يمثل "استمرار تدفق السلاح الإيراني إلى الحوثيين" أحد أبرز التحديات التي جرى طرحها خلال جلسة مجلس الأمن الدولي، الاثنين، وسط مطالبات بضرورة وضع حد لهذا الانتهاك الذي يزيد من عدم الاستقرار الإقليمي.

وأكدت كلمات عدد من الدول بينها بريطانيا وأميركا واليابان أنه ورغم العقوبات المفروضة من قبل مجلس الأمن والأمم المتحدة بشأن حظر توريد الأسلحة إلى الميليشيات الحوثية، إلا أن طهران مستمرة في عملية نقل الأسلحة غير القانونية والمتطورة إلى ذراعها في اليمن، بهدف استغلالها في تعكير أمن وصفوة الملاحة الدولية المارة في البحر الأحمر.

وأوضحت الكلمات أن تأمين اتفاق سلام مستدام في اليمن مرهون بإنهاء التصعيد الحوثي في البر والبحر ووقف هجماتهم المتهورة التي تهدد أمن واستقرار المنطقة، مطالبين من مجلس الأمن الدولي اتخاذ إجراءات جماعية ضد إيران التي تواصل تسليح الحوثيين ودعمهم لتنفيذ الهجمات البحرية، وزعزعة الاستقرار الإقليمي.

استغلال موانئ الحديدة 

وكشفت الممثلة الدائمة لبريطانيا في الأمم المتحدة، باربرا وودوارد، عن استغلال الميليشيا الحوثية موانئ الحديدة الخاضعة لسيطرتها لتهريب الأسلحة الإيرانية عقب رفع آلية التفتيش الأممية التي أقرت لحظر تدفق الأسلحة إلى الميليشيا قبل سنوات.

وأوضحت وودوارد، في كلمتها، أن الانتهاكات المبلَّغ عنها لقرار مجلس الأمن الدولي (2216) الخاص بحظر توريد الأسلحة إلى اليمن تشير إلى دخول ما يصل إلى 500 شحنة من المواد غير الخاضعة للتفتيش الأممي إلى الحديدة، منذ أكتوبر 2023، مشيرة إلى أن هناك زيادة ملحوظة في عدد السفن التي دخلت الموانئ التي يسيطر عليها الحوثيون دون إبلاغ آلية الأمم المتحدة للتحقق والتفتيش (UNVIM).

وأكدت وودوارد على ضرورة تعزيز آلية الأمم المتحدة للتحقق والتفتيش التي تُعد "آلية حاسمة لتقييد توريد الأسلحة غير المشروعة لليمن، كما ندعو جميع السفن إلى الامتثال لعمليات التفتيش اللازمة".

من جانبه قال الممثل البديل للشؤون السياسية الخاصة في البعثة الأمريكية لدى الأمم المتحدة؛ روبرت وود، في كلمته أمام اجتماع مجلس الأمن: "إذا كان المجلس يريد العودة إلى آفاق أكثر تفاؤلاً للسلام في اليمن، يجب علينا أن نتخذ إجراءات جماعية لإدانة إيران لدورها المزعزع للاستقرار، وأن نصر على أنها لا تستطيع الاختباء وراء الحوثيين".

وأضاف وود، إن بلاده قدمت الأدلة الواسعة على قيام إيران بتوفير أسلحة متقدمة، بما في ذلك الصواريخ الباليستية وصواريخ كروز للحوثيين، في انتهاك لعقوبات الأمم المتحدة، الأمر الذي يزيد من عدم الاستقرار الإقليمي، "ولتأكيد قلق المجلس بشأن الانتهاكات المستمرة لحظر الأسلحة، يجب علينا أن نفعل المزيد لتعزيز الإنفاذ وردع منتهكي العقوبات".

وقال، يجب على إيران وقف عمليات نقل الأسلحة غير القانونية وتمكين الحوثيين من شن هجمات متهورة، حيث إن "حجم وتنوع العتاد الذي يتم نقله حالياً إلى الحوثيين في انتهاك لقرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أمر غير مسبوق".

تعزيز آلية التفتيش الأممية 

مطالبات دولية بضرورة تعزيز قدرة آلية الأمم المتحدة للتحقق والتفتيش على تنفيذ مهامها في مراقبة وتفتيش السفن المتجهة إلى الموانئ التي يسيطر عليها الحوثيون لضمان الامتثال لحظر الأسلحة ومنع استيراد الأسلحة.

وأيدت اليابان عبر نائبة الممثل الدائم لليابان لدى الأمم المتحدة؛ شينو ميتسوكو، المقترحات الأميركية والبريطانية بضرورة العمل على تعزيز الآليات القائمة لوقف عمليات تهريب الأسلحة والمعدات العسكرية لجماعة الحوثيين، والتي تمكنها من الاستمرار في شن الهجمات على طرق الشحن التجاري الدولي في المنطقة.

وقالت ميتسوكو: "نؤكد على ضرورة تعزيز الآليات القائمة لمنع المزيد من عمليات النقل غير المشروع للأسلحة والمساعدات العسكرية للحوثيين، حيث كشفت هجماتهم المستمرة على السفن أنهم يمتلكون كمية هائلة من الأسلحة المتقدمة والتكنولوجيا العسكرية على الرغم من الحظر المفروض من قبل هذا المجلس".

وأكدت الدبلوماسية اليابانية أن الوضع في اليمن وما حولها "لا يزال متقلباً ومعقداً للغاية"، خاصة مع استمرار الحوثيين في إطلاق الطائرات بدون طيار والصواريخ بشكل متقطع نحو السفن التي تعبر البحر الأحمر وخليج عدن، وتهديداتهم الأخيرة بتوسيع نطاقها إلى المحيط الهندي والبحر الأبيض المتوسط، ما "أدى تعطل سلاسل التوريد إلى رفع تكلفة الشحن، مما يؤثر سلباً على الاقتصاد العالمي بما في ذلك اقتصاد البلاد".

وجددت اليابان إدانتها الشديدة لسلوك الحوثيين المتهور في استهداف خطوط الملاحة وتهديد الأمن البحري، مجددة المطالبة بإطلاق سراح سفينة (Galaxy Leader) وطاقمها المكون من 25 شخصاً، والمحتجزين منذ ستة أشهر.

عرقلة السلام

وأكدت الممثلة الدائمة لبريطانيا لدى الأمم المتحدة، "أن التصعيد المستمر لهجمات الحوثيين على الشحن البحري وتهديداتهم الأخيرة بتوسيعها لتشمل المحيط الهندي والبحر الأبيض المتوسط، يقوض أمن واستقرار اليمن، كما يؤدي إلى تفاقم الوضع الإنساني المتردي بالفعل".

وأضافت إنه في ظل الظروف الراهنة ودون توفر بيئة أمنية مواتية "لا يمكننا تأمين اتفاق سلام مستدام في البلاد، لذا نكرر دعواتنا للحوثيين لاحترام حرية الملاحة ووقف هجماتهم المتهورة على طرق الشحن الدولي في المنطقة".

وطالبت المندوبة البريطانية، مجلس الأمن بدعم كافة الجهود الرامية إلى إحلال السلام في اليمن، وقالت: "نحن كمجلس، لا يمكننا أن نتردد في دعمنا لسلام شامل ومستدام، ويجب أن نبقى موحدين خلف جهود المبعوث الأممي الخاص لتأمين هذا السلام من خلال وقف التصعيد ووقف إطلاق النار".

ودعت جميع أطراف الصراع في اليمن إلى تهدئة التوترات والحفاظ على مساحة للمفاوضات، بموجب خارطة الطريق التي وضعتها الأمم المتحدة، لضمان السلام والازدهار الدائمين للشعب اليمني.

بدوره أكد الممثل البديل للشؤون السياسية الخاصة في البعثة الأمريكية، أن الحوثيين وهجماتهم في البحر الأحمر، وبشكل متزايد الآن في المحيط الهندي، تعرض آفاق الحل السلمي في اليمن للخطر، مضيفاً: "على الرغم من استمرار الهدنة، فإن الحقيقة المحزنة اليوم هي أن هجمات الحوثيين ضد السفن التجارية والبحرية في البحر الأحمر جعلت التقدم المستمر نحو سلام مستدام بعيد المنال، إضافة إلى تدهور الوضع الإنساني في البلاد".

وأوضح روبرت وود أن التفاوض لإرساء عملية سلام يمنية يمنية شاملة، تحت رعاية الأمم المتحدة لا تزال أفضل طريق لتحقيق الاستقرار في البلاد، لذا "يجب علينا مضاعفة جهودنا الجماعية لوضع اليمن على مسار أكثر إيجابية".

دعم الاحتياجات الإنسانية

وفي الجانب الإنساني شددت الكلمات أمام مجلس الأمن على ضرورة تجاوب الجهات المانحة الدولية والإقليمية لتوفير التمويل المطلوب لخطة الاستجابة الإنسانية في اليمن، الذي لا يزال يعاني واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم.

وقالت المندوب البريطانية: "في الأسبوع الماضي، تعهدت الجهات المانحة خلال اجتماع بروكسل لكبار المسؤولين الإنسانيين، بأكثر من 790 مليون دولار تجاه الأزمة الإنسانية، ولكن هناك حاجة إلى المزيد بشكل عاجل"، موضحة أن بلادها ستعلن خلال الأيام القادمة عن تعهداتها التمويلية للأزمة الإنسانية في اليمن للعام الجاري 2024.

من جانبه الممثل الأميركي حث كافة الجهات المانحة الدولية إلى تقديم المزيد من الدعم المالي للتخفيف من الأزمة الإنسانية الأليمة في البلاد، حيث يحتاج 18.2 مليون شخص، أي أكثر من نصف السكان، إلى المساعدة الإنسانية، ويعاني ملايين الأشخاص من مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد وسوء التغذية، ويفتقرون إلى الحماية والخدمات الصحية، ومياه الشرب النظيفة، ومرافق الصرف الصحي، وانتشار متسارع لوباء الكوليرا.

ودعت السفيرة اليابانية، المجتمع الدولي إلى إظهار تضامنه مع المحتاجين، وخاصة النساء والأطفال، وبذل كل ما في وسعهم لحل محنتهم الطويلة الأمد، وذلك عبر توفير التمويل اللازم لخطة الاستجابة الإنسانية، وحث جماعة الحوثيين على رفع كافة القيود التي تعيق وصول المساعدات إلى مستحقيها.

المصدر: نيوزيمن

كلمات دلالية: الأمم المتحدة البحر الأحمر مجلس الأمن فی البلاد فی الیمن

إقرأ أيضاً:

الكشف عن فضائح فساد في تمويلات ضخمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن

رغم الأزمة الإنسانية والاقتصادية المتفاقمة، كشفت وثائق حديثة عن تلقي برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) تمويلات ضخمة مخصصة لدعم مشاريع مختلفة في اليمن.

وبلغت هذه التمويلات أكثر من 270 مليون دولار، وفقًا للكشف الذي يوضح توزيعها بين مشاريع اقتصادية، ودعم سيادة القانون، والحد من النزاعات، وتمويل نزع الألغام.

وتلقت هذه المشاريع دعمًا من جهات مانحة متعددة، أبرزها الاتحاد الأوروبي، الحكومات البريطانية والهولندية والسويدية، الحكومة الألمانية، البنك الدولي، الصندوق الكويتي للتنمية، والحكومة اليابانية. ومع ذلك، لا يزال أثر هذه التمويلات على حياة اليمنيين محدودًا، حيث تتفاقم المعاناة الإنسانية مع استمرار تدهور الوضع المعيشي.

ومن بين المشاريع التي استحوذت على مبالغ كبيرة: السروة الاقتصادية، بتمويل 83 مليون دولار، موزعة على صنعاء، عدن، تعز، حضرموت، الحديدة، ومأرب، و مشروع الطوارئ لمكافحة الألغام، الذي حصل على 15.7 مليون دولار، في وقت تستمر فيه مليشيا الحوثي بزراعة الألغام على نطاق واسع، مما يثير تساؤلات حول مصير هذه الأموال.

إضافة إلى مشروع إعادة الإعمار والصمود الريفي، بتمويل 49 مليون دولار، دون وجود شفافية حول تنفيذ المشاريع والمستفيدين الحقيقيين، ومشروع دعم سبل العيش والحد من النزاع، بقيمة 23.3 مليون دولار، وهو من المشاريع التي تفتقر إلى آليات واضحة لقياس تأثيرها الفعلي على الأرض.

 

 

لا يتوفر وصف.

الفساد في المنح الإنسانية.. أين تذهب المليارات؟

على مدى سنوات الحرب، تلقت المنظمات الدولية وشركاؤها المحليون وأمراء الحرب في اليمن أكثر من 32 مليار دولار من المساعدات والتعهدات الدولية. ومع ذلك، لم تشهد البلاد تحسنًا حقيقيًا في الوضع الإنساني أو الاقتصادي، ما يؤكد أن جزءًا كبيرًا من هذه الأموال تم تبديده عبر الفساد، والإنفاق على مشاريع وهمية، أو نهبه من قبل أطراف الصراع.

تشير تقارير عدة إلى أن معظم هذه المبالغ تذهب إلى النفقات التشغيلية للمنظمات، ورواتب العاملين الدوليين والمحليين، بينما يحصل السكان المتضررون على نسبة ضئيلة من هذه المساعدات.

كما أن بعض المشاريع يتم تضخيم ميزانياتها أو الإعلان عنها أكثر من مرة دون تنفيذها فعليًا، مما يعكس فسادًا مستشريًا في آليات إدارة المنح الدولية في اليمن.

ملف نزع الألغام.. تمويل ضخم والنتيجة عكسية

يعد ملف نزع الألغام أحد أكثر الملفات المثيرة للجدل، حيث تُرصد له ملايين الدولارات سنويًا، في حين أن الألغام التي تزرعها المليشيات تزداد يومًا بعد يوم. وهذا يطرح تساؤلات خطيرة حول جدوى هذه المشاريع، وهل تذهب الأموال فعلًا لنزع الألغام أم أنها تصل إلى الجهات التي تقوم بزراعتها؟.

مستقبل اليمنيين بين الفساد ونهب المساعدات

رغم مليارات الدولارات التي تلقتها المنظمات الدولية تحت غطاء المساعدات الإنسانية، لا يزال اليمنيون يعانون من المجاعة والفقر وانعدام الخدمات الأساسية. ويزداد التساؤل حول ما إذا كانت هذه الأموال تذهب فعلًا إلى تحسين حياتهم، أم أنها تتحول إلى أرصدة شخصية، ومشاريع تشغيلية تستنزف الموارد، وتمويل غير مباشر لأطراف النزاع.

مقالات مشابهة

  • مجلس الأمن يناقش تطورات اليمن وتداعيات تصنيف الحوثيين منظمة “إرهابية”
  • خيارات أوكرانيا بعد وقف إمدادات السلاح الأميركية
  • الأمم المتحدة تعلن رفضها لاستهداف اليمن عبر التصنيف الأمريكي
  • الكشف عن فضائح فساد في تمويلات ضخمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن
  • السيسي: ندعم وحدة واستقرار اليمن وهناك حاجة ملحة لوقف هجمات الحوثيين في البحر الأحمر
  • الأمم المتحدة تحيي اليوم الدولي للتوعية بمسائل نزع السلاح وعدم الانتشار
  • الأمم المتحدة تجلي 24 لاجئا أفريقيا من اليمن
  • الأمم المتحدة تعلن إجلاء 24 لاجئا أفريقيا من اليمن
  • زيلينسكي: نعوّل على دعم الولايات المتحدة لإحلال السلام
  • الأمم المتحدة تعلن إجلاء 24 أفريقياً من اليمن