في ديسمبر الماضي أعلن الجيش الإسرائيلي انتصاره على حماس في جباليا، قائلاً إنه كسر قبضة الحركة الفلسطينية في معقلها التقليدي في شمال القطاع.

وقتها، قال إيتسيك كوهين، قائد الفرقة 162 "جباليا لم تعد جباليا كما كانت من قبل" وأشار إلى أن الجيش الإسرائيلي تمكن من قتل "المئاتن" من مقاتلي حماس واعتقل نحو 500 مشتبه بكونهم أعضاء في الحركة المسلحة.

ومع مرور أكثر من سبعة أشهر على انطلاق الحرب، إثر هجوم غير مسبوق لحركة حماس داخل إسرائيل في السابع من أكتوبر، قتل 35233 شخصا في قطاع غزة غالبيتهم من المدنيين بحسب وزارة الصحة التابعة لحماس.

جباليا- شمال غزة- 11 أكتوبر 2023

وتعهد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو القضاء على الحركة الإسلامية الفلسطينية التي تسيطر على القطاع منذ العام 2007 وتعتبرها الدولة العبرية "منظمة إرهابية"، على غرار الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

العودة إلى المربع الأول

بعد خمسة أشهر على تصريح كوهين، عادت القوات الإسرائيلية إلى جباليا، وهي تتوغل الآن مجددا داخل المخيم المكتظ، مدعومة بالمدفعية والغارات الجوية في واحدة من سلسلة عمليات "إعادة التطهير" الأخيرة ضد مقاتلي حماس، "والتي أعاد مقاتلوها تجميع صفوفهم بسرعة في المناطق التي أخلتها القوات الإسرائيلية" وفق صحيفة "واشنطن بوست".

أفسح الهجوم الإسرائيلي السريع في غزة المجال لمعركة استنزاف طاحنة، وهو ما يسلط الضوء على مدى بعده عن هدفه العسكري الرئيسي -التفكيك الكامل لحركة حماس، تؤكد الصحيفة الأميركية.

وباعتبارها منظمة مسلحة قادرة على التكيف وتتمتع بسهولة الوصول إلى المجندين، ولديها شبكة أنفاق واسعة ومتأصلة بعمق في نسيج غزة، فقد أظهرت حماس أنها قادرة على الصمود في وجه حرب مدمرة وطويلة الأمد، وفق ذات التقرير.

يأتي استئناف القتال العنيف في الشمال في الوقت الذي يمضي فيه الجيش الإسرائيلي قدما في حملته التي تعرضت لانتقادات شديدة في مدينة رفح الجنوبية - والتي وصفها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو منذ فترة طويلة بأنها معركة نهائية ضد آخر كتائب حماس السليمة. 

والآن، يقدم المسؤولون الأميركيون وبعض أعضاء مجلس الوزراء الإسرائيلي تقييمات صريحة بشكل متزايد حول مرونة الجماعة المسلحة وفشل نتانياهو في التخطيط لغزة ما بعد الحرب.

في تصريحات ملفتة ليلة الأربعاء، دعا وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت نتانياهو إلى تقديم التزام علني بأن إسرائيل لن تحكم غزة في نهاية المطاف بعد الحرب، وسط مخاوف متزايدة في الجيش الإسرائيلي من أن مهمته تزحف نحو إعادة احتلال المنطقة.

وقال غالانت إن حماس قد تستعيد قوتها طالما حافظت على السيطرة المدنية مشيرا إلى أن الفشل في إنشاء "سلطة حكم بديلة، يعادل الاختيار بين أسوأ بديلين: حكم حماس أو السيطرة الإسرائيلية على غزة".

رؤية واشنطن

في واشنطن، أبدى مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض جيك سوليفان ملاحظة مماثلة الاثنين الماضي، حيث قال للصحفيين إن "الضغط العسكري ضروري لكنه ليس كافيا لهزيمة حماس بشكل كامل". 

وأضاف: "إذا لم تكن جهود إسرائيل مصحوبة بخطة سياسية لمستقبل غزة والشعب الفلسطيني، فإن الإرهابيين سيستمرون في العودة".

وتعتبر واشنطن ودول غربية حماس حركة إرهابية.

وكان نتانياهو قال الأسبوع الماضي إن إسرائيل قتلت 14 ألف من مقاتلي حماس؛ بينما قدر الجيش الإسرائيلي أنه قتل  نحو 13 ألفا الشهر الماضي. 

???? #عاجل
تصريح الناطق بلسان جيش الدفاع الاسرائيلي 14/05/2024 pic.twitter.com/tPGDmHW60H

— افيخاي ادرعي (@AvichayAdraee) May 15, 2024

وليس من الممكن التحقق من هذه الأرقام بشكل مستقل، حيث لم يتم تقديم أي دليل يدعمها.

تقرير الصحيفة علق على ذلك بالقول إنه "حتى هذا الرقم الكبير قد يصل فقط إلى أقل من نصف القوة القتالية المقدرة لحماس قبل الحرب">

يذكر أن الهجوم الإسرائيلي قتل أكثر من 35 ألف فلسطيني منذ أكتوبر، وفقاً لوزارة الصحة في غزة. وتم تدمير الخدمات الصحية، ونزحت العديد من الأسر عدة مرات، كما ظهرت بوادر "مجاعة شاملة" في الشمال، وفقًا لرئيس برنامج الأغذية العالمي.

وعندما انسحبت القوات الإسرائيلية من جباليا العام الماضي، بدأت حماس حملة تجنيد لوظائف تأمين المساعدات وإنشاء مقر جديد هناك، بحسب السكان. 

وقال أحد سكان جباليا البالغ من العمر 42 عاما، تحدث للصحيفة بشرط عدم الكشف عن هويته "هناك تواجد لرجال شرطة، ولكن بدون زي الشرطة، وجميعهم يرتدون ملابس مدنية".

يسلط هذا الوضع، وفق رويترز الضوء على التساؤلات المتزايدة حول هدف الحكومة الإسرائيلية المعلن المتمثل في القضاء على حماس.

وبينما بدأت الدبابات في التوغل داخل مدينة رفح الجنوبية، حيث يقول الجيش إن آخر أربع كتائب سليمة تابعة لحماس متحصنة هناك، كان هناك قتال عنيف في منطقة الزيتون في مدينة غزة وحول جباليا إلى الشمال، حيث سيطر الجيش الإسرائيلي العام الماضي قبل أن يتقدم جنوبا.

ويسلط تجدد القتال هناك- وسط ضغوط دولية من أجل وقف إطلاق النار - الضوء على القلق في إسرائيل من أن عدم وجود خطة استراتيجية واضحة لغزة سيترك حماس في السيطرة الفعلية على الجيب الذي تحكمه منذ عام 2007.

هذه الوضعية وفق الوكالة ذاتها تؤكد أن  "النهاية الواضحة للحرب تبدو بعيدة المنال أكثر من أي وقت مضى".

ويبدو أن حماس، المختبئة في شبكة الأنفاق الواسعة الممتدة تحت أنقاض غزة، تحتفظ بدعم واسع النطاق بين السكان الذين تأثروا بالحملة التي أسفرت عن مقتل الآلاف وأجبرت معظم سكان غزة على ترك منازلهم.

وقال مايكل ميلشتاين، ضابط المخابرات العسكرية السابق وأحد أبرز الخبراء الإسرائيليين في شؤون الحركات الإسلامية "إذا اعتمدنا على استراتيجية الاستنزاف المستمر ضد حماس، فلن تحقق هدف الانهيار الحكومي أو العسكري". 

إلى ذلك، أعلن نائب وزير الخارجية الأميركي، كيرت كامبل، الاثنين أن واشنطن تشك في أن إسرائيل ستحقق "نصرا كاسحا في ساحة المعركة".

واشنطن تطرح بدائل للعملية العسكرية الإسرائيلية في رفح قال البيت الأبيض، الخميس، إن الولايات المتحدة قدمت بدائل لإسرائيل لهزيمة حماس، مشيرا إلى أن اجتياح رفح لن يحقق هذا الهدف.

وقُتل 273 جنديًا إسرائيليًا في غزة منذ بداية العمليات البرية في أكتوبر، على الرغم من تراجع وابل الصواريخ من القطاع لعدة أشهر بعد الحملة الإسرائيلية في الشمال، إلا أنها تصاعدت مرة أخرى في الأسابيع الأخيرة.

والثلاثاء، أمكن رؤية صاروخ يتجه نحو بلدة سديروت الحدودية الإسرائيلية، "وهو تذكير واضح بقدرة حماس على البقاء" تقول "واشنطن بوست". 

وحلقت مروحيات عسكرية إسرائيلية للقيام بعمليات إجلاء طبي، وتم نقل المصابين إلى سيارات الإسعاف التي كانت في انتظارهم.

"ماذا بعد رفح؟"

في المقابل فإن الأهداف الإستراتيجية، لزعيم حماس في غزة، يحيى السنوار، "تبدو واضحة" وفق تقرير لوكالة رويترز.

أهداف الحركة، بالنسبة لكاتب التقرير هي الخروج من الحرب بالقدر الكافي من القوة لإعادة البناء، وهو ما ينعكس في إصراره على الانسحاب الكامل للقوات الإسرائيلية كشرط للتوصل إلى أي اتفاق لوقف إطلاق النار.

وقال مسؤول فلسطيني غير متحالف مع حماس قريب من المحادثات المتوقفة بوساطة مصر وقطر "إنها تكتيكات للبقاء بالنسبة لحماس وقريبا ستجد إسرائيل نفسها مضطرة للإجابة على سؤال ماذا بعد رفح؟".

ولا يزال من غير الواضح عدد المقاتلين من حماس وغيرها من الجماعات المسلحة المسلحة في غزة الذين قُتلوا، إذ لا تفرق أرقام الضحايا التي تنشرها وزارة الصحة في غزة بين المدنيين والمقاتلين.

ويعيش اللاجئون في جنوب غزة مأساة إنسانية حقيقة، حيث تلوح مجاعة، وفق العديد من منظمات الإغاثة.

وقال جورجيوس بتروبولوس، المسؤول بمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في رفح، وفق ما ذكرت "سي. بي. إس. نيوز" الأميركية إن عمال الإغاثة ليس لديهم إمدادات لمساعدة اللاجئين على الاستقرار في مواقع جديدة.

وقال "ببساطة ليس لدينا خيام، وليس لدينا بطانيات، ولا أسرة، ولا شيء من المواد التي تتوقع أن يتمكن السكان المتنقلون من الحصول عليها من النظام الإنساني".

وعلى الرغم من الضغوط الأميركية الشديدة لعدم شن هجوم على رفح، التي تضخم عدد سكانها بمئات الآلاف من النازحين الفلسطينيين، فقد بدأ القادة الإسرائيليون في التعمق في المدينة. 

ولا يزال من غير الواضح ما الذي سيواجهونه في شوارعها الضيقة إذا شنوا هجومًا واسع النطاق.

سكان غزة.. هروب من الموت شمالا وجنوبا

وقال مقاتل من أحد الفصائل المسلحة وفق ما نقلت رويترز "مقاتلونا يختارون معاركهم، ولا يسمحون للاحتلال أن يفرض علينا زمن المعركة أو أرضنا لأننا لا نملك قدرات عسكرية متساوية".

"ليس علينا أن نواجه وجها لوجه، لكن المحتلين والغزاة سيفقدون جنودا ومركبات كل يوم تقريبا، هنا وهناك داخل غزة، لن يستقروا أبدا".

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: الجیش الإسرائیلی فی غزة

إقرأ أيضاً:

والي الخرطوم يتفقد الدفاعات الأمامية في أمبدة وغربي كرري ويقف على عودة الحياة في المناطق التي تطهيرها من التمرد

تحرز القوات المشاركة في معركة الكرامة تقدماً يومياً في جبهات القتال والمحاور ودعما لهذه القوات تفقد والي الخرطوم الأستاذ أحمد عثمان حمزة الدفاعات الأمامية بالقطاع الغربي الذي يضم محلية امبده وغربي كرري إضافة للارتكازات المعززه للأمن والاستقرار المتواجدة في المرافق الصحية وكيفية عودتها للخدمه بعد الدمار الذي شهدته والأسواق بوحدة الأمير
ورافق الوالي الأستاذ ابوالقاسم آدم الطاهر المدير التنفيذي لمحلية امبدة واللواء ركن ابراهيم الجالي قائد منطقة وادي سيدنا العسكرية واللواء حاتم أحمد محمد قائد القطاع الغربي وأحمد حامد المله قائد القوات المساندة
وخلال الجوله اطمأن الوالي على وفرة السلع الاستهلاكية والخدمات بالأسواق والعودة الواسعة للمواطنين بحارات أمبدة وحيا الوالي القوات المسلحة والقوات النظامية الأخرى التي ظلت عين ساهرة للحفاظ على أمن وسلامة البلاد من العدوان الغاشم كما حيا ثبات المواطنين الذين ظلوا صامدين بمناطقهم طيلة فترة الحرب رغم المعانآة وكونوا المقاومة الشعبيه للدفاع عن أنفسهم .
الأستاذ ابوالقاسم ادم الطاهر المدير التنفيذي لمحلية امبده أشاد بصمود مواطن المحلية الذي ظل مرابطا ومعززا لما تقوم به القوات المسلحة والقوات النظامية الأخرى والمستنفرين محييا هذا الصمود وقال الآن أجزاء كبيرة من المحلية تم تحريرها وتشهد استقرارا في الخدمات عبر الأسواق والمرافق الأخرى وعودة المواطنين لمنازلهم.. من جانبه حيا اللواء حاتم أحمد محمد احمد قائد القطاع الغربي والي الخرطوم لتفقده للقوات في الدفاعات الأماميه وارتكازاتها وقال هذه الزيارة تمثل دافعاً معنويا ومحفزا للاقدام لدحر الأعداء والمتربصين بالولاية ووعد باقتراب النصر الكامل.

المصدر إعلام ولاية الخرطوم

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • عودة: حان وقت إنهاء المغامرة بهذا البلد من أجل أهداف لا تخصه
  • بيان للجيش الإسرائيلي بعد اللقطات التي نشرتها حماس
  • اختفاء حاخام يهودي في الإمارات.. إسرائيل تحقق وتخشى العمل الإرهابي
  • والي الخرطوم يتفقد الدفاعات الأمامية في أمبدة وغربي كرري ويقف على عودة الحياة في المناطق التي تطهيرها من التمرد
  • القسام تعرض مشاهد لاستهداف قوة صهيونية تحصنت داخل منزل غرب جباليا
  • الفلسطينيون يرحبون بأوامر الاعتقال التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية بحق مسؤولين إسرائيليين  
  • دفاع الناصري يثير تساؤلات بشأن مصداقية رواية "اسكوبار" عن حفل زفافه مع الفنانة لطيفة رأفت
  • «ياريت أهالينا ما ربونا».. حمادة هلال يثير الجدل بمنشور غامض
  • قرار مجلس النواب حول رسم العملات الأجنبية يثير تساؤلات
  • هيئة البث الإسرائيلية: ليس مستبعدا التوصل إلى صفقة مع «حماس» قبل تنصيب ترامب