بالفيديو.. أبناء مخيم جنين يروون محاولات تهجيرهم
تاريخ النشر: 16th, May 2024 GMT
جنين- كان حديث الحاجة خضرة أبو سرية (86 عاما) عن قرية زِرعين قضاء حيفا، التي هُجرّت منها عام 1948، مليئ بالشجن والحنين، وبدأته بإنشاد موال يتغنى بجمال الدار ويشرح شوقها للأهل، وامتد ليُعبّر عن ما تحمله ذاكرة طفولتها هناك.
وُلدت خضرة قبل النكبة بـ10 أعوام في زرعين، ولم تلتحق بمدرستها، لكنها أمضت أيام طفولتها في المساحات الشاسعة من سهولها الممتدة في قلب مرج ابن عامر، وحملت ذكرياتها معها إلى اليوم.
وتخبر عن جمال البلدة وهوائها النقي وسكانها الذين عملوا في الزراعة ووفرة مياهها، وعن الأحداث التي وقعت في القرى المجاورة وسبقت ليلة تهجيرهم من زرعين.
الحاجة خضرة أبو سرية هُجّرت من قرية زرعين قضاء حيفا عام 1948 وتعيش بمخيم جنين (الجزيرة) التهجير الأولبدأ الأمر بوصول جيش الإنقاذ (قوات عربية) للقرى المجاورة، فاختار عدد من شباب البلدة الانضمام إليه لمقاومة زحف الاحتلال والعصابات اليهودية المسلحة، وحين وصلوا إلى مشارف زرعين اشتبكوا معهم ومنعوا تقدمهم إلى داخلها. لكن سرعان ما أُذيعت الأخبار بأن العصابات المسلحة تنوي الهجوم عليهم وذبح الناس كما حدث في مجزرة دير ياسين، لذا قرر الأهالي الرحيل.
وتذكر الحاجة خضرة أنها كانت ليلة صيفية حين قدمت شاحنة إلى زرعين وحملت عددا من العائلات من بينها أسرتها، وتوجهت بهم إلى أطراف مدينة جنين، ومنذ ذلك الوقت أُطلق عليهم صفة "اللاجئين".
وحملت المركبة خضرة ووالديها وإخوتها، ومشوا حتى وصلوا إلى قرية سيلة الظهر، مكثوا فيها عاما كاملا، ثم تقرر نقلهم إلى مدينة جنين "ومنذ ذلك اليوم وأنا أعيش هنا".
وكذلك تقرر نقل كل المهجّرين من أراضي الـ48 الذين استقروا بالبداية في بعض قرى جنين، حيث أصبحت أرض المعسكر الجديد هي مخيم جنين للاجئين شمال الضفة الغربية.
منزل الحاجة خضرة لم يسلم من تخريب قوات الاحتلال خلال اقتحامات مخيم جنين الأخيرة (الجزيرة)اليوم، تعيش خضرة وحدها في المخيم، وتقول إن الاقتحامات الإسرائيلية المتكررة له تذكّرها بالليلة التي هُجّروا فيها تحت تهديد العصابات الصهيونية المسلحة.
وتوضّح "هجّرونا من أراضينا وبيوتنا، وهاهم يلاحقونا في المخيم، مرت السنوات لكن لم يتغير أسلوب إسرائيل، فهي لا تريد للفلسطيني أن يعيش لا في أراضي الـ48 ولا في المخيم ولا في أي مكان".
وتضيف أن الاحتلال هدم القرى في النكبة، وذبح الناس، ودمر المنازل، واليوم يقتل الشباب ويجرف الشوارع ويفجر البيوت، ويقصف المخيم بالطائرات المُسيّرة.
وتعرضت الحاجة خضرة لتنكيل قوات الاحتلال وبطشها أكثر من مرة، فقد اقتحمت منزلها بعد تفجير بابه وخلعه، وحطمت نوافذه وخربت مقتنياتها الشخصية. وتبع ذلك هجوم بالكلب البوليسي الذي كان يرافق جنود الاحتلال عند اقتحام مخيم جنين في يوليو/تموز الماضي، مما أدى إلى إصابتها في اليد.
وتقول "أنا سيدة مسنة وأعيش وحدي، دمروا منزلي وحاول كلبهم نهشي، لا يرغبون بوجودنا، في شبابنا وحتى في كبرنا، لا يريدون لنا أن نعيش".
آثار الدمار بأحد شوارع مخيم جنين التي خلفها الاحتلال خلال اقتحاماته المتكررة (الجزيرة) سياسة ممنهجةويرى أهالي مخيم جنين -الذين يعود أصل غالبيتهم إلى قرية زرعين قضاء حيفا، بينما ينحدر الباقون من قرى عين المنسي والمزار واللّجون- أن إسرائيل تسعى لإنهاء المخيمات الفلسطينية من خلال عمليات الهدم والتجريف والقتل التي ترافق هجماتها العسكرية عليهم.
وخلال اقتحاماتها لمخيم جنين، والتي تكثفت بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 (بعد حرب غزة) تعمد قوات الاحتلال إلى تدمير بنيته التحتية، وتجريف شوارعه وإتلاف شبكات المياه والكهرباء، وهدم البيوت بالجرافات، وأحيانا قصفها بالقذائف المحمولة على الكتف أو بالطائرات المُسيّرة، "للقضاء على مخيم جنين ومخيمات الضفة" بحسب الأهالي.
ويقول ابن المخيم مهدي تركمان (22 عاما) للجزيرة نت إن كل اقتحام يكون أكثر تدميرا من سابقه، لدفع الأهالي للهجرة. ويضيف "أنا بالتأكيد أسعى لحياة مستقرة وهو ما لا نجده اليوم بالمخيمات التي تُدمَّر بشكل مستمر، يحاولون زرع هذه الفكرة لدينا، لكن لن نعيد نكبة 48 مرة أخرى ولو قتلونا كلنا هنا في بيوتنا".
نصب تذكاري لشهداء مخيم جنين دمرته آليات الاحتلال (الجزيرة)وفي مخيم جنين الذي أُقيم عام 1953، هدمت إسرائيل أهم 3 رموز بناها الأهالي لتذكير الأجيال الجديدة بنكبة أجدادهم قبل 76 عاما، وتعتبر هذه الرموز الأكثر أهمية وشهرة داخل المخيم وخارجه.
وفي 30 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، هدم الاحتلال أقواس النصر التي كانت تمثل مدخل المخيم، وبُنيت من حجارة على شكل قوس يعلوه مفتاح العودة الكبير، وكُتبت في أعلاه عبارة "مخيم جنين.. محطة انتظار لحين العودة".
دوار العودة في مخيم جنين بعد تدميره من الاحتلال (الجزيرة)وفي التاريخ نفسه، اقتلعت جرافات الاحتلال مجسم "الحصان" على المدخل الغربي للمخيم، الذي يمثل صمود أهاليه وصبرهم خلال الاجتياح الإسرائيلي الشهير عام 2002. وكان اتجاه نظره إلى حيفا المدينة حيث هُجّر سكان المخيم أيام النكبة.
بعدها بشهر، هدم الاحتلال ثالث رموز المخيم وهو "دوّار العودة" الذي كُتبت عليه أسماء المدن والبلدات التي هُجّر منها سكان المخيم، وتعلوه خارطة فلسطين التاريخية. وكان الزوار يمرون قربه لأخذ الصور والتعرف على البلدات الأصلية لأبناء مخيم جنين.
خطرويرى رشيد منصور (65 عاما) عضو لجنتي الزكاة والإصلاح بالمخيم أن محاولات الاحتلال إنهاء المخيمات والتخلص من اللاجئين ليست جديدة "لأن إسرائيل تدرك أنه طالما وُجد فلسطيني يطالب بحق العودة فهذا يعني خطرا على المشروع الصهيوني".
ولذلك -يضيف للجزيرة نت- بدأت بمشاريع توطين اللاجئين منذ الخمسينيات "لأن وجود الشعب الفلسطيني على أرضه وحمله للرواية الفلسطينية خطر عليهم".
ويؤكد منصور أن رد فعل إسرائيل على نشاط المقاومة بالمخيم الأعوام الثلاثة الأخيرة قاسٍ جدا، من حيث حجم القتل وتخريب البيوت والاعتقال وترويع الأهالي، وتدمير الشوارع والرموز التي تدل على تمسكهم كلاجئين بحقهم في العودة إلى ديارهم.
ورغم ذلك، يقول منصور إن حق العودة ليست حجارة أو مجرد رمز يمكن أن ينتهي في حال إتلافه، لكنه إيمان لدى كل مواطن يعيش في المخيمات.
آثار الدمار الذي تركه الاحتلال في شوارع مخيم جنين (الجزيرة)وبرأي منصور، فإن إسرائيل تضغط على المواطنين في مخيمات الضفة عن طريق ترسيخ فكرة فقدان الأمن والاستقرار فيها لدفع الناس للرحيل أو ترك المخيمات، وعبر جعلها بيئة طاردة، والحياة فيها صعبة، لإنهاء فكرة وجود اللاجئين وقضيتهم.
ويؤكد أن استهداف إسرائيل لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) من خلال إقناع العالم بقطع التمويل عنها وقصف مقراتها في قطاع غزة، وتدمير مراكزها في جنين وطولكرم وطوباس، هو بالأساس يحمل هدفا أكبر وهو إنهاء قضية اللاجئ الفلسطيني أساسا.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ترجمات حريات مخیم جنین فی المخیم
إقرأ أيضاً:
لقطات مصورة لتفجير القسام جيب عسكريا للاحتلال في جنين (شاهد)
نشرت كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس، مساء السبت، لقطات مصورة لتفجير عبوة ناسفة في جيب عسكري لجيش الاحتلال الإسرائيلي في مدينة جنين شمال الضفة الغربية.
وذكرت كتائب القسام أن مقاتليها نفذوا عملية تفجير العبوة الناسفة يوم الثلاثاء الماضي، الموافق 19 تشرين الثاني/ نوفمبر لعام 2024، مؤكدة أن استهداف الجيب الإسرائيلي أسفر عن إصابة ثلاثة جنود.
⬅️شاهد.. تفجير مجــاهدي القســام لعبوة ناسفة في جيب عسكري صهيوني داخل مدينة جنين شمال الضفة الغربية pic.twitter.com/WJdQk8GQp9
— المركز الفلسطيني للإعلام (@PalinfoAr) November 23, 2024وتأتي هذه العمليات في الضفة الغربية، تزامنا مع تصدي المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة لحرب الإبادة المستمرة منذ أكثر من عام، وإطلاقها رشقات صاروخية، إلى جانب استهداف آليات الاحتلال في محاور التوغل.
وأوضحت كتائب القسام في بيان اليوم، أن مقاتليها تمكنوا من استهداف قوة مشاة هندسية إسرائيلية مكونة من 5 جنود قرب برج عوض بمدينة رفح جنوب قطاع غزة، بقذيفة مضادة للأفراد وإصابتهم بشكل مباشر، إلى جانب استهداف ناقلة جند بقذيفة "الياسين 105"، ورصدها هبوط الطيران المروحي للإخلاء.
وتبنت كتائب القسام أيضا قصف قاعدة "رعيم" العسكرية بعدد من صواريخ "رجوم" قصيرة المدى، بينما أعلن الاحتلال الإسرائيلي أنه رصد إطلاق صاروخين من جنوب قطاع غزة تجاه مستوطنات الغلاف.
جاء ذلك في بيان مقتضب لكتائب القسام على منصة "تيليغرام"، وسط مواصلة التصدي لآليات الاحتلال وجنوده المتوغلين في قطاع غزة ضمن معركة "طوفان الأقصى"، ومواجهة العدوان الإسرائيلي المستمر منذ 414 يوما.
وأعلنت كتائب القسام أمس، تنفيذ عملية مركبة ضد جنود وآليات العدو قرب مفترق برج عوض بمدينة رفح، قائلة: "رصد مجاهدونا عددا من جنود الاحتلال في المكان وتمكنوا من قنص 4 منهم ببندقية الغول القسامية وأعلنوا مقتل جنديين بشكل مؤكد".
وفي سياق آخر، أعلنت كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس، مقتل أسيرة إسرائيلية شمال قطاع غزة، الذي يتعرض لعدوان مدمر.
وقال الناطق العسكري باسم كتائب القسام أبو عبيدة، في تغريدات عبر قناته على تيلغرام: "بعد عودة الاتصال المنقطع منذ أسابيع مع مجاهدين مكلفين بحماية أسرى للعدو؛ تبين مقتل إحدى أسيرات العدو في منطقة تتعرض لعدوان صهيوني شمال قطاع غزة.. فيما لا يزال الخطر محدقاً بحياة أسيرة أخرى كانت معها".
وشدد أبو عبيدة على أن "مجرم الحرب نتنياهو وحكومته وقادة جيشه يتحملون المسؤولية الكاملة عن حياة أسراهم، وهم الذين يصرّون على الإمعان في التسبب بمعاناتهم ومقتلهم".
وتابع قائلا: "على العدو أن يستعد للتعامل مع معضلة اختفاء جثث أسراه القتلى، بسبب التدمير الواسع وبسبب استشهاد بعض الآسرين".