخريجين يحفزهم فيها على اقتحام سوق العمل ونصائح مع بدء الحياة العملية.
وفي ضوء الأحداث الأخيرة والتطورات التي استدعت لجوء قوات الشرطة لفض اعتصامات بعض الجامعات بالقوة، ألغت العديد من الكليات، وعلى رأسها جامعتا كولومبيا وجنوب كاليفورنيا، حفلات التخرج الضخمة، واستبدلتها بمراسم تخرج بسيطة وصغيرة.
فصل جديدوفي الوقت الذي عبر فيه أولياء أمور كُثر عن غضبهم بسبب إلغاء حفلات التخرج، اعتبر بعض المراقبين أن هؤلاء الطلاب يسطّرون فصلا جديدا وهاما من التاريخ الأميركي. وتعتبر النخبة السياسية -في أغلبها- أن موجة احتجاجات الطلاب الجارية هي أهم حركة طلابية منذ التحركات المناهضة لحرب فيتنام أواخر ستينيات القرن الـ20.
ويتم مقارنة الاحتجاجات، خاصة في جامعة كولومبيا، باحتجاجات عام 1968 بسبب حجمها وتكتيكاتها، وعلى أنها صدى لحركة الستينيات التاريخية.
وكسبت شدة التحركات في هذه الجامعة تركيزا كبيرا مقارنة بغيرها من الجامعات الأميركية، لأنها في قلب مدينة نيويورك مركز المال والأعمال الأهم في العالم ووسائل الإعلام الإخبارية الكبرى، إضافة لوجود نسبة كبيرة فيها من الطلاب اليهود أو المسلمين.
كيف تتأثر مكانة الجامعات الأميركية؟لعقود طويلة كانت، ولا تزال، الجامعات الأميركية -خاصة جامعات النخبة التي شهدت حراكا طلابيا مؤيدا لفلسطين أكثر من غيرها من الكليات- تلعب دورا محوريا في النهضة الأميركية خاصة في شقيها العلمي والتكنولوجي مثلما الحال في جامعات كولومبيا وهارفارد ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا.
وحصل الكثير من أساتذة هذه الجامعات على العشرات من جوائز نوبل في الطب والكيمياء والفيزياء، ويترأس خريجوها أهم الشركات في العالم، ناهيك عن دراسة العديد من الرؤساء الأميركيين بها، ويبرر ذلك انخفاض نسبة القبول بين المتقدمين لها بحيث لا تتخطى نسبة 4% في بعض الحالات.
وفي الوقت الذي قد يكون من المبكر التطرق فيه لتأثير الحراك الطلابي المؤيد لفلسطين على الجامعات الأميركية، تعكس بعض التقارير قلقا متزايدا تعبر عنه عائلات مسلمة وأخرى يهودية، من استهداف أبنائهم في هذه الجامعات سواء بالتنمر أو التضييق على قبولهم فيها.
مضايقاتوعبّر العديد من الطلبة المسلمين واليهود الأميركيين عن تعرضهم لمضايقات واسعة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وفي حديث للجزيرة نت، أفادت الطالبة صوفيا جيوفاني، من الجامعة الأميركية في واشنطن، بأن زملاءها من اليهود والمسلمين تعرضوا لمضايقات مختلفة، وتنمر في حالات عديدة من طلاب آخرين داخل الحرم الجامعي. وأشارت إلى وجود ارتفاع في حوادث الكراهية سواء "المعادية للسامية" أو "الإسلاموفوبيا" خلال الأشهر الأخيرة.
من جانبه، أبدى والد طالب ياباني، وصله خطاب القبول قبل أسابيع من جامعة كولومبيا، قلقه من فكرة إرسال ابنه للدراسة في الجامعة التي كان يحلم بها منذ صغره.
وقال للجزيرة نت "منذ زيارتي الأولى لجامعة كولومبيا أثناء عملي كصحفي في نيويورك قبل أكثر من 20 عاما، تعهدت بعمل كل ما بوسعي لإدخال ابني هذه الجامعة العريقة. إلا أن الأحداث الأخيرة، تدفعني إلى إعادة التفكير في ذلك. فابني يهتم بالشأن السياسي، ولذلك أخشى على سلامته في هذه الكلية".
وعلى النقيض، ذكر رجل أعمال أميركي، من أصول مصرية يعيش ويعمل في ولاية نيويورك -للجزيرة نت- أنه وضع حسابا بنكيا خاصا يوفر آلاف الدولارات منذ سنوات لتوفير كل الموارد اللازمة لتهيئة ابنته -الطالبة حاليا بالمرحلة الثانوية- للالتحاق بجامعة كولومبيا. وأوضح أنه على استعداد لتحمل أي أعباء مالية من أجل هذا الهدف "صعب المنال".
وأشار استطلاع حديث أجراه موقع "يوغوف" (YouGov) الأسبوع الماضي مع أكثر من 9 آلاف مواطن أميركي، إلى معارضة 47% من الأميركيين احتجاجات الحرم الجامعي، في حين أيدها 28% منهم.
وتباينت النسبة بين مسلمي ويهود أميركا، وفي حين أيد المسلمون الأميركيون الاحتجاجات بنسبة 75%، رفضها 14% منهم، بينما عارض 72% من اليهود الأميركيين الاحتجاجات، وقبلها 18% منهم.
ولا تُعد هذه النسب ضخمة أو مفاجئة خاصة في ظل الانقسام والاستقطاب المجتمعي الذي تعرفه الولايات المتحدة تجاه كل القضايا الاجتماعية والسياسية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ترجمات حريات الجامعات الأمیرکیة جامعة کولومبیا العدید من فی هذه
إقرأ أيضاً:
وزير التعليم العالي يبحث سبل تعزيز التعاون مع وفد جامعة إسكس البريطانية
عقد الدكتور أيمن عاشور وزير التعليم العالي والبحث العلمي اجتماعًا مع وفد جامعة إسكس البريطانية، برئاسة الدكتورة ماريا فاسلي، نائب رئيس الجامعة، بحضور الدكتور مصطفى رفعت، أمين المجلس الأعلى للجامعات، والدكتورة لويس بلير، مديرة الشراكات بالجامعة، والسيد مارك هوارد، مدير المجلس الثقافي البريطاني، وذلك بمقر الوزارة بالعاصمة الإدارية الجديدة.
في مستهل الاجتماع، أكد الوزير عمق العلاقات التاريخية بين مصر وبريطانيا؛ لافتًا إلى أهمية تعزيز التعاون بين البلدين، خاصة في المجالات التعليمية والبحثية والتدريبية، وتدعيم الشراكات بين الجامعات المصرية والبريطانية.
وأوضح الدكتور أيمن عاشور أن الدولة المصرية تدعم إتاحة تعليم جامعي متميز يُسهم في تأهيل الخريجين، ويزودهم بالمهارات والمعارف والقدرات التي تؤهلهم ليكونوا قادرين على الالتحاق بسوق العمل المحلي والإقليمي والدولي.
وأشار الدكتور أيمن عاشور إلى أهمية تعزيز الشراكات الدولية مع الجامعات الدولية المرموقة، والاستفادة من التجارب الدولية المُتميزة بما يعود بالنفع على المنظومة التعليمية والبحثية في مصر، وذلك بما يتماشى مع أهداف الإستراتيجية الوطنية للتعليم العالي والبحث العلمي وتحقيق رؤية مصر 2020.
وتناول الاجتماع عرض الرؤى والأفكار التي تهدف إلى تعزيز مكانة مصر كمركز إقليمي للتعليم العالي، ودعم جهود الجامعات المصرية على المشاركة في التعليم العابر للحدود، وزيادة التعاون في المجالات البحثية التي يكون لها مردود اقتصادي على المجتمع.
وناقش الاجتماع سبل تعزيز التعاون بين جامعة إسكس البريطانية والجامعات المصرية، حيث تم الاطلاع على أحدث البرامج الدراسية التي تقدمها الجامعة سواء في مرحلة البكالوريوس أو الدراسات العليا.
ومن جانبه، عبرت الدكتورة ماريا فاسلي عن سعادتها بالتقدم الكبير الذي شهدته منظومة التعليم العالي والبحث العلمي في مصر خلال الفترة الأخيرة، من خلال التوسع في إنشاء الجامعات المختلفة، وعقد شراكات مع الجامعات الدولية المرموقة بما يعود بالنفع على المنظومة التعليمية في مصر.
وأشارت إلى أن وفد جامعة إسكس سيقوم بزيارة عدد من الجامعات المصرية؛ لبحث سبل التعاون المُشترك معها، معربة عن استعداد الجامعة للتعاون مع الجامعات المصرية.