بدأ المبعوث الأميركي الخاص للسودان، توم بيريلو، جولة جديدة لدول الجوار السوداني في المنطقتين الأفريقية والعربية، بهدف ممارسة مزيد من الضغوط على طرفي النزاع في السودان؛ الجيش و«الدعم السريع»، للعودة إلى منبر المفاوضات في مدينة جدة السعودية في أقرب وقت، وألمح إلى أن «الضغوط قد تشمل فرض مزيد من العقوبات على الطرفين».



ووفق مصادر سودانية حضرت اللقاء، فإن المبعوث الأميركي قال: «سنُفعّل أدواتنا للضغط عليهما (أي الجيش والدعم) للذهاب إلى طاولة المفاوضات»، بما في ذلك التحدث مع الأطراف الدولية المؤثرة على أطراف النزاع في السودان.

وقالت وزارة الخزانة الأميركية، في بيان، الأربعاء، إنها فرضت عقوبات على قائدين كبيرين في «الدعم السريع» عقب هجمات في شمال دارفور.

وأضاف البيان أن القائدين الخاضعين للعقوبات هما اللواء عثمان محمد حامد محمد، رئيس عمليات «الدعم»، وعلي يعقوب جبريل، قائد قوات «الدعم» في وسط دارفور.

وأبلغ المبعوث الأميركي، في جلسة مغلقة، نشطاء في الأحزاب السياسية والمجتمع المدني بالعاصمة الأوغندية (كمبالا)، ليل الثلاثاء - الأربعاء، أن طرفي الحرب «يرغبان في مواصلة حسم الحرب عسكرياً»، وجاء حديثه - بحسب وصف بعض الحاضرين - بشكل «صريح وواضح».

وأكد بيريلو أن «الولايات المتحدة الأميركية بصدد ممارسة ضغوط هائلة لدفع الطرفين إلى طاولة المفاوضات». وأضاف: «نحثّ شركاءنا في المنطقة على ممارسة ضغوط على الجيش و(الدعم السريع) لوقف القتال، والتوجه بشكل عاجل إلى المحادثات السياسية في منبر جدة لوقف الحرب».

وجدّد المبعوث الأميركي الدعوة لطرفي النزاع إلى الالتزام بما تم التوصل إليه في الجولات السابقة لـ«محادثات جدة»، بما يمهد للانتقال الديمقراطي الشامل.

وقال في منشور على منصة «إكس» إنه «استمع إلى أكثر من 100 من النشطاء في المجتمع المدني السوداني بالعاصمة كمبالا، كان إحساسهم بالحاجة الملحة للسلام»، ودعوا إلى «إيصال فوري للمساعدات الإنسانية من الغذاء والدواء، إلى جانب حماية المدنيين».

وكانت الخارجية الأميركية أعلنت أن بيريلو بدأ الاثنين الماضي جولة تشمل «أوغندا، وكينيا، ومصر، والمملكة العربية السعودية»، ليجتمع مع شركاء إقليميين رئيسيين بغرض «الدفع بالجهود الرامية إلى إنهاء النزاع الدائر في السودان، وتجنب مزيد من الفظائع الجماعية وتلبية الاحتياجات الإنسانية الملحة والشديدة للشعب السوداني ورسم مسار يتيح الانتقال إلى حكومة ديمقراطية بقيادة مدنية».

وأضافت، في بيان، أن المبعوث الخاص سيجتمع بالحكومات الشريكة لتنسيق الجهود الدبلوماسية الرامية إلى استئناف المفاوضات وبناء الضغط اللازم لحماية المدنيين وإسكات السلاح وتسهيل الانتقال إلى حكومة ديمقراطية بقيادة مدنية.

وتأتي جولة بيريلو الجديدة، وهي الثانية له للمنطقة، بعد تعثر استئناف مفاوضات بين طرفي النزاع في السودان الجيش و«الدعم السريع» في منبر جدة، كان من المقرر أن تنطلق في مايو (أيار) الحالي.

ومن جهة ثانية، أكد المبعوث الأميركي لدى لقائه، الثلاثاء، عضو مجلس السيادة السابق، رئيس حركة تحرير السودان «المجلس الانتقالي» الهادي إدريس، في كمبالا، عزم الوساطة على تيسير جولة جديدة من المفاوضات للوصول إلى وقف للعدائيات، يمهد لانطلاق عملية سياسية شاملة.

بدوره، اقترح إدريس على المبعوث الأميركي الضغط لإقرار هدنة لمدة 3 أيام في مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، التي تشهد اشتباكات عنيفة بين الجيش و«الدعم السريع» لتوفير ممرات آمنة لخروج المدنيين.

وتطرق اللقاء إلى ضرورة ضمان وصول المساعدات الإنسانية، ودور الحركات المحايدة في حماية القوافل الإنسانية والتجارية لدخول ولايات دارفور.

وعلى صعيد ميداني، أعلن حاكم إقليم دارفور، مني أركو مناوي، الأربعاء، الاستنفار العام في الفاشر بعد ورود معلومات عن نية «الدعم السريع» اجتياح المدينة.

وأضاف حاكم دارفور، في بيان على منصة «إكس»: «من طرفنا نعلن استنفاراً عاماً للدفاع عن الأنفس البريئة وممتلكات المواطنين في الفاشر».

وأردف: «التحرك من أجل الدفاع عن النفس والمال والعِرض أمر تكفله كل القوانين السماوية والأرضية».

وفي وقت سابق من يوم الأربعاء، قال الجيش السوداني إنه كبّد «قوات الدعم» خسائر «فادحة» في الأرواح والعتاد خلال تصديه لهجومها على الفاشر. واتهم الجيش، في بيان، «الدعم» بأنها «حاولت ترويع المواطنين الآمنين بقصف معسكرات النازحين وتدمير البنية التحتية» في الفاشر.

وردّت «قوات الدعم السريع» على بيان الجيش بالقول إنها تصدت لهجوم من الجيش، واستولت على 5 مركبات عسكرية بكامل عتادها، وكبّدت قوات الجيش خسائر فادحة في الأرواح.  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الجیش و الدعم السریع المبعوث الأمیرکی فی السودان

إقرأ أيضاً:

السودان والأسئلة المفتوحة

السودان والأسئلة المفتوحة
اختلاف السرديات بين الجيش و"الدعم السريع" واحتمالات إطالة أمد الحرب
يفرض حجم الضحايا المدنيين السودانيين نتيجة الحرب والمآسي الإنسانية المتداولة لهؤلاء الذين يحاولون الفرار عبر الصحارى، أسئلة مفتوحة في شأن المخارج الممكنة لوقف هذا النزف الإنساني، والخسائر المفصلية لدولة السودان على المستوى الإستراتيجي.

في هذه الحرب، ونتيجة ما تفرضه من فوضى، تكون القوات المسلحة السودانية عنوان الدولة على اعتبار أنها المؤسسة الوحيدة التي تجعل السودان موجوداً راهناً، وما أعرفه أن هذا التقدير أجده متفق عليه على الصعد الرسمية سواء للدول أو المنظمات، ومن هذه الزوايا يحظى الجيش السوداني بقبول إقليمي ودولي وحاضنة شعبية سودانية واسعة تتطلع إلى قواتها المسلحة، وتأمل في أن تسهم في وقف نزف المآسي الإنسانية وليس في استمرارها، وأن تسعى إلى مواجهة التحديات الوجودية للدولة ذاتها لجهة الاستمرار أو الانهيار الكامل في حرب أهلية واسعة النطاق ومتعددة التجليات الثقافية والعرقية.

ومن هذا المنطلق نطرح عدداً من التساؤلات حول سرديات وأطروحات الجيش وقوات الدعم السريع في ما يتعلق بالصراع الراهن، وموقف الأطراف السياسية من السرديات في إطار التطلع لوقف الحرب.

سرديات الجيش

أول سرديات الجيش تتعلق بتصنيف حال الصراع بأنها "حماية للوطن والمواطن" بشكل عام من هجمات من يسمونهم بالإرهابيين القادمين من دول أخرى، وهو هدف لم يحققه الجيش بعد بغض النظر عن تصنيفه لأعدائه، إذ تتزايد المدن والمناطق التي تقع في أيدي "الدعم السريع"، ويتزايد حجم النازحين داخلياً وخارجياً من المدن التي كانت ملاذات آمنة لمئات آلاف البشر.

ومن الأطروحات أيضاً أن القدرات العسكرية للجيش متوافرة لتحقيق نصر يفني الطرف الآخر، إذ يعتمد الجيش في ذلك على تحركات قياداته، سواء تجاه إيران أو روسيا أو دول الساحل الأفريقي، لتقديم الدعم التسليحي ووقف المدد البشري وخصوصاً من غرب أفريقيا.

أما ثالث هذه الأطروحات فهو أن الانتهاكات التي اُرتكبت وجرائم الإبادة الجماعية واحتلال بيوت المواطنين من جانب قوات الدعم السريع هي جرائم لا يجوز معها بداية الدخول في عملية تفاوضية، إذ إن الثأر قائم ويُوظف في أمرين، التحريض على استمرار الحرب تلبية لواجب الثأر، وضمان التفاف الحاضنة الشعبية للجيش حوله في معركة من غير الواضح متى ستنتهي؟
قطاعات من النظام القديم

وفي ما يتعلق بالتحالفات والحواضن السياسية فإن لدى الجيش قطاعات من النظام القديم، رأس الرمح فيها الفصائل المسلحة لـ "الجبهة القومية الإسلامية"، وفصائل من حزب "المؤتمر الوطني" الذي كان حاكماً بكل تناقضاته وخلافاته وقطاعاته المنسحبة حالياً، فضلاً عن فصائل دارفور المسلحة التي تقوم إلى جانب أدوارها العسكرية بوظائف سياسية مرتبطة بإيجاد توازن مطلوب مع المحسوبين على فصائل الإسلام السياسي السوداني.

ويبدو لنا أن الإشكالات القائمة أمام الجيش حالياً، سواء حول أطروحاته أو تحالفاته، تتلخص في أمرين، مدى صدقية الطرح الثأري في تحقيق أغراضه، أي عودة الناس لديارهم بعد فناء، أو السيطرة على طموحات "الدعم السريع" السياسية، إذ إن الأداء العسكري الراهن على الأرض لم يعطنا أي مؤشرات واقعية في شأن القدرة على تأمين الناس، ناهيك عن العودة لمناطقهم ومنازلهم.

وفي سياق مواز يُطرح تساؤل في شأن مدى قدرة قادة الجيش على جلب الدعم التسليحي في الوقت المناسب وقبل فوات الأوان من أطراف خارجية، وذلك لتلبية المطلب العسكري بمنع قوات الدعم السريع من الوصول إلى شرق السودان، والسيطرة على كامل النطاق المطري السوداني، وضمان نقطة إمداد لوجستية جديدة عبر إثيوبيا، وهي قبلة حياة مطلوبة وتوفر لـ "الدعم السريع" نقاطاً منوعة للدعم اللوجستي، ترفع عنه أي ضغوط وتدعم قدراته الشاملة في هذه المعارك.

حسابات التسليح

ولكن الحصول على الدعم التسليحي للجيش من أطراف خارجية لديه حسابات، ذلك أن تلبية الإيرانيين والروس مطالب الجيش التسلحية مرتبطة بتوازنات حرجة، إذ لا تريد إيران التوسع في دعم الجيش السوداني على نحو يؤثر في المعادلات القائمة حول الصراع في غزة، بما قد يوسع نطاق التفاعلات ليحولها إلى حرب إقليمية، فيما ينشغل الروس بحربهم في أوكرانيا وتوازناتها الأوروبية، وكذلك تلبية متطلباتها في النطاق الأفريقي عبر توسع محسوب بدقة، وحتى لا تتزايد الضغوط الغربية على روسيا.

أطروحات الدعم السريع

وفي المقابل فإن أطروحات الدعم السريع وسردياته وتوسعاته العسكرية تطرح أسئلة أيضاً تحدد مدى قدرته على تحقيق طموحات قادته وحواضنهم القبلية في حكم السودان، ذلك أن أطروحات الانحياز إلى أفكار مرتبطة بتحقيق التحول الديمقراطي في السودان ودولة المواطنة المتساوية، طبقاً لمفردات "مشروع السودان الجديد"، لا تملك أية صدقية حتى لدى الحواضن السياسية والاجتماعية لـ "الدعم السريع"، والتي لديها ميول عنصرية وثأرية أكثر مما لديها من مشروع سياسي محدد لديه آفاق للبناء والتنمية.

أما على الصعيد العسكري فإن قدرة "الدعم السريع" على أن تكون بديلاً عن الجيش على نحو مؤسسي يحافظ على وجود دولة السودان معدومة تقريباً، وذلك في ضوء تحديين، الأول وهو مدى قدرة المستوى القيادي للدعم السريع على السيطرة على كامل القوات عسكرياً، والثاني حجم الانتهاكات التي ارتكبتها هذه القوات طوال فترة الحرب، مما يجعلها تواجه رصيداً ثأرياً ضخماً على الصعيدين القبلي والاجتماعي في السودان، ويؤسس لعدم توافر حال القبول السياسي لـ "الدعم السريع" على المستويين الداخلي والخارجي.

وفي المحصلة يبدو لنا أن سرديات الطرفين المتصارعين لا تملك أدوات وصولها إلى واقع مغاير لما نعايشه حالياً من مآس إنسانية، وفي المقابل تبدو الأطراف المدنية من جميع الاتجاهات مدركة تماماً عدم صدقية أية سردية أو أطروحة لأي طرف، ولكنها أيضاً عاجزة تماماً عن امتلاك خريطة طريق تنهي الحرب بخطوة مبدئية وهي وقف إطلاق النار.

صراع دولي

وإذا كان المطروح حالياً هو التنسيق بين الأطراف السودانية المدنية بهدف الاتفاق على معادلة اليوم التالي للحرب، طبقاً لمجهودات القاهرة التي من المنتظر أن تعقد مؤتمر حولها خلال الأسبوع الأول من يوليو (تموز) المقبل، فإن محاولة التنسيق يختطفها أيضاً الاتحادان الأفريقي والأوروبي في كل من أديس أبابا وجنيف في أعقاب اجتماع القاهرة، فكما كانت مبادرات السلم في السودان محل جذب وصراع إقليمي، فإن التنسيق بين القوى المدنية السودانية نحو إنهاء الحرب يشكل محل صراع بين الأطراف الدولية، فالكل يود أن يكون حاضراً في المعادلة.

وفي خضم هذه الحال فإن المجتمع الدولي يتجه في تقديري إلى التفاعل مع الأزمة السودانية في إطار مجلس الأمن، وهو ما يفتح الباب أمام صدور قرارات تحت ولاية "البند السابع" من ميثاق الأمم المتحدة، والنتائج المتوقعة لهذه الخطوة، في تقديري، ليست إنهاء الصراع السوداني ولكن إدارة صراع ممتد لعقود ربما، على النحو الجاري في كل من مالي والصومال، وهو الأمر الذي تقاومه القاهرة حكومة ونخبة وربما شعباً، ولكنها تحتاج إلى دعم القطاع الأكبر من النخب السودانية، سواء في "تنسيقية تقدم" أو خارجها، ليختاروا طريقاً مغايراً إن امتلكوا إرادة، لتجنب مآلات "البند السابع" الذي لم نر منه خيراً في قارتنا، بل أسهم في دوام حال الأسئلة المفتوحة، إذ تنهار الدول ولا يجيب أحد عن سؤال "من الرابح في هذه الديلمة"؟

نقلا عن اندبندنت عربية  

مقالات مشابهة

  • السودان.. الجيش يتصدى لهجوم في سنجة
  • السودان والأسئلة المفتوحة
  • مساعد معتمد اللاجئين في دارفور: القوات المسلّحة والمشتركة كبدوا الدعم السريع خسائر كبيرة جدًا
  • تجدد الاشتباكات في الفاشر والجيش السوداني يحاصر الدعم السريع غربي سنار
  • مساعد معتمد اللآجئين بدارفور: دور الأمم المتحدة و الاتحاد الأفريقي في السودان ضعيف
  • تجدد الاشتباكات بالفاشر وتحذيرات من مجاعة كارثية بالسودان
  • السودان: النيابة العامة تكشف حقيقة إطلاق سراح قناصة إثيوبيين
  • قوات الدعم تقصف الفاشر وتحذيرات من خطر المجاعة في 14 منطقة
  • بينهم طفلة.. مقتل أربعة نازحين بمركز إيواء في مدينة الفاشر
  • وزير سوداني يرسل رسالة خطيرة للدعم السريع بشأن سنار