عمان ـ “راي اليوم” ـ اسراء عبيدات: يعتبر إعلان البنك الفيدرالي عن سعر الفائدة من أبرز الأحداث التي يتابعها ويتداولها المتداولون والمستثمرون في جميع أنحاء العالم، يمتلك هذا الإعلان تأثيرًا هائلاً لا يقتصر على الاقتصاد الأمريكي فقط، بل يتعداه ليؤثر أيضًا على الاقتصاد العالمي. بالنظر إلى هذا الواقع، يكون لقرار البنك الفيدرالي بشأن سعر الفائدة تأثير فوري وشامل على الأسواق المالية العالمية، بما في ذلك العملات، والأسهم، والسندات، وحتى السلع.

يتوقع المستثمرون والمتداولون على مدار الساعة قبل الإعلان عن قرار سعر الفائدة تغييرات حادة في قيمة العملات وأسعار الأسهم، وقد تكون هذه التغيرات جذرية للبعض، مما يفرض عليهم الحاجة إلى اتخاذ قرارات استثمارية حاسمة في لحظات معدودة. في ظل هذه الأوضاع المتقلبة، يتعين على المستثمرين أن يكونوا على دراية تامة بالتطورات الاقتصادية والمالية العالمية وتأثيرها على الأسواق، وأن يكونوا قادرين على اتخاذ قرارات مدروسة وسريعة لتحقيق أفضل النتائج في ظل هذه التحولات السريعة. حيث منذ آذار (مارس) 2022، شهد الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي رفع معدلات الفائدة عشر مرات متتالية، وعلى الرغم من ذلك، قامت لجنة تحديد معدلات الفائدة بالتصويت لصالح الإبقاء على معدلات الفائدة الحالية في الوقت الحالي. وتتوقع التوقعات الاقتصادية الجديدة أن تشهد تكلفة الاقتراض ارتفاعًا إضافيًا بمقدار نصف نقطة مئوية بنهاية العام الحالي، يعزى هذا الارتفاع إلى قوة الاقتصاد التي تفوق التوقعات وبطء انحسار التضخم. إن هذه التحركات والتوقعات تعكس أهمية سياسة الفائدة ودورها الحيوي في التحكم بالاقتصاد والمساهمة في مكافحة التضخم وتحقيق الاستقرار الاقتصادي. تتطلب تلك القرارات المصيرية توازنًا حذرًا بين تعزيز النمو الاقتصادي والحفاظ على التضخم تحت السيطرة. إن توجيهات الاقتصاد والأوضاع المالية العالمية تتطلب تحليلًا دقيقًا واستراتيجية مدروسة للتعامل مع التحديات المستقبلية. تظل سياسة الفائدة الأمريكية واحدة من أكثر المواضيع اهتمامًا للأسواق المالية العالمية وتأثيرها يمتد إلى جميع أنحاء العالم. كيف يحدد الفيدرالي الأمريكي سعر الفائدة؟ تحديد سعر الفائدة وتوقيت إصداره يتم من قبل البنك المركزي الأمريكي، المعروف باسم البنك الفيدرالي الأمريكي (Federal Reserve). البنك الفيدرالي يتخذ هذا القرار من خلال اجتماعات لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية (Federal Open Market Committee – FOMC)، والتي تعقد عدة اجتماعات في العام. الخطوات التالية توضح كيفية تحديد سعر الفائدة ومتى يتم إصداره من قبل البنك المركزي الأمريكي: التقييم الاقتصادي: يقوم الاقتصاديون وخبراء البنك المركزي بتقييم الحالة الاقتصادية للبلاد والمؤشرات الاقتصادية المختلفة، مثل التضخم، والنمو الاقتصادي، ومعدلات البطالة، ومستوى الاستهلاك والاستثمار. يستند هذا التقييم إلى البيانات والمؤشرات الاقتصادية الحالية والتوقعات المستقبلية. اجتماعات لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية (FOMC): يجتمع أعضاء لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية (FOMC) في اجتماعات دورية لمناقشة السياسة النقدية. يتم تحليل التقارير الاقتصادية والمعطيات المتوفرة، ويتم التباحث حول الخطوات المناسبة لتحقيق الاستقرار الاقتصادي والتحكم في التضخم. اتخاذ القرار: يتخذ أعضاء FOMC قرارًا بشأن سعر الفائدة الاتحادي الأمريكي (Federal Funds Rate). يتم ذلك عبر التصويت، ويتم الإعلان عن القرار بنهاية كل اجتماع. الإعلان عن القرار: بعد انتهاء الاجتماع، يتم إصدار بيان يحتوي على القرار النهائي بشأن سعر الفائدة، ويشمل توجيهات وتعليقات بنك الفيدرالي حول التوقعات الاقتصادية والتوجهات النقدية المستقبلية. عندما يتم رفع سعر الفائدة، يعني ذلك أن البنك المركزي يرغب في تقليل النمو الاقتصادي والتحكم في التضخم، في حين يتم خفض سعر الفائدة لتحفيز الاقتصاد وتشجيع الاستثمار والاستهلاك. يتابع المتداولون والمستثمرون بشكل دقيق هذه القرارات، حيث يؤثر سعر الفائدة على السوق المالية والاقتصاد بشكل شامل. من هي اللجنة التي تحدد سعر الفائدة بنك الاحتياطي الفيدرالي (Fed) يملك تفويضًا لإدارة السياسة النقدية بهدف تحقيق التوازن بين “الحد الأقصى من فرص العمل واستقرار الأسعار” في الاقتصاد الأمريكي. ولتحقيق هذا الهدف، أنشأ البنك الفيدرالي اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة (FOMC)، وهي الهيئة المسؤولة عن صنع السياسة النقدية. تتألف اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة من 12 عضوًا، يتم تعيين سبعة أعضاء منها من مجلس المحافظين وخمسة أعضاء من رؤساء البنوك الاحتياطي الفيدرالية الاثني عشر. تعقد اللجنة ثمانية اجتماعات مجدولة في السنة لاستعراض السياسة النقدية وتحديد سعر الفائدة الفيدرالي، ولكنها يمكن أن تعقد أيضًا اجتماعات غير مجدولة لمراجعة التطورات الاقتصادية والمالية الحالية. سعر الفائدة الفيدرالي، المعروف أيضًا باسم سعر الأموال الفيدرالية، يحدد عن طريق اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة. هذا القرار يكون حاسمًا، حيث يؤثر بشكل مباشر على تكلفة الاقتراض ويحفز أو يقمع الاستثمار والنمو الاقتصادي في البلاد. بالتالي، تُعتبر اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة هي الجهة المسؤولة عن اتخاذ هذا القرار المهم الذي يؤثر على الاقتصاد الأمريكي ويترافق مع تطلعاته وتحدياته الاقتصادية. أسباب توجه الفيدرالي الأمريكي إلى رفع الفائدة البنك المركزي الأمريكي، المعروف باسم البنك الفيدرالي الأمريكي (Federal Reserve)، يتجه إلى رفع سعر الفائدة لعدة أسباب تتعلق بالسياسة النقدية والأهداف الاقتصادية. إليك بعض الأسباب التي قد تدفع البنك المركزي إلى رفع سعر الفائدة: التحكم في التضخم: عندما تزداد الأسعار بشكل متسارع (التضخم)، يمكن أن يؤدي ذلك إلى تقليل قوة الشراء للمستهلكين والشركات. برفع سعر الفائدة، يتم تشجيع الاقتصاد على التوقف عن الاستهلاك المفرط والاقتراض، مما يساهم في احتواء التضخم. الحفاظ على استقرار النمو الاقتصادي: قد يقرر البنك المركزي رفع سعر الفائدة إذا كانت الاقتصاد تشهد نموًا قويًا ومستدامًا. إن رفع سعر الفائدة في هذه الحالة يهدف إلى تقليل معدلات الاقتراض والإنفاق الزائد، مما يساعد في تحقيق توازن أكثر دوامًا للنمو الاقتصادي. تحفيز وتشجيع التوفير: برفع سعر الفائدة، يصبح التوفير أكثر جاذبية للمدخرين، حيث يمكنهم تحقيق عائد أفضل على مدخراتهم. هذا يمكن أن يؤدي إلى زيادة معدلات التوفير في الاقتصاد. التصدي لفقدان القيمة للعملة: قد يتجه البنك المركزي إلى رفع سعر الفائدة إذا شهدت العملة تراجعًا قويًا في قيمتها، وذلك للتصدي لفقدان القيمة والحفاظ على القوة الشرائية للعملة. كيف تتأثر الأسواق برفع الفائدة؟

 

قرارات أسعار الفائدة الصادرة من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي تؤثر بشكل كبير على الأسواق المالية والاقتصاد بشكل عام. إليك كيف يمكن أن تؤثر هذه القرارات على الأسواق: الأسواق المالية: رفع سعر الفائدة يؤدي عادة إلى انخفاض أسعار الأسهم، حيث يصبح الاقتراض أكثر تكلفة للشركات والمستثمرين، مما يقلل من الاستثمار ويؤثر سلبًا على قيمة الأسهم. على الجانب الآخر، يمكن أن يؤدي خفض سعر الفائدة إلى زيادة في أسعار الأسهم، حيث يصبح الاقتراض أكثر توافرًا وأقل تكلفة. سوق العقارات: تؤثر قرارات أسعار الفائدة أيضًا على سوق العقارات. رفع سعر الفائدة يجعل التمويل العقاري أكثر تكلفة، مما يقلل من قدرة المشترين على شراء العقارات ويؤدي إلى انخفاض أسعار العقارات. وعلى الجانب الآخر، يمكن أن يؤدي خفض سعر الفائدة إلى زيادة في الطلب على العقارات وارتفاع أسعارها. العملات: تؤثر قرارات أسعار الفائدة على قيمة العملة الوطنية. رفع سعر الفائدة يزيد من جاذبية العملة أمام المستثمرين الأجانب، مما يؤدي إلى تحسن قيمتها مقابل العملات الأخرى. وبالمثل، يمكن أن يؤدي خفض سعر الفائدة إلى انخفاض قيمة العملة. الاستهلاك والاستثمار: قرارات أسعار الفائدة تؤثر على مستوى الاستهلاك والاستثمار في الاقتصاد. رفع سعر الفائدة يجعل الاقتراض أكثر تكلفة للأفراد والشركات، مما يقلل من الإنفاق والاستثمار. وبالمثل، يمكن أن يؤدي خفض سعر الفائدة إلى تحفيز الاستهلاك والاستثمار وتنشيط النمو الاقتصادي. التضخم: تؤثر قرارات أسعار الفائدة على معدلات التضخم في الاقتصاد. رفع سعر الفائدة يهدف إلى احتواء التضخم ومنع ارتفاع الأسعار بشكل غير مسبوق. وبالمثل، يمكن أن يؤدي خفض سعر الفائدة إلى تحفيز الطلب والنمو الاقتصادي، مما يمكن أن يؤدي إلى زيادة في معدلات التضخم. ارتفاع أسعار الفائدة يشكل تهديدًا كبيرًا للاقتصادات الناشئة والاقتصادات النامية ارتفاع أسعار الفائدة يشكل تهديدًا كبيرًا للاقتصادات الناشئة والاقتصادات النامية. يدفع ارتفاع أسعار الفائدة المستثمرين إلى الهروب بالأموال الساخنة من هذه الأسواق والتوجه نحو الولايات المتحدة بحثًا عن عوائد أعلى. هذا التحرك يؤدي إلى زيادة الطلب على الدولار، وفي المقابل، يضغط على العملات الأخرى ويزيد من مخاطر الركود العالمي وأزمات مالية في الأسواق الناشئة التي تعاني بالفعل من آثار جائحة كوفيد-19. وبالإضافة إلى ذلك، يتسبب ارتفاع أسعار الفائدة في تفاقم مشكلة الديون العالمية، حيث يتعذر على الأسواق الناشئة تسديد التزاماتها بسبب تكلفة الاقتراض المتزايدة وتراجع أسعار صرف العملات المحلية. على المستوى العالمي، يؤثر رفع سعر الفائدة بشكل سلبي على اقتراض الحكومات لتمويل عجز الموازنة، مما يزيد من أعباء الدين الداخلي ويقلص فرص التوسع الاقتصادي والاستثماري للشركات. تعزز هذه العوامل مخاطر تصاعد الأزمات المالية في العديد من الاقتصادات الناشئة، وتزيد من التحديات الاقتصادية التي تواجهها هذه الدول في مواجهة التباطؤ العالمي والأوضاع الاقتصادية الصعبة. باختصار، قرارات أسعار الفائدة التي يصدرها بنك الاحتياطي الفيدرالي تؤثر بشكل شامل على الأسواق المالية والاقتصاد، في العالم. من آثار رفع الفائدة على القطاع المصرفي في الآونة الأخيرة؟ تسببت الزيادات الحادة في أسعار الفائدة في أزمة مصرفية أثرت على 3 بنوك أمريكية، حيث انهارت منذ مارس/آذار الماضي، وآخرها كان بنك “فيرست ريبابليك”. تعاني صناعة القطاع المصرفي من ضغوط كبيرة بعد رفع البنوك المركزية الرئيسية أسعار الفائدة في محاولة للسيطرة على التضخم، وعجزت بعض المؤسسات عن التكيف مع التغيرات الحاصلة والتأقلم مع المخاطر المتزايدة، بعد أن استفادت لفترة طويلة من تمويل بفائدة منخفضة. في اجتماعاته الأخيرة توقعات الفيدرالي المثيرة للجدل: توقع البنك المركزي الأميركي “الفيدرالي” أن يصل سعر الفائدة إلى 5.6٪ بحلول نهاية العام الحالي. كما قام الفيدرالي بتعديل توقعاته للنمو الاقتصادي، حيث توقع نموًا بنسبة 1٪ هذا العام وخفض توقعات النمو للعامين 2024 و2025 بشكل طفيف. ومع أن معدلات التضخم لا تزال مرتفعة، أكد الفيدرالي أنه سيواصل العمل على إعادة هذه المعدلات لتحقيق أهدافها المستهدفة. كما أعلن أن الاقتصاد الأميركي لن يدخل في ركود خلال العام الحالي. وفيما يتعلق بمعدلات البطالة، توقع الفيدرالي أن تكون نسبة البطالة 4.1٪ في عام 2023، مقارنةً بتوقعات شهر مارس الماضي التي كانت 4.5٪. وأخيرًا، رفع الفيدرالي توقعات نمو الاقتصاد الأميركي إلى 1٪ في عام 2023، بالمقارنة مع التوقعات السابقة التي كانت تشير إلى 0.4٪. رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد تقول أن التوقف عن رفع الفائدة في أي اجتماع مقبل لا يعني نهاية التشديد في تصريحها لصحيفة “لو فيغارو” بشأن الاجتماع التالي المقرر عقده في سبتمبر المقبل، أشارت لاغارد إلى أن هناك احتمالية لزيادة أخرى في سعر الفائدة أو إجراء توقف مؤقت. أكدت أن هذا التوقف المؤقت، إذا حدث في سبتمبر أو بعده، لن يكون بالضرورة نهائيًا. تأتي تصريحات لاغارد بعد أن رفع البنك المركزي الأوروبي الأسبوع الماضي أسعار الفائدة بنسبة ربع نقطة مئوية أخرى، وأكدت لاغارد أن القرارات القادمة ستعتمد على البيانات الواردة. قرارات الاقتصادات المتقدمة الأخيرة بشأن رفع الفائدة في الأونة الأخيرة، اتخذت العديد من الاقتصادات المتقدمة قرارات مختلفة بشأن أسعار الفائدة: الولايات المتحدة: قام الفيدرالي برفع أسعار الفائدة بنسبة 25 نقطة أساس، لتصبح بين 5.25% و 5.50%، وأشار رئيس البنك إلى فتح الباب لمزيد من الزيادات في المستقبل. منطقة اليورو: قام البنك المركزي الأوروبي برفع أسعار الفائدة بنسبة 25 نقطة أساس إلى 3.75%، وهو أعلى مستوى منذ مطلع الألفية. نيوزيلندا: أبقى البنك الاحتياطي النيوزيلندي أسعار الفائدة كما هي، بعد رفعها في مايو الماضي إلى 5.5%، وتشير التقديرات إلى احتمالية نهاية دورة التشديد النقدي المستمرة. كندا: رفع بنك كندا أسعار الفائدة إلى 5%، وتعد هذه أعلى مستوى في 22 عامًا، نظرًا للتحديات الاقتصادية وارتفاع التضخم. النرويج: رفع البنك المركزي النرويجي أسعار الفائدة بنسبة 50 نقطة أساس إلى 3.75%، ومن المتوقع أن يقوم برفعها مرة أخرى في اجتماع سبتمبر بسبب التضخم المرتفع. السويد: رفع البنك المركزي السويدي أسعار الفائدة في اجتماع يونيو الماضي إلى 3.75%، ومن المتوقع أن يستمر في الزيادات بسبب التضخم المرتفع. سويسرا: ينتظر الأسواق قرار بنك الوطني السويسري بشأن رفع أسعار الفائدة في اجتماع سبتمبر، بعد أن انخفض التضخم في يونيو. اليابان: أبقى بنك اليابان على معدل الفائدة عند -0.1%، وجعل سياسته للتحكم في منحنى العائد أكثر مرونة. بريطانيا: سيجتمع بنك إنجلترا في أغسطس، ومن المتوقع أن يتم الامتناع عن رفع سعر الفائدة بشكل كبير بسبب انخفاض التضخم في يونيو. تأتي هذه القرارات في إطار تحديات اقتصادية متزايدة وضغوط تضخمية في العديد من الاقتصادات المتقدمة. في النهاية، يتوجب على الجميع أن يكونوا على استعداد لمواجهة التغيرات الاقتصادية، وأن يتبنوا استراتيجيات حكيمة للتعامل مع تحديات رفع الفائدة.

المصدر: رأي اليوم

إقرأ أيضاً:

أوضاع إنسانية صعبة وتجسُّس… كيف يقضي اللاجئون السودانيون شهر رمضان في المعسكرات الإثيوبية؟

منتدى الإعلام السوداني: غرفة التحرير المشتركة
إعداد وتحرير صحفيون/ات متطوعون/ات: لـ(سودانس ريبورترس)

بمنحة شهرية قدرها 13 كيلوجراماً ونصف من القمح أو الأرز وبعض الامدادات البسيطة، استقبل اللاجئون السودانيون في إحدى أكبر مخيمات اللاجئين السودانيين شهر رمضان المبارك في إثيوبيا.

وتثير الهجمات المستمرة على معسكرات اللاجئين السودانيين في إثيوبيا الذين هربوا من بلادهم بسبب حرب 15 أبريل 2023 الكارثية المخاوف بشأن سلامتهم، حيث يتعرضون لعمليات نهب متكررة، وسط تقارير عن احتمال استهداف الأطفال للاختطاف مقابل فدية، يطلبها المختطفون.

انتهاكات ومخاوف مستمرة

وتعرض اللاجئون السودانيون في معسكر أفتيت بإقليم أمهرة غربي إثيوبيا مطلع فبراير الماضي (2025) لهجوم مسلح من جماعة إثيوبية أسفر عن إصابة خمسة لاجئين سودانيين، بينهم إثنين في حالة حرجة، مع تقلب الوضع الإنساني والأمني الذي يواجهه اللاجئون السودانيون، فى معسكر أفتيت، الذي يقع على بعد 10 كيلومترات من الحدود السودانية ويُصنّف إثنيّأً ضمن مناطق قبيلة القمز.

وصف أحد اللاجئين الوضع الحالي لسودان تربيون بأنه مستقر نسبياً وضم المخيم الحديث الذي خلف معسكري كومر واولالا، في البداية 15 ألف لاجئ عدد المسجلين منهم 10 آلاف، والموجودين فعليا بالمعسكر 6700، بينهم 2200 طفل، ونحو
2 ألف من الطلاب في المراحل المختلفة، و2300 خريج وفق احصائية تحصّلت عليها (سودانس ريبورترس) من لجان داخل المعسكر.

وأظهرت الاحصائيات وقوع ما يزيد عن 360 انتهاك ضد اللاجئين السودانيين، وتسجيل حالات قتل، تأكّد منها حالتي قتل عمد، بالإضافة إلى عدد من الوفيات بسبب الإهمال الإنساني والطبي 46 حالة، وإصابات متعددة بسبب جرائم السرقة والأذي الجسيم.
فيما وصف أحد اللاجئين الوضع الحالي لـ(سودانس ريبورترس) بأنّه مستقر نسبيّاً، يقول لاجئ سوداني آخر – طلب عدم الكشف عن هويّته لأسباب أمنية – إن قُرب المعسكر من الحدود السودانية، فتح الطريق أمام عناصر من الاستخبارات العسكرية السودانية، لجمع المعلومات عن اللاجئين، وخاصة ذوي الاتجاهات السياسية.
تؤكّد المقابلات التي أجرتها مجموعة صحفيين/ات متطوعين/ات  مع عدد من اللاجئين السودانيين في المخيم، طلبوا عدم ذكر اسمائهم حفاظاً على سلامتهم، دخول عناصر من الاستخبارات العسكرية السودانية، إلى المخيم تحت غطاء اللاجئين، بهدف مراقبة المعسكر ورصد تحرُّكات وأنشطة أهم الشخصيات السياسية المتواجدة فيه، وكذلك من لديهم نشاط
سياسي وحزبي مناهض للحرب.

وأكد اللاجئون أن هناك مخاوف حقيقية – الآن – على سلامة اللاجئين السودانيين في المخيم، ممن لديهم انتماءات سياسية، أو ممن يُعتبرون معارضين لسلطة الأمر الواقع في بورتسودان.
واتّهم لاجئان السلطات الأمنية والعسكرية في السودان، بمحاولة خلق أزمات داخل المخيم لإحراج السلطات الإثيوبية، وما وصفاه بالتشفي من موقفها من الحرب في السودان، فيما أشار عدد من اللاجئين إلى مخاوف أمنية أُخرى تتعلق بالهجمات، وتجوُّل بعض من عناصر الميليشيات الإثيوبية بالقرب من المعسكر، مما أجبر بعض العائلات السودانية على
المغادرة، بحسب شهاداتهم.

وأكدوا على أهمية عودة الشرطة الفيدرالية الإثيوبية لتأمين المعسكر، إلا أنهم اتفقوا على أن هذه العودة قد تتسبب في مشاكل جديدة بسبب (انتقام) الميليشيات الإثيوبية الخارجة عن القانون من الشرطة الإثيوبية، خاصة بعد أحداث معسكر كومر.

في يوليو الماضي، هاجمت مجموعة إثيوبية مسلحة، مقرّاً للشرطة مجاور لمعسكر كومر للاجئين السودانيين في اقليم الأمهرا، مما أدّى لمقتل 9 من جنود الشرطة، وإصابة أربعة آخرين، وإصابة لاجئين سودانيين بينهم طفل.

وأكد بعض اللاجئين الذين استطلعتهم (سودانس ريبورترس): أن الوضع الأمني السيء أجبر عدداً من الأسر على العودة إلى السودان أو المغادرة إلى معسكرات في دول أخرى قُبيل بداية شهر رمضان. وشهدت معسكرات كومر وأولالا حالات قتل ونهب واختطاف، إذ قتل نحو 40 لاجئاً سودانياً بسبب تلك الاعتداءات المنظمة.

وفي هذا السياق أكد أحد اللاجئين السودانيين – طلب الإشارة لاسمه بحرف (ع) – المقيم حالياً بمخيم إفتيت، النقص المريع فى المعينات الغذائية التي توزعها المنظمة المحلية بالمخيم بسبب الزيادة الأخيرة في أعداد اللاجئين السودانيين.

وقال(ع) لـ (سودانس ريبورترس) إن المنظمة المحلية اُضطرت إلى تقليص المساعدات مع زيادة أعداد النازحين في المخيم خلال الفترة التي سبقت شهر رمضان بقليل، مُضيفاً: أن الظروف الصعبة التي يعيشها النازحون داخل السودان مع حلول شهر رمضان، ربما دفعت الكثيرين منهم إلى الرحيل إلى إثيوبيا باتجاه معسكرات اللاجئين، أملاً في إيجاد الدعم المستمر لتلبية المتطلبات الضرورية للشهر الفضيل.

ويضيف لاجئ آخر متحدّثاً عن حجم المعاناة في المعسكر: إن الوضع الحالي في معسكر إفتيت مع تقليص المساعدات وشهر رمضان والصيام، يشكل مصدر قلق للاجئين، حيث تم تقليص حصة المساعدات الغذائية للأطفال، بالإضافة إلى نقص المساعدات الصحية للجميع.

وقال: رغم كل هذه المعاناة، فإنّ معسكر إفتيت يعتبر أفضل من المعسكرات السابقة، في كومر وأولالا، إذ تمّ تخطيطه بشكل أفضل، مع إضافة شوارع مرصوفة، والاستعانة بالـ(هناكر) المصممة من الحديد والخشب، للسكن، بدلا عن الخيام…ويبعد عن الطريق الرئيسي نحو 20 دقيقة.

ويتخوف اللاجئون من بدء موسم الأمطار في إثيوبيا، إذ أن الأوضاع الصحية مهددة، خاصة بعد أن عانى اللاجئون سابقاً من وباء الكوليرا في مخيم كومر، ووفاة عدد منهم خلال الموسم الماضي.

وأشار لاجئ آخر إلى تزايد خوف اللاجئين من اقتراب بعض المجموعات الإثيوبية المسلحة من المخيم، ومن تحركاتها حول المعسكر، بحثاً عن مناطق آمنة من ملاحقة الشرطة الفيدرالية الإثيوبية، وهذا قد يضطرها إلى دخول المخيم لتوفير الحماية لأنفسها بين اللاجئين، وضمان عدم ملاحقة السلطات الإثيوبية لها هنا.

وتؤّكد معلومات عالية الموثوقية، أن عدداً من الأُسر السودانية اُضطرّت إلى مغادرة المخيم قبل حلول شهر رمضان، بعد فشلها في الصمود أمام هذه التحديات والصعوبات، فيما يقضي البقية رمضان حالياً بالمعسكر، في مخاوف كبيرة من مستقبل التطورات، في الوقت الذي يتوقع فيه مراقبون، أن تصدر الجهات المختصة بطاقات إعانة للاجئين السودانيين قربياً، مما يضعهم على الطريق الصحيح لمواجهة التحديات الماثلة، خاصة خلال شهر رمضان.

ووفقا للمفوضية السامية لشئون اللاجئين فقد بلغ عدد الذين عبروا الحدود إلى إثيوبيا منذ أبريل 2023 أكثر من 60 ألف شخص، من بينهم أكثر من 38 ألف من اللاجئين السودانيين، منهم أكثر من 17 ألف عبروا الحدود خلال العام الجاري، وقد سبقتهم تدفقات موجات عديدة من اللاجئين السودانيين وصلوا إلى إثيوبيا عبر مختلف المعابر.

ووفقا لتقارير حديثة صادرة عن عدد منظمات حقوقية، من بينها هيومن رايتس ووتش فإن اللاجئين السودانيين في إقليم أمهرا بإثيوبيا، تعرضوا لحوادث متعددة من العنف والاختطاف والعمل القسري، وسط الصراع المستمر بين القوات الحكومية ومليشيات فانو، وتضيف سودانس ريبورترس أنّ مليشيات فانو تشارك بفعالية في القتال ضد الجبهة الشعبية لتحرير التغراي، في إقليم أمهرا، بغطاء من قوات الحكومة الفدرالية، وقوات إقليم أمهرا الخاصة.

SilenceKills #الصمت_يقتل #NoTimeToWasteForSudan #الوضع_في_السودان_لايحتمل_التأجيل #StandWithSudan #ساندوا_السودان #

الوسومآثار الحرب في السودان إثيوبيا اللاجئين السودانيين في إثيوبيا معسكر أولالا وكومر

مقالات مشابهة

  • حكومة الفنادق.. استمرار اللعب بالورقة الاقتصادية والانهيار المأساوي
  • البنك المركزي اليمني يؤكد تلقيه بلاغات من بنوك صنعاء للانتقال إلى عدن
  • "الجميع سيعاني"..لاغارد تحذر من تداعيات اقتصادية جراء سياسات ترامب التجارية
  • البنك الأوروبي يحذر من آثار الحرب التجارية على الاقتصاد العالمي
  • ارتفاع أسعار النفط مع تشديد العقوبات على إيران وروسيا
  • مؤشرات الأسهم الأوروبية تغلق على انخفاض بسبب تهديدات ترامب الاقتصادية
  • أوضاع إنسانية صعبة وتجسُّس… كيف يقضي اللاجئون السودانيون شهر رمضان في المعسكرات الإثيوبية؟
  • «أكسفورد إيكونوميكس» تتوقع تخفيض الفائدة في البنك المركزي المصري 3%
  • 1600 شركة مالية تستعين ببرنامج الفيدرالي للإقراض الطارئ
  • تباطؤ التضخم في الولايات المتحدة يدعم مؤشرات وول ستريت