مقال في الغارديان: صرخات التحدي هل كل ما بقي للفلسطينيين لإبقاء الأمل حيا
تاريخ النشر: 15th, May 2024 GMT
قالت الكاتب نسرين مالك إن صراخ الفلسطينيين، وأنصارهم، هو كل ما تبقى من أجل إبقاء الأمل حيا، وشددت على أن التحركات الطلابية في الجامعات حول العالم كانت "سلمية".
نشرت صحيفة "الغارديان" المقال الذي جاء فيه أن الشاعر السوري نزار قباني، أشهر شعراء العرب في العصر الحديث، كتب في عام 1988، ثلاثية "أطفال الحجارة"، وكانت القصيدة مهداة لأطفال الانتفاضة الفلسطينية الأولى، الذين أصبحوا، برشقهم الجنود الإسرائيليين بالحجارة، رموزا.
اندلعت الانتفاضة عام 1987 بسبب الإحباط الناتج عن الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية وقطاع غزة، وتميزت بالعصيان المدني والاحتجاج السلمي، والأهم من ذلك، هؤلاء الأطفال.
وكتب قباني: "يا تلاميذ غزة لا تبالوا بإذاعاتنا"، معتبرا نفسه جزءا من جيل أكبر سنا فشلت محاولاته للتوصل إلى تسوية مع إسرائيل في توفير الحرية للفلسطينيين "ولا تسمعونا.. / نحن أهل الحساب، والجمع، والطرح.. إن عصر العقل السياسي ولى من زمان، فعلّمونا الجنونا".
وتعلق الكاتبة أن قباني كان جزءا من التقليد العربي للفن والأدب الذي عبر عن يأس الفلسطينيين، وكيف أن ملاذهم الوحيد هو "جنون" الأطفال الذين يرشقون قوة مدججة بالسلاح بالحجارة.
ولم يبق لهم سوى رفض قبول هزيمتهم والانحياز ضد الأقوياء - من دون حلفاء، وفي خطر كبير، ومن دون خطة.
وطالما حدث ذلك، فستظل فلسطين موجودة، مكانا يتم الحفاظ عليه حيا من خلال التأكيد على أن شعبه لا يزال هنا، وما زال يطالب بحقه في هويته، ولا يزال حرا ببساطة نتيجة لعدم التخلي أبدا عن هذا المطلب.
الانتفاضة الأولى زرعت رسالة عميقة في النفس العربية الشعبية: "يمكن للسادة السياسيين السيطرة على كل شيء باستثناء حق الناس في رعاية رؤية لما يستحقونه".
وتعلق الكاتبة قائلة "بالنسبة لأبناء ذلك الجيل، وأنا واحدة منهم، كانت كلمة "الانتفاضة" تعني ذلك بالضبط: "نفض التراكمات٬ بالنسبة لآذاننا، كان ذلك يعني المطالبة بالحقوق المدنية وليس العنف وإراقة الدماء٬ وكانت أيضا كلمة ليس لها هدف نهائي واضح، ولا غرض محدد سوى الرفض والمقاومة - دليل على التجذر".
وتقول أن أغنية " أنا دمي فلسطين" وهي احتجاجية شعبية صدرت عام 2015 وتم تشغيلها أثناء الاحتجاجات في الغرب، مبنية على هذا الموضوع.
ومن الجدير بالذكر أيضا أن مغنيها الفلسطيني محمد عساف فاز بالموسم الثاني من برنامج (أراب أيدول) عام 2013 بعد مسابقة قدم فيها أغاني فلسطينية تراثية استحوذت على قلوب وعقول المشاهدين العرب.
إلى جانب العديد من القصائد والأعمال الفنية والأعمال الأدبية ومقتطفات من الاقتباسات والشعارات، تشكل هذه الأمثلة تراثا كاملا للهوية الفلسطينية لم يتم صياغته في الجامعات الغربية أو في وسائل الإعلام الغربية، ولكن في مخيمات اللاجئين، على الجدران المتبقية من المنازل المهدمة، في السجون وفي مجموعات سكانية معزولة، بين أولئك الذين طردوا من منازلهم ويتوقون إلى حق العودة.
وتضيف الكاتبة: "معا يخلقون مكانا نظريا، متحررا من الواقع البائس، يغذي العزاء والشجاعة والتواصل بين الأشخاص المشتتين والمقتلعين الذين يطمحون إلى شيء نعتبره أنا وأنت أمرا مفروغا منه: الدولة".
وترى أن انتقال هذه الثقافة إلى الخطاب السائد في اللغة الإنجليزية منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر أدى إلى تحويل الكلمات الموجودة فيها إلى معان حرفية، تم إسقاطها عليها من قبل مراقبين ليس لديهم سوى القليل من المعرفة بتاريخها وفروقها الدقيقة.
فقد تم التعامل مع مصطلح الانتفاضة على أنه ليس أقل من إعلان لا لبس فيه للحرب المقدسة٬ وتضيف أن عبارة "من النهر إلى البحر، فلسطين ستتحرر"، تعبيرا عن شوق الفلسطينيين إلى وطنهم التاريخي.
وقالت وزيرة الداخلية البريطانية السابقة، سويلا برافرمان، إن هذا "مفهوم على نطاق واسع على أنه مطلب لتدمير إسرائيل". لكن كيف ستكون فلسطين حرة على وجه التحديد، لم يحصل الشعب الفلسطيني على فرصة بشكل كامل.
في أوسلو، لم يعرض عليهم حتى الخطوط العريضة لحدود ما يمكن أن يصبح كيانا فلسطينيا، ولا حق العودة إلى المنازل التي طردوا منها منذ عام 1948.
وفي عام 2020، لم تشمل خطة السلام التي وضعها دونالد ترامب حتى دولة كاملة.
وتقول إنه في ضوء أحداث 7 تشرين الأول/أكتوبر الماضي، من المفهوم بالنسبة للبعض أن التعبير عن الانتفاضة الفلسطينية والمطالبة بالأرض يأخذ طابعا خطيرا٬ لكن قصة هذه المصطلحات والأناشيد أطول بكثير من تلك التي تم تكثيفها وإدانتها خلال الأشهر السبعة الماضية.
إن التاريخ الفلسطيني من المقاومة، والذي يمتد لعقود من الطرد والمذابح والإذلال والعزل والمراقبة، لا تمثله حماس وحدها.
هناك أيضا شيء ما حول إسقاط النوايا الصارخة على التضامن مع الفلسطينيين والدعوات إلى تقرير المصير، وتؤكد أن الذي يسيء قراءة طبيعة الاحتجاج على أنها شيء يحتاج إلى قياس وعقلانية (بطرق لم يتم تحديدها تماما على الإطلاق) حتى تكون ذات مصداقية.
لكن الاحتجاج أصبح ضروريا على وجه التحديد لأن السلطات لم تستجب. ويتم تعريفه من خلال عدم التماثل في السلطة والقدرة على الوصول إلى الأدوات السياسية. يتمتع السياسيون بسلطة تنفيذية، والمتظاهرون لديهم شيء واحد هو أصواتهم.
وتعلق الكاتبة أن الحركات الاحتجاجية هي بطبيعتها أفعال معارضة، وغالبا ما تتمتع بهذه الخاصية المتسقة بشكل إعجازي - تتوسع بسرعة من المساحات السياسية إلى المساحات المجتمعية، وتتضمن الأغنية والرقص والشعر والأخوة الحمائية بين الغرباء.
ومن هنا فسحق هذه المساحات - والأسباب التي تمثلها - لا يتم من خلال القوة الغاشمة، ولكن من خلال تصوير المشاركين كأشرار.
وكلما أصبح من الصعب التشكيك في جدية وضرورة التضامن مع الفلسطينيين، كلما أصبحت مثل هذه الادعاءات أكثر شذوذا.
لقد أصبح من الواضح الآن أن مئات الآلاف من المتظاهرين الذين شاركوا في مسيرة من أجل غزة، من لندن إلى واشنطن، ليسوا من مسيرات الكراهية.
كما أشارت إلى دراسة نشرت الأسبوع الماضي، كشفت أن 97% من المظاهرات في الجامعات الأمريكية لأجل غزة كانت سلمية.
في عالم كهذا، حيث يتم تدمير غزة، ما الذي يتبقى سوى الاستمرار في بناء هوية فلسطينية، بشكل أكثر حيوية وقوة من أي وقت مضى، يحددها حقها في الوجود بدلا من خطر المحو؟ فماذا بقي سوى الاستمرار في رفض هذا العصر الذي رحل فيه العقل السياسي منذ زمن طويل؟
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية الاحتلال غزة احتلال غزة إبادة جماعية طوفان الاقصي انتفاضة الجامعات صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة من خلال على أن
إقرأ أيضاً:
مقال رأي بالجارديان: يتعين أن يكون الشعب السوري حرا في رسم مساره الخاص
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
ذكر الكاتب الصحفي البريطاني سايمون تيسدال، أن روسيا وإيران وتركيا والولايات المتحدة ــوهم اللاعبون الخارجيون الرئيسيون في الدراما السورية المستمرة منذ فترة طويلة ــ اتفقوا جميعا على أن "سيادة البلاد ووحدتها وسلامة أراضيها" لابد وأن تُحترم وتصان، وأعلنت ذلك كل دولة منهم على حدة الأسبوع الماضي بعد انهيار نظام بشار الأسد المفاجئ.
وقال تيسدال وهو محرر الشئون الخارجية الخارجية بصحيفة الجارديان -في مقال للرأي نشرته الصحيفة- إنه حتى إسرائيل -التي تقصف سوريا بتهور في أكبر عملية عسكرية تشنها على الإطلاق- أنكرت تدخلها في الشؤون الداخلية للبلاد، مضيفا أن مثل هذا الأمر الباعث على السخرية يثير الدهشة أيضا.
وأضاف أن القوى الأجنبية التي وصفها ب"المزعجة" لديها أيضا هذا القاسم المشترك: فهي لا تستطيع على ما يبدو أن تتحمل فكرة قيام الشعب السوري برسم مستقبله بشكل مستقل، مشيرا إلى أن جماعة هيئة تحرير الشام ليست الخيار المثالي لقيادة البلاد.
ولكن بعد 13 عاما من الإخفاقات في سوريا، لم يُطلَب رأي المجتمع الدولي. وأدت التدخلات الخارجية الأنانية وما وصفه الكاتب ب"التهرب الغربي " إلى تقويض أو المساعدة على هزيمة القوى المؤيدة للديمقراطية.
وأشار الكاتب إلى أنه يتعين على القوى الأجنبية -التي كان تدخلها سببا كبيرا في دفع الحرب الأهلية الطويلة في سوريا- أن تتجنب تكرار الخطأ. ولكن في الوقت الحالي لا يوجد خيار سوى العمل مع السلطات الجديدة، كما تقول مجموعة الأزمات الدولية.
وأوضح الكاتب أن إسرائيل لم تكن منزعجة من الأسد. والآن -وبشكل مفاجيء- زعمت أنه ثمة تهديد وجودي لها لتصبح هذه هي الذريعة التي تبرر بها الاستيلاء غير القانوني على الأراضي الحدودية داخل سوريا، والتي أدانتها الأمم المتحدة باعتبارها مزعزعة للاستقرار، فضلا عن مئات الهجمات على "أهداف استراتيجية ".
واستشهد الكاتب بتصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو التي أعرب فيها عن قلقه قائلا: "إذا هاجمتنا (هيئة تحرير الشام)، فسنرد بقوة"، مشيرا إلى أنه ليس من المستغرب أنه لا يسعد نتنياهو بما يحدث في سوريا، قائلا "كما يعلم العالم أجمع، فإن السلام ليس من شأن نتنياهو".
ولكن من خلال مهاجمة سوريا غير المحمية بشكل انتهازي والاستيلاء على أجزاء من الأراضي، فإن نتنياهو يدعو إلى النتيجة التي أراد تجنبها بشدة وهي: العداء طويل الأمد بين إسرائيل وسوريا. وقال الكاتب إنه "ربما لا يريد تجنب ذلك. وكما يعلم العالم كله، فإن نتنياهو يحب الحرب".
وكان الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب قد هدد في الماضي بسحب القوات الأمريكية من سوريا. لكن ماركو روبيو، الذي اختاره لمنصب وزير الخارجية، يزعم أن هذه القوات يجب أن تبقى لمنع عودة ما وصفه ب"التهديد الإرهابي". ولكن حتى الآن، تصدر قيادة هيئة تحرير الشام أصواتا إيجابية بشأن الانتقال السياسي السلمي وترتيبات أمنية جديدة، وحماية الأسلحة الكيميائية واحترام الأقليات، بحسب المقال.
واختتم الكاتب البريطاني مقاله قائلا إنه ينبغي تقديم المساعدات الإنسانية إلى سوريا دون قيد أو شرط، مشيرا إلى أنه من شأن تخفيف العقوبات أن يساعد في هذا. ولكن "كم سيكون من الجيد لو تم الوثوق ولو لمرة واحدة في شعب تحرر حديثا برسم طريقه الخاص نحو الديمقراطية والعدالة والمصالحة وإعادة الإعمار، بعيدا عن التدخل الخارجي" ولهذا "فليقرر السوريون ما يحتاجون إليه، وما هو نوع المستقبل الذي يريدونه" مؤكدا أنه لحين تحقيق ذلك "يتعين أن تتراجع القوى الأجنبية وتتوقف عن التدخل".