استفسارات جوهرية طرحتها ليبيا على تقرير مدعي عام الجنائية الدولية أمام مجلس الأمن
تاريخ النشر: 15th, May 2024 GMT
أثارت إحاطة المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان، أمس الثلاثاء عن إطلاق خارطة طريق لعمل فريق المحكمة في ليبيا، الكثير من التساؤلات وردود الفعل، عن طبيعة عمل فريق المحكمة والهدف من التحقيقات وعمليات جمع الأدلة التي يقوم بها منذ سنوات في ليبا.
وشكلت كلمة مندوب ليبيا لدى مجلس الأمن الدولي السفير “الطاهر السني” في ذات الجلسة، نوعا من الرد على ما يمكن اعتباره ثغرات تضمنتها إحاطة خان، وخاصة لجهة تجاهل دور القضاء الليبي، وتجاهل ملف المقابر الجماعية في ترهونة.
وقال السني ” لاحظنا إسقاط ملف جرائم ترهونة بشكل كامل من القضايا محل التحقيق، وناسف لعدم الكشف عن المتورطين وإصدار أوامر قبض بحقهم”، لافتا إلى أن الوضع في ليبيا لا يمكن النظر إليه بمعزل عن حجم التدخلات الأجنبية.
واستغرب السني، لماذا لم يتم في التقرير 26 ذكر صريح لملف المقابر الجماعية في “ترهونة” وهي أكبر الجرائم و الأدلة متوفرة، معربا عن الاسف أنه لم يتم الكشف عن المتورطين للراي العام الليبي، ولم يتم اصدار مذكرات توقيف للمتهمين وبعضهم خارج ليبيا، رغم الزيارات المتكررة للفريق إلى ليبيا والأدلة الدامغة وتعاون النائب العام الليبي.
وودعا مندوب ليبا لدى مجلس الأمن، مدعي عام الجنائية الدولية لتوضيح لماذا تم الاسقاط الكامل لذكر ملف “ترهونة” كملف قيد التحقيق وعدم ذكر المقابر الجماعية في ترهونة في هذا التقرير، في حين كانت جرائم ترهونة تذكر منذ التقرير 19 إلى التقرير 25، متسائلا هل اقفلت هذه القضية من قبلكم نرجو التوضيح .
وبخصوص مدة ولاية عمل فريق الجنائية الدولية في ليبيا، تساءل “السني” هل يجب الانتظار حتى نهاية العام القادم للحصول على نتائج واستصدار قوائم توقيف، وهل نفهم من تقرير المحكمة أنها ستعمل لسنوات أخرى دون معرفة مدة نهاية ولايتها ودون الرجوع إلى موافقة ليبيا على ذلك.
وأكد مندوب ليبيا أن تحقيق العدالة داخل الاراضي الليبية “اختصاص سيادي ليبي وولاية حصرية والقضاء الليبي ملتزم بمحاكمة عادلة وفق القانون، وهذه الجرائم لا تسقط بالتقادم أبدا” مشيرا إلى أن التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية “مكمل للقضاء الوطني وليس بديلا عنه”.
وتساءل السني بوضوح، لماذا لم يشر تقرير المدعي العام لإمكانية قيام الدولة الليبية بالمحاكمات التي تحدث عنها المدعي العام، وهل من المنطقي أن تعمل المحكمة بشكل لا نهائي في ليبيا دون معرفة متى سينتهي هذا الملف.
وفي ختام كلمته قال ممثل ليبيا لدى مجلس الأمن إذا كانت القضية الليبية معقدة لهذه الدرجة والفاعل مبني للمجهول، فإنه من الافضل توجيه جهود الجنائية الدولية ومواردها لما هو أوضح، وبالتحديد إلى قطاع غزة والإبادة الجماعية و جرائم الحرب المستمرة لمدة 7 أشهر.
وأضاف العالم ينتظر منكم ملاحقة المرتكبين لهذه المجزرة والقبض على مجرمي الحرب في إسرائيل الذين يعلنون نيتهم غبادة الشعب الفلسطيني، ما يدعو للكشف عن مرتكبي جريمة المساعدات في غزة، فهل تحتاج المحكمة المزيد من المجازر لتقوم بعملها، وقال : الان هو الاختبار الحقيق لهذه المؤسسة ومصداقيتها على المحك.
وعقب جلسة مجلس الأمن أصدرت 10 دول من الأعضاء في المجلس بيانا مشتركا عبرت فيه عن دعمها للمدعي العام وخطة عمله في ليبيا.
ورحبَ البيان الذي يضمُ 10 دول، هي فرنسا وبريطانيا واليابان وسويسرا ومالطا وكوريا الجنوبية والإكوادور وغيانا وسيراليون وسلوفينيا، بخارطة الطريق التي أعلن عنها المدعى العام لمحكمة الجنايات الدولية لإكمال مرحلة التحقيقات في ليبيا.
وأشادَ البيان بجهود المحكمة الجنائية الدولية للتحقيق في جرائم الحرب في ليبيا، بحسبِ ما نشرهُ الموقع الإلكتروني للبعثة الفرنسية الدائمة في الأمم المتحدة.
وكان خان قدم خارطة عمل من مرحلتين في إحاطته أمام مجلس الأمن الدولي، الأولى هي التحقيق، وقال نعتزم إنهاءها بحلول 2025، وهذه المرحلة لن تكون سهلة وتتطلب تعاونا مع السلطات في ليبيا”.
وأضح مدعمي عام المحكمة أن المرحلة الثانية هي المرحلة القضائية مرحلة التكميل، وسنعمل على إصدار مذكرات توقيف للمتورطين في الجرائم في ليبيا وسنقاضي واحدا على الأقل بحلول نهاية العام المقبل”.
المصدر: عين ليبيا
كلمات دلالية: الطاهر السني المحكمة الجنائية الدولية مدعي عام المحكمة الجنائية كريم خان الجنائیة الدولیة مجلس الأمن فی لیبیا
إقرأ أيضاً:
بوتين أم نتنياهو.. من عليه القلق أكثر بعد وقوع دوتيرتي بقبضة الجنائية الدولية؟
(CNN)-- أحدث الاعتقال الدرامي للرئيس الفلبيني السابق المثير للجدل، رودريغو دوتيرتي، في مارس/ آذار صدمةً في أنحاء كثيرة من العالم، وألقى الضوء مجددًا على القادة الآخرين المطلوبين من قِبَل المحكمة الجنائية الدولية.
لطالما كان الرئيس الفلبيني السابق، الذي نُقل إلى هولندا للرد على اتهامات بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، محلّ تدقيق بسبب حملة قمع وحشية ضد المخدرات، ولكن حتى بعد سنوات من التحقيقات المتقطعة، والتي سخر خلالها دوتيرتي من المحكمة وأمرها "بالتعجيل"، شكّل اعتقاله مفاجأةً للعديد من الخبراء.
وقالت ليلى سادات، أستاذة القانون الجنائي الدولي في كلية الحقوق بجامعة واشنطن والمستشارة الخاصة السابقة للمدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية في مجال الجرائم ضد الإنسانية: "لقد مثل أمام المحكمة شخصيات رفيعة المستوى أخرى"، من بينهم العديد من الرؤساء السابقين لدول أفريقية.
لكن في العديد من تلك الحالات، كان القادة المُلاحقون إما يُستدعون إلى المحكمة أو يُعتقلون بعد صدور مذكرة توقيف علنية - وهو تناقض صارخ مع قضية دوتيرتي، حيث صدرت مذكرة التوقيف سرًا، وأُلقي القبض على الزعيم السابق بسرعة في غضون ساعات قليلة مُذهلة.
وقالت سادات: "إنها المرة الأولى التي نشهد فيها هذا في المحكمة الجنائية الدولية"، مع أنها أضافت أن حالات مماثلة قد شهدتها محاكم دولية أخرى.
أشرف دوتيرتي، البالغ من العمر الآن 80 عامًا، على حملة قمع شرسة ضد مُروّجي المخدرات المزعومين في الفلبين، والتي أسفرت عن مقتل أكثر من 6000 شخص، بناءً على بيانات الشرطة. ويعتقد مراقبون مستقلون أن عدد عمليات القتل خارج نطاق القضاء قد يكون أعلى من ذلك بكثير.
بوتين وحرب أوكرانيا
تتخذ المحكمة الجنائية الدولية من لاهاي بهولندا مقرًا لها، وهي تُجري تحقيقاتٍ وتُحاكم الأفراد بتهمة ارتكاب جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية، وإبادة جماعية، وجرائم عدوان ضد أراضي الدول الأعضاء فيها، والبالغ عددها 125 دولة.
لا تستطيع المحكمة تنفيذ عمليات اعتقال بمفردها، بل تعتمد على تعاون الحكومات الوطنية لتنفيذ أوامر الاعتقال - وهو ما يعتمد غالبًا على السياسات الداخلية والإرادة السياسية.
وتشمل الدول الأعضاء في المحكمة الجنائية الدولية كندا، وفرنسا، وألمانيا، وإيطاليا، واليابان، والمملكة المتحدة، وأستراليا، والبرازيل، وجميع الدول الأعضاء الأخرى في الاتحاد الأوروبي - على الأقل حتى تُحقق المجر وعدها بالخروج.
في مارس/آذار 2023، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة توقيف بحق بوتين والمسؤولة الروسية ماريا لفوفا-بيلوفا، على خلفية مخطط مزعوم لترحيل أطفال أوكرانيين إلى روسيا.
كانت هذه التهم هي الأولى التي تُوجهها المحكمة الجنائية الدولية رسميًا ضد مسؤولين روس منذ بدء غزو الكرملين الشامل لأوكرانيا في عام 2022.
روسيا - مثل الولايات المتحدة وإسرائيل والصين وأوكرانيا - ليست عضوًا في المحكمة الجنائية الدولية. ولا تملك المحكمة قوة شرطة خاصة بها، ولا تُجري محاكمات غيابية، وبالتالي فإن احتمال مثول أي مسؤول روسي أمامها ضئيل للغاية، وفقًا لمحللين.
وأوضحت سادات، الأستاذة بجامعة واشنطن، أن أي مسؤول روسي تُوجَّه إليه اتهامات، إما أن تُسلَّمه موسكو، أو يُعتقل خارج روسيا.
وأضافت: "من الواضح أن مذكرة التوقيف الصادرة بحق فلاديمير بوتين هي الأكثر تحديًا، لأنه رئيس دولة في السلطة، ولن يغادر روسيا إلا إذا كان متأكدًا تمامًا من أنه سيتمتع بالحصانة أينما ذهب.. لكن خياراته الآن محدودة، وقد وُصِفَ، للأفضل أو للأسوأ، بأنه مجرم حرب".
حتى عندما يغادر بوتين روسيا، لا ترغب دول كثيرة في اعتقاله. في العام الماضي، سافر الزعيم الروسي إلى منغوليا دون أن يواجه أي عواقب، رغم أن هذه الدولة الواقعة في شرق آسيا عضو في المحكمة الجنائية الدولية.
نتنياهو وحماس وحرب غزة
أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة توقيف بحق نتنياهو في نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، سعياً منها أيضاً لاعتقال وزير الدفاع الإسرائيلي السابق يوآف غالانت، مستندةً إلى مزاعم بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية خلال حرب إسرائيل على حماس في غزة.
كما أن مسؤولاً كبيراً في حماس مطلوب من قبل المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية خلال هجمات 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 على إسرائيل. وقد قُتل قادة آخرون من الجماعة المسلحة، ممن تطالب المحكمة بمحاكمتهم، على يد إسرائيل.
وهذه المذكرات التاريخية جعلت نتنياهو أول زعيم إسرائيلي تستدعيه محكمة دولية بسبب أفعال مزعومة ضد الفلسطينيين خلال الصراع العربي الإسرائيلي الذي استمر لأكثر من سبعة عقود.
كما نددت مختلف الأطياف السياسية الإسرائيلية بهذه المذكرات باعتبارها غير مقبولة، حيث وصفها مكتب نتنياهو بأنها "معادية للسامية". وانتقد العديد من حلفاء إسرائيل، بمن فيهم الولايات المتحدة، بشدة مذكرة المحكمة الجنائية الدولية.
إسرائيل ليست عضوًا في المحكمة الجنائية الدولية، ولا تعترف باختصاصها القضائي، ولا تحترم أوامر الاعتقال الدولية الصادرة عنها، ومن المرجح أنها لن تُسلّم مواطنين إسرائيليين للمحاكمة. إضافةً إلى ذلك، لا تتدخل المحكمة الجنائية الدولية إلا عندما تكون حكومة الدولة نفسها غير راغبة أو غير قادرة على مقاضاة القضايا.
لكن على عكس روسيا، إسرائيل دولة ديمقراطية فاعلة، ولها تاريخ طويل من الانتقالات السلمية بين الحكومات المنتخبة. هذا يجعل مستقبل نتنياهو السياسي أكثر هشاشة من مستقبل بوتين، وأكثر شبهاً بحالة دوتيرتي، حيث أدى تغيير في الحكومة بعد خروج الزعيم الفلبيني من منصبه إلى سقوطه.
يواجه رئيس الوزراء الإسرائيلي بالفعل عددًا من المشاكل القانونية الداخلية غير المرتبطة بحرب غزة، بما في ذلك محاكمة فساد طويلة الأمد.
كما تعاني إسرائيل من انقسام سياسي عميق، حيث يشعر العديد من المواطنين بالغضب من حكومة نتنياهو وحلفائه اليمينيين المتطرفين في الحكومة.
وفقًا لجوردون، من "المحتمل" على الأقل أن يواجه نتنياهو يومًا ما الاعتقال في إسرائيل بتهمة ارتكاب جرائم مزعومة تتعلق بأفعال إسرائيل في غزة - مع أن هذا لا يعني بالضرورة تنفيذ مذكرة المحكمة الجنائية الدولية.
ثم هناك حقيقة أن العديد من الدول القوية اختارت عدم تنفيذ مذكرات المحكمة الجنائية الدولية بينما رفضتها دول أخرى علنًا - مما يزيد من تقويض سلطة المحكمة.