اكتشاف كوكب "ناري" غريب يرجح أنه يذوب من الداخل
تاريخ النشر: 16th, May 2024 GMT
اكتشف علماء الفلك كوكبا خارجيا جديدا "متوهجا باللون الأحمر" على بعد 66 سنة ضوئية فقط من الأرض، يظهر نشاطا بركانيا مكثفا مشابها لقمر المشتري آيو.
ويبدو أن الكوكب المكتشف حديثا في نظام نجمي بعيد يثور مع عدد كبير جدا من البراكين، ويتوهج باللون الأحمر الناري عند رؤيته من الفضاء.
إقرأ المزيد مركبة ناسا ترصد الجسم "الأكثر احمرارا في النظام الشمسي" فوق إعصار المشتري الضخمويقول العلماء إنه لم يتم رصد أي كوكب مثل هذا من قبل، وستكون هناك حاجة لملاحظات المتابعة لتأكيد وجود هذا العالم الغريب.
والكوكب المكتشف حديثا، المسمى TOI-6713.01، هو العالم الأبعد في نظام نجمي معروف مع وجود كوكبين آخرين يدوران حول نجم قزم برتقالي على بعد نحو 66 سنة ضوئية من الأرض.
وقال الفريق، الذي يضم علماء من جامعة كاليفورنيا ريفرسايد بالولايات المتحدة، إن النظام النجمي، المسمى HD 104067، معروف بالفعل بامتلاكه كوكبين عملاقين. وأثناء جمع البيانات عن الكوكب، عثر ستيفن كين، أستاذ الفيزياء الفلكية الكوكبية، "بشكل غير متوقع" على كوكب "ناري" آخر، ما رفع عدد الكواكب في النظام النجمي إلى ثلاثة.
وهذا الكوكب الصخري أكبر قليلا من الأرض ويدور حول النجم البالغ من العمر 5 مليارات عام كل 2.2 يوم أرضي، حسب ما أفاد علماء الفلك في دراسة نشرتها مجلة The Astronomical Journal.
وتم اكتشاف الكوكب من خلال طريقة العبور لصيد الكواكب الخارجية، حيث يمر الكوكب أمام نجمه من منظورنا الكوني ويحجب بعض الضوء القادم من نجمه.
وتشير الملاحظات التي أجراها القمر الصناعي لمسح الكواكب الخارجية العابرة (TESS) التابع لناسا إلى أن سطح الكوكب الصخري مغطى بالحمم المنصهرة من مئات البراكين التي تقذف على سطحه.
إقرأ المزيد هل يوجد كوكب غير مكتشف في حافة نظامنا الشمسي؟وتتجاوز درجة الحرارة هناك 2300 درجة مئوية (4200 درجة فهرنهايت).
وأوضح العلماء أن قوى الجاذبية التي يمارسها الكوكبان الآخران في النظام HD 104067، تجبر هذا الكوكب الصخري على الدخول في مدار إهليلجي "غريب الأطوار" حول نجمه.
وقال علماء الفلك إن المدار القصير لـ TOI-6713.01 حول النجم المضيف، يؤدي إلى "ضغط" على الكوكب الصخري بسبب الجاذبية. وكتب العلماء أن لعبة شد الحبل هذه تثير احتكاكا داخليا هائلا وحرارة داخل الكوكب، والتي يطلقها عن طريق انفجار البراكين على سطحه.
ومن الممكن أن يحاكي الضوء الصادر من النجوم الخلفية التوقيعات الواضحة للكوكب المشتعل الذي رصده TESS.
وإذا تم تأكيد وجود TOI-6713.01 من خلال عمليات الرصد اللاحقة، فقد يكون هدفا مثيرا للاهتمام لدراسة تأثيرات المد والجزر الشديدة التي تتعرض لها الكواكب.
وقال ستيفن كين، عالم الفيزياء الفلكية بجامعة كاليفورنيا في ريفرسايد الذي قاد هذا الاكتشاف إن مثل هذه الديناميكيات لم تكن محور أبحاث الكواكب الخارجية حتى الآن.
وتابع: "هذا يعلمنا الكثير عن الحد الأقصى لكمية الطاقة التي يمكن ضخها إلى كوكب أرضي، وعواقب ذلك. وكانت هناك عدة حالات لكواكب أرضية قريبة من نجمها وتسخن بواسطة طاقة النجم، ولكن حالات قليلة جدا حيث تعمل طاقة المد والجزر على إذابة الكوكب من الداخل".
المصدر: لايف ساينس
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: الفضاء النظام الشمسي دراسات علمية كواكب ناسا NASA نجوم
إقرأ أيضاً:
أشرف غريب يكتب: هكذا يكون الكبار
كان من المفترض أن أكتب هذه السطور قبل أسبوعين أو ثلاثة، لكن الأحداث التي تمر بها المنطقة ولا سيما في سوريا ولبنان وغزة فرضت نفسها على المزاج العام، ولكن لا بأس، فأن تأتي متأخرا أفضل من أن لا تأتي.
وها قد أتيت حتى لا أكون مثل غيري الذين لم يأتوا أصلا، فقد مرت الذكرى السابعة لرحيل الفنانة الكبيرة شادية في الأيام الأخيرة من شهر نوفمبر مرورا هادئا لأسباب لا أفهمها أو أقتنع بها، وكأن هذه السيدة التي ملأت حياتنا فنا رفيعا وسيرة عطرة لا تستحق أكثر من مجرد ذكر لاسمها في فقرة برامجية أو حتى حلقة خاصة.
شادية لم تكن مجرد صوت جميل أو حضور أخّاذ، وإنما كانت صاحبة تجربة فنية ملهمة ومشوار إنساني يستحق التأمل، لكنني وفي هذه المساحة المحدودة والسطور القليلة يستلفت انتباهي في مسيرتها الفنية التي امتدت لنحو أربعين عاما أمر مهم لا غنى عنه عند كل فنان حقيقي يريد أن يترك بصمته حتى بعد الرحيل، وهو أنك لا بد أن تكون صاحب قرار مالكا لزمام أمرك، وقادرا على تنفيذ ما استقر عليه يقينك، والمضي قدما في طريقك مهما حملت نظرات الآخرين لك من دهشة.
باختصار يجب أن تتمتع مثل «شادية» بشخصية مستقلة تعرف متى تتمرد إذا تطلب الأمر ما دام تمردها محسوبا لا يشوبه التسرع أو الاستهتار أو عدم إدراك العواقب، وهذا لا يعني عدم الاستماع إلى خبرة السابقين موثوقي الرأي من يسدون النصح بكل إخلاص وعلم، المهم أن تتخذ القرار المناسب في التوقيت المناسب، وتقف وراءه بكل قوة وتدافع عنه إذا لزم الأمر.
فقد عاشت «شادية» منذ احترافها التمثيل وحتى اعتزالها قبل ثمانية وثلاثين عاما تملك إرادة الاختلاف وشجاعته، وحرية القرار وجرأته، فعند ظهورها سنة 1947 -صوتا وصورة - في فيلم «العقل في إجازة» كانت الكوميديا الشعبية الموسيقية هي السائدة جاذبة معها الأصوات النسائية الموجودة على الساحة من أمثال صباح ونور الهدى وحورية حسن، في إطار خريطة أوسع وأشمل ضمت الأصوات الرجالية عبدالغني السيد وعبدالعزيز محمود وكارم محمود وغيرهم.
وربما كان الاستثناء الوحيد هو النموذج الذي تقدمه ليلى مراد، أو كوكب الشرق أم كلثوم التي ودعت شاشة السينما في العام نفسه الذي ظهرت فيه شادية، لكن هذه الفنانة الناشئة التي كانت تتحسس طريقها، وبمساعدة مكتشفها المطرب محمد فوزي قررت التمرد على هذا اللون واختيار ملامح مختلفة لشخصيتها الفنية، فظهرت بشخصية البنت الدلوعة خفيفة الظل ابنة الطبقة المتوسطة أو حتى الأرستقراطية مبتعدة ما استطاعت عن أجواء الحارة الشعبية بكل تفاصيلها رغم قدرتها على تقديم هذه النوعية من الأدوار.
وعندما أحست وهي على مشارف الثلاثين أنها استنفدت أدوار مرحلة الشباب امتلكت جرأة تقديم فيلم مثل «المرأة المجهولة» سنة 1959 للمخرج محمود ذو الفقار تخلت في معظم أحداثه عن الفتاة الشابة ذات الألق والبريق لصالح سيدة عجوز تكاد تتحرك وتنطق بصعوبة في نقلة نوعية ثبتت دعائم دولة «شادية» في تاريخ السينما المصرية.
وجاءت مرحلة الستينيات لتدخل الفنانة الكبيرة تحديا آخر فرضته على نفسها دون أن يجبرها أحد عليه، فقد قررت التنازل طواعية عن أحد أهم أسباب نجاحها في المرحلة السابقة بتقديم مجموعة من الأدوار تظهر قدراتها التمثيلية فقط دون الاقتران بالغناء، أهمها: «اللص والكلاب، الطريق، مراتي مدير عام» وغيرها، وكلها عن نصوص أدبية لكبار كتابنا الروائيين، ويمكن أيضا في هذا التوقيت النظر إلى تجربتها في التحول إلى اللون الكوميدي على يد المخرج فطين عبدالوهاب تحديدا منذ العام 1963 كما في أفلام: «الزوجة 13، مراتي مدير عام، كرامة زوجتي، عفريت مراتي، نص ساعة جواز، وأضواء المدينة».
وعلى مستوى الغناء الذي كان سبيلها إلى شاشة السينما، ودّعت شادية عقد الستينيات ودخلت عقد السبعينيات والأغنية الطويلة تكسب كل يوم أرضا جديدة بفضل فرسانها الكبار عبدالحليم حافظ، فايزة أحمد، نجاة الصغيرة، ووردة الجزائرية، لكنها ورغم قدرتها على تقديم هذا اللون من الغناء قررت الاستمرار في تقديم الأغنية القصيرة التي اعتادت عليها حتى وإن طالت قليلا كما في: «بوست القمر، خلاص مسافر، آخر ليلة، والنبي وحشتنا، اتعودت عليك، الحب الحقيقي، أصالحك بإيه» وغيرها، وهي مرحلة بدأ فيها الموسيقار بليغ حمدى تحديدا الأخذ بصوتها إلى منطقة التعبير الدرامي بعد أن تجاوزت عمريا وفنيا مرحلة الأغنيات الخفيفة.
غير أن أهم قراراتها وأكثرها جرأة وأثرا كان قرارها باعتزال الفن أولا على مستوى التمثيل عقب ظهورها في فيلمها الأخير «لا تسألني من أنا» سنة 1984 ثم على مستوى الغناء بعد حفل الليلة المحمدية الشهير سنة 1986 الذي غنت فيه «خُد بإيدي» من ألحان عبدالمنعم الحريري، فأخذ الله بيدها ووجَّهها إلى الاكتفاء بما قدمته في مشوارها الفني رغم أنها كانت في منتصف الخمسينات من عمرها تقريبا.
وأرقى ما في قرار اعتزالها أنها لم تُحرم الفن الذي عشقته منذ صغرها، ولم تتبرأ من أي دور قدمته، كل ما في الأمر أنها فضّلت أن تستريح احتراما لتاريخها، وقرّرت أن تشق لنفسها طريقا آخر للعطاء الإنساني في حالة نورانية بديعة كسبت بها احترام الجميع بعكس معظم المعتزلات اللائي تاجرن باعتزالهن وتنصلن من ماضٍ لولاه لما شعر بهن أحد.
فكل المحبة والاحترام لروح العظيمة «شادية» التي عاشت حياتها حرة مستقلة سواء كانت تحت صخب الأضواء وضجيجها، أو بعيدا في خلوتها وهدوء أيامها.. وهكذا يكون الكبار.