عمّا يستفزنا في الحديث عن إعادة إعمار غزة!
تاريخ النشر: 15th, May 2024 GMT
تقول أكثر التقديرات تفاؤلا إن إعادة إعمار غزة يتطلب 40 مليار دولار. يتم الحديث عن إعادة الإعمار بطريقتين. الأولى، بمعنى أن تكون تحت السيطرة الإسرائيلية، أي أن تحوّل لمساحة شاسعة «لركن السيارات». الثانية، بمعنى إعادة البناء، وإعادة توطين النازحين.
مع أن خطاب التطبيع لعبدالخالق عبدالله لا يحتاج أي فطنة لفهم حقيقته، أُريد اليوم أن أقتبس تغريدة له، وأحللها لنفهم كيف يُمكن لخطاب التفاؤل أن يكون ألد أعداء الحرية.
يقول -وقد أرفق صورة توضيحية لعمارات وشوارع وناطحات سحاب تخترق السماء-: «غزة سنة 2035 وقد تجاوزت نكبتها واستقطبت 40-50 مليارا استثمارات ومساعدات خليجية وعالمية وتحولت إلى مركز مالي وسياحي وتقني مزدهر بإدارة فلسطينية ذاتية تنافس تل أبيب وبعيدا عن محور إيران».
بالمجمل يتجاهل هذا الخطاب النية الحقيقية للاحتلال بتحويل غزة إلى مكان غير قابل للحياة. وأنه على نهج النكبة الأولى، لا نية لديه لأن يُعيد من هجر، أبسط ما يُمكن أن يُقال عن كلام كهذا أنه هبل، لكني أُريد مع هذا تحليله كلمة كلمة، للتنفيس عن الغضب الذي تُفجره فينا قراءة تغريدة من هذا القبيل.
أولا، الوقت المتطلب للإعمار. تقول تقديرات الأمم المتحدة إن إعادة إعمار غزة تحتاج لثمانين عاما، هذا طبعا بافتراض أن ثمة نية وتعاونا أمميا لتحقيق الهدف. الحديث عن استعادة الحياة كما كانت وأفضل خلال عشر سنوات معدوم البصيرة‘ إنه يُهوّن من حجم الدمار الذي حلّ بالقطاع، ومن الخسارات المادية والعاطفية المرتبطة بأن ترى أماكنك الحبيبات تُهرس تحت جنازير الدبابات، وحيّك مُدمر للحد الذي لا تستطيع معه تمييز بيتك من بين الركام الرمادي المكوم بطول الطريق.
ثانيا، استقطاب الاستثمارات الخليجية والعالمية. الحديث عن إعادة الإعمار بمساعدة أجنبية فيه ضرب من السذاجة لو كان متعلقا بمكان آمن، فما بالك حين يكون متعلقا بمنطقة صراعات كانت وستبقى متوترة لعقود. لا يخفى على المتحدث الإرث الاستعماري الناعم عبر الاقتصاد، ولا الأثر التراجيدي للتدخلات الخليجية في مناطق مثل اليمن والسودان. يُراد من سياسات الترفيه أن تعمل عمل المخدر (إذا ما تحول القطاع إلى منطقة ثرية، سيُشغل شعبه بالامتيازات عن الانتفاض والعمل على التحرير). بالطبع هذا لن يكون ممكنا بالنسبة لجيل وقع ضحية وحشية نادرة لا يُمكن أن تمحى صدمته الجماعية لا بالمال ولا بملهيات أخرى. بل يرى في إبقاء الذاكرة حية واجب إنساني.
ثالثا، منافسة تل أبيب. لا يكتفي هذا الخطاب برسم الأوهام حول إمكانية تجاوز النكبة، بل إنه يفعل أبشع ما يُمكن أن يُفعل: وضع تل أبيب كمرجعية، ومحك للمقارنة، ومثال للاحتذاء. إنه يطلب ممن وفرته إبادة تل أبيب الشرسة، ممن نجى بمحض الصدفة والحظ من قتلته، أن يقف على قدميه ويعمل ليكون نسخة منه. تل أبيب، وهي تمثيل لكل ما هو خاطئ في عالمنا، تُصبح مضرب المثل! خطاب كهذا -فوق امتهانه- يفشل في أن يتعلم الدرس الأول من كارثة كهذه. عوض أن ينقد أستاذ العلوم السياسية، ويناضل ضد كل ما يُمكن أن يُكرر المأساة، يبجل الظالم، ويجعله مضرب المثل.
عموما، شعب غزة لا ينتظر من أحد أن يمنحه لا الإذن ولا العون ليُعيد الإعمار. إنه يفعله الآن وعلى نحو يومي. يضع الطوبة فوق الطوبة مع علمهم أنها على الأغلب ستنهار عند القصف التالي.
الحقيقة أن أي إعمار قد يحصل هو عبر المزيد من المقاومة لا مع التسليم بلعبة السلام، وهذه ليست الطريقة الكريمة لتحقيق الحرية والعدالة، بل الطريقة العملية والممكنة.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الحدیث عن ی مکن أن تل أبیب
إقرأ أيضاً:
بعيو: لا يمكن استمرار تأجيل النتائج وإلاّ تعرضت العملية الإنتخابية البلدية كلها للفشل
قال محمد بعيو، المكلف من مجلس النواب، برئاسة المؤسسة الليبية للاعلام، إنه منذ سنوات ولأسباب لا علاقة لها بالخوف ولا بالإنتماء المناطقي نأى بنفسه قدر ما يستطيع عن الإشتباك مع أهله في مصراتة، إلاّ عندما يتعلق الأمر بالمسائل الوطنية العابرة للمناطقيات وللقبليات، لأن ليبيا بالنسبة لي أكبر من مصراتة، حتى وإن تكبر عليها في مرحلة ما بعض المغرورين الجاهلين متوهمين أنهم قوة فوق الوطن لا وجود لها في الواقع، متجاهلين أو متناسين أن مدينةً ليبية مهما تضخمت وتوهمت لن تكون أكبر من ليبيا، حتى وإن حكمت ظروف تاريخية ظالمة على ليبيا بالضعف والهوان كما هو حالها الآن.
أضاف في تدوينة بفيسبوك قائلًا “نعم ما حدث في انتخابات بلدية مصراتة هو السبب في تأخير إعلان المفوضية الوطنية العليا للإنتخابات لنتائج الإنتخابات البلدية، رغم أن المفوضية لم تتأخر أو لم تستنفد الأجل المحدد لها وفق قانونها لإعلان النتائج بعد إجراء الإنتخابات وهو 15 يوماً وإليكم الحقائق كاملة لا زيف فيها ولا زيادة ولا نقصان”.
وتابع “بحكم طبيعة المدينة والشخصية المصراتية القائمة على التنافس في كل شيء، تعددت قوائم المترشحين ومعظمها متنافسة بل ومعادية لقائمة إعمار المرتبطة بعائلة الدبيبات المكروهة في مصراتة، ولهذا حققت إعمار أو ربما توهمت أنها حققت فوزاً بعدد أصوات يبلغ نحو 160 صوت {حسب العد الأولي وليس النهائي} عن القائمة التي تليها وهي قائمة الشجرة، وتسرعت إعمار برئاسة محمود السقوطري في التبجح بفوزها الضعيف وغير المؤكد بعد، بل تم تداول فيديو يتكلم فيه بعض سفهائها عن مواطنين ليبيين في مناطق مجاورة بكل عنصرية وتعالي، والحديث عن أحد الفائزين المستقلين المعروفين بوطنيتهم وشجاعتهم السيد فتحي الأمين التركي بعدوانية وتحامل”.
وأضاف “ظهرت لدى المفوضية الوطنية العليا للإنتخابات مؤشرات وجود أخطاء في العد والفرز، حيث بينت المنظومة الألكترونية بالمفوضية وجود خلل في التطابق بين بيانات بعض الناخبين وأصواتهم، مما جعلها تتخذ قرارها بإعادة فتح مجموعة من الصناديق المشتبه في وجود خلل بها وهذا أمر طبيعي وضروري في أية انتخابات، وهو قرار تملكه المفوضية وفق قانونها، ولابد منه في مثل هذه الظروف، وحاولت القيام بالعمل وفتح الصناديق لكن القوة المشتركة بمصراتة منعتها متذرعة بإعطائها بعض الوقت لترتيب الأوضاع اجتماعياً كي لا تحدث مشاكل كبيرة في حالة إعادة الفرز وتغير النتائج، حيث لم تتوان المجموعة المتحكمة في مصراتة والتابعة للدبيبات عن التهديد بإشعال فتنة إذا تغيرت النتائج وانهزمت قائمة إعمار، ولهذا وحرصاً منها على السلم الأهلي ومحاولة توفير ظروف ملائمة لفتح الصناديق المحددة وإعادة الفرز وافق رئيس مجلس المفوضية الدكتور عماد السائح على إعطاء مهلة لا تتجاوز اليوم السبت، حيث ستعقد المفوضية غداً الأحد مؤتمراً صحفياً للإعلان عن النتائج في بقية البلديات الـ 57 وحجب نتائج بلدية مصراتة وإعلان كل الحقائق والملابسات، فلا يمكن استمرار تأجيل الإعلان وإلاّ تعرضت العملية الإنتخابية البلدية كلها للفشل وهذا ما تسعى إليه الطغمة المتحكمة في طريق السكة وحلفائها المتطرفين التي تعلم كراهية الشعب لها”.