قال الأستاذ الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، إن انتشار العنف والإرهاب قديمًا وحديثًا لم يقع بسبب الأديان إنما وقع بسبب الانحراف عن تعاليم الأديان الصحيحة التي تدعو إلى التعايش والتسامح واحترام الآخر واحترام التنوع.

وأضاف خلال كلمته الرئيسية في فعاليات منتدي كايسيد للحوار العالمي، المنعقد في العاصمة البرتغالية "لشبونة" خلال الفترة من 14 إلى 16 مايو، أن هذا المنتدي يمثل استجابة صحيحة لنداءات ومتطلبات الواقع المعقد والمتشابك الذي يحياه العالم الآن بسبب انتشار النزاعات والفتن والاحتراب الداخلي والخارجي، وتفاقم الأزمات والواجب على عقلاء الأمم اليوم بما لديهم من علم وفكر أن يكونوا حائط صد منيع لحماية الأمم والشعوب من الفوضى التي تدمر الواقع وتهدد المستقبل، مؤكدا أن اتحاد القادة الدينيين تحت هذه المظلة المباركة "كايسيد" من أجل تصحيح المفاهيم وعلاج الأسباب الحقيقية للعنف والإرهاب سوف يسهم في الحد من هذه الظواهر البغيضة.

وأشار المفتي إلى إن من معالم دعوة الإسلام أنها دعوة منفتحة على العالمين، تنشد الخير والأمن والسلام للإنسانية كلها، فالإسلام دين يعظم المشتركات بين الأديان كمال قال الله تعالى في كتابه العزيز: (وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) ويعزز الإسلام كذلك قيمة التفاهم والتعايش السلمي بين الناس جميعا بلا تفرقة على أي أساس ديني أو عرقي، يقول تعالى (يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ).

وتابع: لقد أقام الإسلام عبر تاريخه الطويل حضارة إنسانية أخلاقية وسعت كل الملل والفلسفات و الحضارات وشاركت فى بنائها كل الأمم و الثقافات وأننا كمسلمين استوعبتا تعددية الحضارات ونحن كمسلمين فخورون بحضارتنا لكننا لا نتنكر للحضارات الأخرى، فكل من يعمل على التنمية البناءة في العالم شريك لنا امتثالا لقوله تعالي (وتعاونوا علي البر والتقوي ولا تعاونوا علي الإثم والعدوان)، لافتا النظر إلى إن المسؤوليات التي تقع على كاهل القيادات الدينية هي مسؤوليات جسيمة، ومهام شاقة، فهناك قوى شر كثيرة ذات إمكانات هائلة تريد أن تجر العالم إلى منعطف من الصراع والنزاع الذي لا ينتهي، وهناك قوى خير تعمل على مقاومة هذا التوجه نحو الشر والعنف، وحتى تثمر جهودنا عما يحقق الخير والسلام للعالم أجمع، ولابد أن نضع البرامج الجادة ونحدد الأهداف ثم الأولويات، ثم ننطلق لنعمل بحب وجد وتعاون فيما بيننا، وإن قيمة الحب الصادق فيما بيننا لكفيلة أن تجعل تأسيس هذا الحلف العظيم يمثل نقلة حضارية كبيرة في تاريخ البشرية.

في السياق ذاته أكد المفتي على أن مسؤولية القيادات الدينية في تعزيز الحوار بين الأديان لا تنحصر في مجرد التزام أخلاقي فحسب، بل هي ضرورة ملحة لضمان وحدة نسيج المجتمع الإنساني واستنقاذ الأجيال القادمة من الوقوع في براثن التطرف والكراهية والعنف والتعصب.

كما أشار إلى سعي "دار الإفتاء المصرية" في الفترات السابقة بخُطًا حثية لجمع الشمل وتوطيد الأخوة ونبذ الكراهية في مجال الإفتاء، فأنشأنا الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم لنتحاور ونتعاون على البر والتقوى ونجمع شمل المفتين على المحبة والسلام ونبذ الكراهية محليًّا وعالميًّا، كما حرصت دار الإفتاء المصرية والأمانة العامة لدور الإفتاء في العالم على ترجمة هذه القيم في فاعلياتها وفتاويها وبياناتها ومبادراتها ومؤتمراتها العالمية المختلفة وسوف ستكثف من جهودنا بعون خلال الفترة القادمة لمزيد من التنسيق مع شركائنا في الشرق والغرب لبناء الجسور والتعاون علي ما فيه صالح البلاد والعباد.

وفي نهاية كلمته توجه بالشكر إلى القائمين على المنتدي، داعيا المولي عز وجل أن يعين الجميع على أن نشر ثقافة التعايش والأمن والسلام بين أبناء الإنسانية جميعا، وأن يقوي العزم في اقتلاع جذور التعصب والتشدد والعنف من عقول أبناء الإنسانية جميعا، مشددا على أن الإنسانية بحاجة إلى العيش في أمن وسلام وتعاون لكي يعم الخير على الجميع من الجميع.

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: الأمانة العامة للإفتاء الإفتاء المصرية القيادات الدينية المفتي تعاليم الأديان دار الإفتاء المصرية مفتي الجمهورية فی العالم

إقرأ أيضاً:

نائبا عن رئيس الجمهورية: وزير الأوقاف يحضر جنازة البابا فرنسيس

بتكليف من الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية، شارك في مراسم جنازة البابا فرنسيس -التي أقيمت صباح اليوم السبت الموافق 26 أبريل 2025م، بساحة القديس بطرس بالفاتيكان- وفدٌ رسمي رفيع المستوى، برئاسة الدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف، وقد رافق وزير الأوقاف، السفير حسين السحرتي سفير جمهورية مصر العربية لدى الفاتيكان؛ ومعه المستشار تامر شاهين؛ والدكتور أسامة رسلان المتحدث الرسمي لوزارة الأوقاف.

ترأس القداس الجنائزي، عميد مجمع الكرادلة الكاردينال جيوفاني باتيستا ري، وشارك فيه نحو 250 كاردينالًا، إلى جانب عدد كبير من الأساقفة والكهنة والرهبان والراهبات، وبحضور حشود غفيرة تقدر بأكثر من مائتين وخمسين ألف شخص.
كما شهدت الجنازة حضورًا واسعًا من قادة العالم، حيث شارك فيها أكثر من (130) وفدا رسميًا، بينهم (50) رئيس دولة، و(10) ملوك، من بينهم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب؛ والرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي؛ والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون؛ والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي؛ ورئيس الجمهورية الإيطالية؛ ورئيس الحكومة الإيطالية، مما عكس المكانة العالمية التي كان يتمتع بها البابا فرنسيس.

وتقدم وزير الأوقاف بخالص العزاء وصادق المواساة إلى الكنيسة الكاثوليكية، وإلى جميع أبنائها حول العالم، مؤكدًا أن البابا فرنسيس ترك إرثًا إنسانيًا خالدًا يشهد له التاريخ؛ حيث حمل لواء القيم النبيلة، ودافع عن كرامة الإنسان دون تمييز بين دين أو لون أو جنس.

وأشاد الدكتور أسامة الأزهري بالمسيرة العطرة لقداسة البابا الراحل، موضحًا أن مواقفه الشجاعة وإسهاماته الكبرى في تعزيز الحوار بين الأديان، ونبذ العنف والكراهية ستظل مضيئة في سجل الإنسانية؛ وأن العالم اليوم يفتقد قيادة روحية جمعت بين الحكمة والتواضع والعطاء اللا محدود.

وأشار وزير الأوقاف إلى أن البابا فرنسيس كان نموذجًا نادرًا في الدفاع عن حقوق المستضعفين والمهاجرين واللاجئين، رافعًا راية الإنسانية فوق كل اعتبار، ومقدمًا دروسًا خالدة في التضامن الإنساني ومناصرة قضايا العدالة الاجتماعية على المستوى العالمي.

واختتم الدكتور أسامة الأزهري كلمته بالتأكيد على أن الإنسانية برحيل قداسة البابا فرنسيس، فقدت صوتًا صادقًا من أصوات الحكمة، وعقلًا مضيئًا من عقول الإخاء والمحبة، وقلبًا نابضًا بالرحمة، قدَّم للبشرية جهودًا خالدة ستظل تذكرها الأجيال على مر العصور.

مقالات مشابهة

  • المكتب الإعلامي في وزارة الداخلية: في ظل الأحداث الراهنة، وعلى خلفية انتشار مقطع صوتي يتضمن إساءةً لمقام النبي الكريم محمد عليه الصلاة والسلام، وما تلاه من تحريض وخطاب كراهية على مواقع التواصل الاجتماعي، شهدت منطقة جرمانا اشتباكات متقطعة بين مجموعات لمسلح
  • رستم أطلع مفتي الجمهورية على الأجواء الانتخابية في عكار
  • برادة وزير التربية يترحم على أستاذة أرفود و يربط انتشار العنف المدرسي بالأمراض النفسية
  • إلهام شاهين تسير بسفينة المحبة والسلام: "الإنسانية وطننا الأول"
  • تفيد الجميع.. ماذا تعرف عن قناة السويس؟
  • محافظ مطروح يبحث مع مفتي الجمهورية دعم العمل الدعوى والمجتمعى
  • مفتي الديار المصرية في زيارة لمحافظة مطروح
  • مفتي الجمهورية: المؤسسات الدينية تبذل جهودًا كبيرة في نشر الوسطية
  • مفتي الجمهورية يدعو لتطوير مناهج جامعية متخصصة في فقه بناء الإنسان
  • نائبا عن رئيس الجمهورية: وزير الأوقاف يحضر جنازة البابا فرنسيس