سواليف:
2025-04-23@23:50:30 GMT

العقل زينة

تاريخ النشر: 16th, May 2024 GMT

#العقل_زينة د. #هاشم_غرايبه

يعتبر الإيمان بيوم القيامة متطلبا لازما لاكتمال إيمان المؤمن، وإيمانه به منتج لإيمانه بالله وتصديقه لما جاء منه.
ولما كان ذلك أمرا سيحدث في المستقبل، فليس هنالك من دلائل مادية تؤكده أو تنفيه، فالبديل لإقناع عقل غير المؤمن هو الاستنتاج المنطقي من الوقائع، وهذه حجة دامغة لمن كان صادقا في اتباعه العقل، وليس مكابرا، بدليل أن الانسان توصل الى أن الأرض كروية، وقبل أن يثبت ذلك حسيا بعد غزو الفضاء، رغم أن الدليل الحسي كان يوهم بأنها منبسطة.


لذلك أسعى فيما يلي الى إثبات حتمية وجود اليوم الآخر باستخدام الدليل العقلي والحجة المنطقية، من غير الإستناد الى الأدلة النقلية (الكتاب والسنة).
بداية لا بد من التوافق على ثلاث حقائق هي من المسلمات التي لا جدال فيها وهي:
الأولى: سواء المقتنعون بأن الكائنات الحية جميعا تطورت عشوائيا من كائن واحد، أو أن كل كائن خلق مقصودا بذاته لأداء وظيفة مختلفة ودور محدد، فالثابت أن الإنسان هو الكائن الأول والأرقى في الأرض، فهو متميز بالعقل، والوحيد الذي يمكنه تكييف البيئة والظروف والكائنات الأخرى لمصلحته.
الثانية: كل الكائنات تموت، ولم يكتشف كائن لا يموت، ولو كان الموت والحياة مبني على الصدفة، وليس هنالك من يتحكم بها، لوجدنا كائنا ما بقي حيا الى اليوم، أو على الأقل عاش آلاف السنين.
والثالثة: يتميز الإنسان بالفردانية وحرية الإرادة والتباين وتطور المفاهيم والمتطلبات بحسب تغير الأزمنة والأمكنة، بينما الكائنات الأخرى جميعا، يتصرف كل نوع منها في نسق موحد، وبطباع وبطبيعة متشابهة الى حد كبير بين أفراد النوع الواحد، مهما تعددت مواطنها، وبثبات متطلباتها وميولها عبر العصور، بلا تغير أو تعديل.
في ظل وجود ملايين الأنواع من الكائنات الحية (وأحدها الإنسان)، فإن منطق تطور جميع الكائنات عشوائيا من كائن بدائي واحد، يفترض أن هنالك درجات متباينة من التطور، وهذه الدرجات متعددة بعدد الأنواع.
لكن الواقع غير ذلك، فجميع الأنواع ما عدا الإنسان، متطورة حيويا بدرجة واحدة تقريبا، والإنسان وحده متطور بدرجة فائقة عنها، وبفجوة هائلة بسبب العقل، والذي هو ليس الجهاز العصبي المركزي (الدماغ والحبل الشوكي)، فكل الكائنات تملك هذا الجهاز مثلها مثل الإنسان.
إذاً فلا شك أن الإنسان كائن مختلف، بمعنى أنه لوحده في كفة، والكائنات الأخرى جميعها في كفة أخرى.
ماذا يعني ذلك؟ ..الإستنتاج المنطقي يقودنا الى:
أولاً: ان خلق الإنسان الأول مختلف عن خلق الكائنات الأخرى، والهدف من وجوده غير الهدف من وجود الكائنات الأخرى.
ثانياً: كل نوع من الكائنات نافع لنفسه ومسخر لنفع نوع آخر أو نوعين، لكن كل الكائنات مسخرة بفطرتها لنفع الإنسان، وحتى الكائنات الدقيقة التي لا يراها ولا يحس بوجودها، فلها دور ولوجودها ضرورة.
ثالثاً: وبما أن الإنسان متفرد وحده بالعقل، فذلك يحمله مسؤولية رعاية وضمان التوازنات الحيوية والبيئية التي تضمن بقاء النظام الدقيق الضابط لكل العلاقات.
رابعاً: ولأن الكائنات الأخرى لا تخرج عن النظام المرسوم لها بفطرتها، فهي لا تتملك زيادة عن حاجتها من الطعام، لذلك فتنتفي عنها صفة الطمع المؤدي للظلم الفادح، والإنسان وحده يمكنه ذلك، كونه متاح له الإرادة والإختيار، لذلك يجب أن يكون تحت المساءلة فيما إذا تحمل مسؤوليته هذه أم حاد عنها.
هكذا نتوصل منطقيا ، في ظل التوازنات الملحوظة في كل جزئيات الكون، أنه لا ينبغي لمخلوق مسيّر مهيأ لما وجد له أن يحاكم على أفعاله، فيما ينبغي ذلك للمخير القادر على الفعل العادل أو الظالم.
ولا يجوز للمخلوق الأول في الأرض الذي قدم في حياته أفعالا جليلة أو قام بأفعال ضارة، أن يكون مآله الى العدم، مثله مثل الكائنات الأخرى التي خدمته ووفرت له حاجاته على غير اختيار منها.
هل يتقبل المنطق في ظل النظام الكوني الذي يربط في كل تفصيلاته بين الأسباب والنتائج، هل يتقبل في التعامل مع المخلوق الأول في الأرض..أن يترك سدى، فينتهي من نفع نفسه وغيره ومن أضر بغيره واعتدى على ما لا يحق الى النتيجة ذاتها!؟.
وكما أن التناسق لابد له من ضابط …فلا بد لتحقيق العدالة من المساءلة، وذلك هو يوم الحساب.

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: العقل زينة

إقرأ أيضاً:

موقف عمومي

#موقف_عمومي

د. #هاشم_غرايبه

انكسر القابس الكهربائي (الفيش) لأحد الأجهزة في عيادة صديق، وطلب مني أن أدله على فنّي متخصص في الكهرباء ليصلحه على أن يكون صادقا في مواعيده، لأن الذي يعرفه يماطله منذ يومين، قلت له: يا رجل وهل تستحق المسألة فنيا؟ إشتري قابسا جديدا وأوصله، قال المشكلة أنني لا أعرف في الكهرباء وأخشى أن أخطىء في التوصيل فأتلف جهازا بعشرات الآلاف من الدنانير.
وجدت الأمر غير منطقي، فطبيب يدخل منظاره في غياهب الجسم ويستخرج به حصاة أمر يحتاج الى دقة متناهية ومهارة وتمكّن، فهل يعقل أن من يتقن ذلك لا يمكنه التمييز بين السلك الموجب والسالب؟.
أذكر مقولة كان يرددها والدي رحمه الله: “الماهر في شيء ماهر في كل شيء”، وهي منطقية لأن القدرة على فهم مسألة وتقديم الحلول لمشكلة ليست نتيجة تدريب يدوي، بل هي مسألة ذهنية بحتة، تتحقق من توفر المقدرة العقلية على فحص المسالة وتحليلها والبحث عن الحلول، لذلك فهي موجودة عند كل فرد بدرجات متباينة، لكن تحتاج الى استخراج وتفعيل.
رغم ذلك تجد هذه الظاهرة منتشرة كثيرا، وقليلا ما تجد الشخص الذي لا تقتصر اهتماماته على مجال تخصصه، بل لديه إلمام بالحد الأدنى في كل شيء، ويدفعه الفضول المعرفي الى تعلم أمور كثيرة في كل المهن، قد لا يتقنها كما الفنّي المتخصص بها، لكنه على الأقل يعرف أسس عمل الأجهزة والأدوات، فلو تعطلت يمكنه معرفة الخلل أو العيب أو سبب العطل، فإن كان بسيطا أصلحه وإلا فهو على الأقل يفهمه، فيختصر على المصلّح وقت وجهد التشخيص.
العلم معرفة متخصصة بموضوع محدد، لكنه يوجه العقل باتجاه واحد، فتتركز كل اهتمامه فيه، لكن الثقافة معرفة متنوعة.
في ظل تفرع التخصصات وتشعبها، قد لا يحتاج المرء الى حذق كل المهارات والإلمام بكل المعارف، لكن معرفة الأساسيات من كل شيء لن تتعب العقل ولا تثقل الذاكرة، فالعقل له آليات باهرة في التعامل مع كم هائل من العمليات الذهنية البالغة التعقيد، يمكنه من خلالها تحليل كل البيانات المدخلة، وتفكيكها، وإعادة ترتيبها في مصفوفات خاصة بكل شخص، ووفق نسق خاص به، بحيث يستطيع استعمالها وتوظيفها لاحقا في عمليات ذهنية أخرى يحتاجها.
هذه الخاصية متوفرة لدى الجميع لكن باختلافات بينة، فتجد الأفراد على درجات متعددة ما بين البلادة وتوقد الذهن، ذلك ما يدعوه الناس بمستوى الذكاء.
لذلك فمن الطبيعي أن يكون هنالك تباين في الإستيعاب بين شخص وآخر، أي المقدرة على إجراء تلك العمليات الذهنية المتعددة الطبقات وبسرعة، فالغالبية لا تتمكن من التعامل مع أكثر من عملية واحدة في آن واحد، ومن فرط اعتيادهم على ذلك والميل الى إراحة العقل من العمليات المركبة، يتجه الى الدعة والسكون وبالتالي الميل الى البلادة المريحة.
للتغلب على هذا التحدي يجب تمرين العقل على النشاط على الدوام، فهذا ما يشبه المحافظة على اللياقة البدنية للجسد بدوام التمرين، وكذلك فإدامة التعامل مع العمليات العقلية تنشيط للعقل ورفع لكفاءته، وليس إنهاكا له كما يعتقد البعض، ودوام التزود بالمعلومات يرفع من جاهزيته ويزيد من قدراته، وهذا يحققه الإستزادة الثقافية ومتابعة كل جديد.
لا شيء يعدل المطالعة في تنمية مدارك الإنسان وتوسيع ثقافته، ولا تتوسع آفاق تفكيره بغير الثقافة.
كان الكتاب والمجلة والصحيفة الرفيق الدائم للشخص في خلواته وجلواته، انحسر ذلك الآن بشكل يدعو للقلق، البعض يضعون اللوم على (الإنترنت) ووسائل التواصل الإجتماعي التي حققتها هذه القفزة التقنية الهائلة، لكن الحقيقة أن الإنحسار قائم منذ أمد بعيد، فتستطيع أن تميز من تراه يحمل كتابا يقرأ منه كلما سنحت له الفرصة، سواء كان ذلك في الأماكن العامة في الحدائق والمتنزهات أو على الشاطئ، أو حتى في صالات الإنتظار وخلال ركوبه المواصلات العامة…فمن تراه كذلك فهو غير عربي قطعاً!.
رغم أن القلق يتزايد من العزوف عن المطالعة، سواء كانت من المصادر الورقية أو الإليكترونية، فإن هنالك بالمقابل فرص للتثقيف الذاتي أصبحت متاحة مجانا عبر الكتب المنشورة عبر تطبيقات (PDF )، مما يجعلها في متناول الجميع وبلا كلفة.
المطالعة باب للمعرفة لا يخيب رجاء طارقه، بل يرفع قدر طالبه.

مقالات ذات صلة عيد القوات الخاصة في الذاكرة الوطنية . . ! 2025/04/22

مقالات مشابهة

  • موقف عمومي
  • أحمد الشرع: يجب ألا يشكل أي وجود أجنبي في سوريا تهـ.ـديدًا للدول الأخرى عبر أراضينا
  • إطلاق 32 كائنًا فطريًا مهددًا بالانقراض في محمية الملك خالد
  • إطلاق أكثر من 30 كائنًا فطريًا في محمية الملك خالد الملكية
  • السيسي: نمضي بثبات وعزم لبناء الإنسان المصري بناء متكاملا يراعي العقل والوجدان
  • الرئيس السيسي: تجديد الخطاب الديني يتجاوز التصحيح ليقدم الصورة المشرقة للدين الحنيف
  • لماذا يشكل الفسيخ مجهول المصدر خطراً على صحتك؟.. أستاذة كيمياء الكائنات الدقيقة تحذر
  • بعد قتل كلب هاسكي.. داعية: حكم قتل النفس ينطبق على كل الكائنات الحية وليس الإنسان فقط
  • أزهري يوضح حكم الشرع في قتل وتعذيب الحيوانات
  • عالم أزهري يعلق على قـ.تل طبيب لكلب عمدًا: لايجوز إيذاء أي كائن حي