البابا فرنسيس: المحبة المسيحية تعانق كل ما لا يمكن محبته
تاريخ النشر: 15th, May 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
قال البابا فرنسيس بابا الفاتيكان، إن التفكير في المحبة يوسع على الفور القلب والعقل الذي يتوجه إلى كلمات القديس بولس الرسول في رسالته الأولى إلى أهل قورنتس حين تحدث عن الفضائل اللاهوتية الثلاث وقال "فالآن تَبقى هذه الأُمورُ الثَّلاثة: الإِيمانُ والرَّجاءُ والمَحَبَّة، ولَكنَّ أَعظَمَها المَحبَّة".
وأضاف البابا فرنسيس خلال الكلمة التي القاها اليوم الأربعاء بالمقابلة العامة في ساحة القديس بطرس ، مذكرا بأن القديس بولس قد كتب هذه الكلمات إلى جماعة بعيدة عن الكمال فيما يتعلق بالمحبة الأخوية، فقد كان مسيحيو قورنتس يتشاجرون وكانت هناك انقسامات داخلية، وهناك مَن يدَّعي أنه دائما على حق ولا يصغي إلى الآخرين معتبرا إياهم أقل شأنا.
وتابع الأب الأقدس: أن بولس الرسول أراد تذكير هؤلاء بأن "المَعرِفةَ تَنفُخ، أَمَّا المَحبَّةُ فَتَبْني"
وذكَّر البابا فرنسيس بحديث بولس الرسول في الرسالة المذكورة عن حجر عثرة يتعلق حتى بلحظة الوحدة القصوى بالنسبة لجماعة مسيحية أي عشاء الرب، الاحتفال الافخارستي، فحتى حول هذا كانت هناك انقسامات وهناك من استفاد منها ليأكل ويشرب مقصيا مَن لا شيء عنده وذكَّر البابا هنا بكلمات بولس الرسول "وأَنتُم، إِذا ما اجتَمَعتُم معًا، لا تَتَناوَلونَ عَشاءَ الرَّبّ" (٢٠).
واستطرد البابا فرنسيس: ربما لم يكن هناك في جماعة قورنتس مَن يعتقد أنه ارتكب خطيئة، أن كلمات بولس الرسول القاسية هذه قد بدت بالتالي غير مفهومة حيث كان الجميع على الأرجح مقتنعين بأنهم صالحون، وإن سئلوا عن المحبة كانوا سيجيبون بأنها قيمة كبيرة بالنسبة لهم بدون شك، وينطبق هذا أيضا على الصداقة والعائلة.
وأضاف الأب الأقدس: ان في أيامنا هذه أيضا الحب كلمة على أفواه الكثير من "المؤثرين" وفي العديد من الأغاني.
وتسأل البابا فرنسيس قائلا: وماذا عن المحبة الأخرى؟ يبدو هذا السؤال الذي يطرحه القديس بولس الرسول على أهل قورنتس، فهو لا يقصد المحبة التي ترتفع بل تلك التي تنخفض، لا تلك التي تأخذ بل تلك التي تهب، لا تلك التي تظهر بل تلك التي تختبئ. وواصل الأب الأقدس أن بولس الرسول يبدي القلق من التخبط الذي قد يحدث في قورنتس، وهو ما يمكن أن يحدث وسطنا اليوم أيضا، من أنه قد لا يوجد أثر للفضيلة اللاهوتية، المحبة، تلك التي تأتينا من الرب. فحتى وإن أكد الجميع بالكلمات كونهم أشخاصا صالحين وأنهم يحبون العائلة والأصدقاء فإنهم في الواقع لا يعرفون عن محبة الله سوى القليل.
ثم تحدث البابا فرنسيس عن كلمة المحبة وقال: إن المسيحيين قادرون على المحبة بكل أشكالها ويختبرون المودة ذاتها إزاء الأصدقاء وحب الوطن ومحبة البشرية جمعاء، إلا ان هناك محبة أكبر تأتي من الله وإليه تتوجه، تُمَكننا من أن نحب الله وأن نكون أصدقاءه، وأن نحب القريب كما يحبه الله.
وتابع الأب الأقدس أن هذه المحبة وبفضل المسيح تحملنا إلى حيث لا نتوجه بمفردنا كبشر، وتحدث هنا عن محبة الفقراء وأيضا محبة مَن لا يحبنا وناكر الجميل بل وحتى العدو.
وذكَّر البابا فرنسيس في تعليمه اليوم حول فضيلة المحبة بعظة يسوع على الجبل حين قال: "فإِن أَحبَبتُم مَن يُحِبُّكم، فأَيُّ فَضْلٍ لَكُم؟ لأَنَّ الخَاطِئينَ أَنفُسَهُم يُحِبُّونَ مَن يُحِبُّهُم. وإِن أَحسَنتُم إِلى مَن يُحسِنُ إِليكُم، فأَيُّ فَضْلٍ لَكُم؟ لأَنَّ الخاطِئينَ أَنفُسَهُم يَفعَلونَ ذلك". (لوقا ٦، ٣٢-٣٣). وقد ختم يسوع عظته: "ولكِن أَحِبُّوا أَعداءَكم، وأَحِسِنوا وأَقرِضوا غَيرَ راجينَ عِوَضاً، فيَكونَ أَجرُكم عَظيماً وتكونوا أَبناءَ العَلِيّ، لِأَنَّهُ هو يَلطُفُ بِناكِري الجَميلِ والأَشرار" (لوقا، ٦، ٣٥).
وتابع البابا فرنسيس: إن في هذه الكلمات يظهر الحب كفضيلة لاهوتية ويحمل معنى المحبة، ونكتشف على الفور أنها محبة صعبة بل وتستحيل ممارستها بدون العيش في الله.
وواصل قداسته: أن طبيعتنا البشرية تجعلنا نحب ما هو صالح وجميل، ويمكننا من انطلاقا من مثل أعلى أو مشاعر قوية أن نكون أسخياء وأن نقوم بأفعال بطولية، إلا أن محبة الله تتجاوز هذه المعايير، فالمحبة المسيحية تعانق كل ما لا يمكن محبته، تمنح المغفرة وتبارك اللاعنين. إنها محبة شجاعة تبدو مستحيلة تقريبا، لكنها الشيء الوحيد الذي سيبقى فينا. إنها "الباب الضيق" الذي يجب المرور عبره لدخول ملكوت الله، فنحن سنُدان لا على الحب العام بل على المحبة.
اختتم البابا فرنسيس مذكرا بكلمات يسوع: "الحَقَّ أَقولُ لَكم: كُلَّما صَنعتُم شَيئاً مِن ذلك لِواحِدٍ مِن إِخوتي هؤُلاءِ الصِّغار، فلي قد صَنَعتُموه".
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: البابا فرنسيس بابا الفاتيكان القديس بطرس القديس بولس الرسول المحبة المسيحية البابا فرنسیس بولس الرسول الأب الأقدس تلک التی
إقرأ أيضاً:
البابا فرنسيس يثمن جهود لجنة تحكيم جائزة زايد للأخوة الإنسانية
ثمن قداسة البابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية جهود لجنة تحكيم جائزة زايد للأخوة الإنسانية، مؤكداً أهمية دور الجائزة في معالجة العديد من التحديات الإنسانية.
جاء ذلك خلال استضافة قداسة البابا فرنسيس الحائز الفخري على جائزة زايد للأخوة الإنسانية أعضاء لجنة تحكيم الجائزة لعام 2025 في الفاتيكان لمناقشة إستراتيجيات تعزيز السلام ومعالجة التحديات الإنسانية، بما في ذلك مكافحة الجوع العالمي.
وقال البابا فرنسيس إن هناك ملايين الأطفال الذين يعانون الجوع في جميع أنحاء العالم، وحث اللجنة على مواصلة جهودها والاستمرار في السعي لمعالجة قضايا الأخوة الإنسانية.
وأضاف ” أقدر بشدة عمل جائزة زايد للأخوة الإنسانية، والتزامها بتعزيز السلام ومعالجة التحديات الإنسانية”.
وتضم لجنة التحكيم لعام 2025، التي يشرف عليها سعادة المستشار محمد عبدالسلام، الأمين العام لجائزة زايد للأخوة الإنسانية، قادة بارزين من أنحاء العالم يمثلون قطاعات متنوعة وينتمون لست دول، وهم، فخامة الرئيس ماكي سال، الرئيس السنغالي السابق، ومعالي رئيس حكومة إسبانيا السابق خوسيه لويس رودريغيز ثباتيرو، والدكتورة نجوزي أوكونجو إيويالا، المدير العام لمنظمة التجارة العالمية، ونيافة الكاردينال بيتر كودو أبياه توركسون، مستشار الأكاديمية البابوية للعلوم والأكاديمية البابوية للعلوم الاجتماعية، ومعالي باتريشيا سكوتلاند، الأمين العام لمنظمة دول الكومنولث.
وتعكس خبراتهم المتنوعة التزام الجائزة بتعزيز التفاهم العالمي ضمن العديد من المجالات التي تشمل الدبلوماسية والاقتصاد والعلوم وصنع السلام والقانون.
وقال سعادة المستشار محمد عبدالسلام إن دعم قداسة البابا فرنسيس، المستمر لجائزة زايد للأخوة الإنسانية، منذ تأسيسها، جنبًا إلى جنب مع فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب،شيخ الأزهر الشريف يؤكد على تميز هذه الجائزة التي تجمع الناس من مختلف الخلفيات وتعزز التفاهم وسط الفوضى والصراعات التي يشهدها عالمنا.
من جانبه قال نيافة الكاردينال بيتر كودو أبياه توركسون إن البابا فرنسيس يدعونا لنكون رسل الأمل، وجائزة زايد للأخوة الإنسانية تُظهر أن كل شخص يمكن أن يكون بطلًا للأمل والسلام.
وقال فخامة ماكي سال إنه بينما تقترب اللجنة من اختيار المكرم أو المكرمين بالجائزة لعام 2025، نركز جهودنا على تكريم أولئك الذين يجسدون بالفعل مبادئ الأخوة الإنسانية كما تنص عليها وثيقة الأخوة الإنسانية التاريخية التي وقع عليها قداسة البابا فرنسيس وفضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب.
وقال معالي خوسيه لويس رودريغيز ثباتيرو “ إننا بحاجة إلى إستراتيجية جديدة لعالمنا، ومن خلال هذه الدورة من الجائزة، نهدف إلى تكريم الرجال والنساء الشجعان الذين يسعون لتحقيق السلام بأي ثمن”.
وقالت الدكتورة نجوزي أوكونجو إيويالا إنه من الواضح أن قداسة البابا فرنسيس منشغل تمامًا بحال عالمنا، ودعمه لجائزة زايد للأخوة الإنسانية نابع من إيمانه بماهية الجائزة في تذكير البشرية بأن الأمل موجود، وأن هناك أشخاصاً صالحين يقودون العمل ويصنعون التغيير.
وقالت معالي باتريشيا سكوتلاند إن الاجتماع مع قداسة البابا فرنسيس كان مصدر إلهام كبير لنا جميعًا وناقشنا كيف أن الصراع لا يجب أن يكون طريق البشرية نحو المستقبل، وأن السلام ليس مجرد أمنية بل يمكن أن يصبح حقيقة.
وتواصل اللجنة مراجعة الترشيحات للنسخة السادسة من الجائزة، وسيتم تكريم الفائزين بجائزة مالية قدرها مليون دولار أمريكي في حفل يقام في أبوظبي في فبراير 2025، بالتزامن مع الاحتفال باليوم الدولي للأخوة الإنسانية.
وتكرم جائزة زايد للأخوة الإنسانية الأفراد والمنظمات من مختلف الخلفيات وفي شتى أنحاء العالم ممن يعملون بتفانٍ ويبذلون جهودًا مستمرة لتعزيز قيم التضامن والنزاهة والعدالة والتفاؤل، وتحقيق تقدم ملموسٍ نحو التعايش السلمي.
وتم إطلاق جائزة زايد للأخوة الإنسانيّة عام 2019، بمناسبة اللقاء التاريخي بين فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، وقداسة البابا فرنسيس، في أبوظبي، وقد كرمت الجائزة السنوية حتى الآن فائزين من 11 دولة، ودعمت جهودهم الإنسانية المتنوعة ضمن في العديد من المجالات التي تشمل الرعاية الصحية والتعليم وتنمية المجتمع وإعادة توطين اللاجئين وتمكين المرأة والشباب.وام