سواليف:
2024-11-08@15:32:48 GMT

العقل زينة

تاريخ النشر: 16th, May 2024 GMT

#العقل_زينة د. #هاشم_غرايبه

يعتبر الإيمان بيوم القيامة متطلبا لازما لاكتمال إيمان المؤمن، وإيمانه به منتج لإيمانه بالله وتصديقه لما جاء منه.
ولما كان ذلك أمرا سيحدث في المستقبل، فليس هنالك من دلائل مادية تؤكده أو تنفيه، فالبديل لإقناع عقل غير المؤمن هو الاستنتاج المنطقي من الوقائع، وهذه حجة دامغة لمن كان صادقا في اتباعه العقل، وليس مكابرا، بدليل أن الانسان توصل الى أن الأرض كروية، وقبل أن يثبت ذلك حسيا بعد غزو الفضاء، رغم أن الدليل الحسي كان يوهم بأنها منبسطة.


لذلك أسعى فيما يلي الى إثبات حتمية وجود اليوم الآخر باستخدام الدليل العقلي والحجة المنطقية، من غير الإستناد الى الأدلة النقلية (الكتاب والسنة).
بداية لا بد من التوافق على ثلاث حقائق هي من المسلمات التي لا جدال فيها وهي:
الأولى: سواء المقتنعون بأن الكائنات الحية جميعا تطورت عشوائيا من كائن واحد، أو أن كل كائن خلق مقصودا بذاته لأداء وظيفة مختلفة ودور محدد، فالثابت أن الإنسان هو الكائن الأول والأرقى في الأرض، فهو متميز بالعقل، والوحيد الذي يمكنه تكييف البيئة والظروف والكائنات الأخرى لمصلحته.
الثانية: كل الكائنات تموت، ولم يكتشف كائن لا يموت، ولو كان الموت والحياة مبني على الصدفة، وليس هنالك من يتحكم بها، لوجدنا كائنا ما بقي حيا الى اليوم، أو على الأقل عاش آلاف السنين.
والثالثة: يتميز الإنسان بالفردانية وحرية الإرادة والتباين وتطور المفاهيم والمتطلبات بحسب تغير الأزمنة والأمكنة، بينما الكائنات الأخرى جميعا، يتصرف كل نوع منها في نسق موحد، وبطباع وبطبيعة متشابهة الى حد كبير بين أفراد النوع الواحد، مهما تعددت مواطنها، وبثبات متطلباتها وميولها عبر العصور، بلا تغير أو تعديل.
في ظل وجود ملايين الأنواع من الكائنات الحية (وأحدها الإنسان)، فإن منطق تطور جميع الكائنات عشوائيا من كائن بدائي واحد، يفترض أن هنالك درجات متباينة من التطور، وهذه الدرجات متعددة بعدد الأنواع.
لكن الواقع غير ذلك، فجميع الأنواع ما عدا الإنسان، متطورة حيويا بدرجة واحدة تقريبا، والإنسان وحده متطور بدرجة فائقة عنها، وبفجوة هائلة بسبب العقل، والذي هو ليس الجهاز العصبي المركزي (الدماغ والحبل الشوكي)، فكل الكائنات تملك هذا الجهاز مثلها مثل الإنسان.
إذاً فلا شك أن الإنسان كائن مختلف، بمعنى أنه لوحده في كفة، والكائنات الأخرى جميعها في كفة أخرى.
ماذا يعني ذلك؟ ..الإستنتاج المنطقي يقودنا الى:
أولاً: ان خلق الإنسان الأول مختلف عن خلق الكائنات الأخرى، والهدف من وجوده غير الهدف من وجود الكائنات الأخرى.
ثانياً: كل نوع من الكائنات نافع لنفسه ومسخر لنفع نوع آخر أو نوعين، لكن كل الكائنات مسخرة بفطرتها لنفع الإنسان، وحتى الكائنات الدقيقة التي لا يراها ولا يحس بوجودها، فلها دور ولوجودها ضرورة.
ثالثاً: وبما أن الإنسان متفرد وحده بالعقل، فذلك يحمله مسؤولية رعاية وضمان التوازنات الحيوية والبيئية التي تضمن بقاء النظام الدقيق الضابط لكل العلاقات.
رابعاً: ولأن الكائنات الأخرى لا تخرج عن النظام المرسوم لها بفطرتها، فهي لا تتملك زيادة عن حاجتها من الطعام، لذلك فتنتفي عنها صفة الطمع المؤدي للظلم الفادح، والإنسان وحده يمكنه ذلك، كونه متاح له الإرادة والإختيار، لذلك يجب أن يكون تحت المساءلة فيما إذا تحمل مسؤوليته هذه أم حاد عنها.
هكذا نتوصل منطقيا ، في ظل التوازنات الملحوظة في كل جزئيات الكون، أنه لا ينبغي لمخلوق مسيّر مهيأ لما وجد له أن يحاكم على أفعاله، فيما ينبغي ذلك للمخير القادر على الفعل العادل أو الظالم.
ولا يجوز للمخلوق الأول في الأرض الذي قدم في حياته أفعالا جليلة أو قام بأفعال ضارة، أن يكون مآله الى العدم، مثله مثل الكائنات الأخرى التي خدمته ووفرت له حاجاته على غير اختيار منها.
هل يتقبل المنطق في ظل النظام الكوني الذي يربط في كل تفصيلاته بين الأسباب والنتائج، هل يتقبل في التعامل مع المخلوق الأول في الأرض..أن يترك سدى، فينتهي من نفع نفسه وغيره ومن أضر بغيره واعتدى على ما لا يحق الى النتيجة ذاتها!؟.
وكما أن التناسق لابد له من ضابط …فلا بد لتحقيق العدالة من المساءلة، وذلك هو يوم الحساب.

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: العقل زينة

إقرأ أيضاً:

هناك فرق – منى أبوزيد – مهزلة العقل البشري!!!

هناك فرق – منى أبوزيد – مهزلة العقل البشري!

“أرجو من القارئ أن يضحك على نفسه كثيرًا قبل أن يدرس التاريخ، إذ لم يخلق الله مهزلة تستوجب الضحك كالعقل البشري”.. د. على الوردي..!

 

أعرف أُمَّاً كانت ابنتها زوجةً لرجلٍ ذي نفوذ وحيثية أو شخصيةٌ مرموقة “إن شئت” بحسب تعريف مجتمع سودان ما قبل الحرب لمنصبه المهني والسياسي، ثم شاء الله أن ينتهي ذلك الزواج – الذي بدأ بحفل عرسٍ أسطوري – بالطلاق لأن الرجل المُهم الذي كان يدير شئون مؤسسة ضخمة بكامل عدَّتها وعتَادها فشل في أن يدير بعض شئون بيته..!

 

وهكذا، وبعد حساب حفنة الأرباح وأطنان الخسائر قالت الأم مخاطبةً ابنتها بتلك النبرة الواقعية التي يلوذ بها معظم الناس بعد وقوع الكوارث “إن شاء الله يا بتي بعد دا الحال يجيك زول ساكت”..!

 

وعندما استفسرت ابنتها عن معنى أن يكون زوج المستقبل “زول ساكت” قالت الأم “يعني زول عادي، راجل عيشة، لا منصب لا جاه لا لقب”..!

 

ذات النَّزعة الطبقيَّة في تصنيف “العرسان” كان يلازمها عرفٌ صارم بشأن تقييم المكالمات الواردة إلى الهواتف المحمولة. فالناس ينقسمون بحسب ذلك التصنيف إلى فئات تتراوح بين الشخصيات الهامة والناس الساكت، وذلك بحسب موقع رقم الشخص المتصل من قائمة الأرقام المميزة..!

 

عندما كنت أقيم خارج السودان الذي كان – في مطلع هذه الألفية – اشتريتُ حال وصولي إلى الخرطوم في عطلةٍ قصيرة شريحة موبايل، ثم فوجئت بعد ذلك بعدم ترحيب معظم الناس بالمكالمات الواردة من فئة الشرائح المسكينة تلك، فشكوتُ الأمر إلى إحدى صديقاتي التي أدهشتني إجابتها “بيكونوا فاكرينك زولة ساكت” ..!

 

وعندما أعربت عن استنكاري لمثل هذا التصنيف المُخِلْ تناولت هاتفها المحمول بهدوء وقامت بالاتصال بذات الرقم الذي لم أجد منه رداً. فعلَتْ ذلك بكل بساطة وهي تخاطبني قائلةً بكل ثقة “أنا رقم تلفوني في آي بي عشان كدا بيردوا طوالي”، وقد كان..!

 

ذات النهج في تصنيف الناس كان ينطبق على ما تدلي به الشخصيات – ذات الحيثية – السياسية والاقتصادية في مختلف مجالات الحكم السياسي والشغل التنفيذي والعمل العام. فقد كان هنالك دوماً ما يمكن أن يقال لشخصية ذات قوة ونفوذ، وكان هناك دوماً ما لا يمكن الحديث عنه أمام أي “زول ساكت ..!

 

في سودان ما قبل الحرب كان الحديث عن بعض الحقائق في اجتماعات القيادة ومراكز صنع القرار شيء والتصريح بشأنها في المحافل الجماهيرية والزيارات الميدانية وأمام وسائل الإعلام شيءٌ آخر..!

 

في سودان ما قبل الحرب كانت الفتاوى الدينية – بشأن القروض الربوية أو الخروج على الحاكم أو إخماد ثورة المحكوم – تكشف عن ساقها بين يدي الحاكمين بأمرهم وتتدثر بسرابل التقييد والتشديد إن كان من يطلبها هو أي “أزول ساكت” ..!

 

ثم اندلعت ثورةٌ أسقطت النظام الحاكم، وكان مُشعل شرارتها ووقودها وحارسها الأمين هو ذلك “الزول الساكت” الذي سار في المواكب وهتف وتظاهر وزأر، وبات في ميدان القيادة يحرس ثورته من غارات القياديين والمهُمين وذوي الشأن والقوة والحيثية ..!

 

ثم اندلعت الحرب في السودان وتعاظم التآمر عليه، ونزح من نزح، ولجأ من لجأ، وبقى من بقى، واستنفر من واستنفر، واستشهد من استشهد من مختلف فئات هذا الشعب الذي يواجه التشريد والتهجير ويقاوم مشاريع الاستيطان وطمس الهوية..!

 

وما يزال بعض السياسيين الخونة والناشطين العملاء والكتاب الأجراء يخاطبونه من خلال مواقع التواصل الاجتماعي وعبر وسائل الإعلام على اعتبار أنه مجرد “زول ساكت”!.

munaabuzaid2@gmail.com

صحيفة الكرامة

منى أبوزيدهناك فرق – منى أبوزيد – مهزلة العقل البشري!

مقالات مشابهة

  • "التلوث البيئي وعلاقته بالتغيرات المناخية".. ندوة بإعلام المحلة
  • أبرز أعمال الفنانة زينة.. هل تشارك في دراما رمضان 2025؟
  • هناك فرق – منى أبوزيد – مهزلة العقل البشري!!!
  • زينة تثير الجدل وتتصدر التريند وتشعل السوشيال ميديا.. ما القصة؟
  • مفتي الجمهورية: التشييد والبناء وعمارة الأرض أحد أشكال العبادة
  • بسبب فستان.. زينة تتصدر التريند
  • المفتي يُلقي محاضرةً حول "الإنسان في المنظور الحضاري الإسلامي" بمعهد أذربيجان
  • مفتي الجمهورية يُلقي محاضرةً حول "الإنسان في المنظور الحضاري الإسلامي" بأذربيجان
  • يشرب الخمر والمخدرات ولا يسكر؟.. أمين الفتوى: حرام
  • عالم بلا إنسانية