لجريدة عمان:
2024-11-24@01:17:29 GMT

عن موت الأصدقاء.. وعن الشجاعة أيضا

تاريخ النشر: 15th, May 2024 GMT

عن موت الأصدقاء.. وعن الشجاعة أيضا

يتوالى سقوط الأصدقاء الأدباء في الغياب الشامل، وأن يموت صديق أديب فهو عذاب مضاعف، ستظل كتبه في بيتك تذكرك به وسيظل اسمه يتردد في الأمسيات يذبحك ويحيرك، لا أفهم سر موت الأدباء، هل هو نص أخير يكتبونه بأنفاس أخيرة؟ ولماذا يزداد الشاعر الميت جمالا حين يموت،؟ وكيف تصبح كتاباته ذات طابع أعمق؟ مات صديقي وصديق البلاد والأدب والفن والحياة الروائي مازن سعادة، مات عن آلاف التجارب في الحياة، وعن سيرة ذهبية فيما يخص الكرامة وكرم الروح، كان مازن بيننا يتحرك بملء الشعر وصخب الحياة، كان طموحا حد الجنون عاد من الدورة الأخيرة لمعرض الكتاب في القاهرة، دعانا إلى مأدبة عشاء فاخرة، ثم أعلن: سأعود إلى مصر، وأشتري قطعة أرض في أسوان، وأؤسس مكتبة روايات، ثم أبني مركزا ثقافيا، أدعم فيه الكتابة الشابة.

مات مازن فجأة، وكمال قال صديقه وصديقنا الفنان التشكيلي خالد حوراني: «أجزم أن مازن لم يصدق موته، وأنه تفاجأ به كما تفاجأنا نحن، سافر إلى الأردن بعد يوم من جلسة كيماوي استمرت أربع ساعات، سافر بقميص مهلهل، ويدين حرتين ودون كمامة، ركب الحافلات المكتظة بالناس ومشى في أسواق عمَّان، وزار أصحابا وأقارب».

المتهور الجميل لم يعرف أو عرف ولم يهتم أن العلاج الكيماوي يعني الراحة والعزلة والكمامة، الشجاع الذي يقول كلمة الحق دون خوف، في المحافل السياسية والأدبية والمقاهي، طويل القلب والقامة لم يعرف أن في الصحة لا تطرف ولا كبرياء، ولا تحد، قال لطبيب الأورام أمامي ورأسه مرفوع فوق: «دكتور أنا بحثت في الشبكة وعرفت طريقة للقضاء على ورمي السرطاني»، فقال الطبيب: «وما هي الطريقة يا مازن؟»، ليجيب: «الطريقة هي تجويع جسدي لثلاثة أشهر، وبالتالي القضاء على الخلية الفاسدة»، ضحك الطبيب وقال: «مهلا أيها الروائي، هذا ليس نقاشا سياسيا أو موقفا أدبيا تصيح به على رصيف مقهى، هذه حقائق علمية طبية لا اجتهاد فيها ولا تحدٍ، التجويع سيقتلك قبل أن تقتل ورمك، نحن بحاجة لمناعتك».

كان مازن مع تطرفه في الاعتداد برأيه يسمع محاوره حتى آخر كلمة، وحين كان محاوره قوي الحجة كان يبتسم ابتسامة ساحرة نعرفها جميعا، ابتسامة خجل واستسلام أنيق وضعف نبيل مركّز وصاف.

الشجاع البعيد عن السلطة، مربي الدجاج والغنم والمزارع وصانع العسل والأحبان، المناضل الذي اكتوى بنار السجون العربية، دفاعا عن عروبته، سكن في أعلى قرية كوبر- قضاء رام الله، معزولا عن العالم، أمامه بحر يافا وجبال القرية، كريما ومضيافا كان يستقبل الفنانين الصغار والأدباء الناشئين. لم يجامل لأجل مصلحة ما، ولم يقسُ على أحد إلا إذا كان مغتاظا منه لأنه لم يستثمر موهبته كما يجب، وكان يقول: «إياكم أن تشبهوني، ربما أكون مخطئا، اكتبوا سياقكم، لا تقلدوني في أسلوب الكتابة، كونوا أنتم، كل ما أستطيع تعليمكم إياه هو شجاعة البوح وتحطيم الممنوعات، والصدق في الكتابة والبعد عن الفذلكة والاستعراض، وعدم الارتهان لأي سلطة».

ولد الراحل مازن سعادة في الأردن عام 1959، وحال نشاطه السياسي فيها دون إتمامه دراسته في الجامعة الأردنية، هو الذي أنجز مجموعة من الجداريات في شوارع مدينتي رام الله والبيرة، من أبرزها جدارية «سقط الحصان عن القصيدة» المستلهمة من قصيدة الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش، وجدارية «المرأة الفلسطينية»، وكان من بين آخر أعماله تمثاله المزدوج «صانعو الجمال» المثبّت في الشارع الرئيس لمدينة رام الله، والمعروف شعبيا باسم «شارع ركب»، وهو عمل أنجزه بدعم من بلدية رام الله، تقديرا لعمّال النظافة في المدينة وكلّ فلسطين.

ولمازن سعادة سلسلة من الروايات منها: «السنديانة»، و«رائحة النوم»، و«أطوار الغواية»، ورواية أخرى تحت الطباعة، علاوة على عديد المسرحيات، والكثير من المقالات والكتابات النقدية.

وكانت عائلة سعادة قد لجأت إلى الأردن بعد نكبة عام 1948، لكنه عاد إلى فلسطين، منتصف تسعينيات القرن الماضي مع التوقيع على اتفاق أوسلو بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل، وأسهم بشكل ملموس في الحركة الثقافية والفنية الفلسطينية.

رحم الله مازن..

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: رام الله

إقرأ أيضاً:

رئيس جامعة أسيوط الجديدة التكنولوجية يستقبل عضو الأمانة العامة بمجلس الوزراء لمتابعة المشروعات القومية

 

 

 


استقبل الدكتور جمال تاج عبدالجابر رئيس جامعة أسيوط الجديدة التكنولوجية، المهندس هيثم مازن عضو الأمانة العامة لمتابعة المشروعات القومية بمجلس الوزراء، لمتابعة الموقف التنفيذى للجامعة، والوقوف على الاحتياجات المطلوبة للجامعة.

وجاء ذلك بحضور الدكتور علي محمد يوسف نائب رئيس الجامعة لشئون التعليم والطلاب، وجمال كمال عباس أمين عام الجامعة.

 

ويأتي ذلك في إطار توجيهات القيادة السياسية بأهمية المتابعة المستمرة للمشروعات القومية التي تنفذها الدولة المصرية بإعتبارها قاطرة التنمية خلال الفترة الحالية والمستقبلية.

وخلال الزيارة رافق رئيس الجامعة المهندس هيثم مازن خلال جولة تفقدية بالجامعة تضمنت المبنى الإداري، والمبنى التعليمي، ومبني المدرجات، بالإضافة إلى مبنى الورش والمعامل، والمسرح.

وأوضح الدكتور جمال تاج، أن جامعة أسيوط الجديدة التكنولوجية تحظى باهتمام ودعم كبير من الدولة المصرية، لإعداد خريجين مؤهلين قادرين على المنافسة بقوة فى سوق العمل المحلي والعالمي.

وأشار رئيس الجامعة إلى أن هناك بعض المتطلبات اللازمة والضرورية لاستكمال الأعمال بالجامعة، لإستمرار مسيرة البناء والتنمية بما يواكب تطورات العصر الحديث ويحقق النهضة بالمجتمع.

ومن جانبه أضاف المهندس هيثم مازن حرص الدولة المصرية على متابعة المشروعات القومية؛ للوقوف على نسب التنفيذ بها؛ ورصد أهم التحديات والمتطلبات اللازمة لاستكمال تلك المشروعات، وتذليل أية معوقات أمامها.

مقالات مشابهة

  • مازن السماك: 190 ألف غادر لبنان عن طريق مطار بيروت.. أحيي الطيار اللبناني
  • الكتابة بين الملكية الفكرية والقسم الطبي
  • ترسيم الحدود البريّة هدفٌ للوساطة الأميركية أيضاً: فماذا عن الملفّ؟
  • الأردن..الإفتاء تدعو المواطنين لصلاة الاستسقاء
  • هولندا تؤكد استعدادها لاعتقال نتنياهو وغالانت.. وديربورن الأمريكية أيضا
  • هولندا تؤكد استعداداها لاعتقال نتنياهو وغالانت.. وديربورن الأمريكية أيضا
  • رئيس جامعة أسيوط الجديدة التكنولوجية يستقبل عضو الأمانة العامة بمجلس الوزراء لمتابعة المشروعات القومية
  • ورشة عمل في "بنات عين شمس" عن الكتابة العلمية المتقدمة
  • الكتابة في زمن الحرب: التنمية المستدامة لقرية ما بعد الحرب
  • دراسة لقرية معزولة.. التواصل الاجتماعي يغير بكتيريا الأمعاء