خبير دولي يحلل دور مصر في القضية الفلسطينية منذ نكبة 1948: كانت الداعم الرئيسي
تاريخ النشر: 15th, May 2024 GMT
76 عاما مرت على الحدث الأقسى في تاريخ فلسطين، الذي أجبر ثلاثة أرباع مليون فلسطيني على الرحيل عن وطنهم، بعد طرد غالبيتهم من المناطق التي احتلها المستوطنون اليهود إما بالترهيب وإما بقوة السلاح لتسيطر دولة الاحتلال على نحو 77% من مساحة فلسطين الانتدابية، التي هُجِّرمنها ما يقارب من 90 بالمئة من سكانها العرب الأصليين، لتبدأ المعركة القانونية التي سعى فيها الفلسطينيون للاعتراف بدولتهم واسترجاع حقوقهم وكانت آخر تلك المحاولات التصويت لحصول فلسطين على عضوية كاملة بالأمم المتحدة، بموافقة 143 عضوا ومعارضة 9 دول أخرى فيما امتنع 25 عن التصويت، وذلك بعد عدم قبول عضوية فلسطين الكاملة بمجلس الأمن الدولي بسبب الفيتو الأمريكي الذي حال دون الاعتراف بها في أبريل الماضي.
وعلق الدكتور محمد محمود مهران، أستاذ القانون الدولي، وخبير النزاعات الدولية، على ذلك الحدث، بأن ما تعرض له الفلسطينيون منذ نكبة في 1948 جريمة نكراء بكل المقاييس، مشيرا إلى أن الأمم المتحدة منذ نشأتها، تبنت العديد من القرارات المهمة التي تؤكد على حقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف، بدءًا من القرار 181 الصادر عن الجمعية العامة عام 1947 بشأن تقسيم فلسطين، والقرار 194 عام 1948 الذي أكد على حق عودة اللاجئين، وصولًا للقرار الشهير 242 الصادر عن مجلس الأمن عام 1967، الذي طالب إسرائيل بالانسحاب من الأراضي المحتلة.
فلسطين حصلت على مركز دولة مراقب في الأمم المتحدة عام 2012وأضاف مهران في تصريحات صحفية، أنه خلال العقود الأخيرة تصاعدت وتيرة المواجهة القانونية في المحافل الأممية المختلفة، حيث حصلت فلسطين على مركز دولة مراقب في الأمم المتحدة عام 2012، وانضمت للعديد من المعاهدات الدولية الرئيسية، بما فيها اتفاقية جنيف الرابعة ونظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، مشيرًا إلى الرأي الاستشاري الصادر عن محكمة العدل الدولية عام 2004، الذي أكد على عدم شرعية الجدار الفاصل الإسرائيلي في الضفة الغربية، وقرار مجلس حقوق الإنسان بتشكيل لجنة تحقيق في جرائم الحرب الإسرائيلية في غزة عام 2014، فضلا عن الدعوى التي أقامتها جنوب إفريقيا ضد إسرائيل أمام محكمة العدل بشأن انتهاكات إسرائيل الأخيرة، التي انضمت لها عدد من الدول أبرزها مصر، وليبيا، إضافة إلى تقديم طلب الحصول على العضوية الكاملة، إلا أن الفيتو الأمريكي حال دون ذلك ما جعل الجمعية العامة للأمم المتحدة تصدر قرارا تاريخيا بمنح فلسطين العضوية الكاملة بأغلبية 143 صوتا مقابل 9 والتوصية لمجلس الأمن بإعادة النظر بإيجابية في قراره.
وأكد مهران، أهمية كل هذه التحركات، حتى وإن لم تفض حتى الآن لإنهاء الاحتلال بشكل كامل، إلا أنها ساهمت بلا شك في تعزيز الوضع القانوني لفلسطين ومنحها مكانة دولية أكبر، كما أنها أظهرت للعالم حجم الجرائم والانتهاكات التي ترتكبها إسرائيل بحق الفلسطينيين، وقوضت من شرعية الاحتلال أمام الرأي العام العالمي، وأرغمت إسرائيل على تقديم تبريرات لسياساتها في كل مرة.
مصر لعبت دورًا محوريًا في صياغة القرارات الأممية الداعمة للحقوق الفلسطينيةوأشار خبير النزاعات الدولية، إلى أهمية الدور المصري البارز في دعم القضية الفلسطينية على مدار العقود الماضية، سواء على الصعيد السياسي أو القانوني أو الإنساني، إذ كانت من أوائل الدول التي تصدت للاحتلال منذ بداياته، إذ لعبت دورًا محوريًا في صياغة وتبني العديد من القرارات الأممية التاريخية الداعمة للحقوق الفلسطينية، ورعت اتفاقيات المصالحة بين الفصائل، وقادت جهود إعادة الإعمار في قطاع غزة، وظلت تستضيف ملايين اللاجئين على أراضيها، كما احتضنت ايضا العديد من المفاوضات بين الأطراف لوقف إطلاق النار والتهدئة ولوضع حلول نهائية للقضية الفلسطينية، بجانب إبقاء القضية الفلسطينية حية في الأروقة الأممية وجدول أعمال المنظمات الإقليمية، عبر مختلف المبادرات والتحركات التي تستهدف فضح الانتهاكات الإسرائيلية، ودعم صمود الفلسطينيين، والدفع باتجاه حل الدولتين.
ولفت مهران إلى الجهود المصرية الحثيثة بعد حرب عام 1973 لاستصدار قرار مجلس الأمن 338، الذي أكد على تطبيق القرار 242 الداعي لانسحاب إسرائيل من الأراضي المحتلة، وأن مصر ظلت أيضًا تقدم كل أشكال الدعم القانوني للدفع باتجاه حصول السلطة الفلسطينية على صفة دولة مراقب في الأمم المتحدة عام 2012، ودعم انضمامها للمعاهدات الدولية الرئيسية، ما مهدت الطريق أمام عدد من التطورات القانونية المهمة منها فتح المحكمة الجنائية الدولية تحقيقًا رسميًا في جرائم الحرب المزعومة في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 2014، وكذلك إقامة دعوى من قبل دولة جنوب أفريقيا ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية العام الماضي بتهمة انتهاك اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها في قطاع غزة، وانضمام عدد من الدول لهذه الدعوى كمتدخلين، بما فيها مصر وليبيا كما أنها أيدت بقوة إحالة الوضع في الأراضي المحتلة للمحكمة الجنائية الدولية، وتبنت مؤخرًا خطوة مهمة بالتدخل في دعوى جنوب إفريقيا ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: النكبة الفلسطينية نكبة 1948 النكبة الحق التاريخي لفلسطين الأمم المتحدة محکمة العدل
إقرأ أيضاً:
موفق طريف الحفيد الذي خلف جده في زعامة دروز فلسطين
شخصية دينية بارزة في المجتمع الدرزي، وُلد عام 1963 في قرية جولس بمنطقة الجليل، وينحدر من عائلة ذات تاريخ ديني طويل في قيادة الطائفة الدرزية، التي تولى رئاستها خلفا لجده، عمل على تعزيز دور الدروز في المجتمع الإسرائيلي، وهو صاحب السلطة الدينية العليا للطائفة الدرزية في فلسطين، والراعي لأماكنها المقدسة وممثل الطائفة في قضاياها الدينية أمام المؤسسات الإسرائيلية.
المولد والنشأةوُلد موفق طريف عام 1963 في قرية جولس بمنطقة الجليل شمال فلسطين المحتلة. ينحدر من عائلة درزية كبيرة، فقد كان جده أمين طريف رئيسا للطائفة الدرزية في إسرائيل مدة 65 عاما.
وكان طريف مساعدا لجده مدة 15 عاما، قبل أن يتولى رئاسة الطائفة خلفا له عام 1993.
الدراسة والتكوين العلميأتم طريف دراسته في المدرسة الدينية الدرزية العليا التي تقع في "خلوات البياضة" بلبنان.
كما حصل على شهادة في القانون من الكلية الأكاديمية "أونو" في فلسطين.
وفي عام 2010 مُنح شهادة الدكتوراه الفخرية من جامعة حيفا.
تولى موفق طريف رئاسة الطائفة الدرزية بناء على وصية جده قبل وفاته، التي نصت على أن يخلفه حفيده في هذا المنصب، إضافة إلى توليه وكالة وقف مقام النبي شعيب ومقام الخضر وخلوة جولس، بعد أن عمل مساعدا لجده مدة 15 عاما.
في عام 1997 انتُخب طريف لرئاسة المجلس الديني الأعلى، وأصبح قاضيا للمذهب في المحكمة الشرعية الدرزية للاستئناف في عكا عام 2002، ثم تولى منصب رئيس المحكمة في عام 2016.
وطريف هو صاحب السلطة الدينية العليا للطائفة الدرزية في فلسطين، وراعي الأماكن المقدسة، وممثل الطائفة في قضاياها الدينية أمام المؤسسات الإسرائيلية.
إعلانتابع طريف قضايا الطائفة الدرزية في سوريا عبر تواصله مع الأطراف الإسرائيلية والروسية، وبتركيز خاص على محافظة السويداء التي تعد أكبر تجمع درزي في البلاد.
ومنذ توليه رئاسة الطائفة، حافظ على تواصل مستمر مع مختلف المؤسسات الإسرائيلية، بما في ذلك الحكومة والجيش، بهدف "الدفاع عن حقوق الطائفة وتعزيز مكانتها في المجتمع الإسرائيلي".
شمل هذا التواصل لقاءات مع كبار المسؤولين الإسرائيليين، منهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي أبدى اهتماما بشؤون الدروز في إسرائيل، مشيرا إلى أهمية تمكينهم عبر سياسات اقتصادية واجتماعية.
وفي أبريل/نيسان 2018، كان طريف أحد مشعلي ما يسمى "شعلة الاستقلال" في الاحتفال الرسمي بمناسبة الذكرى الـ70 لإعلان قيام إسرائيل، وهي مشاركة تُعتبر رمزية وتُظهر انفتاحه على الاحتفالات الرسمية الإسرائيلية، رغم ما قد يترتب على ذلك من تحديات للطائفة الدرزية في سياق هويتها الدينية والسياسية.
كما زار قائد سلاح الجو الإسرائيلي الجنرال عميكام نوركين دار الطائفة الدرزية بقرية جولس والتقى أثناءها بطريف في أواخر 2018، وأكد نوركين حينها "التزام إسرائيل وجيشها بحماية أبناء الطائفة الدرزية في مختلف مناطق وجودهم".
إضافة إلى ذلك ظهر طريف في لقاءات مع مسؤولين إسرائيليين من مختلف المجالات، وأصبح شخصية بارزة في تمثيل الطائفة الدرزية في المحافل السياسية والدينية في إسرائيل.
وقد لاقت هذه العلاقة مع المسؤولين في إسرائيل بعض الانتقادات من جانب أفراد من الطائفة الدرزية الذين رأوا أن هذه العلاقة فيها شبهة التمادي والتماهي مع السياسات الإسرائيلية في المنطقة.
وفي يوم 14 مارس/آذار 2025، عبر وفد مكون من نحو 60 شخصية دينية من الطائفة الدرزية السورية خط الهدنة في مرتفعات الجولان المحتل إلى إسرائيل، في زيارة هي الأولى من نوعها منذ حوالي 50 عاما، امتدت يومين.
إعلانوقالت هيئة البث الإسرائيلية الرسمية أن الزيارة "تمت بالتنسيق مع الرئيس الروحي للطائفة الدرزية في إسرائيل موفق طريف".
وعبر الوفد -الذي ضم 3 حافلات رافقتها مركبات عسكرية إسرائيلية- إلى بلدة مجدل شمس في الجولان، ثم توجهوا شمالا لزيارة مقام النبي شعيب في بلدة جولس بالقرب من طبريا، حيث التقوا بالشيخ طريف.
لم تلق هذه الزيارة قبولا لدى رجال الدين الدروز في محافظة السويداء، الذين نفوا مشاركة أحد منهم في الزيارة، وقال الشيخ سعيد البكفاني، أحد شيوخ الدروز في المحافظة إن من زار مقام النبي شعيب "هم رجال دين من القنيطرة وريف دمشق".
سعى طريف لبناء علاقات تعاون مع روسيا عبر تواصل مستمر، مع عقد لقاءات متكررة مع السفير الروسي في إسرائيل أناتولي فيكتوروف، أسفرت عن تعاون قوي بين الطرفين، خاصة في المواضيع التي تهم الطائفة الدرزية في سوريا.
وفي 25 ديسمبر/كانون الأول 2018، طلب طريف من فيكتوروف نقل رسالة إلى القوات الروسية في سوريا، دعا فيها إلى التنسيق بين الجيش السوري ومشايخ عقل وقيادات الطائفة الدرزية، وجاء هذا الطلب في إطار سعيه لتوثيق الروابط بين الدروز في سوريا وأطراف الحكم فيها.
وفي أكتوبر/تشرين الأول 2020 زار طريف روسيا، وطرح ورقة عمل حول أوضاع الدروز في سوريا وحقوقهم ودورهم في مستقبل البلاد.
وفي 5 يناير/كانون الثاني 2021، تناول طريف في لقائه مع السفير الروسي موضوع تقديم المساعدات الإنسانية والمادية من الدروز في إسرائيل إلى السويداء عبر وساطة روسية مباشرة.
موقف الطائفة الدرزيةتتباين مواقف أبناء الطائفة الدرزية من تصرفات طريف بين مؤيدين ومعارضين، وذلك بسبب علاقاته الوثيقة مع إسرائيل وتواصله المستمر مع مؤسساتها.
فمن جهة يرى عدد من أفراد الطائفة الدرزية أن طريف هو مرجعية دينية تاريخية ومعترف بها، وينحدر من عائلة ذات مكانة دينية مرموقة، ويُعتبر حفيد المرجعية الدينية للطائفة، أبو يوسف طريف، ويعتبرون أنه ممثل للطائفة بشكل رسمي ويعمل على تعزيز مصالحها وحمايتها في مختلف المحافل، سواء داخل إسرائيل أو خارجها.
إعلانلكن من جهة أخرى هناك فريق من أبناء الطائفة في مناطق مثل السويداء بسوريا يرون في تصرفات طريف، خاصة علاقاته الوثيقة مع إسرائيل، تهديدا للهوية الوطنية السورية للطائفة، ففي سبتمبر/أيلول 2018، عندما زار طريف السويداء، اعتبره بعض السكان "خائنا" بسبب جنسيته الإسرائيلية، ما أثار جدلا واسعا في المجتمع الدرزي.
هؤلاء يرون أن طريف قد يساهم في التشكيك في انتمائهم الوطني والتزامهم بالقضية الفلسطينية عبر علاقاته بالإسرائيليين، خاصة في ظل الاحتلال الإسرائيلي للجولان السوري والأراضي الفلسطينية.