أكد رئيس المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، الدكتور عبد الله المندوس، أن جهود مصر في العمل المناخي والتحول إلى الطاقة الخضراء تُظهر التزامًا جادًا بالتنمية المستدامة.. مشيرا إلى أن مصر ستحقق تقدمًا كبيرًا في هذا المجال، مما يسهم في تحسين البيئة وزيادة الاستدامة الاقتصادية.

وأوضح المندوس في حوار خاص مع وكالة أنباء الشرق الأوسط، أن مساعي مصر في العمل المناخي والتحول إلى الطاقة الخضراء والاستثمار في الهيدروجين الأخضر تعتبر جديرة بالاهتمام، حيث تعمل مصر بجد على تعزيز مصادر الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، منوهًا بإنشاء مشروعات ضخمة للطاقة الشمسية في منطقة بنبان بأسوان، التي تعد واحدة من أكبر مجمعات الطاقة الشمسية في العالم، بالإضافة إلى تعزيز مشروعات طاقة الرياح على ساحل البحر الأحمر.

وأشار إلى أن مصر تسعى لدخول مجال إنتاج الهيدروجين الأخضر كجزء من استراتيجيتها للتحول إلى الطاقة المستدامة، إذ أعلنت عن عدة مشروعات بالتعاون مع شركات دولية لإنتاج الهيدروجين الأخضر، الذي يُعد من المصادر الواعدة للطاقة النظيفة والتي يمكن استخدامها في مختلف الصناعات.

وأبرز أن الحكومة المصرية تعمل على تطوير سياسات وتشريعات تشجع على الاستثمار في الطاقة المتجددة، وأنه تم تقديم حوافز مالية وضريبية للمستثمرين في هذا المجال، بالإضافة إلى تشجيع الابتكار في تقنيات الطاقة النظيفة، لافتا إلى حرص مصر على تنظيم حملات التوعية والمبادرات التعليمية التي تستهدف المدارس والجامعات والجمهور العام للتوعية بأهمية التغير المناخي والطاقة المتجددة.

وجدد التأكيد على أن مصر تبذل جهودًا ملحوظة بالساحة الدولية فيما يتعلق بالعمل المناخي، حيث تستضيف وتشارك بفعالية في المؤتمرات والاتفاقيات الدولية المعنية بتغير المناخ، مثل مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (COP27) الذي عقد في شرم الشيخ عام 2022.

وحول أوجه التعاون القائم بين المنظمة ومصر لمواجهة عدد من الظواهر المناخية وعلى رأسها الاحتباس الحراري.. قال الدكتور عبد الله المندوس إن المنظمة العالمية للأرصاد الجوية (WMO) تتعاون مع مصر في عدة مجالات لمواجهة الظواهر المناخية، بما في ذلك الاحتباس الحراري، ويتجسد هذا التعاون في العديد من الأنشطة والمبادرات، منها تطوير وتحديث نظم الإنذار المبكر للطقس والأحوال الجوية، مما يساعد على التنبؤ بالأحداث المناخية المتطرفة وتقديم التحذيرات في الوقت المناسب.

وأضاف أن التعاون يشمل تقديم برامج تدريبية وورش عمل للمختصين في الأرصاد الجوية والمناخ في مصر، لتعزيز قدراتهم في مجالات التنبؤ والرصد والتقييم المناخي، علاوة على ذلك، يتم التعاون في مشاريع بحثية لدراسة تأثيرات التغير المناخي على مصر، وتقديم الدعم الفني والعلمي لتقييم المخاطر وإعداد التقارير المناخية.

ونوه إلى أن التعاون يركز أيضًا على توفير وتبادل البيانات المناخية والمعلومات الجوية بين المنظمة ومصر، مما يساعد في تحسين دقة التنبؤات الجوية وتطوير استراتيجيات التكيف مع التغيرات المناخية، كما يتضمن تقديم المشورة والدعم في دمج الاعتبارات المناخية في خطط التنمية الوطنية ومشاريع البنية التحتية في مصر، لضمان مراعاة الأثر البيئي وتقليل الانبعاثات الكربونية.

الدكتور عبد الله المندوس

ولفت إلى أنه يتم تنظيم حملات توعية وفعاليات تعليمية لتعريف الجمهور المصري بأهمية التغير المناخي وآثاره، وكيفية التكيف معه وتقليل تأثيراته السلبية، مبرزاً أن المنظمة تعزز التعاون بين مصر والدول المجاورة في مجالات المناخ والبيئة، من خلال المشاركة في مبادرات إقليمية ودولية تهدف إلى مواجهة التحديات المناخية المشتركة.

وتابع المندوس أنه من خلال هذه الجهود المتكاملة، تسعى المنظمة العالمية للأرصاد الجوية ومصر إلى تعزيز القدرة على التكيف مع التغيرات المناخية والتخفيف من تأثيراتها، والعمل على حماية البيئة وتحقيق التنمية المستدامة.

وحول الدور العالمي للمنظمة عبر تاريخها، أكد الدكتور المندوس أنه كان للمنظمة، طوال تاريخها الذي يمتد لأكثر من 150 عامًا، دور رئيسي في تعزيز التعاون بين الدول لتحسين خدمات الأرصاد وتقليل مخاطر الحالات الجوية المتطرفة وفهم تغير المناخ، حيث تحدد المنظمة العالمية للأرصاد الجوية معايير لجمع البيانات والبحث، وتقدم التوجيه فيما يتعلق بالأمور الخاصة بالطقس والمناخ، مما يعود بالفائدة على البلدان في جميع أنحاء العالم من خلال التخفيف من آثار الكوارث الطبيعية ودعم التنمية المستدامة وحماية الأرواح والممتلكات.

وأوضح رئيس المنظمة العالمية للأرصاد الجوية أن المنظمة تمتلك بنية تحتية مميزة منها مايزيد على 11000 محطة سطحية، و1300 محطة قياس طبقات الجو العليا، و 4000 سفينة مراقبة جوية، و1200 محطة رصد بحرية و 3000 طائرة مراقبة جوية تصدر مايزيد على 300000 تقرير يومي، و 348 قمراً صناعياً خاصا بالأرصاد الجوية، و 1111 شبكة رادار جوية، تغزي 52 مركزاً للبيانات، بالإضافة إلى 6 مراكز تعمل على رصد وتحليل الأعاصير المدارية.

وحول أهمية عقد المؤتمرات السنوية الخاصة بالمناخ، أبرز المندوس أن المؤتمرات السنوية للأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (COP) تخدم أغراضًا رئيسية عدة، بما في ذلك على سبيل المثال لا الحصر، إعطاء الفرصة للدول الأعضاء لتقييم التقدم الذي أحرزوه نحو تحقيق أهداف الاتفاقية، ويعتبر المؤتمر منصة للمفاوضات بين الدول حول تحديد أهداف جديدة في مجال المناخ والمساهمات المالية وإنشاء إطارات للسياسات البيئية الدولية.

وذكر أن مؤتمرات "COP" تعتبر أداة حيوية في تعزيز التعاون العالمي في مجال تغير المناخ وتيسير العمل الجماعي الضروري لمعالجة هذه المسألة المعقدة والعاجلة، وتعد نتائج مؤتمرات كوب بمثابة الدليل الإرشادي لمساعدة الدول النامية والجزرية في رفع البنية التحتية وهو هدف هام من أهداف المنظمة والتي تشرف على التقارير الصادرة عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC) التي تعد الدليل المعتمد لبيانات ارتفاع درجات الحرارة.

وبشأن تقييمه لنتائج مؤتمر (كوب 27) الذي عقد في مصر، قال الدكتور عبد الله المندوس إن تمويل التغير المناخي كان نقطة صراع رئيسية في COP27، حيث تم إنشاء صندوق الخسائر والأضرار، الذي يهدف إلى دعم الدول النامية التي تعاني من تداعيات التغير المناخي.

وأضاف أنه هذا العام، شهدنا موجة من الفيضانات والحرائق الهائلة والجفاف الشديد في جميع أنحاء العالم، مما تسبب في خسائر بمليارات الدولارات، ووفقًا لتقرير مؤسسة ييل للمناخ، كلفت أكثر من 150 مليار دولار في عام 2021، وفي نفس العام، تعرضت باكستان لأسوأ كارثة فيضانية في تاريخها، مما تسبب في خسائر تقدر بحوالي 15 مليار دولار.

وأكد أن أحد النتائج الرئيسية لـ COP 28 الذي استضافته الإمارات هو الاتفاق التاريخي بشأن تنفيذ الترتيبات المالية لمعالجة الخسائر والأضرار، بما في ذلك إنشاء صندوق مخصص جديد تحت إطار UNFCCC - وهذه المرة الأولى التي يتم فيها اتخاذ قرار موضوعي في اليوم الأول للمؤتمر.

ولفت إلى أن هذا الاتفاق التاريخي يعتمد على القرار المهم الذي اتخذته الدول في وقت سابق بـ COP 27 بإنشاء صندوق لدعم الدول والمجتمعات الضعيفة التي تعاني بالفعل من تأثيرات التغير المناخي السلبية، حيث جرت المناقشات حول تنفيذ الترتيبات المالية الجديدة، بما في ذلك هذا الصندوق، لمعالجة الخسائر والأضرار خلال عام 2023 في اجتماعات اللجنة الانتقالية، التي جمعت ممثلين عن الدول المتقدمة والنامية.

وذكر أن إنشاء الصندوق، مع التزامات تبلغ مجموعها 661 مليون دولار حتى الآن، يشكل رمزًا هامًا للتضامن العالمي يعكس الأحداث الطارئة الملحة لتغير المناخ وخطوة إيجابية في مجال العدالة المناخية الدولية.

وردا على سؤال حول التحديات التي تواجه العمل المناخي خلال الفترة الراهنة وكيفية التغلب عليها، أوضح رئيس المنظمة العالمية للأرصاد الجوية أن تغير المناخ يشكل مجموعة متشعبة ومعقدة من التحديات، لكن من بين أكبر هذه التحديات الحاجة إلى التعاون العالمي واتخاذ إجراءات فورية في التخفيف (تقليل انبعاثات الغازات الدفيئة) والتكيف (الاستعداد للتغيرات التي تحدث بالفعل والتأقلم معها)، و تحقيق التوازن بين هاتين الجانبين وتوجيه الموارد بشكل فعّال يشكل تحديًا كبيرًا.

وتابع أن تغير المناخ يعتبر قضية عالمية تؤثر على كل بلد ومنطقة بطريقة مختلفة، ويمكن أن تكون انبعاثات الغازات الدفيئة في جزء من العالم لها عواقب بعيدة المدى في مناطق أخرى، ويمكن أن يكون من الصعب تنسيق الجهود بين الدول ذات المصالح والأولويات المتنوعة.

ونوه إلى أنه للتعامل مع هذه التحديات، فإن سياسات تغير المناخ تشكل جزءًا حاسمًا من سياسات الدول اليوم، سواء على الصعيد الوطني أو الدولي، وسيتم التركيز على سياسات تغير المناخ الدولية، للتغلب على هذه التحديات، حيث يجب على الحكومات والمجتمعات والشركات والمنظمات الدولية العمل سويًا بتعاون وتنسيق، واتخاذ إجراءات فورية وفعّالة.

وأكد ضرورة زيادة الاستثمار في البحث والتطوير لتطوير تكنولوجيا نظيفة ومستدامة، وتعزيز الشفافية والمساءلة فيما يتعلق بالجهود المناخية.

وبشأن الاستثمار في أنظمة الإنذار المبكر التي توفر معلومات حول الأعاصير المدارية والتغيرات المناخية، قال الدكتور عبد الله المندوس رئيس المنظمة العالمية للأرصاد الجوية إن أنظمة الإنذار المبكر ضرورية بشكل عاجل لأن تغير المناخ يتسبب في تكرار وتطرف وعدم توقع الكوارث المناخية، حيث يمكن للإنذارات المبكرة، التي تُصدر قبل 24 ساعة من الحدث، أن تقلل من أضرار ذلك الحدث بنسبة 30%.

وأبرز أن الاستثمار في أنظمة الإنذار المبكر للأعاصير المدارية وتغير المناخ يعد أمرًا بالغ الأهمية لعدة أسباب فهي تساعد في تقليل خطر فقدان الأرواح وأضرار الممتلكات من خلال توفير معلومات دقيقة في الوقت المناسب عن الأعاصير القادمة، وهذا يسمح للسلطات بإصدار أوامر الإخلاء وتنفيذ تدابير الاستعداد الأخرى مسبقًا.

وتابع أنه عندما تكون المجتمعات على علم بقدوم إعصار أو حدث مناخي، يمكنها اتخاذ الاحتياطات اللازمة لحماية نفسها وممتلكاتها، و قد يشمل ذلك تعزيز المنازل، وتأمين الأشياء المتحركة، وتخزين الإمدادات الأساسية، ووضع خطط للإخلاء.

واستطرد قائلا: "يمكن أن يكون للأعاصير والأحداث الجوية المتطرفة الأخرى تأثيرات اقتصادية كبيرة، خاصة في المناطق الضعيفة وهنا تساعد أنظمة الإنذار المبكر في تقليل هذه التأثيرات من خلال السماح للأعمال والحكومات بالاستعداد بشكل كافٍ، مما يقلل من تعطيل الأنشطة الاقتصادية ويعزز الاستقرار".

وأوضح المندوس أنه من خلال الاستثمار في أنظمة الإنذار المبكر، يمكن للمجتمعات أن تصبح أكثر مرونة في مواجهة تأثيرات الأعاصير وتغير المناخ، ويمكن بناء هذه المرونة من خلال تحسين البنية التحتية، والتخطيط لاستخدام الأراضي، وبرامج التوعية العامة التي تُعلِّم الناس عن المخاطر التي يواجهونها وكيفية التخفيف منها.

وجدد التأكيد على أن الاستثمار في أنظمة الإنذار المبكر يعد جزءًا من استراتيجية أوسع للتكيف مع هذه التغيرات، مما يسمح للمجتمعات بالتكيف بشكل أفضل مع الحقائق الجديدة لكوكب أكثر دفئًا.

وأشار الدكتور عبد الله المندوس إلى أن العديد من الأعاصير المدارية تؤثر على عدة دول ومناطق، مما يبرز أهمية التعاون الدولي في جهود الإنذار المبكر، من خلال الاستثمار في أنظمة المراقبة والاتصال المشتركة.

وشدد على أن الاستثمار في أنظمة الإنذار المبكر للأعاصير المدارية وتغير المناخ يعد طريقة استباقية وفعالة من حيث التكلفة لحماية الأرواح والممتلكات وسبل العيش في مواجهة المخاطر البيئية المتزايدة.

وبشأن الرؤية العلمية لتوقعات درجات الحرارة في السنوات المقبلة خاصة في ظل التغير الحاد في المناخ، قال المندوس إن النظرة العلمية للتوقعات المتعلقة بدرجات الحرارة في السنوات القادمة تشير إلى استمرار الاتجاه نحو ارتفاع درجات الحرارة على مستوى العالم، ويتأثر هذا الاتجاه بشكل كبير بزيادة انبعاثات الغازات الدفيئة، والتي تشمل ثاني أكسيد الكربون والميثان وأكسيد النيتروز، من بين غازات أخرى.

ونوه إلى أن النماذج المناخية تتفق على استمرار ارتفاع درجات الحرارة العالمية، و تعتمد درجة الزيادة، مع ذلك، على حجم انبعاثات الغازات الدفيئة في السنوات القادمة.

وذكر رئيس المنظمة العالمية للأرصاد الجوية أنه خلال العقود القليلة القادمة، من المحتمل أن ترتفع درجات الحرارة العالمية بمقدار 1.5 إلى 2 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الصناعة، وهو الحد الذي يعتبره العلماء حاسمًا لإدارة التأثيرات المناخية القابلة للتحكم.

وأفاد بأنه بحلول نهاية القرن الحادي والعشرين، اعتمادًا على سيناريوهات الانبعاثات، يمكن أن تتراوح الزيادات من أكثر قليلاً من 1 درجة مئوية في ظل جهود تخفيف قوية، إلى أكثر من 4 درجات مئوية في سيناريوهات الانبعاثات العالية.

وأشار إلى أن الزيادات في درجات الحرارة لن تكون موحدة عبر العالم، إذ من المتوقع أن تشهد خطوط العرض العليا زيادة أكبر في الاحترار مقارنة بالمناطق الاستوائية، كما أن هناك احتمالا كبيرا لزيادة في تكرار وشدة الأحداث الجوية المتطرفة، بما في ذلك موجات الحر والجفاف وهطول الأمطار الغزيرة، وربما العواصف الشديدة.

وأبرز المندوس أن النماذج المناخية تستمر في التحسن من حيث الدقة وإضافة المزيد من المتغيرات، لكنها تؤكد باستمرار على أهمية معالجة تغير المناخ من خلال التكيف وتدابير التخفيف الكبيرة.

وحول الدور الذي تلعبه المنظمة العالمية للأرصاد الجوية لمساعدة الدول العربية من نتائج تغير المناخ، قال المندوس إن المنظمة تلعب دورًا حيويًا في مساعدة الدول العربية على معالجة آثار تغير المناخ من خلال وسائل متعددة، تشمل مشاركة البيانات والمعلومات، تعزيز نظام الإنذار المبكر وبناء القدرات للدول العربية، البحث والتقييم.

وأكد في هذا الصدد، أن أحد أهم المجالات هو دعم السياسات وسوف تزيد المنظمة العالمية للأرصاد الجوية من دعمها ومساعدتها للدول العربية في تطوير وتنفيذ سياسات واستراتيجيات التكيف مع تغير المناخ والتخفيف من آثاره، ويشمل ذلك تقديم التوجيه حول دمج الاعتبارات المناخية في خطط التنمية الوطنية، ومشاريع البنية التحتية، وجهود الحد من مخاطر الكوارث.

ولفت إلى أن المنظمة العالمية للأرصاد الجوية تعمل كمنصة دولية رئيسية للتعاون والدعم في مواجهة التحديات التي يفرضها تغير المناخ على الدول العربية، مما يساعدها على بناء القدرة على الصمود والتكيف مع المناخ المتغير.

وردا على سؤال حول كيفية تطويع الجهود الدولية لحماية كوكب الأرض من خطر التغير المناخي.. قال الدكتور عبد الله المندوس إنه يجب تسخير كافة الجهود الدولية عبر مجموعة من الاستراتيجيات المتكاملة والمترابطة، أهمها تعزيز التعاون بين الدول من خلال الاتفاقيات والمبادرات الدولية مثل اتفاقية باريس للمناخ، وتشجيع الدول على الالتزام بأهداف خفض الانبعاثات والتكيف مع التغيرات المناخية.

وأضاف أنه يجب تخصيص موارد مالية كافية لمشاريع الطاقة المتجددة والبنية التحتية الخضراء، وإنشاء صناديق دولية لدعم الدول النامية في جهودها للتكيف مع التغير المناخي وتخفيف آثاره بجانب دعم البحث والتطوير في مجالات التكنولوجيا النظيفة والطاقة المتجددة وتعزيز الابتكار في طرق تخزين الطاقة وتحسين كفاءة استخدام الموارد وتقنيات الحد من الانبعاثات يعتبر أمرًا ضروريا.

وتابع أنه بالإضافة إلى ذلك، يجب تعزيز الوعي بأهمية التغير المناخي وآثاره على البيئة والمجتمعات وتضمين المناهج التعليمية موضوعات تتعلق بالتغير المناخي والاستدامة البيئية، ووضع سياسات حكومية تشجع على استخدام الطاقة المتجددة وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، وتقديم حوافز مالية للشركات والأفراد الذين يتبنون ممارسات صديقة للبيئة.

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: رئیس المنظمة العالمیة للأرصاد الجویة انبعاثات الغازات الدفیئة التنمیة المستدامة التغیرات المناخیة الطاقة المتجددة البنیة التحتیة التغیر المناخی أن تغیر المناخ العمل المناخی درجات الحرارة بالإضافة إلى التخفیف من بما فی ذلک التکیف مع مع التغیر بین الدول من خلال فی مجال یمکن أن جهود ا إلى أن مصر فی

إقرأ أيضاً:

هذه هي عصا الاقتصاد السحرية التي أخضعوا بها الشعوب

​تستقبلُ العاصمة الأميركية واشنطن هذا الأسبوع اجتماعات الربيع لصندوق النقد الدوليّ والبنك الدوليّ لعام 2025، حيث يشارك وزراء المالية، ومحافظو البنوك المركزية من جميع أنحاء العالم؛ لمناقشة القضايا الاقتصادية العالمية.

وبينما تُعدّ هذه الاجتماعات فرصة جيدة لمناقشة التّحديات الاقتصادية الراهنة، والتي تشمل المتاعب المتصاعدة مؤخرًا في العديد من الاقتصادات الكُبرى، على خلفيّة فرض الرئيس الأميركي دونالد ترامب حربًا تجارية على العديد من حلفائه وخصومه، لا نتوقع أن نسمع كثيرًا عن المشكلة الأكثر إلحاحًا، والمتعلّقة بإلغاء ديون الدول النامية، أو إعادة هيكلة بعضها.

وعلى مدار سنوات شهدت العديد من الاجتماعات الأخيرة، تكرار مشهد خروج الوزراء ورجال المال والأعمال من السيارات الفارهة أمام بوابات مباني مجموعة البنك الدولي وسط العاصمة الأميركية، يرتدون بزاتهم الداكنة، وتفوح منهم الروائح العطرة، بينما يترقّبهم بعض المشردين والمتسولين من حديقة صغيرة، يفصلها عن مباني البنك الدولي أمتار معدودة، وقد اعتاد هؤلاء نصب خيامهم أمام المؤسسة المالية العريقة في توقيت الاجتماعات، لتذكيرهم غالبًا بالظروف القاسية التي يعيشونها وملايين غيرهم في الدول النامية، التي تزعم المؤسسة المالية سعيها لتقديم العون لها، لمساعدتها في تحسين أوضاع مواطنيها.

إعلان

ويقدّم الاقتصادي الأميركي ديفيد غرايبر، الذي كان أستاذًا في جامعة ييل الأميركية وكلية لندن للاقتصاد، نقدًا جذريًا للطريقة التي تعمل بها المؤسسات المالية العالمية، وعلى رأسها صندوق النقد الدولي، في تعاملها مع الدول النامية، حيث يرى أن القروض المقدمة منها لم تكن في تاريخها الطويل أداة اقتصادية فحسب، بل كانت في كثير من الأحيان عصا سياسية للهيمنة وإخضاع الشعوب، وهو ما اعتبره مجسدًا بوضوح في سياسات صندوق النقد الدولي في العقود الأخيرة، خصوصًا من خلال ما يسمى ببرامج التكيّف الهيكلي.

وفي كتابه عن الدَّين "Debt: The First 5000 Years"، بيّن غرايبر كيف تؤدي شروط صندوق النقد، التي تُفرض على الدول المقترضة، إلى تدمير النسيج الاجتماعي لتلك الدول، لا سيما حين يتعلق الأمر بخفض الإنفاق العام على القطاعات الحيوية مثل الصحة والتعليم.

ورغم أنّ هذه السياسات يتمّ الترويج لها باعتبارها خطوات ضرورية للإصلاح المالي، وتحقيق الاستقرار الاقتصادي، فقد أثبت الواقع أنها كانت، في كثير من الأحيان، السبب المباشر في كوارث إنسانية لا تُمحى.

ومن بين الأمثلة التي أوردها في كتابه، أشار غرايبر إلى زامبيا التي اضطرت في أواخر التسعينيات إلى خفض ميزانيتها المخصصة للرعاية الصحية بنسبة بلغت 50% تنفيذًا لشروط صندوق النقد.

وأدى ذلك إلى نقص حادّ في الأدوية والأطباء، وتراجع أعداد حملات التلقيح، وهو ما تسبَّب في وفاة ما يقرب من 30 ألف طفل سنويًا لأسباب كان يمكن الوقاية منها.

وفي تلك الفترة، كانت زامبيا تنفق أكثر من 40% من دخلها القومي على خدمة الدين الخارجي، بينما كانت المستشفيات تفتقر لأبسط أدوات التشخيص، وكان المرضى يُطلب منهم شراء الشاش والمضادات الحيوية من السوق السوداء إن أرادوا تلقي العلاج.

أما في تنزانيا، فقد أدّت سياسات خفض الإنفاق التي فُرضت ضمن برنامج التكيّف الهيكلي إلى تخفيض ميزانية التعليم بنسبة 40% خلال عقد واحد فقط، وهو ما تسبّب في إغلاق مئات المدارس، وتراجع نسبة الالتحاق بالتعليم الأساسي إلى أقل من 50% بحلول منتصف التسعينيات.

إعلان

وتراجعت قدرة الأسر الفقيرة على إرسال أبنائها إلى المدارس بعد فرض رسوم دراسية ظاهرها فيه الرحمة، وباطنها العذاب، خاصة للفتيات. وقدّر البنك الدولي نفسه تسبب هذه السياسات في فقدان أكثر من 10 ملايين طفل أفريقي فرصة التعليم بين عامي 1985 و2000.

وفي بيرو، وهي من الدول التي خضعت لإصلاحات قاسية تحت إشراف صندوق النقد، أُجبرت الحكومة في بداية التسعينيات على تقليص ميزانية الصحة بنسبة 25%، ممّا تسبب في كارثة صحية، خاصة في المناطق الريفية، إذ تم إغلاق أكثر من 1.000 وحدة رعاية صحية أولية في أنحاء البلاد، وانخفضت نسبة التلقيح ضد الحصبة من 80% إلى أقل من 50%، الأمر الذي أدّى لتفشي المرض مجددًا وموت الآلاف من الأطفال.

يربط غرايبر في كتابه، كما في العديد من مقالاته ومحاضراته، بين هذه الكوارث وبين طبيعة النظام المالي العالمي، الذي لا يعامل الدول النامية كشركاء، بل كمذنبين يجب تأديبهم.

ويشير غرايبر إلى أن هذه السياسات صُمّمت بالأساس لحماية مصالح البنوك والدائنين في دول الشمال، على حد تعبيره، خصوصًا الولايات المتحدة، وبريطانيا، حيث تم توجيه الأموال التي أُقرضت لدول الجنوب في أغلب الأحيان إلى إعادة جدولة ديون سابقة، وسداد الفوائد المتراكمة، دون أن يستفيد المواطن العادي من دولاراتها.

ولا يكتفي غرايبر بالتحليل الاقتصادي، بل يربط هذه الظواهر بتاريخ طويل من استخدام الدَّين كوسيلة للسيطرة، ففي العصور القديمة، كما يذكر، كانت فترات تراكم الديون الكبيرة تنتهي غالبًا بإعلان ملوك تلك العصور "عفوًا عن الديون" لحماية المجتمع من الانهيار. أما في النظام النيوليبرالي الحديث، فإن العكس هو ما يحدث، إذ يتم التضحية بالشعوب من أجل إنقاذ الدين.

المفارقة التي يشير إليها غرايبر هي أن الدول الغنية التي تفرض هذه السياسات على الدول الفقيرة، مثل الولايات المتحدة، لم تكن لتنشأ أساسًا لولا إلغاء ديونها الخاصة في مراحل مبكرة من تاريخها، أو من خلال إعادة جدولة ميسّرة تم تقديمها لها في فترات لاحقة.

إعلان

وفي المقابل، تُفرض على الدول النامية شروط قاسية، تجبرها على بيع أصولها العامة، وتفكيك شبكات الحماية الاجتماعية، وفتح أسواقها بشكل غير متكافئ.

فقدت القروض المقدمة من المؤسسات الدولية وبعض الدول المانحة، في صيغتها المعاصرة، أيَّ معنى أخلاقي، وتحوّلت إلى وسيلة لإعادة إنتاج الفقر والتبعية، الأمر الذي يفرض إعادة التفكير في الأسس التي يقوم عليها النظام المالي العالمي، حيث أثبتت الخبرات العالمية الأخيرة أن تحرير الشعوب لا يمكن أن يتم دون التحرر من قبضة الدائنين، ومن منطق السوق الذي يقيس كل شيء بالربح والخسارة، حتى الأرواح.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • الأجور.. التوظيف والحماية.. المنظمة الوطنية للصحافيين الجزائريين ترفع إنشغالاتها للوزارة
  • الصحة العالمية: تراجع حالات الحصبة في اليمن بنسبة 47% خلال 2024
  • بريكس تناقش ردا مشتركا على سياسات ترامب التجارية
  • هذه هي عصا الاقتصاد السحرية التي أخضعوا بها الشعوب
  • منتخب «الرياضات الجوية» يشارك في الألعاب العالمية بالصين
  • عاجل - السيسي يستقبل الرئيس الأنجولي جواو لورينسو
  • اعتماد 10 خبراء من سفراء المناخ للمشاركة في مؤتمر للأمم المتحدة
  • دول بريكس تبحث رداً مشتركاً على سياسات ترامب التجارية
  • "عُمران" تستعرض جهود التنمية السياحية المستدامة بـ"معرض سوق السفر العربي"
  • الصدمات المناخية وتقلبات العملات تزيد أعباء ديون الدول الفقيرة.. استنزاف صامت للاقتصاد