عن موت الأصدقاء.. وعن الشجاعة أيضا
تاريخ النشر: 15th, May 2024 GMT
يتوالى سقوط الأصدقاء الأدباء في الغياب الشامل، وأن يموت صديق أديب فهو عذاب مضاعف، ستظل كتبه في بيتك تذكرك به وسيظل اسمه يتردد في الأمسيات يذبحك ويحيرك، لا أفهم سر موت الأدباء، هل هو نص أخير يكتبونه بأنفاس أخيرة؟ ولماذا يزداد الشاعر الميت جمالا حين يموت،؟ وكيف تصبح كتاباته ذات طابع أعمق؟ مات صديقي وصديق البلاد والأدب والفن والحياة الروائي مازن سعادة، مات عن آلاف التجارب في الحياة، وعن سيرة ذهبية فيما يخص الكرامة وكرم الروح، كان مازن بيننا يتحرك بملء الشعر وصخب الحياة، كان طموحا حد الجنون عاد من الدورة الأخيرة لمعرض الكتاب في القاهرة، دعانا إلى مأدبة عشاء فاخرة، ثم أعلن: سأعود إلى مصر، وأشتري قطعة أرض في أسوان، وأؤسس مكتبة روايات، ثم أبني مركزا ثقافيا، أدعم فيه الكتابة الشابة.
مات مازن فجأة، وكمال قال صديقه وصديقنا الفنان التشكيلي خالد حوراني: «أجزم أن مازن لم يصدق موته، وأنه تفاجأ به كما تفاجأنا نحن، سافر إلى الأردن بعد يوم من جلسة كيماوي استمرت أربع ساعات، سافر بقميص مهلهل، ويدين حرتين ودون كمامة، ركب الحافلات المكتظة بالناس ومشى في أسواق عمَّان، وزار أصحابا وأقارب».
المتهور الجميل لم يعرف أو عرف ولم يهتم أن العلاج الكيماوي يعني الراحة والعزلة والكمامة، الشجاع الذي يقول كلمة الحق دون خوف، في المحافل السياسية والأدبية والمقاهي، طويل القلب والقامة لم يعرف أن في الصحة لا تطرف ولا كبرياء، ولا تحد، قال لطبيب الأورام أمامي ورأسه مرفوع فوق: «دكتور أنا بحثت في الشبكة وعرفت طريقة للقضاء على ورمي السرطاني»، فقال الطبيب: «وما هي الطريقة يا مازن؟»، ليجيب: «الطريقة هي تجويع جسدي لثلاثة أشهر، وبالتالي القضاء على الخلية الفاسدة»، ضحك الطبيب وقال: «مهلا أيها الروائي، هذا ليس نقاشا سياسيا أو موقفا أدبيا تصيح به على رصيف مقهى، هذه حقائق علمية طبية لا اجتهاد فيها ولا تحدٍ، التجويع سيقتلك قبل أن تقتل ورمك، نحن بحاجة لمناعتك».
كان مازن مع تطرفه في الاعتداد برأيه يسمع محاوره حتى آخر كلمة، وحين كان محاوره قوي الحجة كان يبتسم ابتسامة ساحرة نعرفها جميعا، ابتسامة خجل واستسلام أنيق وضعف نبيل مركّز وصاف.
الشجاع البعيد عن السلطة، مربي الدجاج والغنم والمزارع وصانع العسل والأحبان، المناضل الذي اكتوى بنار السجون العربية، دفاعا عن عروبته، سكن في أعلى قرية كوبر- قضاء رام الله، معزولا عن العالم، أمامه بحر يافا وجبال القرية، كريما ومضيافا كان يستقبل الفنانين الصغار والأدباء الناشئين. لم يجامل لأجل مصلحة ما، ولم يقسُ على أحد إلا إذا كان مغتاظا منه لأنه لم يستثمر موهبته كما يجب، وكان يقول: «إياكم أن تشبهوني، ربما أكون مخطئا، اكتبوا سياقكم، لا تقلدوني في أسلوب الكتابة، كونوا أنتم، كل ما أستطيع تعليمكم إياه هو شجاعة البوح وتحطيم الممنوعات، والصدق في الكتابة والبعد عن الفذلكة والاستعراض، وعدم الارتهان لأي سلطة».
ولد الراحل مازن سعادة في الأردن عام 1959، وحال نشاطه السياسي فيها دون إتمامه دراسته في الجامعة الأردنية، هو الذي أنجز مجموعة من الجداريات في شوارع مدينتي رام الله والبيرة، من أبرزها جدارية «سقط الحصان عن القصيدة» المستلهمة من قصيدة الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش، وجدارية «المرأة الفلسطينية»، وكان من بين آخر أعماله تمثاله المزدوج «صانعو الجمال» المثبّت في الشارع الرئيس لمدينة رام الله، والمعروف شعبيا باسم «شارع ركب»، وهو عمل أنجزه بدعم من بلدية رام الله، تقديرا لعمّال النظافة في المدينة وكلّ فلسطين.
ولمازن سعادة سلسلة من الروايات منها: «السنديانة»، و«رائحة النوم»، و«أطوار الغواية»، ورواية أخرى تحت الطباعة، علاوة على عديد المسرحيات، والكثير من المقالات والكتابات النقدية.
وكانت عائلة سعادة قد لجأت إلى الأردن بعد نكبة عام 1948، لكنه عاد إلى فلسطين، منتصف تسعينيات القرن الماضي مع التوقيع على اتفاق أوسلو بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل، وأسهم بشكل ملموس في الحركة الثقافية والفنية الفلسطينية.
رحم الله مازن..
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: رام الله
إقرأ أيضاً:
سعادة بالغة.. تعليق بسمة بوسيل على تكريمها في إيمي غالا
عبرت الفنانة بسمة بوسيل عن سعادتها البالغة لتكريمها على مسيرتها المميزة في عالم الموضة والجمال، من ضمن فعاليات مهرجان "إيمي غالا" بدورته الخامسة.
ونشرت بسمة صور لإطلالاتها في حفل التكريم على حسابها الشخصي بموقع التواصل الإجتماعي إنستجرام وعلقت عليها: “تلقي هذا الجائزة كان شرفًا حقيقيًا. أريد أن أشكر جميعكم الذين آمنوا بي ودعموني على طول الطريق. خلال بعض السنوات، اخترت الابتعاد عن الموسيقى للتركيز على عائلتي، قرار اتخذته بحب واعتزاز. ومع ذلك، بقيت الموسيقى دائمًا قريبة من قلبي، تنتظر لحظتها بصمت. مؤخرًا، شعرت بعودة الشرارة المألوفة - فرحة الغناء، إثارة الإبداع، والرغبة في المشاركة معكم جميعًا مرة أخرى. بعض الأحلام لا تتركنا أبدًا؛ بل تنتظر الوقت المناسب. هذه الجائزة تشجعني على استقبال الموسيقى مرة أخرى في حياتي. أتطلع إلى مشاركة ما يأتي بعد ذلك معكم قريبًا جدًا. شكرًا لكم، من أعماق قلبي”.
استطاعت النجمة المغربية بسمة بوسيل أن تحقق نجاحا لافتا بأحدث أعمالها الغنائية "في شرع مين"، والتي أطلقتها مؤخرًا عبر قناتها الرسمية على موقع "يوتيوب" ومختلف منصات التواصل الاجتماعي، لتحصد فور طرحها تفاعلاً واسعًا وتتصدر قوائم الترند في عدد من الدول العربية.
وأعربت بسمة بوسيل عن سعادتها بنجاح أغنية " في شرع مين " وتحقيقها ردود فعل رائعة من المشاهدين والمتابعين ،، معربةً عن تطلعها خلال المرحلة القادمة لتقديم عدد من المفاجأت الفنية والغنائية بشكل جديد ومختلف .
وشهدت الأغنية تفاعلا كبيرا من الجمهور، حيث أعرب كثير من المتابعين عن إعجابهم بالأداء العاطفي المميز لبسمة، الذي جمع بين الإحساس العالي والكلمات القوية التي لامست مشاعر الكثيرين، وهو ما انعكس في حجم المشاهدات والتعليقات الإيجابية التي انهالت بمجرد طرح الكليب.
وجاءت الأغنية لتؤكد عودة قوية لبسمة بوسيل إلى الساحة الغنائية حيث اختارت عملا غنائيا يحمل مضمونا وجدانيا عميقا، ومع كل أغنية جديدة تزداد قاعدتها الجماهيرية اتساعًا، وتثبت أنها رقم صعب في الساحة الغنائية.
ويعد هذا النجاح خطوة فارقة في مسيرة بسمة الغنائية، ورسالة واضحة بأن بسمة بوسيل باتت تمتلك قاعدة جماهيرية تتابع أعمالها وتدعمها، في وقت أصبحت فيه المنافسة محتدمة على ساحة الغناء العربي، مما دفع جمهورها أن يلقبها بلقب "حسناء الغناء".