ملفّ النزوح من منظار حكومي: خطر وجودي يهدّد الهويّة الوطنيّة
تاريخ النشر: 16th, May 2024 GMT
قد يكون التحرّك المتنامي داخلياً على المستويين الرسمي والسياسي في التعامل مع أعباء النازحين السوريين محطة تحوّل في الموقف اللبناني الداخلي، يتطلب تعاطياً أكثر واقعية وبعيداً عن الشعبوية والحسابات الخاصة التي حكمت هذا الملف منذ نشوئه، بعدما بات حجم الوجود السوري خطراً وجودياً لا يمكن التساهل معه أو إنكار مخاطره.
وفي هذا الاطار، كتبت سابين عويس في"النهار": يقدّم مستشار رئيس الحكومة سمير الضاهر مقاربة جديدة أكثر واقعية تطرح الحلول الآيلة إلى عودة النازحين إلى بلادهم وحماية الهوية اللبنانية المهدّدة بالانقراض. ففي دراسة قدّمها إلى ميقاتي لضمّها إلى المستندات التي يحملها الوفد اللبناني إلى بروكسيل، والى الجلسة النيابية أمس المخصّصة لبحث هذا الموضوع، ينطلق الضاهر من مقارنة عملية لنسبة النازحين في العالم تبيّن أن الحالة اللبنانية لا تنطبق عليها المبادئ والحلول المعتمدة دولياً إذ يشكل المهاجرون في العالم وفق تقديرات البنك الدولي ٢٨٠ مليون مهاجر بينهم ٤٠ مليوناً نزحوا قسراً ويمثلون نصفاً في المئة من إجمالي سكان العالم فيما هذا المبدأ لا يسري في لبنان حيث تَعَدَّت نسبةُ النازحين إلى المواطنين المقيمين الـ٥٠ في المئة، ما يعني أنّه خلال جيلٍ من الزمن، ونظراً للهجرة المطّرِدة للشباب اللبناني، سيتحوّل "التفاعل المثمر بين الحضارات" والمفيد لبلدَي المنشأ والمهجَر، من اندماجٍ للنازحين في المجتمع المضيف إلى انصهارٍ للأقليّة اللبنانية في بحر المقيمين السوريين العارم حيث معدَّل الولادات يتعدّى معدّلَ ولادات اللبنانيين بهامشٍ لا يَقّل عن ٢٠ في المئة وفي ذلك خطر تذويب للهوية الوطنية لا يمكن التغاضي عنه ولا القبول به، بل من الواجب العمل على تداركه. وعلى السلطات اللبنانية إعادة تقييم سياسة اللامبالاة غير المُجدية التي اتُّبِعَتْ للحين في إدارة ملف الهجرة، وهي في الواقع سياسة يواكبها ويُموّلها المجتمع الدولي خدمةً لمصالحِه القومية وأهدافِه السياسية، وتبعاً لقوانينه ومعاييرِه ومبادئه مهما كانت سامية. والمهم في ذلك هو أن يتحوّل نهجُ لبنان في ملف النازحين من هدفٍ يرمي إلى زيادة المساعدات الخارجيَّة التي يصل فُتاتٌ منها إلى اللبنانيين، إلى سياسة يكون هدفُها الأوّل العودة النهائية للنازحين إلى ديارهم، بموازاة العمل لإعادة توطين بعضهم في بلدان لجوء أُخرى.
يصف الضاهر عبء النزوح بأن لا مثيل له وعواقبه خطيرة على الأمن القومي والسلامة العامة، كما له آثار يجب إحصاؤها وتقييمها في شكل دقيق على اقتصاد ركيزته الخدمات، ما يجعله عرضة لأي خلل بالاستقرار السياسي والامني والاجتماعي. وتُفيد أرقام المديرية العامة للأمن العام عن وجود 2,8 مليون مواطن سوري في لبنان، أي ما يزيد عن نصف عدد المواطنين المقيمين الذي تدَنّى حالياً إلى ما دون الأربعة ملايين. ومنذ بدء النزوح، تم تسجيل ولادات قاربت 190 ألفاً سنوياً، فيما العدد السنوي للولادات السورية 40 ألفاً مقابل 65 ألفاً للبنانيين. ويُضاف إلى فئة المقيمين الأجانب 270 ألف فلسطيني، و250 ألفاً من رعايا دولٍ عربية وأفريقية وآسيوية، أي ما مجموعه ٦،٥ ملايين نسمة. لتصل الكثافة السكانية إلى ٦٢٠ شخصًا/كلم٢، وهي من أعلى نسب العالم (باستثناء "الدول-المدن" مثل موناكو، وسنغافورة،وهونغ كونغ). وحتى لو أخذنا في الاعتبار اللبنانيين المقيمين فقط، لَقارَبَت الكثافة السكانية ٤٠٠ شخص/كلم٢.
في الوضع القانوني للسوريين، ورغم أن الحكومة القَلِقة من التدفّق المتواصل، أبلغت مفوضية اللاجئين بوقف عملية "التسجيل"، فهي تجاهلت الطلب وتابعت قبول الوافدين تحت توصيف "مدوّنِين"، ليُعْطَوا "بطاقة تسجيل" ورمزاً مشفّراً يسمح بالتعرُّف إليهم ويُخوِّلهم تلقّي المساعدات. وبينما تَتَلَقّى كلتا المجموعتَيْن مساعدات مالية، لا تشمُل الحماية القانونية، تبعاً للنظام الدولي، سوى المسجَّلين.
وفي تقييم واقعي لعودة سريعة للنازحين إلى سوريا، يرى الضاهر أن قدرة سوريا الاستيعابية لعودة سريعة للنازحين مُقَيَّدة ومحدودة للغاية، مشيراً الى ضرورة إعادة النظر في السياسات المتعلقة بملف النازحين واستعادة زمام إدارتها. ويعتبر أن المجتمع الدولي، الذي لا يَعْتَبر أنَّ الظروف نضجت لعودتهم إلى سوريا، وينظر إلى دول الجوارعلى أنَّها الجدار المنيع لوقف تدفُّق الذين يبحثون عن ملاذٍ آمِن في بلاد الغرب، وتمشياً مع مبدأ "الانخراط"، يسعى إلى دمج النازحين في النسيج الاقتصادي والاجتماعي والحضَري في لبنان، ليصبحوا جزءاً لا يتجزّأ من القوى العاملة المحلية. ومن هنا ضغط الجهات المانحة لتمويل برامج من صلبها خلق فرص عمل للنازحين، غيرَآبِهةٍ بالآثار السلبية المترتبة عن اندماج هذا العدد الهائل من النازحين. ومن غير الممكن للبنان القبول بهذا النهج، بل على السلطات اللبنانية وضع السياسات الرديفة التي هي في مصلحة لبنان لإدارة إقامة النازحين بانتظار مغادرتهم لبنان وتحفيز وتسريع وتيرة عودتهم. كما عليها إعادة صياغة سياساتها المتعلقة بالوجود الكثيف للمسجّلين والمدوّنين على لوائح المفوّضية بما فيه الترتيبات اللوجستية لإدارة هذا الملف عبر مؤسسات الدولة بالتنسيق مع المفوّضية ومجموعة المانحين. وعليها كذلك ان تكون مصدر السياسات والقرارات، فيما الواقع أنه تَمّ تفويض سياسة إدارة الملف الى جهاتٍ خارجية ثنائية أو متعددة الأطراف تدعَم أكثر من مئتي منظمة غير حكومية تعمل بهامش تحرّك واسع تبعاً لأهداف مموّليها غيرَ مكترِثة بسلطة الدولة. وذلك النهج أثبت فشلَه في الحفاظ على مصلحة لبنان، ويجب تعديله. ويثير قيام المفوضية خلال الأشهر الماضية بخفض عدد المستفيدين من مساعداتها من ١،٣ مليون إلى ٨٠٠ ألف، مع تَوَقُّع استمرار الاتجاه الانحداري في مستوى التمويل، التساؤلَ حول مصادر العيش البديلة للذين أُسقِطوا من اللوائح، والخوفَ من وقع ذلك على سوق العمل في لبنان. مع التساؤل عما سيكون مصير الذين لَن يتأمَّن لهم إعادة توطين (تطبيقاً للاتفاقية بين الأمن العام والمفوّضية إبّان حرب العراق).
عن الإجراءات الأساسية لمقاربة ملف السوريين المقيمين في لبنان عبر تدابير يمكن للسلطات اللبنانية الشروع بتنفيذها داخل الحدود الوطنية بمساعدة المجتمع الدولي ودعمِه لِخططِها، يقترح الضاهر تكليف الأمن العام إجراء مسح وتسجيل جميع السوريين المقيمين على الأراضي اللبنانية بمساعدة من ترتئيه من المؤسسات الوطنية، نزع صفة "اللجوء" التي أضفتها المفوضية على النازحين المدرجين على قوائمها والذين يعبرون الحدود ذهاباً وإياباً إلى سوريا، مع اتخاذ الإجراءات اللازمة بشأنهم بما فيها عدم السماح لهم بالعودة إلى لبنان مجدّداً، والسيطرة على دخول السوريين غير القانوني ومنعه، ترحيل السوريين الصادرة بحقِّهم أحكام قضائية لارتكابهم جرائم. أما الذين يخشون على سلامتهم، فيُعْهَد إلى المفوضية متابعة أمرِهم علماً بأن عدد السجناء ٢،٨٠٠، ما يُمَثِّل أكثرَ من ٣٠٪ من الموقوفين في سجون لبنان ويزيد من اكتِظاظِها.
ويقترح ايضاً إخضاع جميع المواطنين السوريّين غير المُدرَجين على قوائم المفوّضية، لقوانين الإقامة والعمل والممارسات التجارية في لبنان، والتأكّد من أنّ أنشطتهم لا تخلق منافسةً غيرَ عادلةٍ للعمّال وأرباب العمل اللبنانيين. وعلى لبنان إعادة تصويب سياستِه تجاه وجود النازحين إلى نهجٍ هدَفُه تقليص عددهم وعودتهم إلى سوريا، عوضاً عن نهجٍ يبغي زيادة المساعدات المالية، التي لا تَصِل سوى قطرات منها إلى المجتمعات اللبنانية المضيفة. وإيجاد الترتيبات اللوجستية والقانونية والأمنية المؤاتية لإدارة ملف المدوّنين لدى المفوّضية، تجميع ودمج المخيّمات المنتشرة عشوائياً ضمن بضعة مراكز منظّمة تُستحدث على مشاعات الدولة. ومن الأفضل إقامة المخيّمات على مقربة من الحدود السورية تسهيلاً للتنسيق الميداني مع السلطات السورية.
ويخلص الضاهر الى القول إنه لا يمكن أن يكون دمج النازحين في النسيج الوطني خياراً لأن نتيجته الحتمية ستكون تذويب الأقلِّية اللبنانية التي تتقلَّص يوماً بعد يوم ضمن أغلبية سورية تزداد دون هوادة. لِذا على لبنان المثابرة في مناشدة المجتمع الدولي متابعة تقديم المساعدات للعائدين وإن لم تلق صدىً حتى الآن. وفيما يجاهرالمجتمع الدولي بحرصِه على كيان لبنان واستقراره وأمنه، فإن موقفه الفعلي الذي تمليه علاقتُه المتأزّمة مع الحكومة السورية وعدم الثقة بها لحماية العائدين، ومصلحتُه في إبقاء النازحين في بلاد الجوار بعيداً عن حدوده وشواطئه، يتجاهل كلّياً ما قد يكون لاستمرار النزوح السوري الكثيف من ارتدادات وعواقب على لبنان، وعلى اقتصاده وبيئته، وتقويضٍ لاستقراره وتماسكِه الاجتماعي وسلمِه الأهلي، وفي المدى المنظور، تذويبٍ لهويَّته الوطنية.
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: المجتمع الدولی ة اللبنانیة النازحین فی إلى سوریا فی لبنان ة التی
إقرأ أيضاً:
ذكرى الحرب الأهلية اللبنانية.. جراح مفتوحة في بيوت أهالي المفقودين
بيروت- "كلما دق الباب أقول هذا زوجي قد عاد، وأنا منذ 41 عاما على هذه الحالة انتظر عودته" بهذه العبارة التي تخنقها الغصة، تعبّر نبيهة حمادة في بلدة القماطية قضاء عالية في جبل لبنان عن وجعها من غياب زوجها حسن حمادة والد أبنائها التسعة.
وقد اختُطف حمادة في أبريل/نيسان 1984 في بلدة بدادون قضاء عالية، إبان الحرب الأهلية اللبنانية التي اندلعت في 13 أبريل/نيسان 1975، بعد حادثة "بوسطة عين الرمّانة" الشهيرة.
ومنذ ذلك الحين لم تهنأ الزوجة مع أبنائها في عيد أو مناسبة، حيث ربّ البيت مغيّب قسرا عن أسرته في حرب لا ناقة له فيه ولا جمل، وذاق لوعتها كل اللبنانيين على اختلاف انتماءاتهم الطائفية والسياسية.
يُعد المخطوفون والمفقودون في لبنان واحدا من الملفات الشائكة التي لم تُحَل حتى اليوم بعد مرور 35 عاما على انتهاء الحرب الأهلية، ولا تزال القضية تدمي قلوب وبيوت أهالي وأبناء هؤلاء المخطوفين الذين أصبح معظمهم إما آباءً أو أجدادا ومنهم من توفي.
وتتحدث نبيهة للجزيرة نت عن يوم اختطاف زوجها، حيث لم تبقَ مكتوفة اليدين، بل تنقلت من مكان إلى آخر لتسأل وتبحث عنه، إلا أن كل محاولاتها باءت بالفشل، وتقول "زرتُ الكثير من المسؤولين في كافة المناطق اللبنانية، وكان جوابهم أنه إذا كان موقوفا فسيجري استجوابه ويُطلَق سراحه" لكن زوجها لم يعد حتى هذه اللحظة.
أما سالم كرم (زوج سهاد) وهي أم 3 أبناء، فقد اختطف مطلع فبراير/شباط 1983 مع بداية الحرب، فوجدت نفسها وحيدة في بيروت، مع أبنائها وحقيبة صغيرة وسط حرب طاحنة.
إعلانوتقول للجزيرة نت "تحمّلتُ مسؤولية كبيرة، فهناك زوجي الذي لا أعلم عنه شيئا، وهناك أولادي ومصيرهم ومستقبلهم، إلا أني عملت بجد لأربّيهم، وكان الخوف يملأ قلوبهم كلما خرجت من البيت من أن يصيبني ما أصاب والدهم".
ومن جهته، خُطف أسعد (17 عاما) شقيق منير غريزي من بلدة بتاتر قضاء عالية سنة 1982، وهو في طريقه إلى عمله في بلدة بحمدون. ويروي المواطن للجزيرة نت أثر هذه الحادثة عليه وأسرته ويقول "إنها تجربة موجعة ومليئة بالحيرة والانتظار والأمل، تولّت جدتي ووالدتي متابعة القضية، وسمعنا وعودا كاذبة من المسؤولين، ولم نصل إلى نتيجة".
ويتابع "خسرنا الكثير من المال على أمل معرفة مصيره، وكل ما حصلنا عليه كان شائعات لا طائل منها، حتى إني خسرت دراستي لأنني اضطررت إلى ترك المدرسة من أجل العمل لأعيل أسرتي بعد اختطاف شقيقي".
مأساة أخرى تعيشها الشقيقتان أنجيل وماري شلهوب من بلدة بو زريدة قضاء عالية، حيث اختطف والدهما إلياس مع 3 من أبنائه خليل وعبدو وشوقي من بيتهم في يونيو/حزيران 1982، وحتى هذه اللحظة لم تعرفا أي معلومة عنهم.
وتتحدثان بلوعة عن هذه الكارثة وكيف عانتا من ألم الغياب، فقد كان اختطافهم صدمة كبيرة للعائلة كاملة، وأصيبت والدتهما بجلطة دماغية وتوفيت بعد فترة، أما البقية فعاشوا لسنوات طويلة في حزن شديد لم تمحه الأيام.
وتوضح الشقيقتان للجزيرة نت "لم نشهد فرحا منذ ذلك التاريخ المشؤوم، كل عيد مر علينا كان حزينا، ما حصل معنا فاجعة كبيرة، فقد تشتت أسرتنا، ونحن عملنا كل ما بوسعنا وتواصلنا مع الصليب الأحمر والأحزاب والجيش السوري، ولكن لم نحصل على أية إجابة، كان الاختطاف يتم على الهوية التي تُظهر المذهب، ولا نعرف من خطفهم وإلى أين اقتادوهم".
إعلانولم يغلق ملف المفقودين البتة، وأصبحت تتوارثه الأجيال لكي لا يُنسى أبدا، حيث تحمل ابتسام قضية جدها المخطوف عبد الله الحموي، وتتحدث للجزيرة نت عن معاناة الأسرة من هذا الغياب وتقول "منذ صغري كنت أسمع عبارة جدك مخطوف في سبتمبر/أيلول 1978، وكبرت ومعي هذه القصة، وبقيت جدتي تبحث عنه، ثم تابعت والدتي القضية، واليوم جاء دوري".
وتؤكد ابتسام أن هذا الغياب ترك صدمة كبيرة على كل العائلة، بدءا من جدتها التي تحملت عبء تربية الأطفال وحمايتهم وتنشئتهم، كما ترك أثرا في وجدان والدتها التي عانت الكثير مع غياب والدها، وتضيف "جدتي ما زالت تحتفظ بأغراض جدي على أمل عودته يوما ما، وتتخيله يدخل مرتديا عباءته وممسكا بمسبحته".
وتشدد على أن قضيته لن يطويها الزمن مثل كل المخطوفين والمخفيين قسرا، وأنها تنتقل من جيل إلى آخر، وتشير إلى أن أسرتها لجأت إلى العديد من المسؤولين اللبنانيين، ثم إلى الحكومة السورية في ذلك الوقت "لكن لم تتلقَّ أية إجابة".
بعد نضال طويل ومستمر، استطاعت لجنة أهالي المخطوفين والمفقودين في لبنان انتزاع قانون المفقودين والمخفيين قسرا من مجلس النواب في نوفمبر/تشرين الثاني 2018 (القانون رقم 105/2018) وينص على حق كل عائلة في معرفة مصير مفقودها، وبموجبه تأسست هيئة وطنية مهمتها الوحيدة متابعة أثر المفقودين وكشف مصيرهم.
وتؤكد رئيسة اللجنة وداد حلواني للجزيرة نت أن هذا القانون مهم جدا بالنسبة للأهالي "إلا أن المشكلة تكمن في أن الهيئة لم تُمنَح الإمكانيات التي نص عليها القانون، وبما أن ولايتها 5 سنوات ولم يتبقَ منها سوى 4 أشهر، يكافح الأهالي اليوم لتجديد ولايتها، وتوفير ما تحتاجه من مقر لائق وميزانية مناسبة وهيكل إداري".
وبدوره، اختُطف عدنان زوج الناشطة الحقوقية وداد في سبتمبر/أيلول 1982، وتشدد على أن كل الذي حدث لا يكفي دون وجود إرادة سياسية حقيقية تُؤمّن للهيئة صلاحياتها لتقوم بعملها على أكمل وجه "فمن غير المقبول أن تظل العائلات تعيش حياة الانتظار ومتعلقة بأمل عودة ذويها دون أن تعرف مصيرهم".
وبرأيها، فإنه مع تغير الظروف في سوريا، يتوجب على الحكومة اللبنانية أن تتحرك وتطالب بقوائم المعتقلين لمناقشتها مع الجهات المعنية هناك.
في الذكرى الـ50 على اندلاع الحرب الأهلية اللبنانية، يُجمع أهالي المفقودين والمخفيين قسرا على أن هذه الحرب لم تنتهِ مفاعيلها وإنما استمرت بسبب الجراح الكبيرة التي خلفتها في نفوسهم ووجدانهم، جراء استمرار اختطاف ذويهم إلى اليوم، ويأملون أن يُكشف عن مصيرهم في أقرب وقت ممكن، خاصة مع انطلاقة عهد رئاسي جديد في لبنان.
إعلانوقد اندلعت الشرارة الحقيقية للحرب يوم 13 أبريل/نيسان 1975 عندما أطلق مجهولون -في حادث غامض- نارا أودت بحياة عنصرين من حزب الكتائب في عين الرمانة بضواحي بيروت، كان أحدهما يعمل مرافقا لرئيس الحزب بيار جميل.
وردا على ذلك، أطلقت مليشيات حزب الكتائب النار على حافلة كانت تقل فلسطينيين أثناء عودتهم إلى مخيم تل الزعتر من مهرجان سياسي في مخيم شاتيلا غربي بيروت أقامته الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين-القيادة العامة، مما أدى إلى مقتل 27 فلسطينيا من ركاب الحافلة.
ومع انتشار هذا الخبر الذي عُرف بـ"حادثة البوسطة" اندلعت الاشتباكات بين المليشيات الفلسطينية والكتائبية في أنحاء المدينة.