أيام حافلة ستؤتي أكلها حاضرًا ومستقبلًا
تاريخ النشر: 15th, May 2024 GMT
خليفة بن عبيد المشايخي
khalifaalmashayiki@gmail.com
مُنذ عهد طويل بدأه السلطان قابوس بن سعيد -طيب الله ثراه- وعُمان مذكورة ومعروفة، ومشهود لها بالحضارة والبسالة والعزة والكرامة، والتاريخ العماني يمتاز بالأصالة والمجد والسؤدد. وقد قال السلطان قابوس -تغمده الله بواسع رحمته- في أحد أحاديثه المتلفزة: "أود أن أرى عمان ولها علاقات جيدة مع كل دول العالم"، وفعلا تحقَّق الوعد الصادق.
ومنذ أيام، كانت عمان حديث الأشقاء في أرض الكنانة والمحبة والعروبة، مصر أم الدنيا، أرض النيل وأبو الهول والحضارة والشعب الطيب، وذلك خلال زيارة السيدة الجليلة إلى جمهورية مصر العربية الشقيقة، والتي أُعِدَّ لها برنامج حافل، تعرَّفت من خلاله على الكثير مما تحويه وتضمًّه مصر. وتناولتْ وسائل الإعلام المصرية هذه الزيارة وأثرها بإفراد مساحات عبر صفحاتها وبرامجها وقنواتها، عمَّا يمكن أن تُحدثه هذه الزيارة من تمتين العلاقات بين مصر وعُمان. إنَّ جمهورية مصر العربية غنية عن التعريف بأهلها وناسها وما قدَّمته لدول الخليج من تعاون مستمر، تمثَّل في أوجه كثيرة؛ منها: تواجد المعلمين والأطباء والمهندسين، ومن هم في مختلف التخصصات، منذ نشأة الخليج وطوال فترات نموه وتطوره وازدهاره. وأستذكر هنا بالخير كلَّ من علمنا في سبعينيات القرن الماضي، والذين كان جلهم مصريين مع إخوانهم من المعلمين من دول عربية مختلفة؛ فمصر كانت ولا تزال تسهم في دعم الخليج بنماذج مشرفة من أهلها وأبنائها، أسهموا حتى اليوم وما زالوا، في تنمية بلادنا وتعزيز اقتصادها بما يلبي حاجة بلداننا ومجتمعاتنا، فجزاهم الله عنا خير الجزاء.
فزيارة السيدة الجليلة كانت طيبة، وفتحت ذكريات جميلة بين البلدين الشقيقين، وعززت كذلك مستوى العلاقات ومتانتها وتجددها، وذهبت إلى أبعد من ذلك في كل ما من شأنها منفعة البلدين. ومن جانبه، حل السيد ذي يزن وزير الثقافة والرياضة والشباب منذ أيام، ضيفا على معرض الدوحة الدولي للكتاب، بمشاركة سلطنة عُمان في دورته الـ33، وكان لهذه المشاركة صداها الواسع، على اعتبار أنَّ سموه هو الذي افتتح المعرض.
وكان لحضور صاحب السمو السيد ذي يزن هيبة ووقار، فحضورُ جعل اسم عمان أيضا حاضرا وبقوة ومتواجدا ومشاركًا بهذه التظاهرة التي ضمَّت مشاركات من دول العالم المختلفة، وهذا عامل مهم يُسهم في التعريف بالسلطنة في تلك الاقطاب والدول والمحافل؛ لأن المشاركين في هذه المعارض والمناسبات، سيتحدثون في بلدانهم وبينهم عن عُمان وعن الدول المشاركة والحضور الرسمي، وهذا الجانب أيضا فيه شيء من الترويج والدعاية لبلدنا الحببب.
والختام كان مسكًا، بزيارة حضرة صاحب الجلالة السلطان المعظم -حفظه الله ورعاه- إلى دولة الكويت الشقيقة، والتي استبشر بها الشعب الكويتي الشقيق وعبَّر عن سروره من خلال ما شاهدناه وسمعناه وروي لنا من إبداء مظاهر الحب والترحيب تجاه عُمان وسلطانها وشعبها.
فزيارة جلالته -أبقاه الله- إلى دولة الكويت، تحدَّث عنها القاصي والداني، وكل مقيم على أرضها، وهذا أيضا يفتح العيون والأذهان والأسماع إلى عُمان.
ولا شك أنَّ الناس فيما بينهم يتسامرون ويتحدثون عن الإنجازات والأعمال والجهود التي تُبذل؛ سواء في عمان أو في دول كثيرة تَظْهَر للعلن وللناس؛ فهذا الحديث والذكر الجميل والمستمر عن عُمان، يفتح أمامها فرصًا كثيرة لاستقطاب الاستثمارات الأجنبية والعربية والسياحية، ويجعلها مَقْصِدا للوفود السياحية والزائرة.. تولَّى الله عمان وأهلها وسائر بلدان الإسلام والمسلمين برعايته وعنايته، وحفظها من كل سوء وشر ومكروه، والله يحفظ المسيرة.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
كيف نستقبل العالم الجديد؟ عالم أزهري يحدد روشتة شرعية
ألقى خطبة الجمعة اليوم، بالجامع الأزهر، الدكتور ربيع الغفير، أستاذ اللغويات المساعد بجامعة الأزهر، ودار موضوعها حول «كيف نستقبل عاما جديدا؟».
وقال الدكتور ربيع الغفير: إن المؤمن بين مخافتين، بين أجل قد مضى، لا يدري ما الله صانع فيه، وبين أجل قد بقى، لا يدري ما الله تعالى قاض عليه فيه، فليأخذ العبد لنفسه من نفسه، ومن دنياه لآخرته، ومن الشبيبة قبل الكبر، ومن الحياة قبل الموت «فوالذى نفس محمد بيده ما بعد الموت من مستعتب، ولا بعد الدنيا من دار، إلا الجنة أو النار». وعلينا جميعا أن نتهيأ بالنية الصالحة لاستقبال الأيام، لأننا محاسبون على الوقت الذي أمهلنا الله فيه الأجل وسنسأل ماذا قدمنا في هذا الوقت وفي كل لحظة مرت علينا.
وأوضح خطيب الجامع الأزهر، أن قلب المؤمن دائماً خائف من الله، يراقب ربه في كل لحظة من لحظات حياته، لأنه يعلم قيمة الوقت، وكان صحابة رسول الله ﷺ يسألون الله أن يجعل يومهم خيراً من أمسهم في القرب إلى الله والسعي نحوه، مشيراً إلى أن قضية الوقت قضية مهمة في حياة الإنسان، وفي هذا يقول الحسن البصري: "يا ابن آدم إنما أنت أيام مجموعة، فإذا ذهب يومك ذهب بعضك، وإذا ذهب البعض يوشك أن يذهب الكل". فعلى المؤمن أن يتفكر دائماً في وقته وإلى كيفية التعامل معه
وأضاف خطيب الجامع الأزهر: إن الإنسان منذ قَدِم إلى الحياة وأيامه معدودة وفرصته محدودة، وعليه أن يتفكر في كل خطوة يخطوها، لأنه محاسب عليها، وعليه أن يغتنم كل يوم تشرق شمسه وينشق فجره، فعن الحسن البصري قال: "ما من يوم ينشق فجره إلا وينادي: يا ابن آدم أنا يوم جديد وعلى عملك شهيد فاغتنمني فإني لا أعود إلى يوم القيامة". ومما يسيل الكبد مرارة ويملأ النفس حسرة حينما يقول بعض الشباب: إنني أضيع الوقت. إنني أقتل الوقت. فالوقت من ذهب والليل والنهار يعملان فيك فاعمل فيهما.
حكم رد السلام بالإشارة أثناء الصلاة.. الإفتاء تجيبحكم صلاة الجمعة بخطبة واحدة بغير العربية .. الإفتاء تجيب
وأوصى خطيب الأزهر الشباب، بضرورة استغلال أوقاتهم قبل أن يأتي وقت عليهم ويتمنون عودة هذه الأوقات، كما حكى القرآن الكريم عن ذلك في موضعين. الأول: إذا حضر الأجل الإنسان، يقول تعالى: «وَأَنفِقُوا مِن مَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إلى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصَّالِحِينَ»، والموضع الثاني: في جهنم حينما يصرخ أهلها من العذاب. يقول تعالى: ﴿وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ ۚ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُم مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ ۖ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِن نَّصِيرٍ﴾، فيامن تهدر وقتك ستندم على ذلك لأنك ستحاسب عليه وسوف تُسأل عنه سؤالا دقيقا. يقول ﷺ: «لا تزولُ قدَما عبدٍ يومَ القيامةِ حتَّى يسألَ عن عمرِهِ فيما أفناهُ، وعن عِلمِهِ فيمَ فعلَ، وعن مالِهِ من أينَ اكتسبَهُ وفيمَ أنفقَهُ، وعن جسمِهِ فيمَ أبلاهُ».
وبيّن أستاذ اللغويات، أن الإنسان المسلم يجب أن يتعامل مع قضية الوقت بالنظر فيه والعبرة منه، يقول تعالى: «وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِّمَنْ أَرَادَ أَن يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا»، فتعاقب الوقت عبرة ونعمة لأنك حينما تنظر في هذا الوقت وهذا التعاقب بهذا النظام البديع فتفكر في جنبات الكون، فترى الذي أبدع هذا الكون وسيره تسييرا محكما، وجعله بهذا الإبداع والإتقان لا خلل فيه ولا اختلال. فتعاقب الليل والنهار واختلافهما عبرة تحتاج إلى تفكر، ونعمة تحتاج إلى شكر، يقول تعالى: ﴿وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ ۖ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ * وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ ۚ وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا ۗ إِنَّ الْإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ».
وتابع: فرغم ظلم العبد إذا عاد إلى ربه، وشكره بعد جحوده، ووصله بعد جفاء، يغفر الله له. فاختلاف الليل والنهار رحمة ونعمة عظيمة. فلو كان الكون كله ليلاً، كيف سيتصرف الإنسان ويقضي حوائجه؟ وإن كان كله نهارا، كيف يستريح ويهدأ ويخلد إلى النوم؟ مشيراً إلى أن العرب أدركوا ذلك قبل الإسلام فكانوا يقسمون النوم في النهار إلى ثلاثة أقسام، الأول: من الفجر إلى الظهر وتسمى الحيلولة لأنه وقت يؤدي إلى الفقر، فهي تفقر الإنسان، لأن هذا الوقت يقسم الله فيه أرزاق العباد والخلائق. والثاني: من الظهر إلى العصر ويسمى القيلولة وهو نوم مبارك فهي قيلولة مطلوبة. وكان الشيطان لا يقيل. والثالث: من العصر إلى المغرب ويسمى الغيلولة وهي من الغيل وهو القتل فهو يغتال النشاط والحركة وكل شيء. كل هذا يدل على قدرة ونعمه الله على عباده.
وحث خطيب الجامع الأزهر المسلمين، إلى أن يقف كل واحد منهم مع نفسه وقفة حساب، ماذا عمل في يومه وماذا قدم لربه ولأهله ومجتمعه وطنه! وأن يبدأ بالنية إلى الخير والمبادرة إليه، وأن يصل الأرحام، وأن يرد المظالم إلى أهلها، حتى يرفع الله عنا وعن أمتنا البلاء ويرضى عنا، مشدداً على بناء جسور التواصل مع الله في استقبال العام الجديد حتى يرفع الله عن أمتنا البلاء ويرد إليها عزها ومجدها فهذه هي البداية.