قالت الكاتبة نسرين مالك إن صراخ الفلسطينيين، وأنصارهم، هو كل ما تبقى من أجل إبقاء الأمل حيا، وشددت على أن التحركات الطلابية في الجامعات الأمريكية كانت "سلمية".

نشرت صحيفة "الغارديان" المقال الذي جاء فيه أن الشاعر السوري نزار قباني، أشهر شعراء العرب في العصر الحديث، كتب في عام 1988، ثلاثية "أطفال الحجارة"، وكانت القصيدة مهداة لأطفال الانتفاضة الفلسطينية الأولى، الذين أصبحوا، برشقهم الجنود الإسرائيليين بالحجارة، رموزا.



اندلعت الانتفاضة عام 1987 بسبب الإحباط الناتج عن الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية وقطاع غزة، وتميزت بالعصيان المدني والاحتجاج السلمي، والأهم من ذلك، هؤلاء الأطفال.

وكتب قباني: "يا تلاميذ غزة لا تبالوا بإذاعاتنا"، معتبرا نفسه جزءا من جيل أكبر سنا فشلت محاولاته للتوصل إلى تسوية مع إسرائيل في توفير الحرية للفلسطينيين "ولا تسمعونا.. / نحن أهل الحساب، والجمع، والطرح.. إن عصر العقل السياسي ولى من زمان، فعلّمونا الجنونا".


 وتعلق الكاتبة أن قباني كان جزءا من التقليد العربي للفن والأدب الذي عبر عن يأس الفلسطينيين، وكيف أن ملاذهم الوحيد هو "جنون" الأطفال الذين يرشقون قوة مدججة بالسلاح بالحجارة.

 ولم يبق لهم سوى رفض قبول هزيمتهم والانحياز ضد الأقوياء - من دون حلفاء، وفي خطر كبير، ومن دون خطة.

وطالما حدث ذلك، فستظل فلسطين موجودة، مكانا يتم الحفاظ عليه حيا من خلال التأكيد على أن شعبه لا يزال هنا، وما زال يطالب بحقه في هويته، ولا يزال حرا ببساطة نتيجة لعدم التخلي أبدا عن هذا المطلب.

 الانتفاضة الأولى زرعت رسالة عميقة في النفس العربية الشعبية: "يمكن للسادة السياسيين السيطرة على كل شيء باستثناء حق الناس في رعاية رؤية لما يستحقونه".

 وتعلق الكاتبة قائلة: "بالنسبة لأبناء ذلك الجيل، وأنا واحدة منهم، كانت كلمة "الانتفاضة" تعني ذلك بالضبط: نفض التراكمات٬ بالنسبة لآذاننا، كان ذلك يعني المطالبة بالحقوق المدنية وليس العنف وإراقة الدماء٬ وكانت أيضا كلمة ليس لها هدف نهائي واضح، ولا غرضا محددا سوى الرفض والمقاومة - هو دليل على التجذر".

وتقول إن أغنية "أنا دمي فلسطيني" وهي احتجاجية شعبية صدرت عام 2015 وتم تشغيلها أثناء الاحتجاجات في الغرب، مبنية على هذا الموضوع.

 ومن الجدير بالذكر أيضا أن مغنيها الفلسطيني محمد عساف فاز بالموسم الثاني من برنامج (أراب أيدول) عام 2013 بعد مسابقة قدم فيها أغاني فلسطينية تراثية استحوذت على قلوب وعقول المشاهدين العرب.

إلى جانب العديد من القصائد والأعمال الفنية والأعمال الأدبية ومقتطفات من الاقتباسات والشعارات، تشكل هذه الأمثلة تراثا كاملا للهوية الفلسطينية لم يتم صياغته في الجامعات الغربية أو في وسائل الإعلام الغربية، ولكن في مخيمات اللاجئين، على الجدران المتبقية من المنازل المهدمة، في السجون وفي مجموعات سكانية معزولة، بين أولئك الذين طردوا من منازلهم ويتوقون إلى حق العودة.


وتضيف الكاتبة: "معا يخلقون مكانا نظريا، متحررا من الواقع البائس، يغذي العزاء والشجاعة والتواصل بين الأشخاص المشتتين والمقتلعين الذين يطمحون إلى شيء نعتبره أنا وأنت أمرا مفروغا منه: الدولة".

وترى أن انتقال هذه الثقافة إلى الخطاب السائد في اللغة الإنجليزية منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر أدى إلى تحويل الكلمات الموجودة فيها إلى معان حرفية، تم إسقاطها عليها من قبل مراقبين ليس لديهم سوى القليل من المعرفة بتاريخها وفروقها الدقيقة.

فقد تم التعامل مع مصطلح الانتفاضة على أنه ليس أقل من إعلان لا لبس فيه للحرب المقدسة٬ وتضيف أن عبارة "من النهر إلى البحر، فلسطين ستتحرر"، تعبير عن شوق الفلسطينيين إلى وطنهم التاريخي.

  وقالت وزيرة الداخلية البريطانية السابقة، سويلا برافرمان، إن هذا "مفهوم على نطاق واسع على أنه مطلب لتدمير إسرائيل". لكن كيف ستكون فلسطين حرة على وجه التحديد، لم يحصل الشعب الفلسطيني على فرصة بشكل كامل.

في أوسلو، لم يعرض عليهم حتى الخطوط العريضة لحدود ما يمكن أن يصبح كيانا فلسطينيا، ولا حق العودة إلى المنازل التي طردوا منها منذ عام 1948.

وفي عام 2020، لم تشمل خطة السلام التي وضعها دونالد ترامب حتى دولة كاملة.


وتقول إنه في ضوء أحداث 7 تشرين الأول/أكتوبر الماضي، من المفهوم بالنسبة للبعض أن التعبير عن الانتفاضة الفلسطينية والمطالبة بالأرض يأخذ طابعا خطيرا٬ لكن قصة هذه المصطلحات والأناشيد أطول بكثير من تلك التي تم تكثيفها وإدانتها خلال الأشهر السبعة الماضية.

إن التاريخ الفلسطيني من المقاومة، والذي يمتد لعقود من الطرد والمذابح والإذلال والعزل والمراقبة، لا تمثله حماس وحدها.

هناك أيضا شيء ما حول إسقاط النوايا الصارخة على التضامن مع الفلسطينيين والدعوات إلى تقرير المصير، وتؤكد أن هناك من يسيء قراءة طبيعة الاحتجاج على أنها شيء يحتاج إلى قياس وعقلانية (بطرق لم يتم تحديدها تماما على الإطلاق) حتى تكون ذات مصداقية.

 لكن الاحتجاج أصبح ضروريا على وجه التحديد لأن السلطات لم تستجب. ويتم تعريفه من خلال عدم التماثل في السلطة والقدرة على الوصول إلى الأدوات السياسية. يتمتع السياسيون بسلطة تنفيذية، والمتظاهرون لديهم شيء واحد هو أصواتهم.

وتعلق الكاتبة أن الحركات الاحتجاجية هي بطبيعتها أفعال معارضة، وغالبا ما تتمتع بهذه الخاصية المتسقة بشكل إعجازي تتوسع بسرعة من المساحات السياسية إلى المساحات المجتمعية، وتتضمن الأغنية والرقص والشعر والأخوة الحمائية بين الغرباء.


ومن هنا فسحق هذه المساحات - والأسباب التي تمثلها - لا يتم من خلال القوة الغاشمة، ولكن من خلال تصوير المشاركين كأشرار.

وكلما أصبح من الصعب التشكيك في جدية وضرورة التضامن مع الفلسطينيين، أصبحت مثل هذه الادعاءات أكثر شذوذا.

لقد أصبح من الواضح الآن أن مئات الآلاف من المتظاهرين الذين شاركوا في مسيرة من أجل غزة، من لندن إلى واشنطن، ليسوا من مسيرات الكراهية.

كما أشارت إلى دراسة نشرت الأسبوع الماضي، كشفت أن 97% من المظاهرات في الجامعات الأمريكية لأجل غزة كانت سلمية.

في عالم كهذا، حيث يتم تدمير غزة، ما الذي يتبقى سوى الاستمرار في بناء هوية فلسطينية، بشكل أكثر حيوية وقوة من أي وقت مضى، يحددها حقها في الوجود بدلا من خطر المحو؟ فماذا بقي سوى الاستمرار في رفض هذا العصر الذي رحل فيه العقل السياسي منذ زمن طويل؟

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية الاحتلال غزة احتلال غزة إبادة جماعية طوفان الاقصي انتفاضة الجامعات صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة من خلال على أن

إقرأ أيضاً:

رحيل سامي باسو: رمز الأمل في مواجهة مرض البرجرية

توفي سامي باسو، المعروف بأنه أطول مصاب بمرض البرجرية عمراً في العالم، عن عمر يناهز 28 عاماً.

انتشرت الأخبار عبر وسائل التواصل الاجتماعي من قبل فريق جمعية البرجرية الإيطالية (A.I.Pro.Sa.B.)، التي أسسها سامي بنفسه في عام 2005.

سامي كان يعاني من البرجرية، مرض نادر يؤدي إلى شيخوخة مبكرة دون التأثير على العقل. يُقال إنه تعرض لوعكة صحية مفاجئة أثناء وجوده في مطعم، وكان قد عاد مؤخرًا إلى إيطاليا بعد رحلة إلى الصين.

وقد كتب فريق الجمعية على وسائل التواصل: "اليوم انطفأت نورنا ومرشدنا. 
شكراً سامي على مشاركتنا هذه الحياة الرائعة ، نتعاطف مع عائلته وأصدقائه في هذا الوقت الحزين".

علما بان عاش سامي مع عائلته في مدينة تيزيه سول برينتا.

على الرغم من تحديات مرضه، تمكن من إنهاء دراسته الثانوية في المدرسة العلمية "سانت ج. دا بونتي" في باسانو ديل غراappa، ثم التحق بجامعة بادوفا لدراسة الفيزياء قبل أن ينتقل إلى دراسة العلوم الطبيعية ، وكان حلمه بعد التخرج العمل في مركز الأبحاث "سيرن" في جنيف.

في 7 يونيو 2019، حصل سامي على أوسمة من رئيس الجمهورية الإيطالية سيرجيو ماتاريلا، كما حصل في 23 مارس 2021 على درجة الماجستير في البيولوجيا الجزيئية من جامعة بادوفا.

الجدير بالذكر أنه في 4 أكتوبر، حصل على جائزة باولو ريتزي في قسم المجتمع.

وفي تعليقه على وفاته، كتب وزير الشؤون الاجتماعية أليساندرا لوكاتيلي: "أفكارنا مع سامي باسو، الذي غادرنا في سن مبكرة. بفضل شجاعته وعزيمته، أصبح مثالاً للقوة والأمل، وسيسجل التزامه بالبحث وشهادته كتراث ثمين للجميع".

سامي باسو سيظل رمزًا للأمل والإلهام، وقد ترك أثرًا كبيرًا في قلوب الكثيرين.

مقالات مشابهة

  • رحيل سامي باسو: رمز الأمل في مواجهة مرض البرجرية
  • الغارديان: الضربات الإيرانية ستكون مميتة إذا وجهت نحو تل أبيب
  • في ذكرى حرب غزة.. مسيرات مؤيدة للفلسطينيين حول العالم
  • الحرب النفسية ورسائل التحدي في خطبة خامنئي
  • أويل برايس: هل سيدفع ترامب حفّارات النفط الصخري لإبقاء الأسعار منخفضة حال فوزه؟
  • ما هي التحديّات التي تنتظر إسرائيل في لبنان؟
  • استشهاد عبد العزيز صالحة.. صاحب الصورة الأشهر في الانتفاضة الثانية
  • الاحتلال يغتال المقاوم صاحب أشهر صورة في الانتفاضة الفلسطينية (شاهد)
  • هذا العالم بائس
  • الكاتبة سماح أبو بكر أول ضيوف ندوات التوعية الثقافية لطلاب الإعلام