ساندوتش «الفول والطعمية» يودع الغلابة
تاريخ النشر: 15th, May 2024 GMT
أصحاب المحلات مصرون على المغالاة.. والرقابة «فريضة غائبة»
الفول والطعمية ليسا مجرد سلعاً عادية، ولكنهما بالنسبة للمصريين سلعة استراتيجية، فهما أساس وجبة الفطور والعشاء لأسر كثيرة، والغداء فى كثير من الأحيان، وهما مؤشر لارتفاع الأسعار فى مصر، فحينما كانت أسعارهما فى متناول يد المواطن البسيط لم يشعر الكثيرون بارتفاع الأسعار، ولكن ما شهدته الفترة الماضية من ارتفاع فى أسعار كل شىء وصل حتى للفول والطعمية، شعر المواطن وقتها بلهيب الأسعار الحقيقى، فهما بديل اللحوم و«مسمار البطون» كما يطلق عليهما الكثيرون، وهما حائط صد المصريين ضد الجوع.
ورغم إعلان الحكومة عن الإفراج عن العديد من السلع من الموانئ وانخفاض الأسعار عما قبل، خاصة أسعار الزيوت والفول إلا أن كثيراً من بائعى الفول والطعمية ما زالوا مصرين على البيع بالسعر القديم، مبررين ذلك بارتفاع أسعار الزيت والفول وغيرها من المستلزمات الضرورية لإنتاج هذه السلعة الاستراتيجية.
فخلال الأيام الماضية أعلنت الحكومة عن خفض أسعار 7 سلع أساسية فى الأسواق، منها الزيت، وذلك من خلال مبادرة «تخفيض الأسعار»، كما أكدت غرفة صناعة الحبوب باتحاد الصناعات المصرية، استمرار تخفيض سعر الدقيق للمخابز السياحية بحيث لا يتجاوز سعر الطن 16 ألف جنيه بعدما كان يتراوح سعره بين 21 ألفاً و22 ألف جنيه، الأمر نفسه لا يختلف عما أكده حاتم النجيب، رئيس شعبة الخضراوات والفاكهة باتحاد الغرف التجارية، عن استمرار خفض أسعار الخضراوات مثل الطماطم والبطاطس حيث يتراوح سعر كيلو البطاطس ما بين 11 و15 جنيهاً حسب المنطقة بعدما كانت تباع بـ30 جنيهاً، بينما تتراوح أسعار الطماطم بين 8 و12 جنيهاً فى بعض المناطق.
ورغم هذا ما زالت أسعار المنتج النهائى الذى يهم ملايين المصريين على اختلاف طبقاتهم، وهو الفول والطعمية مرتفعة، فسعر طن الفول البلدى رفيع الحبة يصل على 46500 جنيه، أما سعر الكيلو فيتراوح بين 47 إلى 50 جنيهاً فى الأسواق، ويتراوح سعر لتر زيت القلي- المستخدم فى الطعمية- بين 60 جنيها و92 جنيهاً.
بينما يتراوح سعر ساندوتش الفول بين 6 و10 جنيهات، وساندوتش الطعمية يتراوح بين 7 و10 جنيهات، أما ساندويتش البيض فيبدأ من 9 جنيهات ويصل إلى 16 جنيهاً، وساندوتش البطاطس يتراوح بين 7 و13 جنيهاً فى المحال الكبرى.
وتعد هذه الأسعار جريمة فى حق المواطن المصرى، فالعامل «الشقيان» الذى كان يتناول فطوره بعشرين جنيهاً على الأكثر أصبح فى حاجة إلى 50 جنيهاً له، والأسرة المكونة من 4 أفراد تحتاج لأكثر من 100 جنيه لتناول فطوراً بسيطاً من الفول والطعمية، وهو ما يمثل عبئاً كبيراً على الأسر التى يمكنها الاستغناء عن اللحوم، ولكنها لا تستطيع الاستغناء عن الفول والطعمية.
وتعليقاً على ذلك قال اللواء دكتور أحمد توفيق، أستاذ إدارة الأزمات، إن أطراف هذه الأزمة هم الجهاز التنفيذى للدولة والتجار أصحاب المحال والمواطنون، مؤكداً أن على كل منهم دور فى مواجهة هذه الأزمة، ولعل دور الأجهزة الرقابية هو الأهم، حيث يجب شن حملات مفاجئه للرقابة على الأسواق بصفة مستمرة وليس مجرد أداء واجب فى أيام محددة.
وشدد أستاذ إدارة الأزمات على ضرورة اتخاذ إجراءات قانونية مشددة مع المخالفين لكى يكونوا عبرة ومثلاً لباقى التجار، ويفضل وضع نقاط ثابتة للمراقبة فى الأسواق الكبيرة، مع عمل خط ساخن للجمهور للإبلاغ عن هذه المخالفات، بشرط أن يتم التحرك الفورى والاستجابة لأى بلاغ حتى يكون هناك مصداقية وتفاعل حقيقى.
وتابع: بالنسبة للمواطنين فعليهم تفعيل حملات المقاطعة للمتاجر الجشعة وللسلع الغالية، كما يجب الإعلان عن المتاجر التى خفضت الأسعار حتى يقبل عليها الجمهور.
أما التجار فيجب عليهم التعامل بمبدأ بيع كثير ومكسب قليل كما تفعل المتاجر الانجليزية، مع عدم المغالاة فى الأسعار واستغلال الظروف، وبالعكس يمكن للمتاجر التى تخفض الأسعار أثناء الأزمة أن يكون مكسبها أكبر بسبب كثرة المبيعات على أن يكون تخفيضاً حقيقياً وليس وهمياً.
وأضاف أستاذ إدارة الأزمات أن حملات الردع للتجار الجشعين تعود بالنفع على الحكومة التى تظهر للرأى العام بشكل عملى أنها حريصة على توفير الحياة الأفضل للمواطنين، فضلاً عن بناء الثقة بين المواطن والحكومة.
وأشار أستاذ إدارة الأزمات إلى أن معاقبة التجار الجشعين والإعلان عنها فى وسائل الإعلام والسوشيال ميديا تخلق نوعاً من الردع لغيرهم من التجار الذين يواصلون ألاعيبهم الشيطانية مع الأسواق دون مراعاه للوطن والمواطن، مشيرا إلى أن منظومة إدارة اى أزمة يجب أن تكون متكاملة وليس من جانب واحد حتى يكتب لها النجاح والفاعلية.
من جانبه قال الدكتور السيد خضر، الخبير الاقتصادى، إنه بالرغم من انخفاض العديد من السلع إلا أن شعار التجار المصريين ما زال هو صنع الثروات فى الأزمات، واستغلال المواطن استغلالاً مفرطاً عن طريق رفع الأسعار بشكل مبالغ فيه وعدم الاتجاه إلى التخفيض، فى ظل غياب تام للرقابة على الأسواق الداخلية، وبالتالى نحتاج إلى فرض قوانين صارمة على الأسواق والتجار الجشعين لمنع الاحتكار ورفع السلع وبالتالى المواطن هو الغنيمة لهؤلاء المحتكرين ومستلغى الأزمات.
وأضاف الخبير الاقتصادى أن أسعار الفول والطعمية كأى سلعة فى مصر تتأثر بعدة عوامل منها: زيادة الطلب العالى على الفول والطعمية فى السوق المصرى، فإذا كانت الكمية المتوافرة محدودة، فمن الممكن أن تستمر الأسعار فى الارتفاع، أيضاً تكاليف الإنتاج مثل تكاليف العمالة والأسمدة والمياه، فأى زيادة فى هذه التكاليف تؤدى إلى ارتفاع الأسعار، بالإضافة إلى تكاليف التوزيع حيث يكون هناك تحديات فى عملية التوزيع والنقل ما يؤدى إلى زيادة تكاليفها، خاصة إذا كانت تكاليف النقل مرتفعة أو إذا كان هناك تأخير فى عملية التوزيع، فقد يؤثر ذلك على أسعار الفول والطعمية، كما أن الاعتماد على الاستيراد يؤثر فى الأسعار، خاصة أن مصر تعتمد بشكل كبير على استيراد الفول، لذلك تتأثر الأسعار بتقلب السوق العالمى وتكاليف الاستيراد، بغض النظر عن تغيرات الأسعار المحلية.
ونوه الخبير الاقتصادى بدور الحكومة فى هذا السياق من حيث تبنى سياسات لتشجيع زيادة الإنتاج المحلى، وتوفير التمويل والدعم للمزارعين، وتحسين عملية التوزيع والتخزين، حيث يمكن أن تتدخل الحكومة بتحديد الحد الأعلى لأسعار الفول ومراقبة السوق للحد من المضاربة والتلاعب، أيضاً تحديد الحد الأعلى للأسعار، حيث تقوم الحكومة بتحديد حد أعلى لأسعار المنتج النهائى مثل ساندوتشات الفول والفلافل، وتحدده رسمياً، وتحدد الأسعار بناء على تحليل للتكاليف والأرباح المعقولة لأصحاب المحلات، على أن يتم رصد المحال للتأكد من التزامها بتلك الأسعار، ورصد ومراقبة الأسواق حيث يقوم جهاز حماية المستهلك والجهات الرقابية بمراقبة الأسواق والمحال للتأكد من عدم وجود مخالفات فى التسعير، وفى حالة وجود أى مخالفات، يتم اتخاذ الإجراءات القانونية وفرض العقوبات اللازمة.
يأتى ضمن جهود الحكومة الواجب القيام بها والاستمرار عليها بحسب الخبير الاقتصادى، توفير المواد الأساسية بأسعار مخفضة حيث تتدخل الحكومة فى بعض الأحيان لتوفير المواد الأساسية التى تدخل فى صنع الفلافل بأسعار مخفضة لأصحاب المحلات الغذائية، ويتم هذا بتخصيص كميات من الفول وتوزيعها بأسعار مخفضة، وتشجيع الإنتاج المحلى حيث يمكن للحكومة تشجيع زراعة الفول المحلى وتوفير التمويل والدعم للمزارعين، ما يسهم فى زيادة الإنتاج المحلى وتخفيض تكاليف الإنتاج وبالتالى تأثيرها على أسعار الفلافل، كما تهدف هذه الآليات إلى ضبط الأسعار ومنع الغلاء المفرط فى السوق الداخلى، وتحقيق التوازن بين حقوق المستهلكين وأصحاب المحال الغذائية، وأضاف: يجب أن نلاحظ أن تحقيق تخفيض فى أسعار الفلافل يتطلب تعاوناً بين الحكومة وأصحاب المحال ومراعاة الظروف الاقتصادية والتجارية المحلية والعالمية.
واختتم خضر كلامه قائلاً: يجب معاقبة المحلات التى تخالف الأسعار المحددة وفقاً للتشريعات والقوانين المعمول بها، وتشمل العقوبات الغرامات المالية التى تختلف وفقاً لتصنيف المخالفة وتأثيرها على المستهلكين، وقد يصل الأمر إلى إغلاق المحل فى حالة استمرار المخالفات وتكرارها، على أن يكون هذا الإغلاق لفترة محددة، ويتم تنفيذ هذا القرار بناء على قرار رسمى صادر عن الجهة المختصة، ويصل الأمر إلى سحب التراخيص والتصاريح خاصة فى حالة تكرار المخالفات الجسيمة وعدم الامتثال للقوانين والتشريعات، والمنع من ممارسة النشاط التجارى، وفى حالة تورط المحل فى مخالفات جسيمة أو ممارسة أعمال غير قانونية أخرى، يمكن أن يتم اتخاذ إجراءات قانونية ضد المحل تصل إلى تقديم صاحب المحل للمحاكمة.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الفول والطعمية اسعار الزيوت تخفيض الاسعار اتحاد الصناعات المصرية غرفة صناعة الحبوب سعر الدقيق
إقرأ أيضاً:
هل تنخفض أسعار العقارات في مصر قريبًا؟.. خبراء القطاع يجيبون
استبعد مطورون عقاريون احتمالية انخفاض أسعار العقارات، مؤكدين أن العوامل الاقتصادية والمالية تدفع السوق نحو مزيد من الارتفاع، وليس التراجع، خلال الفترة المقبلة، في ظل الجدل المتصاعد مؤخرًا حول احتمالات تراجع أسعار العقارات في السوق.
الأسعار ستواصل الصعود..أكد المهندس طارق شكري، رئيس غرفة التطوير العقاري باتحاد الصناعات المصرية ووكيل لجنة الإسكان بمجلس النواب، أن أسعار العقارات سترتفع بنسبة تتراوح بين 10% إلى 15% خلال عام 2025.
وأرجع هذه الزيادة إلى ارتفاع أسعار مواد البناء، والتضخم العالمي، وزيادة تكلفة تنفيذ المشروعات السكنية.
وأوضح شكري أن المطورين العقاريين لن يتمكنوا من خفض الأسعار بسبب ارتفاع تكاليف مدخلات الإنتاج، مشيرًا إلى أن البعض قد يتجه لتقديم تسهيلات سداد أطول، بدلاً من خفض الأسعار، كوسيلة لتحفيز المبيعات.
من جانبه، قال المهندس أسامة سعد الدين، المدير التنفيذي لغرفة التطوير العقاري، إن السوق العقاري المصري لا يعرف ثقافة "خفض الأسعار"، لأن التكلفة الفعلية للبناء في ارتفاع مستمر.
وأوضح أن أي تراجع مؤقت في حركة البيع لا يعكس ضرورة لتخفيض الأسعار، بل يشجع على تقديم عروض مرنة للعملاء.
زيادة تصل إلى 20%..وأشار داكر عبد اللاه، عضو شعبة الاستثمار العقاري باتحاد الغرف التجارية، إلى أن أسعار العقارات قد ترتفع بنسبة تصل إلى 20% خلال العام الحالي، بسبب الفجوة الكبيرة بين العرض والطلب في السوق المصري، إلى جانب ارتفاع أسعار الأراضي والخامات.
وأضاف عبد اللاه أن السوق يشهد طلبًا قويًا من الطبقة المتوسطة والعليا، مشيرًا إلى ضرورة وجود خريطة استثمارية مدروسة تتيح توزيع المشروعات بشكل أكثر عدالة بين المحافظات.
دعوات لإصلاح منظومة التراخيص والحوافز الاستثمارية..وطالب عضو شعبة الاستثمار العقاري بضرورة تبسيط الإجراءات المتعلقة بتراخيص البناء، وإتاحة حوافز ضريبية مؤقتة للمطورين العقاريين، كوسيلة لتعزيز النشاط في ظل التحديات الاقتصادية
ودعا إلى تفعيل الشراكة بين الدولة والمطورين في مشروعات الإسكان المتوسط، من خلال آليات واضحة ومحددة لتوزيع المخاطر وتحقيق التوازن المالي.
التركيز على الأسواق الخارجية...وأكد الدكتور وليد عباس، عضو المجلس التصديري للعقار، أن السوق المحلي لم يعد كافيًا لتحقيق مستهدفات النمو، مشيرًا إلى أهمية تصدير العقار المصري للخارج، خاصة في دول الخليج وأفريقيا.
وأضاف عباس أن منح الإقامة للمستثمرين الأجانب الذين يشترون عقارات في مصر يُعد من الحوافز القوية الجاذبة، ويجب التوسع فيه ضمن إطار تنظيمي واضح.
هل هناك أمل في التراجع؟..في ظل هذه المعطيات، تُجمع الجهات المعنية بسوق العقارات على أن التراجع في الأسعار غير وارد حاليًا، بينما يستمر الاتجاه التصاعدي للأسعار مدفوعًا بزيادة التكاليف ونقص المعروض. وبالتالي، فإن المشتري الذي ينتظر انخفاضًا في الأسعار قد يواجه واقعًا مغايرًا تمامًا خلال الشهور القادمة.