ارتياح كبير من أولياء الأمور للأداء: التعليم في المراكز الصيفية سد منيع ضد الحرب الناعمة
تاريخ النشر: 16th, May 2024 GMT
تعتبر المراكز الصيفية أحد المشاريع القرآنية للمسيرة، فهي تلعب دوراً كبيراً في تأهيل الأطفال وإعداد جيل محصن بالقرآن الكريم وعلوم الشريعة التي تجعل الفرد في منأى عن الحرب الناعمة ومخلفاتها وكذلك تجعل من الفرد شخصية ذات أهمية في الأسرة والمجتمع، وهناك علاقة عكسية، فكلما زاد الاندفاع إلى المراكز الصيفية، كلما قل ارتكاب الجريمة في المجتمع، والتوعية بلا شك تؤتي ثمارها ويجني المجتمع حصادها، لذلك ينظر إليها الأعداء بعين الخوف، فيسعون للتصدي لها ومنعها بكل ما أوتوا من قوة، لكنهم فشلوا وسيفشلون بفضل الله وثبات الشعب اليمني وحرصا منه على العقيدة السليمة والحفاظ على الهوية الإيمانية.
تحقيق/ زين العابدين علي حلاوى
اندفاع غير مسبوق
في الوقت الذي تعاني اليمن من الحصار وويلات الحرب وانقطاع المرتبات، إلا أن الاندفاع والتوجه للمراكز الصيفية كان كبيرا بشكل غير مسبوق، إذ أكدت التقارير أن المسجلين في المراكز الصيفية بلغوا أكثر من مليون طالب وطالبة في جميع المحافظات، وهو عدد مخيف لأعداء الله وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على الحكمة اليمانية التي تولي هدى الله اهتماما بالغا وحبا فريدا، كيف لا وهذا الهدي هو المنقذ من الظلمات إلى النور ومخرج اليمن من مستنقع العمالة والارتهان إلى نور الحرية والعزة، فنحن أمة تحافظ على دينها وهويتها وعراقتها، فلا تقبل بمن يدنس شرفها وأرضها.
ويعد التعليم في المراكز الصيفية سداً منيعاً ضد كل غزو يأتي لليمن ووقاية من سموم التكنولوجيا.
تأثير ملحوظ
ومع الاهتمام الكبير الذي يبذله القائمون على المراكز الصيفية، يشعر المجتمع بالارتياح ويلمس أثرها وتظهر جلية بين الناس، فعندما يشاهد المجتمع الطالب في أحد المراكز الصيفية وما يتميز به من أخلاق وعلم وأثر ملموس في حركاته من أدب وعفة ويلاحظ النقيض والعكس عندما يشاهد بعض الأولاد يلهون ويلعبون في الشوارع ويعتادون على سوء الخلق والطيش والسفه، ثانيا الطالب في المراكز الصيفية يخرج بحصيلة علمية مفيدة وقيمة لأنهم يأتون إلى المراكز الصيفية بشغف وبدافع ذاتي وليس من باب الروتين العادي، كما يأتون إلى مدارسهم الاعتيادية، ويستفيدون من المراكز الصيفية في الجانب الشرعي وجانب اللغة فهي تعود عليهم بالنفع أكثر.
ومما يميز المراكز الصيفية أن هناك أنشطة تساعد الطلاب على التخلص من الملل وتحبب لديهم التعليم، ومن أهم تلك الأنشطة زيارة كبار العلماء وخاصة والخروج في رحلات وزيارة روضات الشهداء وغيرها من المعالم التي تنعش النفس وتزكي الجانب الروحي لدى الطالب.
فترة وجيزة والاستفادة كبيرة
يؤكد أمين حسين قطاش- أحد المدرسين في المراكز الصيفية في تصريح لـ”الثورة” أن المراكز الصيفية لها أهمية بالغة وكبيرة جدا ومن أهميتها أنها تحصن الشباب، لأننا في عصر الانفتاح وعصر التطور وانتشار الفساد، وبالرغم من أنها فترة وجيزة، لكن الاستفادة تكون كبيرة، فخلال هذه الفترة يتعلم الطالب قراءة القرآن قراءة صحيحة والطهارة والصلاة والأهم من ذلك أنهم يتحصنون من الحرب الناعمة.
ومن خلال هذه المراكز يتأسس الشباب فكريا وأخلاقيا وتمد الشباب بطاقة فريدة للجد والمثابرة لبناء الوطن وحماية العقيدة.
بيئة خصبة للطلاب لإبراز مواهبهم
بدوره قال السيد العلامة حسين السراجي في تصريح له لـ”الثورة”: إن التوجه لاستغلال العطلة الصيفية بمراكزها يأتي تنفيذاً لأمر الحق سبحانه ﴿وَما كانَ المُؤمِنونَ لِيَنفِروا كافَّةً فَلَولا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرقَةٍ مِنهُم طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهوا فِي الدّينِ وَلِيُنذِروا قَومَهُم إِذا رَجَعوا إِلَيهِم لَعَلَّهُم يَحذَرونَ ﴾.
وقال: بدلاً من ترك الأبناء يلعبون في الشوارع والتلفونات والحلقات والألعاب والمسلسلات ورفاق السوء، ادفعوا بهم نحو الدورات الصيفية ليتحصنون من وباء الشوارع والشاشات.
وأضاف السراجي مخاطبا الآباء والأولياء : تابعوهم وشجعوهم فإنهم مسؤوليتكم أمام الله وخلق الله، فصلاحهم ستجنون ثماره أنتم، وخرابهم مردود عليكم، قوا أنفسكم وأهليكم ناراً كما أمركم الله، فإن تهاونتم وقصّرتم كانوا لكم أعداءً ﴿ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا إِنَّ مِن أَزواجِكُم وَأَولادِكُم عَدُوًّا لَكُم فَاحذَروهُم وَإِن تَعفوا وَتَصفَحوا وَتَغفِروا فَإِنَّ اللَّهَ غَفورٌ رَحيمٌ ﴾
وأفاد السراجي قائلا :تعمل الدورات الصيفية على استغلال أوقات الطلاب والطالبات في شيء مفيد يعود عليهم بالنفع والفائدة من خلال العلوم والبرامج والأنشطة والفعاليات المختلفة، حيث توفر بيئة خصبة للطلاب لتفريغ ما لديهم من مواهب ومهارات يتم صقلها والاستفادة منها، كذلك يكتسبون الخبرات من خلال تبادل الآراء بينهم وبين مدرسيهم وأقرانهم مما يجعلهم يطورون من مهاراتهم، لذلك يحرص الآباء والأمهات على إشراك أبنائهم في الدورات، لتتسنى لهم ممارسة هواياتهم خلال العطلة الصيفية، بدلاً من إهدار الوقت في اللعب واللهو والضياع .
مضيفا: نتوقف عند أمر الحق سبحانه ﴿ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا قوا أَنفُسَكُم وَأَهليكُم نارًا وَقودُهَا النّاسُ وَالحِجارَةُ عَلَيها مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدادٌ لا يَعصونَ اللَّهَ ما أَمَرَهُم وَيَفعَلونَ ما يُؤمَرونَ}.
واستطرد السراجي قائلا: نقول للأب في الدورة الصيفية قرآن ولغة وثقافة وتعليم وأنشطة ثقافية ورياضية متنوعة، فلا تكن ضحية التعبئة المريضة التي يعمل عليها الخونة الهاربون الذين يدفعون بالمساكين نحو تجهيل أولادهم يدرسون في الجامعات العالمية .
مضيفاً: الدورة الصيفية حماية وتحصين للأطفال ومن خاف من شيء فليحضر مع ولده وليجلس ليرى ويسمع علَّ مخاوفه تتبدد .
فرصة لا تتكرر
لا شك أن للعلم أهمية لا تعادلها أي أهمية في العالم ولذلك أول ما نزل من القرآن “اقرأ” لتتبين للناس أهمية العلم وتوجهات القرآن كلها تحث على العلم.
وفي هذا السياق دعا العلامة سليم القيز الآباء إلى أن يستغلوا هذه الفرصة فهي فرصة عظيمة لتحصين أبنائهم من الضلال والجهل وتلافي الفراغ الذي يكون سببا في فسادهم.
مضيفا: يعتبر مشروع المراكز الصيفية مشروعاً موفقاً وناجحاً ويحسب لقيادتنا، وهذا المشروع سيغرس في أبنائنا الهوية الإيمانية والإيمانية وينشىء جيلا معززا بالعلم ومحصناً بسلاح القرآن والعقيدة السمحاء.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
علي جمعة: التمكين الدنيوي للظالمين لا يعني رضا الله عنهم فلا تيأس وثق فى الله
قال الدكتور علي جمعة مفتى الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن الثقة بالله سبحانه وتعالى دَيدَن المؤمنين، وهي ركن من أركان الإيمان، وصِلة واضحة جليّة بين العبد وربه.
ونوه جمعة عبر صفحته الرسمية على فيس بوك أن الثقة بالله تجعلنا نؤمن بما عند الله أكثر من تصديقنا لما بين أيدينا، لأن الله سبحانه وتعالى فعالٌ لما يريد، وهو على كل شيء قدير، رب السماوات والأرض وما بينهما، وهو الذي خلقنا وأحيانا ويميتنا، وهو الذي رزقنا وهدانا إلى سواء الصراط المستقيم.
واضاف: لا ينبغي أن يدخل الشك إلى قلب أحدٍ من المؤمنين في ربه، فإن الله سبحانه وتعالى أنزل القرآن هدايةً للعالمين إلى يوم الدين، وبيّن لنا فيه سننًا إلهيةً جرت عبر التاريخ، لا لمجرد الاستماع إلى القصص، بل للاهتداء بها، قال تعالى: ﴿لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ﴾، وقال: ﴿أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ﴾.
وبين ان القرآن الكريم نزل هدىً للمتقين، وعمىً على الكافرين. وقد خصّ الله قصة موسى عليه السلام بذكرها في مواضع كثيرة من القرآن، حتى شغلت جزءًا كبيرًا من قصص الأنبياء، لما فيها من عبرٍ وحكم وهداية تُصلح حياة الأفراد والأمم.
ولفت الى ان من هذه الهداية: أن الله تعالى وصف موسى عليه السلام بالقوة؛ فقد كان قويّ البنية، كما قال تعالى: ﴿فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ﴾، ضربة واحدة أنهت حياة عدوه، وهي ليست ضربة بل "وكزة"! مما يدل على شدة قوته.
ولم يكن موسى قويّ الجسد فقط، بل كانت له نفسية قوية، وهيبة في الناس، فقد احتمى به الناس { فَإِذَا الَّذِي اسْتَنْصَرَهُ بِالْأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ}. ولما ذهب إلى مدين سَقَى لبنات شعيب مع رعاء الناس في وسط الزحام.
ومع هذه القوة الظاهرة والباطنة، كان موسى عليه السلام يخاف، فقد ورد الخوف في كل مراحله:
• بعد القتل: ﴿فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ﴾
• بعد التحذير وعند الخروج: ﴿فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ﴾
• عندما أمره الله بالذهاب إلى فرعون: ﴿ وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنبٌ فَأَخَافُ أَن يَقْتُلُونِ ﴾، ﴿ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْساً فَأَخَافُ أَن يَقْتُلُونِ وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَاناً فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءاً يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِ﴾
• وعند مواجهة السحرة: ﴿فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُّوسَى﴾، فقال له ربه: ﴿ قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلَى﴾
وبين ان موسى، رغم قوته الجسدية والنفسية والإيمانية، كان خائفًا، لأن العدو (فرعون) كان طاغية فاجرًا، يحكى عنه أنه كان يقتل بالنظرة، ويقول: ﴿أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى﴾، فقال الله فيه وفي من كان مثله من الجبابرة الطغاة على مر التاريخ: ﴿إِنَّهُمْ كَانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَى﴾.
وقد قرر القرآن قاعدة عظيمة تُورث الثقة بنصره في قلوب المؤمنين، قال تعالى: ﴿أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّن قَرْنٍ مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّن لَّكُمْ﴾
فالخطاب تحول من الغائب ﴿أَلَمْ يَرَوْاْ﴾ إلى الخطاب المباشر ﴿مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّن لَّكُمْ﴾، ليخاطب المؤمنين إلى يوم الدين.
هذه الآية تؤكد أن التمكين الدنيوي للظالمين لا يعني رضا الله عنهم، فهو القادر على إزالتهم في لحظة، ويخاطبك ربك قائلاً: "لا تخف".
وإن وقع الخوف في قلبك، فلا تيأس، فقد خاف موسى وهو كليم الله.
فكن ككليم الله موسى في الثقة والتصديق بأمر الله ولا تخف، واجعل حياتك لله: اجعله هو مقصودك.. وناصرك.. واعتمادك.. وذكرك.. وتوجهك، حتى لو لم يكن معك أحد.
فالنبي يأتي يوم القيامة ومعه الرجل والرجلان، وربما ليس معه أحد، فعامل لله، وثق بالله، ترى من عجائب قدرته ما يدهشك.