«اليونيسف»: التصعيد في غزة يعمق معاناة مئات آلاف الأطفال
تاريخ النشر: 16th, May 2024 GMT
غزة (الاتحاد)
أخبار ذات صلةأكدت منظمة الأمم المتحدة للطفولة «اليونيسيف» أن تصعيد الأعمال العدائية في قطاع غزة يعمق معاناة مئات آلاف الأطفال، مشيرةً إلى أنها تواجه تحديات متزايدة لنقل أي مساعدات للقطاع، وأن نقص الوقود لا يزال يمثل مشكلة حرجة.
وقالت المديرة الإقليمية لـ «اليونيسف» لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، أديل خضر، إن تصعيد الأعمال العدائية في رفح وجميع أنحاء قطاع غزة أدى إلى تعميق معاناة مئات الآلاف من الأطفال، الذين عانوا كابوساً متواصلاً طوال الـ218 يوماً الماضية.
وأضافت خضر في بيان صحفي أنه «لا يمكننا قبول بث معاناتهم على الهواء مباشرة كأضرار ثانوية في نزاع لم يختاروه أبداً».
وشددت على أن المدنيين المنهكين بالفعل، والذين يعانون سوء التغذية، ويواجهون العديد من الأحداث المؤلمة، يواجهون الآن الموت والمزيد من الإصابة والنزوح بين أنقاض مجتمعاتهم.
وأكدت أن العمليات الإنسانية التي أصبحت شريان الحياة الوحيد لجميع السكان في جميع أنحاء القطاع مهددة.
ولفتت إلى أن «اليونيسف» تواجه منذ بدء التصعيد الأخير تحديات متزايدة لنقل أي مساعدات إلى قطاع غزة، وأن نقص الوقود لا يزال يمثل مشكلة حرجة.
ونبهت المسؤولة الأممية إلى أن المستشفيات الرئيسة في الشمال داخل مناطق الإخلاء، بما في ذلك مستشفيات كمال عدوان والعودة والإندونيسي، «تجد نفسها في مرمى النيران»، مما يعطل بشدة إيصال الإمدادات الطبية الحيوية ويعرض حياة العديد من الأشخاص للخطر.
وأضافت «أولئك المعرضون لخطر المجاعة الوشيك أصبحوا الآن معزولين عن أي مساعدة».
وأعربت خضر عن القلق الشديد بشأن البنية التحتية للمياه والوصول إلى المياه النظيفة والصرف الصحي في جميع أنحاء غزة، مشيرة إلى أن الآبار الحيوية في شمال القطاع تعرضت لأضرار جسيمة، بينما تعطلت 8 مرافق على الأقل في رفح، مما أثر على حوالي 300 ألف شخص، كثير منهم من الأطفال الذين من المرجح أن يلجؤوا إلى المياه الملوثة ويصابوا بأمراض خطيرة.
وقالت المسؤولة في «اليونيسف»: «عندما ينقطع الماء، يعاني الأطفال أكثر من غيرهم»، وأضافت أن «أطفال غزة، الذين عانوا أهوالاً لا يمكن تصورها، يستحقون وقفاً فورياً لإطلاق النار وفرصة لمستقبل يسوده السلام».
ودعت إلى فتح المعابر الحدودية بسرعة، والسماح للمنظمات الإنسانية بالتحرك بأمان وتقديم المساعدة الحيوية المنقذة للحياة التي يعتمد عليها جميع الأطفال في غزة، قائلة: «إن الفشل في القيام بذلك سيؤدي إلى مأساة أكبر مما شهدناه بالفعل، وهي نتيجة يجب أن نعمل بشكل عاجل على تجنبها».
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: اليونيسف غزة فلسطين قطاع غزة إسرائيل حرب غزة الحرب في غزة أطفال غزة إلى أن
إقرأ أيضاً:
قطعة من جهنم.. هكذا يعمق الاحتلال عذابات الأسرى في رمضان
غزة- "كان نفسي أنام ليلة شبعان"، بهذه الكلمات يختصر محمد فلنة ظروف الحياة البائسة داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي، وزادت قساوة بعد اندلاع الحرب على قطاع غزة عقب عملية "طوفان الأقصى" في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
فلنة (60 عاما) من سكان رام الله بالضفة الغربية، وهو أحد الأسرى المبعدين للقطاع، وتحرر في إطار صفقات التبادل مع المقاومة الفلسطينية ضمن المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار، التي انتهت منتصف الليلة الماضية.
دخل السجن شابا يافعا وحكم عليه الاحتلال بالمؤبد، ليخرج منه وقد اشتعل رأسه شيبا، ويقول للجزيرة نت إن "كل سنوات السجن من معاناة وألم وفراق عن الأهل والأحبة، أقل بكثير مما عايشناه خلال شهور الحرب على غزة بما فيها شهر رمضان الماضي".
كانت الـ 15 شهرا من الحرب على غزة "قطعة من جهنم"، بحسب وصف فلنة، "وجاء شهر رمضان ولم تأت معه الرحمة، فهذا العدو المجرم لا يعرف الرحمة، وضاعف من تعذيبنا، حتى أنني كنت أتمنى أنام ولو لمرة واحدة شبعانا طوال شهور الحرب".
خلال سنوات سجنه الطويلة، قضى فلنة 34 رمضانا متنقلا بين سجون مختلفة، لا يتذكر أنه عانى خلالها مثلما عانى ورفاقه الأسرى خلال شهر رمضان الماضي، الذي جاء في خضم العدوان المروع على غزة، ويقول "إننا كأسرى لم نسلم من هذه الحرب، وذقنا ويلات من التعذيب الجسدي والنفسي".
ولم تعد السجون ما قبل 7 أكتوبر كما بعده، فكل شيء اختلف، و"الاحتلال كان يعاملنا وكأننا من نفذنا عملية طوفان الأقصى"، بحسب المحرر فلنة.
إعلانوعلى مدار سنوات اعتقاله، شارك في فعاليات احتجاجية وإضرابات انتزع بفضلها الأسرى "جزءا من حقوقهم الإنسانية"، ويقول إن "كل هذه الحقوق تبخرت بعد حرب غزة، وصادرت قوات الاحتلال كل شيء، حتى الأغطية والملابس وملاعق الطعام، وكثير من الأسرى كانوا ينامون على الأرض بلا فرشة".
ويتابع "في شهور رمضان قبل اندلاع الحرب كانت لنا كأسرى طقوس، نخرج للفورة (ساحة السجن) من الصباح وحتى قبيل موعد أذان المغرب، ومن بعد العصر تبدأ كل مجموعة في إعداد طعام الإفطار من سلع وخضار توفرها مصلحة السجون في الكانتينا (مقصف السجن)، ونشتريها من أموالنا بأسعار مضاعفة ولكنها كانت متوفرة".
ومع مغيب الشمس، يضيف فلنة "ندخل الغرف، وكل واحدة بها 6 أسرى، ونحضر مائدة الإفطار، ونصلي التراويح ونقرأ القرآن". وبعد لحظة صمت عابرة وتنهيدة، يضيف "كان هذا كله قبل أن يمنعونا من كل ذلك وحتى المصاحف سحبوها من الغرف".
بعد الحرب على غزة انقلبت حياة الأسرى الاعتقالية رأسا على عقب، وفق فلنة، وأطلقت دولة الاحتلال العنان لمصلحة السجون لتعذيبهم بصنوف غير مسبوقة. وبينما الواقع على هذه الحال، حل عليهم شهر رمضان المبارك من العام الماضي، وفيه ضاعف الاحتلال من معاملته الوحشية، إلى جانب الاقتحام، وكان يتعمد تأخير الطعام لساعتين وأكثر بعد موعد الإفطار.
ماذا كان إفطاركم داخل السجون؟ سألته الجزيرة نت، فأجاب بكثير من الحزن والغضب "لم يكن إفطارا، كان أي شيء إلا أكلا يصلح للإنسان. قليل جدا من الطعام السيئ وكان السجانون يتعمدون أن يقدم لنا غير مطبوخ جيدا".
ومثلما خسر فلنة نحو 30 كيلوغراما من وزنه خلال شهور الحرب على غزة، يؤكد الأسير المحرر ضياء الآغا الملقب بـ "عميد أسرى غزة" وقضى نحو 33 عاما في الأسر، أن كل أسير داخل سجون الاحتلال في فترة الحرب خسر ما بين 30 إلى 50 كيلوغراما من الوزن، بسبب ما وصفها بـ "سياسة التجويع" التي تمارسها مصلحة السجون، حيث الطعام قليل وردئ.
إعلانويتفق الآغا، الذي تحرر من سجنه في الدفعة الأخيرة قبل نحو أسبوع، مع فلنة في وصف رمضان من العام الماضي بأنه "الأصعب"، ويقول للجزيرة نت "الاحتلال مارس ضدنا فنونا من التعذيب سواء باقتحام الغرف والاعتداء علينا بالضرب المبرح، أو بالحرمان من الطعام والشراب وحتى الاستحمام".
وفي ليلة عيد الفطر الماضي، يقول فلنة إن "قوات القمع اقتحمت غرفتنا، وقيدت أيادينا من الخلف، واعتدى الجنود علينا بالضرب وهم يصرخون ويتضاحكون ويستهزئون بنا، هذا هو احتفال العيد.. كل عام وأنتم بخير".
من جانبه، يقول الأسير المحرر المبعد إلى غزة إسماعيل الردايدة للجزيرة نت "نحن لا نفقد الأمل وسط ظلام الزنزانة، الأسير الفلسطيني يعيش على أمل الحرية ليستطيع مجابهة جبروت السجن والسجان، ونعلم أننا إذا استسلمنا لليأس فإننا نحقق للعدو غايته ونتحول إلى بقايا بشر داخل مقابر، ومجرد أشباح بلا روح".
يبتسم الردايدة، وهو يتذكر أنه كان ينام إلى جوار جدار الغرفة في سجن رامون ويطيل النظر بها ويتخيلها، صحنا من الدوالي (ورق العنب محشو بالأرز)، الذي كان المفضل بالنسبة له، خاصة في شهر رمضان، وخصيصا تعده له والدته التي وافتها المنية بعد اعتقاله ولم يحظ بفرصة إلقاء نظرة الوداع عليها.
أكثر ما كان يشتاق إليه الردايدة في سجنه خلال شهر رمضان هي "لمة الأهل والعيلة". وعلى مدار ربع قرن قضاها محكوما بالسجن المؤبد، يقول "كانت شهور رمضان الأشد قسوة من بين شهور العام، ففي رمضان تستعيد ذكريات الطفولة والشباب، ومائدة الإفطار مع الأهل، والسهرات بعد صلاة التراويح".
ويضيف "مع مرور الزمن تأقلمنا على أجواء رمضان داخل السجون، غير أن رمضان الماضي كان قاسيا، نصوم ساعات طويلة ونفطر ولا نشبع بسبب سياسة التجويع، والغرف مظلمة طوال الوقت، وتعمدت قوات الاحتلال مضاعفة أعداد الأسرى داخلها من 6 إلى 12، وربما أكثر، وسحبت المصاحف والفرش والأغطية وأدوات الطعام البسيطة".
إعلانمن ناحيته، يقول مدير دائرة التوثيق في هيئة شؤون الأسرى والمحررين عبد الناصر فروانة -للجزيرة نت- إن إدارة سجون الاحتلال "لا تحترم قدسية شهر رمضان ولا تراعي طقوسه الدينية، ولا تتيح للأسرى حرية العبادة وممارسة الشعائر الدينية، بل تعرقل ذلك عمدا وتفرض قيودا على قراءة القرآن جهرا والصلاة الجماعية.
ويعاني الأسرى الأمرين في شهر رمضان، ما بين مطرقة الحرمان والشوق والحنين للأهل، وسندان ظروف الاحتجاز الصعبة وما يتعرضون له من تعذيب قاسٍ واعتداءات وضرب وتنكيل، إضافة إلى سوء الطعام وقلته، كما ونوعا، وتردي الأوضاع الصحية مع استمرار سياسة الحرمان من العلاج والإهمال الطبي المتعمد، يضيف فروانة.
ووفقا له فقد "اشتد كل هذا وأكثر بعد 7 أكتوبر، ما جعل حياة المعتقلين جحيما"، ويرجح أن رمضان هذا العام، سيكون مختلفا من حيث اشتداد الظروف قساوة وفظاعة المعاملة، مع استمرار التحريض الإسرائيلي الرسمي على الأسرى؛ في ظل انقطاع زيارات الأهل والقيود المفروضة على زيارات المحامين وعدم السماح لممثلي اللجنة الدولية للصليب الأحمر بزيارة السجون ورفض الاحتلال تزويده بأعداد معتقلي غزة وأسمائهم، ما جعل الآلاف منهم خلال الحرب في عداد المختفين قسرا.