عربي21:
2025-02-02@15:28:30 GMT

رسالة إلى الرئيس أردوغان (3-3)

تاريخ النشر: 15th, May 2024 GMT

أهداف المقال

1- توجيه قناعات وميول القيادة التركية إلى الاهتمام بمشروع الهوية الوطنية وأهميته المركزية في إدارة وإصلاح الكثير من الملفات الأساسية والتحديات التي تواجه تركيا الآن.

2- تعريف القيادة التركية بأهم الأزمات الخاصة بالهوية التركية.

3- تقديم أهم الحلول المقترحة لمواجهة أزمة الهوية التركية.



عناصر المقال

1- المقدمة.

2- الأزمات.

3- الحلول والمشاريع المقترحة.

المقدمة المفاهيمية التأسيسية

1- إدارة الصراع مع الخصوم الكبار الذين يمتلكون تفوقا وقد رسخوا نظما ومعايير وأدوات لترسيخ سيطرتهم على العالم؛ تتطلب حكمة كبيرة وعميقة في تحديد نوع وتوقيت ومكان العمليات والمعارك المتنوعة التي تتم صناعتها وإدارتها، مع المحافظة على عدم الاستدراج لعملياتهم ومعاركهم ولا قوانينهم وأدواتهم، لا بد من الخروج من صندوق الخصم وسحبه لمعارك جديدة عليه ولا يمتلك أدواتها، وخارج بيئته المعتادة التي يتحكم في مقوماتها ومفاصلها.

إدارة الصراع مع الخصوم الكبار الذين يمتلكون تفوقا وقد رسخوا نظما ومعايير وأدوات لترسيخ سيطرتهم على العالم؛ تتطلب حكمة كبيرة وعميقة في تحديد نوع وتوقيت ومكان العمليات والمعارك المتنوعة التي تتم صناعتها وإدارتها، مع المحافظة على عدم الاستدراج لعملياتهم ومعاركهم ولا قوانينهم وأدواتهم
2- منهج الإسلام في بناء الهوية والدولة الجديدة، أو استعادة الدولة لهويتها الأصلية وقوتها وتموضعها الريادي، يتعامل بمنطق الحلول الجذرية العميقة والبدائل الإسلامية الخاصة وليس بمنطق إطفاء الحرائق.

3- النظام العالمي تم تصميمه وتطويره على مقومات ونماذج معيارية غربية خاصة قامت على فلسفة الكفر والطغيان والاستعمار والاستبداد، بهدف ترسيخ وجوده وقطع الطريق على صاحب الحق الأصلي المنافس الكبير له المشروع الحضاري الإسلامي (نظام اقتصادي- نقدي- مالي- ثقافي- تعليم- ثقافة- فن- إعلام- سلاح- سياسة.. الخ)، مما يتطلب نظما ونماذج معيارية إسلامية بديلة تخرج على هذا النظام وتثبت وجودها، وتتمدد وتكسب المساحات وتسترد حقوقها ومكانتها الريادية (نموذج بديل عن نموذج وليس مشتركا معه).

4- النظام العالمي بكل مكوناته ينطق من فلسفة خاصة متمردة على الله تعالى، كافرة بمنهج الله، لها عقيدة وفلسفة خاصة لا يمكن التلاقي معها، ولا بد من المحافظة على الاستقلال والتمايز والإعلان الإيماني والمفاصلة معه.

5- المشروع الإسلامي يحتاج إلى مجتمع إسلامي واع بمشروعه ومعتز به وعلى استعداد للتضحية من أجله، ولا يقوم على من يحمله لكونه الأكثر نفعا، ولا ليتاجر أو ينتفع منه، ولا لمن لا يمتلكون الوعي ولا الإيمان به، ويُتصور توظيفهم لتحقيقه.

6- المجتمع والدولة الإسلامية لا يقبلان إلا البداية الصحيحة والمسار الصحيح والوسائل والأدوات الصحيحة ولذلك يبدأ صغيرا جدا ولكنه بصحته ينطلق سريعا، ففي أقل من ربع قرن انطلق المشروع من الصفر إلى العالمية، فما بالنا بعد 22 عاما في السلطة وقد عظمت الإنجازات المادية ولم يتغير شيء في واقع المجتمع المُعلمن.

7- فكرة الانتماء للأمة الإسلامية الواحدة (للهلال) وتقدم الولاء للعقيدة على الولاء للقومية كجزء من العقيدة الإسلامية، ودورها في الولاء والدعم الفردي والجماعي من المسلمين من كافة القوميات للمشروع الإسلامي.

8- سنة وقانون الله تعالى أن صراع الشيطان مع الإنسان دائم وجوهره صراع الحق والباطل، الإيمان والكفر، ومن ثم فالعلاقة بين منهج الإسلام وغيره من المناهج علاقة حق وباطل، وتدافع وصراع دائم، ويعيش العالم كله حربا دائمة تنقسم إلى عمليات متنوعة المجالات الثقافية والهوياتية والاقتصادية والسياسية.. الخ، وتنقسم العمليات إلى معارك. وادعاء الوصول إلى والمحافظة على السلم والأمن والاستقرار العالمي إنما هو ادعاء خادع؛ لإبقاء العالم على ما هو عليه من سيادة إمبريالية للغرب الظالم على العالم.

9- القيم والهوية ليست مسألة ثانوية أو ذات أولوية ثانية متأخرة في بناء الدولة، بل هي الأساس العقدي والمفاهيمي الذي أسس الرسول صلى الله عليه وسلم؛ عليه بناء المجتمع المسلم الجديد لتحقيق التغيير الثقافي والاجتماعي والاقتصادي والسياسي. أما بشأن تأخير معالجة ظاهرة الأصنام حول الكعبة والتحلل الخُلقي لدى قريش فتمت مواجهتهما باستراتيجية المجتمع الإسلامي البديل الجديد القوي الجارف، والتمكين القيمي والهوياتي بسيادة قانون وقوة الدولة الجديدة.

10- القيم والهوية ليست مسألة ثقافية ثانوية أو ذات أولوية متأخرة بعد ملف الاقتصاد والجيش والأمن، بل القيم والهوية تمثل 90 في المئة من الوعي الاجتماعي والاقتصادي والسياسي. وحقيقة الأمر أن القوة السياسية الحقيقية لنظام الحكم والدولة في قوة الوعي الشعبي، وليست في قوة الحشود والأصوات الانتخاب.

11- الحكومات التقليدية غير الرسالية تبحث عما يطلبه الشعب وتسعى لتلبيته وإرضائه قدر الإمكان بهدف كسب أصواته الانتخابية والمحافظة على البقاء في السلطة، بينما تسعى الحكومات الرسالية إلى بناء وتقوية شعبها والارتقاء بإنسانياته وكرامته وهويته الإسلامية الأصلية، وتعزيز وعيه بذاته الإيمانية ورسالته في الحياة وبواقعه والعالم من حوله، ومشاركته واستعداده للتضحية والعمل لبناء دولته وأمته القوية الحرة المستقلة، وفي تعزيز وعي الشعب حل لكل التحديات التي يمكن أن تواجه أي حكومة في العالم. الحكم بالمطالب الجماهيرية خاطئ، وبالمطالب الجماهيرية غير الواعية كارثي، والصحيح هو الحكم بالرؤية الرسالية السياسية الواعية التي تقود الشعب مصالحه الاستراتيجية بوعيه وإرادته ومشاركته لحكومته وصبره على النتائج.

12- هوية تركيا بين أتاتورك وأردوغان:

- أتاتورك بدعم الغرب صبغ الهوية الإسلامية لتركيا بالهوية العلمانية في خمس سنوات، وانحرف بمسار الأمة التركية من الأممية العالمية إلى القُطرية المحلية..

- أردوغان والعدالة والتنمية في الحكم منذ 22 عاما ولم يتمكنوا من إحياء الروح العثمانية وحشد المشاركة والدعم الإسلامي العالمي، وانغلقوا على أنفسهم وتحملوا المسئولية وحدهم، ولم يتمكنوا حتى 2024 من إزالة الصبغة العلمانية عن تركيا وإعادة الشعب التركي إلى أصوله الإسلامية.

جميع الأزمات أسباب تعقيدها وحلها عند القيادة السياسية والمجتمع: تتعقد بغياب بوصلة ورؤية القيادة السياسية، وبغياب وعي المجتمع وارتيابه وتشككه وارتباكه وتقلب قناعاته وتوجهاته خياراته المقرونة بالمصلحة الآنية العاجلة، وتُحل برؤية القيادة السياسية ووعي وتعاون المجتمع، وأدوات كل ذلك مشروع الهوية الوطنية الإسلامية
13- جميع الأزمات أسباب تعقيدها وحلها عند القيادة السياسية والمجتمع: تتعقد بغياب بوصلة ورؤية القيادة السياسية، وبغياب وعي المجتمع وارتيابه وتشككه وارتباكه وتقلب قناعاته وتوجهاته خياراته المقرونة بالمصلحة الآنية العاجلة، وتُحل برؤية القيادة السياسية ووعي وتعاون المجتمع، وأدوات كل ذلك مشروع الهوية الوطنية الإسلامية (التضخم- صراع الأقليات القومية- صراع النفوذ القديم- اللاجئين- الإرهاب المصطنع المفتعل- دمج الشباب في القضايا العامة- اقتصار رؤية قرن تركيا على العدالة والتنمية فقط وربما ليس كل أعضاء الحزب.. الخ).

14- معيار نجاح الاحزاب في نظم الحكم الرسالية هو تعميق الهوية لدى أصحابها، ونشرها وتمكنها شعبيا وتمددها في أفكار وبرامج القوى السياسية والأحزاب المختلفة وتجسير الفجوة المفاهيمية مع المنافسين.

15- ملف الهوية الوطنية..

أهم تحديات وأزمات أزمة العدالة والتنمية 2002-2024م

1- عدم وضوح هوية الدولة التركية والاستناد إلى هويتين؛ الإسلامية الأصل تقوي والعلمانية المستحدثة الاستثناء، والتي تمثل هوية الخصوم والتي تفرق وتضعف، وإهمال وتهميش هذا الملف والتركيز على بناء القوة المادية للدولة اقتصاديا وعسكريا فقط (تم تناوله في المقال السابق).

2- غياب التمايز الإسلامي الأصلي عن العلماني المستحدث على مستوى القيادات والبنية الفكرية واستراتيجيات وبرامج الحزب.

3- ارتباك وتقاطع سلم القيم المجتمعية للمجتمع التركي.

4- الوقوع فريسة لخطط وشراكات النظام الدولي والافتتان بفلسفته ومنهاجه وقوته والعمل تحت سقفه:

- التفكير والعمل بنفس تفكيره والعمل بنفس أدواته وتحت مظلة قوانينه ومعاييره التي أسسها ويعيش بها ويفرضها على العالم.

- الخوف منه وغياب الجرأة عليه.

- القبول بالفكرة الخاطئة (الإسلاموفوبيا) والاستحياء من الإسلام، ومحاولة الدهن وعد اعلان وإبراز الذات بالبيان والقوة المطلوبة التي تُظهر وتعلي مميزات الذات الإسلامية.

5- عجز الثقات من العلماء والمفكرين المجددين في كل التخصصات الإنسانية والكونية الذين يضعون البنية الفكرية والعلمية لإعادة الإحياء وبناء القوة من جديد.

6- عدم الاستماع للرأي الآخر من خارج الحزب، والاستغراق في نشوة الانتصار في العمليات والمعارك الأولى.

عدم وضوح هوية الدولة التركية والاستناد إلى هويتين؛ الإسلامية الأصل تقوي والعلمانية المستحدثة الاستثناء، والتي تمثل هوية الخصوم والتي تفرق وتضعف، وإهمال وتهميش هذا الملف والتركيز على بناء القوة المادية للدولة اقتصاديا وعسكريا فقط
7- إهمال الاستثمار الفطري الطبيعي في الذات العثمانية العظيمة المؤسسة للدولة وسبب بناء وقوة الدولة والإمبراطورية العثمانية التي قادت الأمة الإسلامية ستة قرون متتالية، والتي تمتلك رصيدا من الحب والثقة والأمل والانتماء والولاء لكل مسلم في كل قارة ودولة ومدينة وشارع في العالم من كافة قوميات العالم.

8- الاشتباك التقليدي مع النظام الدولي فيما يتعلق بقضايا الإسلام والعمل الإسلامي بمنطق إطفاء الحرائق، لا إحياء ودعم تحرك الذات الإسلامية في شعوب العالم الإسلامي لتتحمل هي مسؤولياتها في الذود عن الإسلامية ومعالجة قضاياها مع أعدائها بنفسها.

9- اتخاذ مسار الإصلاح الناعم البطيء الذي يمنح الخصوم فرص المقاومة والهدم، بدلا من خيار الإصلاح التغييري الإحلالي القوي المحكم، المؤسس على تطهير هوية المجتمع مما اعتراها من دخن العلمانية، بمشروع قوى وواضح للهوية الوطنية التركية الإسلامية.

الحلول والمشاريع المقترحة

1- ترجمة رؤية قرن تركيا؛ من مجرد رؤية نظرية إلى رؤية عملية، بتصميم البنية الثقافية والهوياتية لها (فكر وتخطيط وتنفيذ)، من أدبيات فكرية ونظام فكرى متكامل الأهداف والمفاهيم والمعايير، ومشاريع وطنية، والقيادات والمؤسسات التنفيذية، ونظام المتابعة والتقويم وقياس الإنجاز في واقع تطور المواطن والدولة.

2- مشروع الهوية الوطنية للأمة التركية، شاملا منظمة الدول التركية لمجموعة الدول التركية كأساس ونظام فكرى موحد لازم لـ:

أ- تطوير الدستور التركي.

ب- منهج لبناء القوة البشرية اللازمة لتحقيق رؤية القرن التركي.

ج- الروح الملهمة والباعثة لجسد الأمة التركية.

د- مرجع لتوحيد وحشد الأمة التركية داخليا والشعوب الإسلامية مع تركيا خارجيا.

هـ- جسر ربط وتأصيل وتوثيق الأمة التركية بالتاريخ الحضاري الإسلامي للعالم أربعة عشر قرنا من الزمان، في مواجهة أمريكا ذات الـ300 عام.

و- إعلاء الأنا والذات الشخصية التركية الواضحة للشراكة والتحالف مع القوى العالمية.

ز- تأمين الأمة التركية من التحولات المستقبلية غير المتوقعة.

ح- امتلاك نظام إنذار مبكر ذاتي لمراقبة والتحذير من مشاكل ومخاطر تقلب الهوية (الاختراق- الدخن- التفكيك والذوبان- الزلزال الاجتماعي- الصراع الأهلي.. الخ).

3- تأسيس وزارة للهوية الوطنية التركية بقيادة وادارة ملف الهوية الوطنية بالتنسيق مع الوزارات السبع لبناء الإنسان والشعب التركي.

4- تصميم البنية الفكرية للعقيدة العسكرية والأمنية التركية الأممية لتصبح الأساس والمرجع والمعيار الدستوري الراسخ لتطوير العقيدة العسكرية والأمنية لتركيا، وخطة بنائها وتمكينها في هوية ووعي الشعب التركي بالتوازي مع وعي ومهنية الجيش والأمن التركي.

5- مشروع النظم المعيارية لكافة مجالات حياة الأمة التركية لتعزيز وترسيخ الهوية العميقة للأمة التركية واستقلال القوة والإرادة التركية، وصناعة البديل التركي الخاص عن النموذج العالمي الغربي الداعم للهيمنة الأمريكية على العالم:

- النظام المعياري للتعليم التركي.

- النظام المعياري للنظام النقدي والمالي والاقتصاد التركي.

- النظام المعياري للصناعات التركية.

- النظام المعياري للصحة التركية، للأمن التركي، للعسكرية التركية.. الخ؛ لكافة مجالات الحياة.

6- مشروع استقطاب والاستثمار في العقول الإسلامية العلمية الكبيرة في العلوم الإنسانية والكونية، وبناء وتنشيط البيئة المعرفية العلمية والابتكارية التركية كقاعدة لنهوض تركيا والأمة الإسلامية (استقطاب رأس المال العلمي الإسلامي المتناثر عالميا لخدمة المشروع الغربي):

أولا: الوافدة إلى تركيا خلال العقد الماضي بعد أحداث الربيع العربي الأول.

ثانيا: حصر العلماء المسلمين في العالم العاملين بالمركز العلمية العالمية.

ثالثا: العلماء المسلمون الناشئون المرتقبون.

7- مشروع كليات ومراكز إعداد القادة تركيا بديلا عن تدريب قادة العالم الإسلامي في كليات القادة الأمريكية والأوروبية.

8- مشروع النظام المعلومات والأمني الخاص بالدول والأجهزة الإسلامية فقط وفق المعايير التركية، وتضم إليه الأجهزة والدول الموثوق فيها تباعا.

9- مشروع تتريك التعليم الأساسي والجامعي التركي، وتحريره من قبضة النفوذ والتوجيه الغربي.

10- مشروع إحياء الروح العثمانية الإسلامية محليا وإقليميا وعالميا، وإعادة بناء البنية التحتية  لرؤية مشروع قرن تركيا والأمة التركية العالمية؛ مركز قيادة العالم الإسلامي والقطب القوي الثالث الفاعل في النظام العالمي الجديد.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الهوية تركيا أردوغان العدالة والتنمية تركيا أردوغان العدالة والتنمية مشاريع الهوية مقالات سياسة صحافة سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة القیادة السیاسیة الأمة الترکیة بناء القوة على العالم

إقرأ أيضاً:

الرئيس عون تسلّم رسالة دعم ومساندة من مصر للبنان

 اكد رئيس جمهورية مصر العربية عبد الفتاح السيسي، "دعم مصر الكامل للبنان واستعدادها التام لمساندته في تخطي تبعات الحرب الإسرائيلية الأخيرة عليه والمشاركة في عملية إعادة الاعمار، فضلا عن التزامها دعم مؤسسات الدولة والجيش لضمان انتشاره على كل الأراضي اللبنانية بما في ذلك مناطق الجنوب".

موقف الرئيس المصري جاء في رسالة خطية نقلها الى الرئيس عون وزير الخارجية المصري الدكتور بدر احمد عبد العاطي خلال استقباله قبل ظهر اليوم في قصر بعبدا، جاء فيها: "يطيب لي ان أتوجه اليكم بالاصالة عن نفسي وبالنيابة عن الشعب المصري بأصدق التهاني القلبية على توليكم منصب رئيس الجمهورية اللبنانية الشقيقة، تلك المسؤولية التي تحملونها على عاتقكم في مرحلة محورية من تاريخ لبنان الشقيق، لخدمة الشعب اللبناني العظيم الذي عانى ويلات الحرب على مدار الأشهر الماضية.

وانني اذ اغتنم هذه الفرصة لاعرب لكم عن دعم مصر الكامل للبنان العزيز- حكومة وشعبا - تحت قيادتكم الحكيمة، وأؤكد لكم استعداد مصر التام لمساندة لبنان الشقيق في تخطي تبعات الحرب والدمار والمشاركة في عملية إعادة اعمار لبنان، فضلا عن التزام مصر دعم مؤسسات الدولة اللبنانية والجيش اللبناني، بما يضمن انتشاره بكافة الأراضي اللبنانية، بما في ذلك مناطق الجنوب اللبناني.

كما يسعدني ان اغتنم هذه المناسبة لدعوتكم اخي فخامة الرئيس لزيارة بلدكم الثاني مصر في اقرب فرصة بهدف التنسيق والتشاور في مجمل القضايا الثنائية والإقليمية والدولية وبما يعكس علاقات الاخوة بين البلدين الشقيقين".

وكان الرئيس عون استقبل في العاشرة قبل ظهر اليوم في قصر بعبدا، في حضور وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الاعمال الدكتور عبد الله بوحبيب، وزير خارجية جمهورية مصر العربية الدكتور بدر أحمد عبد العاطي على رأس وفد، ضم، سفير مصر علاء موسى، الوزير المفوض الدكتور هاني خضر، نائب السفير المصري المستشار في السفارة المصرية مصطفى محروس والسكرتير الثاني في مكتب الوزير أحمد أبو النجا.

وبعدما تسلم الرئيس عون رسالة الرئيس السيسي، رحب بالوزير المصري والوفد المرافق، شاكرا له زيارته، منوها بـ"الجهود التي بذلها الرئيس المصري والسفير في بيروت لمساعدة لبنان في انهاء الفراغ الرئاسي من خلال اللجنة الخماسية"، وحمل الوزير عبد العاطي تحياته إلى الرئيس السيسي وشكره على الدعوة التي وجهها إليه لزيارة جمهورية مصر العربية من ضمن الزيارات التي يعتزم القيام بها بعد تشكيل الحكومة الجديدة.

واستذكر الرئيس عون اللقاء الذي عقده مع الرئيس السيسي عندما كان قائدا للجيش، والدعم الذي قدمته مصر للمؤسسة العسكرية، مؤكدا أن "لبنان يرحّب بأي مساعدة تقدمها مصر الشقيقة في المجالات كافة".

وتطرق رئيس الجمهورية إلى العلاقات اللبنانية-المصرية، مؤكدا "ضرورة تفعيل اللجنة المشتركة بين البلدين بعد تشكيل الحكومة".

وتناول الرئيس عون الوضع في الجنوب، فأكد للوزير المصري أن "لبنان متمسك بانسحاب إسرائيل من الأراضي التي احتلتها خلال الحرب الأخيرة ضمن المهلة المحددة في 18 شباط المقبل"، معتبراً أن لبنان "يرفض المماطلة في الانسحاب تحت أي ذريعة كانت"، مشددا على "إعادة الأسرى اللبنانيين الذين اعتقلتهم إسرائيل خلال حربها على لبنان".

ولفت الرئيس عون، الى أن "المنطقة العربية تشكل جسما واحدا متكاملا والتحديات تحيط بالجسم ككل"، مشددا على "أهمية التعاون المشترك للتمكن من اجتياز المرحلة الراهنة في المنطقة والمخاطر التي تحيط بها".

بدوره، اعتبر الوزير المصري ان "انتخاب الرئيس عون هو موضع ترحيب وتقدير من الرئيس السيسي والشعب المصري"، وقال: "كلنا ثقة تماما في قدرة فخامتك وحكمتك في إدارة الدفة في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ لبنان والمنطقة"، منوها بـ"الثقة والأمل اللذين استعادهما الشعب اللبناني من خلال هذا الانتخاب".

واكد أن "مصر مستعدة لتقديم كل ما من شأنه مساعدة لبنان في التعافي وإعادة إعمار ما تهدم خلال العدوان الإسرائيلي الأخير عليه"، مشيرا إلى "جهوزية الشركات المصرية واستعدادها بالتنسيق مع الجانب الفرنسي والمجتمع الدولي للمساهمة في الجهد الدولي لإعادة الأعمار ومشاركة لبنان في خبراته في مختلف المجالات مثل قطاع الكهرباء والغاز وغيره من القطاعات".

وحضر اللقاء عن الجانب اللبناني إلى الوزير بوحبيب، المدير العام لرئاسة الجمهورية الدكتور أنطوان شقير والمستشارون جان مراد، جان عزيز، ميشال دوشيديرفيان ورئيس مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية رفيق شلالا.

وبعد اللقاء، قال الدكتور عبد العاطي في تصريح للصحافيين: "كان لي شرف اللقاء بفخامة الرئيس جوزاف عون في ثالث زيارة لهذا البلد الشقيق وهذه العاصمة العزيزة علينا وعلى قلوبنا بيروت خلال ستة اشهر، بتكليف وتوجيه من فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي لتقديم التهنئة والدعم والتضامن للشعب اللبناني وللبنان ولفخامة الرئيس على انتخابه، والذي كان مبعث ارتياح شديد، ليس فقط للشعب اللبناني ولكن أيضا للشعب المصري والقيادة المصرية والحكومة المصرية".

اضاف: "كلنا امل وثقة بإدارة الرئيس عون الحكيمة  لدفة الأمور في هذا البلد الشقيق وبان لبنان سيتعافى وسينهض ليتبوأ مكانته العزيزة والكريمة بين الأمم والشعوب، وهو طالما  كان في القلب وسيظل دائما مركزا للثقافة والفن والنشاط الاقتصادي والمالي لكل العالم العربي".

وتابع: "خلال لقائي فخامة الرئيس نقلت اليه رسالة خطية من الرئيس عبد الفتاح السيسي تؤكد التضامن والدعم المصريين الكاملين للبنان وللقيادة اللبنانية في هذه المرحلة الدقيقة والعصيبة التي لا يمر لبنان بها فحسب، بل المنطقة العربية بأسرها. وتؤكد هذه الرسالة تضامننا وثقة مصر والقيادة المصرية في شخص الرئيس عون بانه سيقود دفة الأمور الى بر الأمان، وكلنا ثقة بانه سيكون هناك ازدهار واستقرار وامن في لبنان الشقيق. كما تحدثنا عن توجيه دعوة رسمية من الرئيس عبد الفتاح السيسي نقلتها الى فخامة الرئيس العماد جوزاف عون وتم تضمين الرسالة إياها، وذلك لزيارة بلده الثاني مصر في اقرب فرصة ممكنة. كما اكدت توجيهات فخامة الرئيس السيسي للحكومة المصرية للعمل على إعادة تطوير وتفعيل وتنشيط كل اطر التعاون الثنائي بين البلدين الشقيقين. ونحن نتطلع الى انعقاد اللجنة العليا المشتركة برئاسة رئيسي وزراء البلدين خلال هذا العام فور تشكيل الحكومة بقيادة دولة الرئيس نواف سلام".

واردف: "تحدثنا أيضا عن الدعم المصري الكامل للبنان في إعادة الاعمار وحل الازمات وذلك  في اطار جهد دولي. وقد اكدت استعداد مصر والحكومة المصرية والشركات المصرية خدمة لبنان وتنفيذ كل مشروعات التعافي واعادة الاعمار في اطار الجهد الدولي الذي سيبذل في هذا الشأن. كما تحدثنا عن الأهمية البالغة لتنفيذ القرار 1701 بكل بنوده ونصوصه وروحه من دون انتقاص. وأكدت لفخامته ان مصر حريصة كل الحرص على ضرورة الانسحاب الإسرائيلي الكامل من جنوب لبنان دون الانتقاص من اي شبر من السيادة والأراضي اللبنانية. كما تناولنا ترحيب مصر الكامل بانتشار الجيش اللبناني في جنوب لبنان وحرص مصر على تقديم كل الدعم الكامل الى المؤسسة العسكرية والى الجيش اللبناني الوطني العظيم. كذلك تحدثنا عن أهمية، وهو ما تؤكده مصر دائما، عودة جميع النازحين الى الجنوب اللبناني، وهذا موقف واضح. ونعيد تأكيد مرة أخرى العودة الى المنازل في الجنوب والبقاع وادانتنا الكاملة للاستهداف غير المبرر وغير المشروع للمدنيين اللبنانيين اثناء عودتهم الى منازلهم".

وختم: "نتطلع الى سرعة الانتهاء من تشكيل الحكومة بقيادة دولة الرئيس نواف سلام حتى يستكمل لبنان مؤسساته واستحقاقاته ويتم التفرغ لاعادة الاعمار ليعود لبنان مركزا للاشعاع الحضاري والثقافي والفني والاقتصادي والمالي في المنطقة العربية".

سئل: هل ستلعب مصر دورا إضافيا لوقف الخروق الإسرائيلية واجبار العدو على الانسحاب من القرى والبلدات الجنوبية في ظل استمرار سقوط المدنيين الذين يدافعون عن ارضهم؟

أجاب: "الدور مستمر ولن يتوقف ولو للحظة واحدة، والموقف المصري ثابت في وقف كل الانتهاكات والخروقات والانسحاب الكامل غير المشروط. لدي اتصالات دورية مع الأخ العزيز معالي الوزير عبد الله بو حبيب ومع الإدارة الاميركية الجديدة والجانب الإسرائيلي ومع فرنسا الصديقة. وخلال هذه الاتصالات، نؤكد دائما أهمية الالتزام الكامل باتفاق التهدئة ووقف اطلاق النار وأيضا ضرورة الانسحاب الإسرائيلي الكامل من كل الأراضي اللبنانية من دون انتقاص ووقف الانتهاكات وعدم استهداف المدنيين، هذا هو الموقف المصري الثابت. والاتصالات التي ذكرتها مستمرة على المستويات الامنية لنقل هذه الرسالة ولاعادة التأكيد على عناصر هذا الموقف الذي لن يتغير".

وعن نظرة "الخماسية" الى مسار تأليف الحكومة، وهل من بطء في تشكليها وانعكاس ذلك على الزخم الدولي الذي واكب انطلاق العهد وانتخاب رئيس الجمهورية، أكد ان "تشكيل الحكومة يجب ان يتم بإرادة لبنانية وطنية تامة، ونحن ندعم كل جهود دولة الرئيس نواف سلام في تشكيل حكومة لبنانية لا تقصي احدا ولا تستبعد احدا وتعكس كل التنوع الطائفي والديني في لبنان الشقيق. ونحن نتطلع الى سرعة انجاز هذا الامر وان تكون هناك حكومة لبنانية قوية تمثل الجميع حتى تتولى مسؤولياتها الوطنية في إعادة الاعمار وتلبية تطلعات الشعب اللبناني الذي عانى كثيرا وآن له ان يستريح ويستقر وينعم بالرفاهية وإعادة اعمار ما تم تدميره من الجانب الإسرائيلي".

مقالات مشابهة

  • مكتب الشئون الاجتماعية بمأرب يبدأ تدريب موظفيه على النظام الآلي ضمن مشروع الأتمتة
  • مركز الملك سلمان للإغاثة يدشّن مشروع توزيع مواد إيوائية وحقائب شتوية في جمهورية باكستان الإسلامية لعام 2025م
  • طرد ضباط من الجيش التركي بسبب "قسم أتاتورك"
  • رئيس هيئة الرقابة الصحية: المبادرات أسهمت في تحسين النظام الصحي (حوار)
  • الرئيس عون تسلّم رسالة دعم ومساندة من مصر للبنان
  • الاستخبارات التركية تكشف دور أردوغان في إطلاق أسرى تايلانديين في غزة
  • رابطة العالم الإسلامي تُعرِب عن تعازيها في ضحايا اصطدام طائرة ركاب بمروحية عسكرية في واشنطن
  • رابطة العالم الإسلامي تُعرِب عن تعازيها في ضحايا حادثة اصطدام طائرة ركاب بمروحية عسكرية في واشنطن
  • الرئيس السوري: سنعمل على تشكيل حكومة انتقالية شاملة
  • رئيس الجمهورية العربية السورية السيد أحمد الشرع يتلقى رسالة تهنئة من رئيس الجمهورية التركية السيد رجب طيب أردوغان أكد فيها الرئيس التركي على وقوف بلاده إلى جانب الشعب السوري والارتقاء بالعلاقات الثنائية واللقاء في أقرب وقت