رواية زيتونة.. غياب الوسطية في عالم متوتر
تاريخ النشر: 15th, May 2024 GMT
استمدت رواية «زيتونة» اسمها من آية قرآنية وردتْ في «سورة النور» يقرب فيها الله تعالى نوره للأفهام ويضرب الأمثال بتشبيهات متسلسلة وصولا لشجرة متوسطة «زَيْتُونَةٍ لَّا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ» (الآية 35) ومن بعض معاني التوسط هذا انبثقت الرواية باحثة عن مساحة دفء، متعمدة الوسطية في عالم يراه الروائي يميل بصورة عامة إلى العصف بكل ما هو متعقل، ولو كان من أجل سلامه واستمراره بأمان.
صدرت الرواية في سبتمبر/أيلول من العام الحالي عن سلسلة «إبداعات قصصية» الصادرة عن «الهيئة المصرية العامة للكتاب» في 6 فصول و138 صفحة من القطع المتوسط، يحمل كل فصل فيها اسما بارزا لشخصيات الرواية، بالإضافة إلى تمهيد باسم بطلها المركزي «ائتلاف محمود الفهد» الذي سماه أبوه الإقطاعي «أبو اليزيد» تيمنا بأحد مشايخ الطرق الصوفية، راوغ الابن لما عرف معاني كلمات «الكفاح، النضال، الثورة» ولإنه كان مثل عود شجرة غض متفتح العمر، فقد صدق أن في إمكانه جمع الأطياف المجتمعية المختلفة على كلمة سواء، وقيادتها للثورة على الملك الراحل فاروق ونظامه خاصة «القلم السياسي» المطور عن «المباحث العامة» والقامع للمعارضة.
لما أبدع الروائي المصري الراحل نجيب الكيلاني «ليل وقضبان» في ستينيات القرن الماضي كتب أحداثا، لا يشك قارئ للرواية أنه عايشها، خاصة بعدما تحولت لفيلم من إخراج الراحل أشرف فهمي عام 1973، لم يشك قارئ للرواية أو مشاهد للفيلم، في أن الأحداث تخص ما شهدته مصر في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، مما آلم الكيلاني نفسه، إذ تم القبض عليه مرتين إحداهما وهو طالب عمره 24 عاما في بدايات دراسته للطب عام 1955، والثانية إثر عمله طبيبا في مدينة أبي زعبل في القاهرة عام 1966، ورغم ترحيب نظام الرئيس الراحل أنور السادات بانتقاد عصر عبد الناصر ـ وقت إنتاج الفيلم في المؤسسة الحكومية العامة للسينما، كدأب كل نظام يحل مكان آخر خاصة في بدايته، رغم كل هذا إلا أن الكيلاني وفهمي آثرا نسبة الأحداث لحقبة الأربعينيات إبان حكم الملك الراحل فاروق، رغم علم الجميع بأن عهده كان أفضل من العهدين الجمهوريين اللذين حكما مصر بعده ـ إلا قليلا ـ ولما سُئِلَ الكيلاني عن السبب قال نقلا عن نفسه بمذكراته أنه لا يدريه!
تحمل أحداث «زيتونة» هاجس «المعادل الموضوعي» وكذلك الأبطال بما يتجاوز الترميز المعروف وما شابهه، فلدينا أحداث قاسية مرت بأشخاص يتحولون بداية من البطل الرئيسي ائتلاف مرورا برفيق المهاود الكاتب المهادن للنظام في الدولة العربية التي هاجر إليها المصريون الافتراضيون ـ حسب الرواية ـ عقب تضييق «القلم السياسي» عليهم، لكن الكتابة الصادقة، حسب ثابت، تقود صاحبها مهما طال تاريخه في مهادنة السلطات للصدام المميت الذي قضى على المهاود في النهاية، كما أننا أمام مأساوية حياة السيد محمود أبو العز وابنه شفيق، عانى أبو العز الأب من محدودية القدرات وكبر وعناد ساقاه لترويج رسوم قاسية النقد للملك، ومحاولة التعجيل بصدام حركة «الغد المزهر» به، بلغ تمكن الفكرة منه التعجيل بدفع ابنه لنيرانها بتوزيع المنشورات التي تحمل رسوماته، ثم الهروب معا عبر الصحارى دون احتياط، ما أدى لوفاة ابنه، عاش بعده متوهما أنه فعل الصواب وأن الآخرين حتى في الدولة البعيدة سيكافئونه على نضاله ما أدى لصدامه بالجميع، كذلك جاء محمد معروف المعافر على النقيض من سابقه، مقاوما أخضر الفطرة، قوي النفس، لكن الاتهامات المخجلة بسرقة تافهة طاردته حتى فقد زوجته وأبناءه في حادث وهم يحاولون زيارته في محبسه، لتبقى سامرة فاضل السهيل، ابنة رجل قفز على المبادئ ونال الحظوة من الجميع، أجاد جني الثمار وبقيت ابنته تحديا في الغربة، أمام بطل الرواية حتى إنه يحدث نفسه عنها قائلا: «طرقت سامرة بابك في غفلة من أجل لحظة عابرة، فظننتها تريد البقاء لديك للأبد، دون أن تدرك أنكما رفقاء محطة سفر نائية غريبة في أقصى مجاهل وألغاز النفس البشرية؛ فعاود البحث عن «زيتونة» توسطك بدلا من الاستسلام لمستقبلهم المعتم الذي إن وافيتهم ولحقت بهم فيه، أضاعوا شفافيتك ونقاءك وكتاباتك، وكلها – لو تدري – أثمن ما فيك!».
المصدر: الوحدة نيوز
كلمات دلالية: الامم المتحدة الجزائر الحديدة الدكتور عبدالعزيز المقالح السودان الصين العالم العربي العدوان العدوان على اليمن المجلس السياسي الأعلى المجلس السياسي الاعلى الوحدة نيوز الولايات المتحدة الامريكية اليمن امريكا ايران تونس روسيا سوريا شهداء تعز صنعاء عاصم السادة عبدالعزيز بن حبتور عبدالله صبري فلسطين لبنان ليفربول مجلس الشورى مجلس الوزراء مصر نائب رئيس المجلس السياسي نبيل الصوفي
إقرأ أيضاً:
الحياد.. أمل أوكرانيا الوحيد لإنهاء الحرب
قال المدير والزميل الكبير لبرنامج روسيا وأوراسيا في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، يوجين رامر إن خسارة أوكرانيا للحرب ضد روسيا قد تكون مقبولة على نطاق واسع. وخلال أقل من ستة أشهر تحولت رواية الغرب من الحديث عن النصر إلى تجنب الهزيمة.
وأضاف "رفعت المكاسب المبكرة التي حققها الجيش الأوكراني في 2022 سقف أهداف الحرب لتصبح تحرير كامل الأراضي الأوكرانية التي احتلتها روسيا، ومحاسبة الأخيرة على جرائم الحرب التي ارتكبتها. لكن هذه الأهداف لم تعد واقعية. وأصبح الحديث السائد بين مؤيدي أوكرانيا الآن يدور حول إنهاء الحرب بشروط تحرم روسيا من تحقيق الانتصار الكامل". وتساءل "كيف يمكن جعل روسيا توافق على وقف إطلاق النار والتفاوض على نهاية لحرب تكسبها حاليا. ويمكن أن يقنع اقتراح جعل أوكرانيا دولة محايدة على المدى الطويل روسيا بالجلوس إلى مائدة المفاوضات". أوكرانيا لا تستطيع الوقوف أمام روسياوفي تحليل نشره موقع مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي قال يوجين إن مع اقتراب الحرب من عامها الرابع، لا تستطيع أوكرانيا التغلب على تفوق روسيا شعباً واقتصاداً وأرضاً، رغم مساعدات الشركاء الغربيين لكييف. فروسيا تملك عدد سكان ضخم يتيح لها تجنيد المزيد من الرجال لمواصلة الحرب، واقتصادها يعادل نحو 10 أمثال اقتصاد أوكرانيا قبل الحرب. والآن بعد أن خسر اقتصاد أوكرانيا حوالي نصف تريليون دولار، وفي ضوء حجم الدولة أصبح من الصعب إن لم يكن المستحيلاً عليها استهداف منشآت البنية التحتية العسكرية الروسية بصورة فعالة.
وفي الوقت نفسه فإن حلفاء أوكرانيا مثل الولايات المتحدة وغيرها من دول حلف شمال الأطلسي ناتو، واليابان، وكوريا الجنوبية لا تشارك في القتال، في حين وصلت أوكرانيا إلى أقصى ما يمكن تحقيقه بمفردها على الأرض.
وتطلب أوكرانيا من شركائها ضمانات أمنية ومنها عضوية حلف ناتو، أو على الأقل مسار واضح وقصير للانضمام إليه شرطاً للتفاوض مع روسيا. ولكن أعضاء ناتو أكدوا بوضوح أنهم غير مستعدين لضم أوكرانيا. وحتى أكثر المؤيدين لانضمام أوكرانيا إلى ناتو أصبحوا يرغبون في تجنب دعوتها للانضمام قبل نهاية الحرب.
???? ???? نشرت وزارة الدفاع الروسية مشاهد لتدمير مركبة مزودة بمنظمة حرب إلكترونية تابعة للقوات المسلحة الأوكرانية في مقاطعة كورسك باستخدام طائرات دون طيار معززة بالواقع الافتراضي (FPV). pic.twitter.com/PgMea9cCRd
— Sputnik Arabic (@sputnik_ar) January 11, 2025 ضربة قاصمةفي المقابل تعتبر روسيا أي تعهد من الحلفاء بضم أوكرانيا إلى الحلف ضربة قاصمة لأي مفاوضات لوقف إطلاق النار. فالرئيس الروسي فلاديمير بوتين يرى أن عضوية أوكرانيا في ناتو نتيجة غير مقبولة على الإطلاق، وأوضح ذلك في مقاله في 2021 عن "الوحدة التاريخية" المزعومة بين روسيا وأوكرانيا، والتي طرح فيها رؤيته للحرب. وإلى جانب الرواية الكاذبة ولكن الراسخة في المؤسسة الأمنية الروسية بأن ناتو خالف وعده بمنع تمدده إلى الشرق، قال إن احتمال انضمام أوكرانيا إلى ناتو هو دعوة لروسيا لمواصلة حملتها القاتلة ضدها.
ويرى يوجين في التحليل الذي كان جزءاً من مبادرة مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي لتأمين مستقبل أوكرانيا وبرنامج واشنهايم للسلام والأمن، أن أمام كييف مسارين. الأول الذي تسلكه الآن هو معركة بطيئة ومضنية ومفتوحة النهاية في ظل الخطر المتزايد المتمثل في تحقيق الجيش الروسي اختراقاً كبيراً من شأنه ألا يكون أمامها سوى قبول شروط بوتين للمفاوضات.
والمسار الثاني هو تقديم تسوية لبوتين تلبي بعض، وليس كل، شروطه وتتيح له إعلان النصر مع الحفاظ على أوكرانيا دولة ذات سيادة.
ومع ذلك، لا أحد يعرف وربما بوتين نفسه، إذا كان الرئيس الروسي سيقبل بحل وسط. فجيشه يحقق مكاسب على الأرض، لكن هذه المكاسب تأتي بأثمان فادحة. والاقتصاد الروسي يحقق أداء يفوق التوقعات لكن معدل التضخم وأسعار الفائدة المرتفعة تهدد بعرقلة النمو، وأصبحت البلاد تواجه نقصاً حقيقياً في القوة العاملة.
وفي الوقت نفسه يصعب أيضاً التنبؤ بشكل الحل الوسط المقبول. لكنه في أغلب الأحوال يجب أن يتضمن تنازلات أوكرانية عن أراض، بحيث تحتفظ روسيا بالأراضي التي استولت عليها. كما سيكون على أوكرانيا التعهد بتجنب السعي إلى استردادها بالقوة، وبالتخلي عن حلم الانضمام إلى ناتو والقبول بالحياد أو "رفض الانضمام إلى أي تحالف" والتي وصفها وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في مقابلة بـ"مبدأ أساسي".
أما ما لا يمكن أن يتضمنه أي حل وسط فهو فرض قيود على قدرات أوكرانيا على الدفاع عن نفسها في مواجهة أي عدوان روسي آخر.
ويقول يوجين إن هذه الشروط تبدو صعبة القبول من أوكرانيا، رغم أنها في الواقع لا تعني حرمان أوكرانيا من أي مكاسب متاحة أمامها. فاستعادة حدود 1991 أصبحت بعيدة المنال، وعضوية ناتو لم تعد مطروحة أيضاً.
وفي الوقت نفسه فإن الحياد لا يعني فقدان الأمن ولا الدوران في الفلك الروسي. ففنلندا والسويد ظلتا منذ الحرب العالمية الثانية وحتى الحرب الروسية الحالية ضد أوكرانيا خارج ناتو. وقبلت فنلندا بخسارة 15% من أراضيها لصالح الاتحاد السوفيتي في نهاية الحرب العالمية الثانية. في الوقت نفسه احتفظت فنلندا والسويد بوجودهما دولتين مستقلتين ذاتي سيادة، ثم انضمتا إلى الاتحاد الأوروبي بعد الحرب الباردة وحققتا نهضة اقتصادية كبيرة.
ولكن هذا لا يعني أن أوكرانيا لابد أن تحذو حذو النموذج الفنلندي أو السويدي أو أي نموذج آخر في سياستها الأمنية بعد الحرب. فليس هناك نموذج واحد يمكن لأوكرانيا أن تتبعه، لأن السياسة الأمنية لكل دولة تتحدد وفق حجمها وموقعها الجغرافي وتاريخها واقتصادها وسياساتها. وبالتالي بوسع أوكرانيا أن تختار عناصر من نماذج مختلفة تناسبها على النحو الأفضل حسب يوجين.
نهاية حرب أوكرانيا تقترب مع استعداد ترامب للقاء بوتين - موقع 24أعلن الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب أمس الخميس، أنه يحضّر لعقد لقاء مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين "لإنهاء" الحرب في أوكرانيا. وبناء على تجارب تلك البلدان، تستطيع أوكرانيا أن تضع سياساتها الأمنية، بحيث لا يمنعها الحياد أو عدم الانحياز من الاحتفاظ بقوات مسلحة مدربة وذات قدرات عالية ومجهزة تجهيزاً جيداً، مدعومة بمجموعة كبيرة من جنود الاحتياط المدربين.