على وقع مرورنا أمس بالذكرى المشئومة لقيام دولة إسرائيل فى 15 مايو منذ نحو 76 عاما، وعلى وقع ما يشهده المرء حاليا من حرب ضارية على غزة يعتبرها البعض أقرب إلى نكبة ثانية مثل نكبة 48 ربما يكون السؤال الذى يدور بخلد البعض هو: هل يمكن تخيل شرق أوسط بدون إسرائيل والتى تعد أُس البلاء وسبب نكبة المنطقة منذ نشأتها حتى الآن؟ ماذا لو لم تقم تلك الدولة وأصبحنا فى شرق أوسط بلا إسرائيل؟ وماذا لو أن الدول التى حرصت على قيامها لم تنجر إلى هذه المهمة وأصبحنا نعيش فى منطقة عربية خالصة تنتمى إلى أطر حضارية مشتركة لغة ودينا وتاريخا؟ الإجابة ربما تكون غريبة ومذهلة وإن كانت النتيجة فى تصورى أنه من المؤكد أن المنطقة كان ينتظرها مستقبل أفضل بكثير مما نحن عليه الآن.
حتى هذا الخيال يصر الرئيس الأمريكى بايدن على أن يحرمنا منه وأن يصحبنا معه غصبا عنا، فى الاتجاه المعاكس ليضيف بعد اعلانه فخر بلاده بكونها من اوائل اصدقاء إسرائيل أن أمريكا وإسرائيل عملتا على خلق شرق أوسط أكثر ازدهارا وسلما، وهو أمر يكذبه الواقع ويشير إلى زيفه وأن الأمر على الأرض على العكس تماما.
على هدى مثل هذه الفكرة دعونا نتصور شكل الشرق الأوسط بدون إسرائيل؟ مبدئيا يمكن القول إنه من المؤكد أن المنطقة كانت ستنعم بالاستقرار وتراجع اسباب التوتر، وسيعم السلام والأمن بشكل ربما تكون معه مكانا نموذجيا. طبعا لن يختفى الصراع بين وحدات دول المنطقة ولكنه سيكون فى حدوده الدنيا فضلا عن محدودية نتائجه وتأثيراته. سبب هذا التصور هو أنك لو حاولت تخيل أسباب التوتر فى المنطقة فستجد أن إسرائيل القاسم المشترك الأعظم فى مشاكل بل وكوارث المنطقة.
لو لم تكن هناك اسرائيل لما قامت حرب 48 ولما قامت حرب 56 ولما شهدنا حربى 67 و73 ولتفرغت دول المنطقة لعمليات التنمية. غياب اسرائيل عن الوجود أو بمعنى أصح عدم خروجها إلى الحياة كان يعنى توجه جهود زعماء المنطقة إلى تحقيق الرخاء والرفاهية لشعوبهم. لم يكن ليتطلب الوضع توجيه الجزء الأكبر من ميزانيات الدول العربية خاصة دول المواجهة للمجهود الحربى والدخول فى سباق تسلح قد يكون بلا معنى.
غياب إسرائيل على سبيل المثال ربما كان من الممكن أن يجعل من دولة مركزية مثل مصر قوة إقليمية كبرى فى المنطقة، ولأتاح لزعيم مثل عبد الناصر وغيره أن يركز جهوده على النهوض بالبلاد. لو لم تقم إسرائيل لربما احتل لبنان مكانة سويسرا الشرق بدلا من ان يتحول ليصبح دولة فاشلة. وربما أدى عدم قيام الدولة العبرية إلى ازدهار دولة فلسطين واحتلالها مكانة متقدمة بين الأمم ولكان من المؤكد عدم خسارتها تلك الأعداد الهائلة من أبنائها الذين راحوا ضحية عمليات الصراع على ذلك النحو من حرب الإبادة التى يواجهها فلسطينيو غزة.
ربما لو لم تقم إسرائيل لتمتعت الدول العربية أو القطاع الأكبر منها بنظم حكم ديمقراطية ولتراجعت قبضة النظم الاستبدادية باعتبار أن تأثيرات الصراع مع إسرائيل وقد جثمت على أنفاس العرب جعلت هَم العرب الأول هو مواجهة إسرائيل على قاعدة أنه لا صوت يعلو فوق صوت المعركة! ربما لو لم تقم إسرائيل لتراجعت سيطرة الغرب على الأوضاع فى الدول العربية فى ظل تراجع الحاجة إلى ذلك الغرب
هذه ليست سوى تصورات بسيطة لملامح اجتهاد بشأن تأثير تلك الدولة اللقيطة على حياتنا العربية وهو أثر لو تعلمون، أو بالأحرى كما تعلمون- للأسف- عظيم!
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: تأملات د مصطفى عبدالرازق شرق أوسط إسرائيل المهمة الاتجاه المعاكس شرق أوسط
إقرأ أيضاً:
باحث سياسي: تجربة إسرائيل أسلحة جديدة يثير قلق الدول الكبرى
قال الدكتور نهاد أبو غوش، الكاتب والباحث السياسي والخبير في الشؤون الإسرائيلية، أن المواطن الإسرائيلي يعيش حالة من القلق الدائم بسبب تزايد عدد القتلى في صفوف جيشه وفضيحة التسريبات التي هزت أركان مكتب نتنياهو، كما أن نتنياهو استخدم أساليب غير شرعية للوصول إلى معلومات حساسة من وحدة الاستخبارات العسكرية، ثم زورها وسلمها للصحافة الأجنبية لتشكيل موقف سياسي يخدم مصالحه، مما أدي إلى انتشار سلسلة من الفضائح السياسية والاتهامات بالفساد، حيث يتهم نتنياهو معارضيه بالتورط في تسريب المعلومات.
وأضاف أبو غوش، خلال مداخلة عبر زووم من رام الله، لـ «برنامج مصر جديدة»، مع الإعلامية إنجي أنور، المذاع على قناة etc، أن إسرائيل تستمر في تجربة أسلحة جديدة في مناطق الحرب وخاصة على الأراضي الفلسطينية، حيث تقوم باستخدام تقنيات متقدمة تطورها الشركات الغربية والإسرائيلية، كما ان هذه الممارسات تثير قلق العديد من الدول الكبرى، التي تتجنب استخدامها في الصراعات العالمية.
وأوضح أبو غوش، أن إسرائيل تجد نفسها في موقف حساس بعد الأزمة الأوكرانية، بينما تحاول إسرائيل الحفاظ على علاقاتها مع روسيا، فإنها تبقى في نهاية المطاف حليفاً استراتيجياً للولايات المتحدة الأمريكية التي تسعى لتوجيه سياسة إسرائيل بما يتماشى مع مصالحها في المنطقة.
واختتم أبو غوش، أن حادثة حرق العلم اللبناني من قبل جنود إسرائيليين، الجيش الإسرائيلي أدان هذا الفعل كجزء من خطته لتحريض بعض الأوساط اللبنانية ضد حزب الله، محاولاً تفادي استفزاز الشعب اللبناني بأكمله، كما أن الحرب الإسرائيلية المستمرة أسفرت عن مقتل نحو 54 ألف فلسطيني، مما يعكس تفاقم الأزمة الإنسانية في المنطقة.