ما هو ضابط الحاجة الأصلية في الزكاة
تاريخ النشر: 15th, May 2024 GMT
قالت دار الإفتاء المصرية، إن ضابط الحاجة الأصلية والتي تحول دون وجوب الزكاة عند الفقهاء هو ما لا يكون في وسع صاحب المال أن يوقفه للتجارة والنماء مُحافِظًا على أصله، فيدخل في مشمولات ذلك: النفقة -ومنها حاجة مَن تجب نفقته عليه شرعًا، كزوجته وأولاده-، والسكنى، والثياب بالمعروف، وكذا آلات الحِرَف والصناعة وأدوات الكسب، ونفقة عمَّاله مما لا يستغني عن خدمتهم، وما أبيح لكمال الانتفاع، كالتحلي بالذهب والتداوي بالحرير، واستعمال العطور، ونحو ذلك، وكتب العلم لأهلها، وألَّا يكون المالك مدينًا بما يستغرق المال المدَّخر أو ينقصه عن نصاب الزكاة.
الزكاة أحد أركان الإسلام، وهي الركن التَّعبدي المالي الذي يهدفُ إلى سدِّ حاجة المحتاجين، وتحقيق معنى التعاون الاجتماعي بين الفقراء والأغنياء، والزكاة إنما تكون فيما فَضَلَ عن حاجة الإنسان ومَن يعوله؛ لقوله تعالى: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ﴾ [البقرة: 219]، أي: ما يفضل عن أهلك؛ كما قال ابن عباس رضي الله عنهما، وهو مرويٌّ أيضًا عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، ومجاهد، وعطاء، والحسن، وعكرمة، ومحمد بن كعب، وقتادة، والقاسم، وسالم، وسعيد بن جبير، وعطاء الخراساني، والربيع بن أنس. أخرجه ابن أبي حاتم الرازي في "التفسير".
وعن حكيم ابن حزام رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «خَيْرُ الصَّدَقَةِ مَا كَانَ عَنْ ظَهْرِ غِنًى، وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ» متفقٌ عليه.
قال العلامة شرف الدين الطيبي في "فتوح الغيب": [«عَنْ ظَهْرِ غِنًى» أي: ما كان عفوًا قد فَضَلَ عن غِنَى، وقيل: أراد ما فَضَلَ عن العيال، والظَّهْر: قد يراد في مثله هذا إشباعًا للكلام وتمكينًا، كأن صدقته مسندة إلى ظهرٍ قويٍّ من المال].
فـ"شرط المتصدق أن لا يكون محتاجًا لنفسه أو لمن تلزمه نفقته"؛ كما قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري"؛ على أنَّ المقصود من مشروعيَّة الزكاة هو إخراج أموال الأغنياء على وجهٍ لا يصيرون به فقراء، وإنَّما يعطوا من فَضْلِ أموالهم.
وحاجات الإنسان المتعلقة بالمال تتفاوت بين ما هو ضروري يلحق الإنسان بفواته ضررٌ كبيرٌ، وهو ما عبَّر عنه فقهاء الحنفية بـ"الحاجة الأصلية"، وبين ما هو حاجي لا يلحق الإنسان بفواتها كبيرُ ضررٍ، ولكنه "مفتقر إليها من حيث التوسعة ورفع الضيق المؤدي في الغالب إلى الحرج والمشقة اللاحقة بفوت المطلوب"؛ كما قال الإمام الشاطبي في "الموافقات"، وبين ما هو تحسيني لا يترتب عليه ضرر.
وقد نصَّ فقهاء الحنفية على أنَّ المال المشغول باستحقاق الصرف إلى حاجةٍ أصلية هو بالنسبة إلى نصاب الزكاة كالمعدوم، فلا زكاة فيه؛ إذْ لا يَصْدُق عليه أنه فضلٌ وزيادةٌ؛ لتعلقه بالحاجة الأصلية.
قال العلامةُ الكاساني الحنفي، في شروط مال الزكاة: [ومنها: كون المال فاضلًا عن الحاجة الأصلية؛ لأن به يتحقق الغنى ومعنى النعمة وهو التنعم، وبه يحصل الأداء عن طيب النفس إذ المال المحتاج إليه حاجة أصلية لا يكون صاحبه غنيًّا عنه، ولا يكون نعمة؛ إذ التنعم لا يحصل بالقدر المحتاج إليه حاجة أصلية لأنه من ضرورات حاجة البقاء وقوام البدن، فكان شكره شكر نعمة البدن، ولا يحصل الأداء عن طيب نفس فلا يقع الأداء بالجهة المأمور بها؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: "وأدوا زكاة أموالكم طيبة بها أنفسكم"].
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الزكاة وجوب الزكاة الفقهاء صاحب المال نصاب الزكاة لا یکون ا یکون
إقرأ أيضاً:
عالم بـ«الأوقاف»: الابتلاء امتحان من الله والصبر عليه من أعظم درجات الإيمان
أكد الدكتور محمود الأبيدي، من علماء وزارة الأوقاف، أن الصبر يُعد من أعظم صفات المؤمن، مشيرًا إلى قصة نبي الله أيوب عليه السلام، الذي يُعرف بشيخ الصابرين، قائلا: «صبر سيدنا أيوب على مرضه طويلاً، ورغم ما سمعه من اتهامات بأن بلاءه نتيجة ذنب عظيم، لم ييأس ولجأ إلى الله بدعاء: ربي أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ» فاستجاب له الله ورفع عنه البلاء.
الابتلاء امتحان للمؤمنوأضاف الأبيدي، خلال ظهوره في برنامج «مع الناس» على قناة الناس: «الابتلاء امتحان من الله لعباده سواء في الصحة أو المال، وإذا واجهها المؤمن بالصبر والتقوى، فإنه يوفَّى أجره بغير حساب».
وأشار إلى قول الله تعالى في سورة التغابن: «وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ وَتَسْمَعُونَ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَٰلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ»، موضحًا أن الصبر على الأذى والابتلاء من أعظم درجات الإيمان.
الصبر على البلاء رفع للدرجاتولفت إلى حديث النبي صلى الله عليه وسلم: «عجبًا لأمر المؤمن، إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيرًا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرًا له»، مؤكدًا أن الصبر على البلاء ليس فقط وسيلة لتكفير الذنوب، بل هو أيضًا وسيلة لرفع الدرجات وتقريب المؤمن من ربه.
الصبر علامة الإيمانوأكد أن التعامل مع البلاء بالصبر أو مع السراء بالشكر دليل واضح على الإيمان والتقوى، وقال: «حتى الابتلاءات البسيطة كالأمراض الخفيفة، هي اختبار إلهي يهدف إلى تطهير النفس وزيادة القرب من الله»، خاتمًا حديثه بأن الابتلاء هو نوع من الاصطفاء الإلهي للمؤمنين، وأن الصابرين يوفَّون أجورهم بغير حساب.