هل هُزمت “إسرائيل” في غزة أم انتصرت؟!
تاريخ النشر: 16th, May 2024 GMT
منير الشامي
للشهر الثامن على التوالي والكيان الصهيوني المجرم بكل إمْكَانياته الحربية وقدراته العسكرية وبكل إمْكَانيات وقدرات قوى الاستكبار الغربي الداعمة له والمشاركة معه يخوض أشرس حرب عدوانية حدثت في التاريخ ضد إخواننا سكان قطاع غزة العزل وضد مقاومتها الباسلة، التي لا تملك ما يوازي 0.1 % من ترسانته، فماذا حقّق بكل جبروته وطغيانه ووحشيته؟ هل حقّق هدفاً واحداً من أهداف حربه المعلَنة وحصاره؟ هل قضى على أبطال كتائب حماس؟
أم نجح في تهجير الغزاويين؟
أم أنه تمكّن من تحرير أسراه؟
أم استطاع أن يحكم سيطرته على غزة حتى ليوم واحد طيلة الشهور الثمانية؟ أم شق قناة بن غوريون؟
والإجَابَة هي لا لا لا، لم يحقّق لا هذا ولا ذاك، ولم يحقّق حتى عُشر هدف من الأهداف التي أعلنها أَو التي لم يعلنها حتى الآن، وكل ما حقّقه هو زيادة رصيده من الجرائم الوحشية والمجازر البشعة في حق الإنسانية، وتدمير مدن غزة وتسويتها بالأرض وقتل وجرح أكثر من مِئة وعشرة آلاف فلسطيني جلهم من النساء والأطفال، وتجويع وترويع أكثر من مليونَي إنسان فهذه كُـلّ إنجازاته.
وفي المقابل فَــإنَّ أبطال المقاومة الفلسطينية بثباتهم واستبسالهم في المواجهة وبصمود وتضحيات أبناء غزة واجهوا أشرس حرب وحشية غير متكافئة وغير متوازنة، وخاضوا مواجهاتها وحقّقوا كُـلّ أهداف مواجهتهم، فبثباتهم أفشلوا كُـلّ مؤامرات العدوّ الصهيوني وأعاقوه عن تحقيق أي هدف من أهدافه، فأبطال المقاومة لا زالوا ظاهرين وبإقدامهم لجيشه قاهرين وما زالت عملياتهم مستعرة، كبّدوه خسائر فادحة، قتلاه وجرحاه بالآلاف، وأعتى وأحدث أسلحته مدمّـرة، والروح المعنوية لجيشه بالكامل مسحوقة، والمدن المحتلّة خاوية وشوارعها فاضية ومظاهر الحياة فيها متوقفة، ومستوطنوّه ما بين مذعور مغادر وَمرعوب في الملجأ قابع، أَو متظاهر ضد حكومته منتقم، أَو ساخط منها ولوقف الحرب مطالب.
لثامن شهر والجيش الذي قالوا عنه “لا يُقهَرُ” يقهَرُ كُـلَّ يوم، ويغلب كُـلّ ساعة، وينكسر كُـلّ دقيقة، بأيدي أبطال مقاومة لا تقهر وبقدرات ذاتية لا تذكر وبصمود شعب لا يكسر!
وهو ما يعني أن العدوّ الصهيوني هزم في هذه الحرب هزيمة منكرة؛ لأَنَّ تعريف الهزيمة هو الفشل في تحقيق أهداف الحرب، وأن المقاومة الفلسطينية انتصرت؛ لأَنَّ النصر يعرف بأنه النجاح في تحقيق الأهداف وإفشال الخصم في تحقيق أهدافه، وهذا ما حقّقته المقاومة الفلسطينية ويشهد به العالم، وبالتالي فالنتيجة من استمرار العدوّ الصهيوني في هذا العدوان يعني له استمرار الاستنزاف والمزيد من الخسائر الكبيرة في عدده وعتاده والمزيد من الضحايا الأبرياء العُزَّل.
المصدر: يمانيون
إقرأ أيضاً:
كيف حوّلت الحيوانات الصراع مع إسرائيل إلى حرب رمزية على السوشيال ميديا؟
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
في خضم الصراعات السياسية والحروب الإعلامية، لا تتوقف الطبيعة عن إرسال إشاراتها الخاصة، وكأنها تعكس واقعًا متشابكًا يحمل تناقضات العصر،ففي زمنٍ باتت فيه الأحداث تتسارع بشكل غير مسبوق، أصبحت بعض الظواهر الطبيعية أكثر من مجرد مصادفات، بل تحولت إلى رموز تختزل معاني المقاومة والتحدي.
ومع توسع رقعة الإعلام الرقمي، لم تعد هذه الحوادث تمر مرور الكرام، بل أصبحت مادة دسمة تُستخدم في السرديات السياسية والثقافية، حيث تختلط الحقيقة بالأسطورة، ويتحول كل تفصيل إلى إشارة ذات دلالة.
من غرابٍ ينتزع علم الاحتلال، إلى وشقٍ مصري يقتحم قاعدة عسكرية، وفئرانٍ تنهش وجوه الجنود، وصولًا إلى البرص المصري الذي أثار ذعر السلطات البيئية، باتت الطبيعة لاعبًا غير متوقع في ساحة الصراع، تقدم دروسًا عميقة عن الهشاشة والقوة، وتعيد تعريف المقاومة في أبسط صورها وأكثرها رمزية.
غراب يسقط العلمبدأت القصة بمقطع فيديو لغراب يحلق فوق منزل في الضفة الغربية، قبل أن ينقض على علم إسرائيل المرفوع فوقه، وينتزعه رغم محاولات صاحب المنزل منعه. لم يكن الحدث مجرد صدفة، بل سرعان ما تحول إلى رمز لسقوط الاحتلال، وربطه نشطاء بقصة الغراب في القرآن الكريم الذي علّم قابيل كيف يدفن جثة أخيه، معتبرين أن "الغراب يعلمنا كيف نُواري سوأة الاحتلال".
الوشق المصريفي واقعة نادرة، اقتحم وشق مصري قاعدة عسكرية قرب حدود سيناء، متحديًا أسوار الجيش الإسرائيلي. ورغم إصابته، إلا أن مجرد مواجهته لقوات الاحتلال اعتُبر رسالة رمزية تعكس تحدي الطبيعة للأنظمة العسكرية. أثارت الحادثة تفاعلات واسعة، واعتبرها البعض درسًا في المقاومة يأتي من عالم الحيوان نفسه، وكأن الطبيعة ترفض الاحتلال بطريقتها الخاصة.
فئران تنهش وجوه الجنودفي حادثة أخرى أثارت استياءً واسعًا، تعرض جنود إسرائيليون في قاعدة عميعاد لهجوم من الفئران أثناء نومهم، ما أدى إلى إصابتهم بجروح بالغة. لم يكن الحدث مجرد مشكلة صحية، بل اعتبره البعض انعكاسًا لحالة التدهور في المعسكرات الإسرائيلية منذ أكتوبر 2023، حيث باتت الظروف المعيشية المتردية تؤثر حتى على أساسيات الأمان داخل القواعد العسكرية.
البرص المصريفي عام 2022، أطلقت إسرائيل تحذيرات من انتشار البرص المصري في منطقة وادي عربة، واعتبرته تهديدًا للنظام البيئي والزراعي. لم يكن هذا المخلوق الصغير في نظر الإعلام مجرد كائن بيئي، بل تحول إلى "عدو خفي"، يُثير الذعر بأسلوبٍ بطيء ومدمر، ليصبح رمزًا لطبيعة المقاومة التي لا تعتمد على المواجهة المباشرة بل على الاختراق التدريجي.
تكشف هذه الحوادث كيف يمكن للطبيعة أن تتحول إلى سلاح رمزي في معارك الإنسان، حيث تتداخل حدود الواقع والأسطورة في تشكيل الوعي الجمعي. في ظل الصراعات السياسية، لم تعد المقاومة مقتصرة على البشر وحدهم، بل دخلت الطبيعة نفسها على الخط، تترك رسائلها بطريقتها الخاصة، وتجعل من الحوادث العادية إشارات تحمل دلالات تتجاوز المعنى الظاهر.