لجريدة عمان:
2025-03-03@06:51:23 GMT

عن موت الأصدقاء.. وعن الشجاعة أيضا

تاريخ النشر: 15th, May 2024 GMT

عن موت الأصدقاء.. وعن الشجاعة أيضا

يتوالى سقوط الأصدقاء الأدباء في الغياب الشامل، وأن يموت صديق أديب فهو عذاب مضاعف، ستظل كتبه في بيتك تذكرك به وسيظل اسمه يتردد في الأمسيات يذبحك ويحيرك، لا أفهم سر موت الأدباء، هل هو نص أخير يكتبونه بأنفاس أخيرة؟ ولماذا يزداد الشاعر الميت جمالا حين يموت،؟ وكيف تصبح كتاباته ذات طابع أعمق؟ مات صديقي وصديق البلاد والأدب والفن والحياة الروائي مازن سعادة، مات عن آلاف التجارب في الحياة، وعن سيرة ذهبية فيما يخص الكرامة وكرم الروح، كان مازن بيننا يتحرك بملء الشعر وصخب الحياة، كان طموحا حد الجنون عاد من الدورة الأخيرة لمعرض الكتاب في القاهرة، دعانا إلى مأدبة عشاء فاخرة، ثم أعلن: سأعود إلى مصر، وأشتري قطعة أرض في أسوان، وأؤسس مكتبة روايات، ثم أبني مركزا ثقافيا، أدعم فيه الكتابة الشابة.

مات مازن فجأة، وكمال قال صديقه وصديقنا الفنان التشكيلي خالد حوراني: «أجزم أن مازن لم يصدق موته، وأنه تفاجأ به كما تفاجأنا نحن، سافر إلى الأردن بعد يوم من جلسة كيماوي استمرت أربع ساعات، سافر بقميص مهلهل، ويدين حرتين ودون كمامة، ركب الحافلات المكتظة بالناس ومشى في أسواق عمَّان، وزار أصحابا وأقارب».

المتهور الجميل لم يعرف أو عرف ولم يهتم أن العلاج الكيماوي يعني الراحة والعزلة والكمامة، الشجاع الذي يقول كلمة الحق دون خوف، في المحافل السياسية والأدبية والمقاهي، طويل القلب والقامة لم يعرف أن في الصحة لا تطرف ولا كبرياء، ولا تحد، قال لطبيب الأورام أمامي ورأسه مرفوع فوق: «دكتور أنا بحثت في الشبكة وعرفت طريقة للقضاء على ورمي السرطاني»، فقال الطبيب: «وما هي الطريقة يا مازن؟»، ليجيب: «الطريقة هي تجويع جسدي لثلاثة أشهر، وبالتالي القضاء على الخلية الفاسدة»، ضحك الطبيب وقال: «مهلا أيها الروائي، هذا ليس نقاشا سياسيا أو موقفا أدبيا تصيح به على رصيف مقهى، هذه حقائق علمية طبية لا اجتهاد فيها ولا تحدٍ، التجويع سيقتلك قبل أن تقتل ورمك، نحن بحاجة لمناعتك».

كان مازن مع تطرفه في الاعتداد برأيه يسمع محاوره حتى آخر كلمة، وحين كان محاوره قوي الحجة كان يبتسم ابتسامة ساحرة نعرفها جميعا، ابتسامة خجل واستسلام أنيق وضعف نبيل مركّز وصاف.

الشجاع البعيد عن السلطة، مربي الدجاج والغنم والمزارع وصانع العسل والأحبان، المناضل الذي اكتوى بنار السجون العربية، دفاعا عن عروبته، سكن في أعلى قرية كوبر- قضاء رام الله، معزولا عن العالم، أمامه بحر يافا وجبال القرية، كريما ومضيافا كان يستقبل الفنانين الصغار والأدباء الناشئين. لم يجامل لأجل مصلحة ما، ولم يقسُ على أحد إلا إذا كان مغتاظا منه لأنه لم يستثمر موهبته كما يجب، وكان يقول: «إياكم أن تشبهوني، ربما أكون مخطئا، اكتبوا سياقكم، لا تقلدوني في أسلوب الكتابة، كونوا أنتم، كل ما أستطيع تعليمكم إياه هو شجاعة البوح وتحطيم الممنوعات، والصدق في الكتابة والبعد عن الفذلكة والاستعراض، وعدم الارتهان لأي سلطة».

ولد الراحل مازن سعادة في الأردن عام 1959، وحال نشاطه السياسي فيها دون إتمامه دراسته في الجامعة الأردنية، هو الذي أنجز مجموعة من الجداريات في شوارع مدينتي رام الله والبيرة، من أبرزها جدارية «سقط الحصان عن القصيدة» المستلهمة من قصيدة الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش، وجدارية «المرأة الفلسطينية»، وكان من بين آخر أعماله تمثاله المزدوج «صانعو الجمال» المثبّت في الشارع الرئيس لمدينة رام الله، والمعروف شعبيا باسم «شارع ركب»، وهو عمل أنجزه بدعم من بلدية رام الله، تقديرا لعمّال النظافة في المدينة وكلّ فلسطين.

ولمازن سعادة سلسلة من الروايات منها: «السنديانة»، و«رائحة النوم»، و«أطوار الغواية»، ورواية أخرى تحت الطباعة، علاوة على عديد المسرحيات، والكثير من المقالات والكتابات النقدية.

وكانت عائلة سعادة قد لجأت إلى الأردن بعد نكبة عام 1948، لكنه عاد إلى فلسطين، منتصف تسعينيات القرن الماضي مع التوقيع على اتفاق أوسلو بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل، وأسهم بشكل ملموس في الحركة الثقافية والفنية الفلسطينية.

رحم الله مازن..

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: رام الله

إقرأ أيضاً:

وفد من البرلمان الأوروبي يطلع على جهود الإمارات في مجال حقوق الإنسان

 

اطلع وفد رفيع المستوى من البرلمان الأوروبي، خلال زيارته مقر الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان في أبوظبي، على التقدم الملحوظ الذي أحرزته دولة الإمارات في مجال حقوق الإنسان.
وأشاد الوفد بالخطوات النوعية التي اتخذتها الهيئة لتعزيز ثقافة حقوق الإنسان، والموجهات الإستراتيجية التي تعمل عليها، والأنشطة المصاحبة لاختصاصات الهيئة ومشاركاتها الإقليمية والدولية الفاعلة مع المنظمات والمؤسسات المعنية بحقوق الإنسان، ولاسيما التحالف العالمي للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان.
كان في استقبال الوفد سعادة مقصود كروز، رئيس الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان، وذلك بحضور سعادة الدكتور سعيد الغفلي، أمين عام الهيئة.
وقال سعادة مقصود كروز، إن هذه الزيارة تعكس الأهمية المتزايدة التي توليها المؤسسات الدولية للدور الفاعل الذي تلعبه الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان في تعزيز وحماية حقوق الإنسان ، كما تأتي في إطار العلاقات البناءة والتعاون المستمر بين الهيئة والمؤسسات الدولية ذات الصلة.
وأكد التزم الهيئة بمواصلة جهودها في تطوير السياسات والممارسات، التي تعزز مكانة دولة الإمارات نموذجا رائدا في احترام حقوق الإنسان وتطبيق أعلى المعايير الدولية.
ترأس وفد البرلمان الأوروبي، سعادة رينهوود لوباتكا، رئيس وممثل إسبانيا في البرلمان الأوروبي، فيما ضم سعادة عبير السهلاني، نائب الرئيس وممثلة السويد في البرلمان الأوروبي، وسعادة هنا جلول، ممثلة إسبانيا في البرلمان الأوروبي، وسعادة أنتونيو لوبيز، ممثل إسبانيا في البرلمان الأوروبي.
كما شارك في الاجتماع، سعادة لوسي بيرجر، سفيرة الاتحاد الأوروبي لدى دولة الإمارات، وسيمونا موريانو، إداري في قسم شؤون الشرق الأوسط، وكاثلين هوبجين، مساعد في قسم شؤون الشرق الأوسط، بجانب جان ويليامز، مستشار في الشؤون السياسية، وجوست هيرمانز، مستشار في الشؤون السياسية.
الجدير بالذكر أن زيارة وفد البرلمان الأوروبي هي الثانية، حيث كانت الأولى في عام 2022، ما يعكس اهتمام المؤسسات الدولية بالدور الإستراتيجي الذي تضطلع به الهيئة في تعزيز وحماية حقوق الإنسان، والشفافية والانفتاح الذي تبديه في تعزيز الحوار مع مختلف الشركاء الدوليين.وام


مقالات مشابهة

  • لا حرب دون مصر ولا سلام أيضا
  • الإشتراكي و التوحيد: نستنكر إحراق لافتات القومي في الشوف
  • "اتمنى" تطلق خاصية "التسوق مع الأصدقاء" لأول مرة في الشرق الأوسط
  • لا تنسوا الدعاء فهو عبادة يحبها الله
  • وفد من البرلمان الأوروبي يطلع على جهود الإمارات في مجال حقوق الإنسان
  • تركيا تعلن: خطة السلام مع حزب العمال تشمل العراق أيضا
  • ملك الأردن يؤكد موقف بلاده الراسخ بضرورة تثبيت الفلسطينيين على أرضهم
  • دعاء آخر ساعة في شعبان.. ردده الآن يغسل الأحزان ويجعل حياتك سعادة وفرحا
  • اعتراف إسرائيلي: المقاومة تتصاعد في الضفة وجهود الجيش والسلطة غير كافية
  • الشجاعة التي انتظرت طويلا