انتصرت المقاومة لكن نتنياهو لم يستسلم بعد
تاريخ النشر: 16th, May 2024 GMT
يبدو أن جولة الصراع الراهنة في المنطقة، والتي لها سمات تختلف كلياً عما سبقها من جولات، على الأقل بحكم كونها تدور بين الكيان الصهيوني وفصائل مقاومة، وليس أنظمة حكم، تقترب الآن من خط النهاية. وقد باتت على وشك أن تحسم لغير مصلحة الكيان.
إحدى أهم هذه السمات، وربما أهمها على الإطلاق، أن فصيلاً فلسطينياً بادر إلى إشعال فتيلها واستطاع بقدرته على الصمود وبالتفاف الشعب الفلسطيني حوله أن يوفر لها من عناصر النجاح ما لم يتح لأي جولة أخرى من جولات الصراع السابقة؛ فحركة حماس هي التي بادرت إلى شن عملية “طوفان الأقصى” في 7 أكتوبر الماضي، ومن دون تنسيق مسبق مع أي طرف آخر من خارج الساحة الفلسطينية، ولأن النتائج التي أسفرت عنها فاجأت الجميع وفاقت أكثر التوقعات طموحاً، فقد كان من الطبيعي أن تطفو القضية الفلسطينية على السطح، وأن تصبح عنوان المرحلة، وأن تنخرط في أتون الصراع المحتدم قوى إقليمية ودولية عديدة.
لقد سارعت الولايات المتحدة والدول الغربية إلى تقديم دعم عسكري وسياسي واقتصادي غير محدود للكيان الصهيوني، فيما راح محور المقاومة في المنطقة يحاول تقديم ما يستطيع من دعم وإسناد للفصائل الفلسطينية المقاومة في قطاع غزة بقيادة حماس. وما يثير الانتباه هنا هو أن هذا المحور، ورغم محدودية إمكانياته وموارده، تمكن من الصمود في ميدان القتال لأكثر من 7 أشهر، وأيضاً تمكن من إجبار الكيان الصهيوني أيضاً على الدخول في مفاوضات معه، فقد أعلنت حماس مساء الاثنين الماضي قبول صيغة اقترحها الوسطاء للتوصل إلى “تهدئة مستدامة تفضي إلى وقف دائم لإطلاق النار”، وهي صيغة تستجيب لشروطها إلى حد كبير.
صحيح أن نتنياهو لم يوافق عليها رسمياً، ما يعني أنه لم يستسلم أو يقر بالهزيمة بعد، بل وليس من المستبعد أن يواصل محاولاته الدائمة للهروب إلى الأمام عبر عمليات تصعيد هوجاء، غير أن الخناق بدأ يضيق حوله تماماً، ما سيضطره إلى الموافقة بدوره على هذه الصيغة، إن آجلاً أو عاجلاً، وهو ما قد يشكل بداية النهاية بالنسبة إليه.
ليس معنى ذلك أن الصراع الصهيوني الفلسطيني بات على وشك الحسم، لأن حسم صراع ممتد كهذا لا يتم إلا عبر تمكين الشعب الفلسطيني من ممارسة حقه في تقرير مصيره، لكنه يعني أن الكيان الصهيوني أصبح عاجزاً عن تصفية القضية الفلسطينية، وأن الشعب الفلسطيني أصبح في وضع يتيح له الإمساك بزمام المبادرة.
كثيرة هي الشواهد على أن محور المقاومة انتصر أو في طريقه لتحقيق النصر؛ فحين شنت حماس عملية “طوفان الأقصى” الجسورة، كان هدفها الأساسي واضحاً ومحدداً، هو الرد على ما يمارسه الكيان الصهيوني من استفزازات يومية في الضفة الغربية شملت توسعات استيطانية ومصادرة أراضٍ مملوكة للفلسطينيين وهدم منازلهم وتهويد القدس واعتداءات متكررة على المسجد الأقصى… ولإثبات أن الشعب الفلسطيني لن يستسلم للاحتلال، وسيظل يقاومه إلى أن يرحل عن وطنه.
وقد استطاعت حماس، ومعها بقية فصائل المقاومة في قطاع غزة ومحور المقاومة في الإقليم، إدارة المعركة مع العدو الصهيوني على مدى الأشهر السبعة الماضية بكفاءة مكنتها من تحقيق إنجازات ضخمة على كل الأصعدة العسكرية والسياسية والإعلامية.
على الصعيد العسكري، تمكنت من تحقيق إنجازين كبيرين؛ الأول: حين تمكنت من إذلال جيش الكيان “الذي لا يقهر”، ونجحت في عبور الحدود وقتل وأسر ما يقارب 1500 جندي ومستوطن إبان عملية “طوفان الأقصى” ذاتها، والثاني: حين تمكنت من الصمود أمام آلة الحرب الإسرائيلية الجبارة لأكثر من 7 أشهر واستنزافها وكسر هيبتها ومنعها من تحقيق أي من الأهداف التي سعت لتحقيقها عبر الحرب.
على الصعيد السياسي والدبلوماسي، أثبتت حماس أن لديها في الداخل حاضنة شعبية قوية وصامدة ومستعدة لتقديم أغلى التضحيات، الأمر الذي مكّنها من إفشال مخطط التهجير القسري للفلسطينيين، وأن لديها في الخارج حلفاء إقليميين ودوليين يمكن الاعتماد عليهم، الأمر الذي مكّنها من الصمود ومواصلة النضال.
وعلى الصعيد الإعلامي، تمكنت حماس من هزيمة السردية الصهيوأميركية التي حاولت إظهارها بمظهر التنظيم الإرهابي، ونجحت في كسب تعاطف قطاعات عريضة من الرأي العام العالمي، وخصوصاً في الأوساط الشبابية والجامعية، ونجحت أيضاً في إدارة قضية الأسرى بطريقة مكّنتها من كشف ألاعيب نتنياهو وعدم اكتراثه بمصيرهم.
ولأن أهدافها كانت واضحة ومنطقية منذ البداية، ألا وهي الوقف الدائم لإطلاق النيران وانسحاب القوات وفك الحصار وإعادة الإعمار، فقد بدت حماس متمكنة من إدارة ملف المفاوضات بحنكة وذكاء والتمتع بقدرة عالية على المناورة على الصعيدين التكتيكي والاستراتيجي في الوقت نفسه.
في المقابل، بدا الكيان الصهيوني مرتبكاً وغير قادر على إدارة معركته مع حماس ومع محور المقاومة من خلال استراتيجية متماسكة واضحة المعالم أو مقنعة، سواء بالنسبة إلى الداخل أو الخارج.
لذا، أصبحت أهدافه غامضة ومتناقضة وغير واقعية منذ البداية، فهو يعلن، من ناحية، أن هدفه الأساسي تدمير حماس وإسقاط حكمها في قطاع غزة، لكنه يسعى، من ناحية أخرى، للتفاوض غير المباشر معها في الوقت نفسه.
ولأنه لا يملك “استراتيجية خروج” مقنعة أو استراتيجية “لليوم التالي”، فقد بدا كأن لديه أهدافاً خفية أو غير معلنة، وهو يسعى لإعادة سيطرته على القطاع واحتلاله. ومن ناحية، يدعي أن حماس منظمة إرهابية تغتصب النساء وتذبح الأطفال وتخطف الشيوخ وكبار السن، لكنه لا يتورع، من ناحية أخرى، عن قطع الكهرباء والماء ومنع الغذاء عن كل سكان القطاع وعن ممارسة أعمال إبادة جماعية ضدهم، بل ولا يتردد في تدمير المستشفيات ومطاردة وقتل العمال والموظفين العاملين في مجال الإغاثة الإنسانية.
على صعيد آخر، بدا الكيان الصهيوني سعيداً ومستقوياً بالدعم غير المحدود الذي حصل عليه من الولايات المتحدة والدول الغربية، وأشعره وجود الأميركية والبريطانية والفرنسية في البحرين الأحمر والمتوسط بقدر كبير من الطمأنينة، لكنه ما لبث أن اكتشف أن هذا الوجود لا يردع أحداً، ولا يحول دون إقدام الأطراف المشاركة في محور المقاومة على تقديم المساندة العسكرية والدعم الميداني للفصائل الفلسطينية، ورأى بأم عينه كيف عجزت هذه الأساطيل عن حماية السفن المتوجهة إلى ميناء إيلات الذي جفّت فيه الحركة واختنق النشاط.
وكلما وجد الكيان الصهيوني نفسه غير قادر على تحقيق أي إنجاز عسكري ملموس في ميدان المعركة انفتحت شهوته الانتقامية ضد المدنيين، ومن ثم سقط القناع عنه، وتكشفت طبيعته ونزعاته العنصرية والعدوانية والتوسعية بشكل أوضح، وبالتالي ازدادت نقمة الرأي العام عليه وعلى حلفائه.
وفي مثل هذا السياق الذي اتسم بالضبابية وعدم اليقين، جرت مفاوضات غير مباشرة مع حماس عبر وساطات مصرية وقطرية انخرطت فيها إدارة بايدن بشكل مكثف، وأسفرت عن الاتفاق الذي أعلنت حركة حماس موافقتها عليه مساء يوم الاثنين الماضي.
تنصّ ديباجة هذا الاتفاق الذي نشرت نصوصه عبر العديد من وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي على أنه “يهدف إلى إطلاق سراح جميع المحتجزين الإسرائيليين الموجودين في قطاع غزة، سواء كانوا مدنيين أو جنود، وسواء أكانوا على قيد الحياة أم غير ذلك، ومن جميع الفترات والأزمنة، مقابل أعداد من الأسرى في السجون الإسرائيلية يتم الاتفاق عليها، والعودة إلى الهدوء المستدام، وبما يحقق وقف إطلاق النار الدائم، وانسحاب القوات الإسرائيلية من قطاع غزة، وإعادة الإعمار ورفع الحصار”.
ويتضمن 3 مراحل متصلة ومترابطة، مدة كل منها 42 يوماً. تنصّ المرحلة الأولى منها على “وقف مؤقت للعمليات العسكرية المتبادلة بين الطرفين وانسحاب القوات الإسرائيلية من المناطق المكتظة بالسكان إلى منطقة بمحاذاة الحدود، ووقف الطيران العسكري والاستطلاع في قطاع غزة لمدة 10 ساعات في اليوم، ولمدة 12 ساعة في أيام إطلاق سراح المحتجزين والأسرى وعودة النازحين إلى مناطق سكناهم والانسحاب من وادي غزة (محور نتساريم ودوار الكويت)”.
وقد أسهب الاتفاق في بيان كل التفاصيل المتعلقة بهذه المرحلة. أما المرحلتان الثانية والثالثة، فقد اقتصر الاتفاق على بيان المبادئ والأحكام العامة. وقد جاء النص المتعلق بالمرحلة الثانية كالتالي: “الإعلان عن عودة الهدوء المستدام (وقف العمليات العسكرية بشكل دائم وبدء سريانه قبل البدء بتبادل المحتجزين والأسرى بين الطرفين – جميع من تبقى من الرجال الموجودين على قيد الحياة (المدنيون والجنود) في معسكرات الاعتقال الإسرائيلية، وانسحاب القوات الإسرائيلية بالكامل خارج القطاع.
أما النص المتعلق بالمرحلة الثالثة، فقد جاء كالتالي: “تبادل جثامين ورفات الموتى لدى الجانبين بعد الوصول إليهم والتعرف إليهم، والبدء بتنفيذ خطة إعمار قطاع غزة لمدة تتراوح بين 3-5 سنوات، بما يشمل البيوت والمنشآت المدنية والبنية التحتية، وتعويض المتضررين كافة بإشراف عدد من الدول، منها مصر وقطر والأمم المتحدة، وإنهاء الحصار كاملاً على قطاع غزة”.
إن قراءة عابرة لنص هذا الاتفاق تكفي لإدراك أنه يستجيب لمعظم مطالب حماس ومحور المقاومة، ما يعكس رجحان موازين القوى في الميدان لمصلحة كفة محور المقاومة، لكن هل يلتزم به نتنياهو؟ وهل تتمكن الدول الوسيطة والضامنة من فرض احترامه على الحكومة الإسرائيلية؟ هذا ما ستقوله لنا الأيام المقبلة.
لكن المؤكد أن نتنياهو هزم، وأن العالم ينتظر أن يعلن استسلامه وتقبله الهزيمة. وفي جميع الأحوال، علينا أن نتذكر أن هذه الجولة من الصراع المسلح ليست الأخيرة في مسار الصراع مع العدو الصهيوني، لكنها تفتح الأبواب نحو آفاق أرحب لمصلحة القضية الفلسطينية.
أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
ممثلُ حركة “حماس” في اليمن لـ “الوحدة”: موقف اليمن وقواته المسلحة المثال الأنصع في تحدي الإدارة الأمريكية
حاوره/ خالد يحيى الصايدي
أثنى ممثلُ “حركة المقاومة الإسلامية حماس” في اليمن معاذ أبو شمالة على موقف اليمن والقوات المسلحة اليمنية واصفا هذا الدور بأنه “المثال الأنصع في تحدي الإدارة الأمريكية الظالمة وقراراتها”، مؤكداً على دور اليمن كداعم رئيسي للقضية الفلسطينية والمساندة لمعركة طوفان الأقصى والفتح الموعود.
وتحدث ابو شمالة في حوار خاص أجرته معه “الوحدة” عن التطورات السياسية والإنسانية في قطاع غزة، وعن قدرات المقاومة ومسار المفاوضات وجانب من الآلام القاسية التي يتجرعها الشعب الفلسطيني بغزة والضفة في ظل جرائم العدو، معلقا على مواقف الأنظمة العربية والمجتمع الدولي من العدوان الاسرائيلي على غزة، وأيضا موقف الحركة من استمرار العدوان واغتيال قياداتها فإلى تفاصيل الحوار:
كيف تنظرون إلى استشهاد القائد يحيى السنوار؟ .. ما موقفكم وما هي التداعيات المحتملة لهذا الحدث على حركة حماس وعلى المواجهة مع الاحتلال الإسرائيلي؟عاش القائد يحيى السنوار كل مراحل حياته مجاهداً، فكان بطلاً في حياته وبطلاً في سجنه، ثم شاء الله أن تُختم حياته بالشهادة والتي يتمناها كل مؤمن مجاهد حر، فكانت طريقة استشهاد القائد يحيى السنوار أيقونة ومثالاً للنضال والمقاومة وبكل الوسائل وحتى آخر لحظة، وواهم العدو أنه بقتله للقادة يحطم الحركة، بل إنه يسرع من وصولها للنصر لأن استشهاد القادة يزيد المقاومين عزيمة وإصراراً على المضي في الطريق وبذل أقصى الجهد حتى تتحقق الأماني التي جاهد واستشهد من أجلها القادة، وهي تحرير فلسطين وعودة الأسرى والحرية والاستقلال.
عصية على الانكسار
بعد مرور عام على عملية “طوفان الأقصى” كيف تقيمون الوضع العسكري في قطاع غزة؟ .. وما هي أبرز الإنجازات التي حققتها المقاومة خلال هذه الفترة؟ وأيضا حجم الخسائر في صفوف العدو؟انطلقت عملية طوفان الأقصى في 7/10/2023 وها هي تكمل عاماً من الجهاد والمقاومة متحدية الترسانة العسكرية لجيش الاحتلال ومن يدعمه وبكل قوة، فلا زالت المقاومة بخير بفضل الله توقع الخسائر في جيش العدو الصهيوني في الجانب البشري والآليات وتقصف المدن المحتلة بالصواريخ، ولا زالت ثابتة في الميدان تفشل خطط العدو التي أعلنها عندما بدأ حربه الإجرامية على قطاع غزة، وهي سحق حماس والمقاومة وإعادة الأسرى، وها نحن وبعد أكثر من عام لا زالت حماس عصية على الانكسار، وبالرغم من الدمار الهائل في قطاع غزة البطلة، ولم يستطع العدو تحرير أسراه أحياء، وكل ذلك مؤشر أن المقاومة لا زالت تملك قوة لم يستطع العدو الوصول لها، بل يتكبد يومياً الخسائر ونحن نسمع يومياً اعتراف العدو بقتل وجرح جنوده، ونحن نعلم أن الأرقام التي يعلنها العدو أقل من الحقيقة، ولا زالت تعلن المقاومة وبالصور عن تحطيم قدرات جيش العدو والحمد لله، وإن كان العدو استطاع الدخول لبعض المناطق فإنه من المستحيل عليه البقاء فيها بل يسارع بالانسحاب منها.
وضع إنساني كارثي
ما هو الوضع الإنساني في قطاع غزة في ظل استمرار الحصار؟ ..وما الذي قدمته الأمم المتحدة والمنظمات الدولية أو المجتمع الدولي من مساعدات وإغاثة لتخفيف معاناة السكان هناك؟الوضع الإنساني لأهلنا في قطاع غزة كارثي ومؤلم، فهذا الشعب العظيم الذي أفشل بصموده مخططات العدو في التهجير وإفراغ الأرض بحاجة إلى الإغاثة الإنسانية الشاملة في جميع المجالات الغذائية والطبية والمهنية وكل ضرورات الحياة ليستمر الصمود والثبات، وهذا حق وواجب علينا كمسلمين، وللأسف فإن الدعم العربي محدود ولا يرقى للمتطلبات الإنسانية لأهلنا في غزة، وأن ما تقدمه الأمم المتحدة فهو يغطي جزئياً بعض الحاجات والمطلوب وقف العدوان وإدخال المساعدات.
حرب إبادة
هل لديكم إحصائيات دقيقة حول أعداد الشهداء والجرحى والمشردين أو النازحين وأيضا حجم الدمار في البنية التحتية وأعداد النازحين جراء العدوان الإسرائيلي خلال العام الماضي؟ ..وما مدى تأثير العدوان والحصار المستمر على القطاعات الخدمية قطاع غزة؟لا شك أنه وبعد أكثر من عام من هذه الحرب حرب الإبادة الجماعية وهذ أقل وصف لها فإن عدد الشهداء والمفقودين يزيد عن 52 ألف شهيد منهم 17 ألف طفل وعدد الجرحى يفوق 100 ألف جريح 70% منهم نساء وأطفال، وعدد النازحين2 مليوني نازح من أصل 2.2 مليون هم عدد سكان القطاع، حيث دمر العدو الصهيوني ما يقارب 75% من مباني القطاع، وأما إن شئت أن تتكلم عن القطاع الصحي والخدمات الطبية فهي شبه منعدمة للأمراض المستعصية مثل السرطان والقلب والفشل الكلوي، أما المساجد فقد تدمر معظمها والمدارس أكثر من نصفها قد دمر كلياً أو جزئياً بالإضافة إلى تدمير البنية التحتية من شبكات كهرباء وماء وصرف صحي وطرق، والكلام يطول حول المعاناة الإنسانية التي خلفتها آلة الحرب الصهيونية التي حطمت الشجر والحجر والبشر ومهما تكلمنا عن الأمور الإنسانية فإن الواقع أشد وأصعب.
إيمان راسخ
كيف يؤثر العدوان الإسرائيلي المستمر على البنية الاجتماعية والنفسية لسكان غزة.. كيف يمكن تصوير المشهد خاصة الأطفال والنساء؟ نشاهد يوميا صوراً مؤلمة لأطفال ونساء ضحية هذا العدوان؟لا شك أن العدوان الإجرامي البربري على أهلنا في قطاع غزة وخاصة النساء والأطفال له تأثيرات متعددة حيث يحاول العدو كسر النفسية المتحدية لشعبنا فهو يؤثر على الجانب الأضعف وهم النساء والأطفال في محاولة منه لتركيع الشعب والمقاومة، ولكن وبالرغم من كل هذه الآلام وآلة البطش الصهيونية الإجرامية التي تحاول إيقاع الهزيمة النفسية وهي من أكبر العوامل التي تسبب الهزيمة، ولكن إيمان شعبنا بحقه وإيمانه بربه وإيمانه بقدرة مقاومته على الصمود، والتحدث عن كل هذا يرفع العامل النفسي عند كل أبناء شعبنا بما في ذلك الحلقة الأضعف، ونحن من هذا المقام ندعو كل الأحرار والخيرين إلى السعي جاهدين لوقف آلة القتل الصهيونية التي انفلتت من عقالها بغطاء أمريكي غربي مفضوح، ولكن ليعلم الجميع أننا ماضون نحو الحرية والانعتاق من الاحتلال ونحن نعلم أن الثمن كبير ولكنه محقق النتائج.
مواقف مخزية ومتخاذلة
كيف تقيمون مواقف الأنظمة العربية تجاه العدوان الإسرائيلي على غزة؟ ..ولماذا برأيكم لم تستجب هذه الدول لمطالب شعوبها في نصرة غزة؟مواقف الأنظمة العربية مخزية، أحسن وصف لها أنها متخاذلة، ولكن ستكتب هذه المواقف في أسوأ صفحات التاريخ وموقفها ليس له من تحليل إلا الاستجابة للضغوط الخارجية الأمريكية وغيرها.
اليمن المثال الأنصع
كيف تنظرون لدور قوى المقاومة في المنطقة، بما في ذلك القوات المسلحة اليمنية، في دعم غزة؟.. وكيف أثر هذا الدعم على الوضع العسكري وعلى القدرة في مواجهة الاحتلال وقلب الموازين؟قوى المقاومة في المنطقة تمثل الاتجاه المقابل للأنظمة العربية من محاولات للخروج من الدائرة الأمريكية والصهيونية وتشكيل موقف حر متحد للضغوط الخارجية، بل وفاعل في المنطقة ومؤثر، وموقف اليمن والقوات المسلحة اليمنية المثال الأنصع في تحدي الإدارة الأمريكية الظالمة وقراراتها والمساهمة في معركة طوفان الأقصى والفتح الموعود في إسناد أهلنا في غزة، وهذا ينطبق على كل قوى المقاومة في لبنان والعراق وإيران، وهذه المواقف العظيمة لا شك أنها تدعم المقاومة بل وتؤثر في العدو الصهيوني وداعميه وخاصة موقف اليمن وقواته العسكرية في قطع الشريان الاقتصادي للعدو وأعوانه في البحر الأحمر، هذا الفعل الذي قلب الموازين وأعطى مثالاً في إيجاد الوسائل في الضغط على العدو والقدرة على مواجهة الاحتلال، بالإضافة إلى الوسائل الأخرى من صواريخ وطيران مسير لا سيما ضرب عاصمة الكيان الصهيوني تل أبيب وهذه الحرب كلما توسعت اهتز الكيان الصهيوني، وهذا مبشر بزوال هذا الاحتلال الذي نراه قريباً.
حقوق مشروعة
ما هو موقف حركة حماس من الوساطات العربية والدولية لوقف العدوان؟ .. ما هي الشروط التي تضعها الحركة للموافقة على وقف إطلاق النار وإتمام صفقات تبادل الأسرى؟الحركة جادة في مساعيها لوقف العدوان على أهلنا في قطاع غزة وتتعامل مع الوساطات بإيجابية في ما يخدم شعبنا، ولكنها لن توافق على أي مقترح لا يتضمن حقوق شعبنا الأساسية وشروط الحركة هي شروط إنسانية مثل وقف الحرب والعدوان وانسحاب العدو من قطاع غزة وإدخال المساعدات الإنسانية وإعمار قطاع غزة، وعودة أهلنا إلى بيوتهم التي هجروا منها ثم بعد ذلك نتكلم عن الأسرى وعمليات التبادل، هذا الأمر الذي يشغل العالم كله ونقول فيه الكل مقابل الكل.
صمت وخضوع
كيف تفسرون الصمت الدولي المستمر، وعلى رأس ذلك الأمم المتحدة، تجاه العدوان الصهيوني على غزة لأكثر من عام؟ ..وما هي الأسباب التي تعزونها لهذا الصمت؟هذا الصمت الدولي يعطينا القناعة بأنه لا يوجد شيء اسمه قانون دولي أو قانون حقوق الإنسان، وأن هذا العالم تحكمه شريعة الغاب وهي البقاء للأقوى وليس للحق والعدل، وهذا يدفعنا كأمة للتمسك بمصادر قوتنا وصناعة سلاحنا بأنفسنا ونحن لسنا معتدين بل معتدى علينا ونحن أصحاب الحق والأرض المغتصبة نسعى بكل جهدنا لاستعادة حقوقنا وبكل الوسائل الممكنة لدينا، أما الصامتون في هذا العالم فهم إما داعمون لهذه الإبادة الجماعية ومؤيدون لها أو خاضعون للضغوط الأمريكية والغربية وهي الضغوط والمطالب الصهيونية.
فعل تراكمي
ما هو تصوركم لمستقبل القضية الفلسطينية في السنوات المقبلة في ظل المتغيرات الإقليمية والدولية؟القضية الفلسطينية تكالب العالم عليها منذ أكثر من قرن من الزمان، ولكن بوعي أبنائها وبثقافة المقاومة وما تحمله القضية من بعد ديني لوجود المسجد الأقصى في أرضها، كل ذلك جعلها حية في وجدان الشعب الفلسطيني والأمة العربية والإسلامية وباستمرار الحراك المطالب بالحق وبكافة المجالات وخاصة خيار المقاومة والذي ثبت نجاحه وبوعي أمتنا المتنامي وتشكل قطاع واسع فيها على شكل محور المقاومة، كل ذلك يعجل من اقتراب الأمة من النصر وإزالة المحتل وبالرغم من التكالب الدولي، وإن الفعل المقاوم هو فعل تراكمي وهذا العدو باستمرار الضغوط عليه سيلجأ للرحيل عن بلادنا فهو كائن غريب عن هذه المنطقة وبالرغم من ما يحظى به من دعم غربي فهو إلى زوال، ولذلك نتنياهو يعلن أن هذه الحرب هي حرب وجود وهذا يدل على اهتزاز منظومتهم الأمنية والعسكرية، وهذه فرصتنا بالإضافة إلى تضعضع القبضة الأمريكية على المنطقة وانشغالها بالمتغيرات الأكبر مع روسيا والصين وإن شاء الله المستقبل لنا بعون الله.
فرج ونصر
ما هي رسالتكم للعالم العربي والمجتمع الدولي في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي على غزة؟ وما هي دعواتكم لدعم القضية الفلسطينية على المدى الطويل؟رسالتنا للعالم العربي أولاً أنتم إخوتنا في العروبة والدين وهذه العلاقة تحتم عليكم الكثير من الواجبات من النجدة وإغاثة الملهوف ورفع الظلم والنصرة لأهلكم وإخوانكم الذين يعانون من الاحتلال الوحشي منذ أكثر من 75 عاماً فعزنا عزكم وكرامتنا كرامة لكم وقوتنا قوة لكم، أما المجتمع الدولي فأقول لهم نحن أصحاب الأرض ونحن لن نقف مكتوفي الأيدي تجاه جرائم الاحتلال وعدوانه، ونحن لم نعتد على أحد وأنتم تعلمون ذلك فعليكم أن تعلموا هذه الحقيقة وتتخذوا ما تمليه عليكم ضمائركم وأن تضغطوا على هذا المحتل ليوقف هذه الحرب حتى تتوقف هذه المأساة وتدعوه للانسحاب من أرضنا حتى تهدأ هذه المنطقة ويعم فيها السلام، ونحن بجهادنا في مقارعة المحتل نشعر أننا نقترب من ساعة الانعتاق من الاحتلال، وذلك إيماننا بوعد الله الحق وبالسنن البشرية حيث قال المثل العربي “ما ضاع حق وراؤه مطالب” فالمستقبل لنا وللخير والحق وأما الظلم والطغيان فهو زائل ونحن ماضون نحو أهدافنا ونسأل الله أن يعجل بالفرج والنصر.