لجريدة عمان:
2025-02-27@05:04:00 GMT

عمّا يستفزنا في الحديث عن إعادة إعمار غزة!

تاريخ النشر: 15th, May 2024 GMT

تقول أكثر التقديرات تفاؤلا إن إعادة إعمار غزة يتطلب 40 مليار دولار. يتم الحديث عن إعادة الإعمار بطريقتين. الأولى، بمعنى أن تكون تحت السيطرة الإسرائيلية، أي أن تحوّل لمساحة شاسعة «لركن السيارات». الثانية، بمعنى إعادة البناء، وإعادة توطين النازحين.

مع أن خطاب التطبيع لعبدالخالق عبدالله لا يحتاج أي فطنة لفهم حقيقته، أُريد اليوم أن أقتبس تغريدة له، وأحللها لنفهم كيف يُمكن لخطاب التفاؤل أن يكون ألد أعداء الحرية.

يقول -وقد أرفق صورة توضيحية لعمارات وشوارع وناطحات سحاب تخترق السماء-: «غزة سنة 2035 وقد تجاوزت نكبتها واستقطبت 40-50 مليارا استثمارات ومساعدات خليجية وعالمية وتحولت إلى مركز مالي وسياحي وتقني مزدهر بإدارة فلسطينية ذاتية تنافس تل أبيب وبعيدا عن محور إيران».

بالمجمل يتجاهل هذا الخطاب النية الحقيقية للاحتلال بتحويل غزة إلى مكان غير قابل للحياة. وأنه على نهج النكبة الأولى، لا نية لديه لأن يُعيد من هجر، أبسط ما يُمكن أن يُقال عن كلام كهذا أنه هبل، لكني أُريد مع هذا تحليله كلمة كلمة، للتنفيس عن الغضب الذي تُفجره فينا قراءة تغريدة من هذا القبيل.

أولا، الوقت المتطلب للإعمار. تقول تقديرات الأمم المتحدة إن إعادة إعمار غزة تحتاج لثمانين عاما، هذا طبعا بافتراض أن ثمة نية وتعاونا أمميا لتحقيق الهدف. الحديث عن استعادة الحياة كما كانت وأفضل خلال عشر سنوات معدوم البصيرة‘ إنه يُهوّن من حجم الدمار الذي حلّ بالقطاع، ومن الخسارات المادية والعاطفية المرتبطة بأن ترى أماكنك الحبيبات تُهرس تحت جنازير الدبابات، وحيّك مُدمر للحد الذي لا تستطيع معه تمييز بيتك من بين الركام الرمادي المكوم بطول الطريق.

ثانيا، استقطاب الاستثمارات الخليجية والعالمية. الحديث عن إعادة الإعمار بمساعدة أجنبية فيه ضرب من السذاجة لو كان متعلقا بمكان آمن، فما بالك حين يكون متعلقا بمنطقة صراعات كانت وستبقى متوترة لعقود. لا يخفى على المتحدث الإرث الاستعماري الناعم عبر الاقتصاد، ولا الأثر التراجيدي للتدخلات الخليجية في مناطق مثل اليمن والسودان. يُراد من سياسات الترفيه أن تعمل عمل المخدر (إذا ما تحول القطاع إلى منطقة ثرية، سيُشغل شعبه بالامتيازات عن الانتفاض والعمل على التحرير). بالطبع هذا لن يكون ممكنا بالنسبة لجيل وقع ضحية وحشية نادرة لا يُمكن أن تمحى صدمته الجماعية لا بالمال ولا بملهيات أخرى. بل يرى في إبقاء الذاكرة حية واجب إنساني.

ثالثا، منافسة تل أبيب. لا يكتفي هذا الخطاب برسم الأوهام حول إمكانية تجاوز النكبة، بل إنه يفعل أبشع ما يُمكن أن يُفعل: وضع تل أبيب كمرجعية، ومحك للمقارنة، ومثال للاحتذاء. إنه يطلب ممن وفرته إبادة تل أبيب الشرسة، ممن نجى بمحض الصدفة والحظ من قتلته، أن يقف على قدميه ويعمل ليكون نسخة منه. تل أبيب، وهي تمثيل لكل ما هو خاطئ في عالمنا، تُصبح مضرب المثل! خطاب كهذا -فوق امتهانه- يفشل في أن يتعلم الدرس الأول من كارثة كهذه. عوض أن ينقد أستاذ العلوم السياسية، ويناضل ضد كل ما يُمكن أن يُكرر المأساة، يبجل الظالم، ويجعله مضرب المثل.

عموما، شعب غزة لا ينتظر من أحد أن يمنحه لا الإذن ولا العون ليُعيد الإعمار. إنه يفعله الآن وعلى نحو يومي. يضع الطوبة فوق الطوبة مع علمهم أنها على الأغلب ستنهار عند القصف التالي.

الحقيقة أن أي إعمار قد يحصل هو عبر المزيد من المقاومة لا مع التسليم بلعبة السلام، وهذه ليست الطريقة الكريمة لتحقيق الحرية والعدالة، بل الطريقة العملية والممكنة.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الحدیث عن ی مکن أن تل أبیب

إقرأ أيضاً:

الامتحان الأصعب إعمار الجنوب

كتب رضوان عقيل في" النهار: يناقش النواب البيان الوزاري لحكومة الرئيس نواف سلام تحت عنوان "الإصلاح والإنقاذ"، وستحصل غدا الأربعاء على ثقة العدد الأكبر من أعضاء البرلمان ما عدا تكتل "لبنان القوي" غير الممثل في الحكومة، إلى عدد من النواب المستقلين الذين لم يلمسوا أن الحكومة بدأت رحلتها وفق قواعد صحيحة، ولا سيما أن مستقلين وتغييريين لم يروا في تشكيلتها كل طموحاتهم أو ما طلبوه من مواصفات في قماشة الوزراء.
يشكل البيان محل رضا وقبول عند الكتل الكبرى القادرة على إيصال الحكومة إلى شاطئ الأمان وإعطائها المساحة المطلوبة لتنفيذ جملة من المشاريع الإصلاحية قبل موعد الانتخابات النيابية المقبلة، التي يبدو الأفرقاء متحمسين لها، وقد بدأت الأحزاب تستعدّ ليوم "الحساب الكبير".
وإذا كان تركيز الجميع على البرلمان لضرورة حصد أكبر عدد من المقاعد، فإن الملفات التي تناولها البيان الوزاري كلها ملحة، من التطرق إلى رزمة تحديات فضلا عن تهديدات إسرائيل وإمكان انسحابها من النقاط المحتلة في الجنوب، ولكن يبقى ملف الإعمار في صدارة الاهتمامات، وهذا ما سيبرز لدى كتلتي الرئيس نبيه بري و"حزب الله" اللتين ستردان بطريقة غير مباشرة على جهات تفكر في عدم البدء بالإعمار قبل موعد الانتخابات النيابية، لافتعال مشكلات لـ"الثنائي" وإرباكه مع بيئته.
ويقول بري إنه مع منح الحكومة "فترة سماح" مئة يوم لتقوم بما تعهدت به، وخصوصا ملف الإعمار، ولا سيما أن عامل الوقت لا يصب في مصلحة الجميع، إذ إن الأوضاع الضاغطة تتطلب تحقيق جملة من الإنجازات الموعودة. 
ويبقى البيان محل قبول عند مجموع النواب، وخصوصا في موضوع الإصلاحات القضائية وتفعيل هيئات الرقابة.

مقالات مشابهة

  • 524 مليار دولار تكلفة إعادة إعمار «أوكرانيا» نتيجة الحرب الروسية
  • مستشار رئاسي إماراتي يوضح لـCNN ما لا يمكن أن يتم بخطة إعمار غزة واستثمارات المليارات
  • غزة واقتصاد الإعمار
  • دور مصر المرتقب في إعادة إعمار السودان.. اجتماع مهم يناقش التفاصيل
  • إعادة إعمار ليبيا.. استثمارات أجنبية وتحديات سياسية معقدة
  • الامتحان الأصعب إعمار الجنوب
  • لميس الحديدي: القمة العربية الطارئة تحدد خارطة الطريق لإعادة إعمار غزة
  • وزير مصري يتحدث عن قدرة القاهرة على تنفيذ سريع لخطة إعمار غزة
  • وزير الري: مصر تمتلك قدرات وكفاءات ستكون عاملًا حاسمًا في نجاح خطة إعادة إعمار غزة
  • رغبة مصرية في المساهمة بإعادة إعمار السودان