مناظير
زهير السراج
manazzeer@yahoo.com
متى تبصق مصر في وجه الكيزان؟ !
* يتساءل الكثيرون عن سر العلاقة الوثيقة التي تربط عصابة الاسلاميين السودانيين (الاخوان المسلمين) بالنظام المصري لدرجة انه يدعمهم في الحرب التي يخوضونها ضد وليدهم الشرعي وحليفهم السابق وعدوهم الحالي محمد حمدان دقلو (حميدتي) قائد مليشيا الجنجويد، ويفتح لهم القاهرة من اوسع ابوابها للدخول والخروج وقتما يريدون والاقامة والسكن واقامة الاجتماعات والمؤتمرات الداعمة للحرب تحت مزاعم دعم الجيش السوداني، ويقدم لهم كل التسهيلات الممكنة بما في ذلك احتضان اعلامييهم للتحريض على القوى المدنية الثورية ونشر الاكاذيب والاساءات البذيئة والاتهامات الباطلة، ويفتح مستشفيات مصر لعلاج جرحى كتيبة البراء الارهابية التابعة لهم تحت رعاية الارهابي المجرم (صلاح عبدالله قوش) رئيس جهاز امن النظام السابق الذي ينتمي للعصابة ويقيم بالقاهرة منذ سقوط نظامهم في ابريل، 2019، بينما يضع العقبات والشروط الصعبة امام دخول واقامة كبار السن والأطفال والنساء الهاربين من الحرب الباحثين بأموالهم عن الامن والعلاج .
* من التوصيات التي خرج بها المؤتمر دعم (حرب الكرامة) واهمية توافق القوى السياسية حول عملية اصلاح شامل للدولة والمجتمع من خلال حوار سوداني سوداني لا يستثني أحدا (والمقصود بذلك حزب المؤتمر الوطني والاخوان المسلمين)، وذلك استباقا لاحتمال عودة (منبر جدة) الذي يتولى الاشراف على المفاوضات بين الجيش والدعم السريع من اجل الوصول الى اتفاق يوقف الحرب ويمهد لقيام حكم انتقالي في السودان، وإذا لم يعُد المنبر يكون المؤتمر نواة لحكومة انتقالية هيكلها العظمي اخوان الشيطان، ولقد سبقه إجتماع (في مصر أيضا) بين عدد من قادة الحركة الاسلامية من بينهم على كرتي (أمين عام الحركة) ومنسق الدفاع الشعبي سابقا (الجهاز الارهابي للحركة) وصاحب الكلمة الاولى في الحرب وسلطة الامر الواقع في السودان حاليا، وصلاح قوش رئيس جهاز الأمن والمخابرات في النظام البائد المسؤول عن الكثير من الجرائم والانتهاكات، وغازي صلاح الدين عتباني الذي شعل عدة مناصب وزارية مهمة في النظام البائد واحد صقور الحركة الاسلامية الذين شاركوا في الغزو العسكري ضد نظام الرئيس السوداني السابق جعفر نميري، وكان قائدا للمجموعة التي إحتلت دار الهاتف في الخرطوم في يوليو 1976 !
* السؤال الذي لا بد ان يُطرح: لماذا يدعم النظام المصري الاخوان المسلمين في السودان، وهو الذي عُرف بالعداء الشديد للاخوان المسلمين المصريين، وانقلب رئيسه على الرئيس السابق (محمد مرسي) المنتخب شرعيا، وعزله من الحكم في يونيو 2013 وألقى به السجن إلى أن لقى حتفه قبل خمسة اعوام، بجانب سجن الآلاف من أعضاء التنظيم الآخرين واصدار احكام الاعدام والسجن المؤبد ضدهم ومصادرة اموالهم وممتلكاتهم والتنكيل بهم ومطاردتهم في اى مكان يلجأوون إليه، وقطع الوشائج مع الدول التي تأويهم وتؤيدهم مثل تركيا وقطر وايران ؟!
* بل إن عداءه للاخوان المسلمين والجماعات الاسلامية تعدى الحدود المصرية الى داخل الدولة الليبية حيث قدم العون العسكري والمعنوي واللوجستي لخصمهم وعدوهم الاول اللواء (خليفة حفتر) الذي استطاع بدعم النظام المصري السيطرة على اقليم شرق ليبيا (بنغازي)، واقامة سلطة مستقلة فيه عن سلطة العاصمة الليبية (طرابلس)، وقسم ليبيا الى دولتين، فلماذا كل هذا الحب مع اخوان السودان لدرجة انه يريد اعادتهم الى الحكم مرة أخرى رغم عدائه الشديد للجماعات الاسلامية لدرجة انه يُنكِّل بالذين لا يربطهم بهم اى رابط لمجرد شبهة الانتماء إليهم او التعاطف معهم؟!
* للاجابة على هذا السؤال دعونا نعود قليلا الى الوراء الى عام 1995 الذي احتلت فيه مصر (مثلث حلايب) وضمته إليها لاحقا في عهد الرئيس المصري السابق حسني مبارك، وبما ان ذلك الفعل جاء انتقاما من محاولة الاغتيال الفاشلة التي تعرض لها (حسني مبارك) في أديس أبابا في نفس العام بتخطيط من جهاز امن الحركة الاسلامية السودانية وبعض قادتها، لم يجرؤ النظام البائد الذي كانت تديره الحركة الاسلامية على اتخاذ اى محاولة جادة لاسترداد حلايب خوفا من ردة فعل اكثر شراسة من النظام المصري لا يعرف احد مداها وآثارها!
* منذ ذلك الوقت بدأت الحركة الاسلامية السودانية (الاخوان المسلمون) في احناء الراس امام النظام المصري ومحاباته وتقديم التنازلات له والخنوع لرغباته وتقديم مصالح مصر على مصالح السودان من اجل تحقيق مصالحها الشخصية وبقائها في الحكم، والامثلة على ذلك كثيرة وواضحة سواء في عهد الرئيس السابق حسني مبارك او الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي، منها منح امتيازات استثمارية وتجارية كبيرة لمصر مثل تخصيص مشروع زراعي بمساحة 50 الف فدان في عام 2009 بالحوض النوبى شمال غرب دنقلا، (كان من المفترض ان يصل الى ربع مليون فدان في عام 2015 ) لزراعة وتصدير الخضر والفاكهة والغلال الى مصر باستغلال الارض والمياه الجوفية السودانية بدون حصول السودان على اى فائدة او عائد يذكر، والاتفاق على تخصيص مليون و250 الف فدان في ولاية نهر النيل لتوطين الاسر المصرية وزراعة محاصيل زراعية تحتاجها مصر خلال الزيارة التي قام بها الدكتور عصام شرف رئيس مجلس الوزراء المصري للسودان في شهر مارس 2011، لولا المقاومة التي ابداها اهالي المنطقة، وتصريح الرئيس المخلوع عن ترحيبه باستضافة 10 مليون مواطن مصري في السودان في إطارما اُطلق عليه اسم اتفاقية الحريات الاربعة (التي إلتزم بها السودان بشكل كلي ولم تلتزم مصر إلا بأجزاء قليلة منها ثم ألغتها تماما بعد نشوب الحرب في ابريل 2023)
* ثم حديث الارهابي (على كرتي) في حوار تلفزيوني عام 2013 مع إحدى القنوات المصرية بأن “هنالك 1000كلم من اسوان حتى الاسكندرية يقطنها 90 مليون نسمة، و1000 كم من شمال الخرطوم الى حلفا يقطنها مليون ونص نسمة فقط، وهو أمر غير معقول، فلماذا لا يعيش اخواننا المصريون في هذه المناطق ويستفيدوا منها؟) أى أنه بدلا من الحديث عن استرداد حلايب يريد بيع السودان لمصر مقابل مصالحهم وبقائهم في السلطة، متحدثا في نفس الحوار عن تشييد السودان لمعابر برية لتصدير اللحوم السودانية الى مصر بأسعار مخفضة وتخفيض تكلفة الترحيل الى اقل بستة اضعاف من تكلفة الطيران!
* ولم تتوقف مؤامرة أخوان الشيطان (الكيزان) فقط على بيع السودان لمصر مقابل مصالحهم الرخيصة، وانما بيع اخوانهم في الدين من المصريين الى الحكومة المصرية للزج بهم في السجون، كما حدث في عام 2017 الذي تحدثت فيه وسائل الاعلام عن تسليم الحكومة السودانية لعدد من المعارضين المصريين للحكومة المصرية، وفي المقابل منعت الحكومة المصرية (الصادق المهدي) من دخول مصر في يوليو 2018 ، وقامت بتسليم الناشط (محمد البوشي) للحكومة السودانية في نوفمبر من نفس العام، وفي مايو 2019 ابرم رئيس المجلس العسكري الانتقالي (رئيس اللجنة الأمنية للكيزان) خلال زيارة للقاهرة اتفاقا مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لضبط الحدود تعهد بموجبها البرهان بأنه لن يبقي على أراضي السودان أي عنصر مطلوب
الجريدة
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الحرکة الاسلامیة النظام المصری فی السودان
إقرأ أيضاً:
شاهد بالصورة والفيديو.. لحن في فيلم الممثل المصري إسماعيل يس تحول إلى أشهر نشيد وطني في السودان.. تعرف على القصة كاملة
عاد برعي محمد دفع الله إلى لحن أغنية “اظهر وبان عليك الأمان” بعد سنوات، لكن هذه المرة بكلمات سودانية خالصة كتبها الشاعر سيف الدين الدسوقي، لتصبح أغنية “أحب ّمكان وطني السودان”.
في مشهد غير متوقّع، تحوّل لحن وُلد في أستوديوهات السينما المصرية منتصف القرن الماضي إلى نشيد وطني هزّ وجدان السودانيين لعقود طويلة ولا يزال.
ووفقاً لما نقل محرر موقع النيلين, من تقرير لموقع “العربية مصر” تعود القصة المثيرة إلى العام 1958، عندما أبدع الموسيقار السوداني برعي محمد دفع الله لحناً لأغنية “اظهر وبان عليك الأمان”، من كلمات الشاعر المصري فتحي قورة، وأداها الفنان السوداني الكبير إبراهيم عوض ضمن فيلم “إسماعيل يس طرزان”. وقتها لم يكن أحد ليتخيّل أن هذا اللحن العابر في أحد أفلام إسماعيل يس الكوميدية سيعود لاحقاً ليأخذ مساراً مختلفاً تماماً، متحولاً إلى أحد أكثر الأناشيد الوطنية تأثيراً في السودان.
من السينما إلى المناسبات السياسيةما حدث بعد ذلك أشبه بلغز موسيقي، إذ عاد برعي محمد دفع الله إلى اللحن ذاته بعد سنوات، لكن هذه المرة بكلمات سودانية خالصة كتبها الشاعر سيف الدين الدسوقي، لتصبح أغنية “أحب ّمكان وطني السودان”. لم تكن مجرد أغنية وطنية، بل تحوّلت إلى رمز وجداني ردّدته الأجيال السودانية في المناسبات الوطنية، واستُخدمت في الاحتفالات الرسمية، وغير الرسمية وحتى في لحظات الثورة والمقاومة، مما عزّز مكانتها في الوجدان الجمعي للسودانيين.
كيف أُعيد إحياء اللحن؟وكشف الموسيقار كمال يوسف، الذي أعاد تسليط الضوء على القصة المُثيرة عبر فيسبوك، لـ”العربية.نت”، تفاصيل غير معروفة عن هذه الرحلة الموسيقية الغامضة، قائلاً: “أغنية (اظهر وبان)، التي لحّنها برعي محمد دفع الله وأداها إبراهيم عوض في فيلم (إسماعيل يس طرزان) عام 1958، تعدّ واحدة من عدة أغنيات قدّمها مطربون سودانيون في السينما المصرية خلال الخمسينيات. لاحقاً، أعاد برعي وإبراهيم عوض تقديم اللحن ذاته في أغنية (أحب مكان وطني السودان) بكلمات سيف الدين الدسوقي. ومع ذلك، لم يكن اللحن سودانياً مصرياً، بل كان سودانياً خالصاً مستنداً إلى السلم الخماسي، في حين تولّى موسيقيون مصريون توزيعه وتنفيذه”.
الموسيقار كمال يوسفوأضاف يوسف: “ما حدث مع هذه الأغنية تكرّر سابقاً، حيث قدّم سيد خليفة (المامبو السوداني) في فيلم (تمر حنة) العام 1957، وغنّى أحمد المصطفى والمطربة اللبنانية صباح (رحماك يا ملاك) في فيلم (وهبتك حياتي) العام 1956. أما في العام 1952، فقد قدّم إسماعيل عبد المعين أغنية مع فريد الأطرش في فيلم (ما تقولش لحد). جميع هذه الأغنيات احتفظت بطابعها السوداني الخماسي، رغم أن الموزعين الموسيقيين سعوا لإبراز إيقاعها الإفريقي الراقص”.
وأكد يوسف لـ”العربية.نت”، أن اللحن لم يكن مقتبساً، كما أُشيع، مشيراً إلى أن برعي محمد دفع الله لم يتأثر بالموسيقى المصرية، بخلاف الفنان السوداني العاقب محمد حسن، الذي كان أكثر تأثراً بها. أما فيما يتعلق بإعادة استخدام اللحن في أغنية “أحب مكان وطني السودان”، فقد ظلّ كما هو، مع استبدال الكلمات المصرية بأخرى سودانية.
“موزارت أم درمان”في قلب هذا التحوّل الموسيقي، يقف اسم الموسيقار السوداني برعي محمد دفع الله، الرجل الذي حوّل النغمات الموسيقية إلى أيقونات خالدة. وُلد برعي العام 1929 في حي الموردة بأم درمان، واشتهر بلقب “موزارت أم درمان”. بدأ رحلته الفنية متأثراً بالإنشاد الديني، قبل أن يشق طريقه كعازف ماهر على العود، ثم ملحناً استثنائياً ساهم في تشكيل ملامح الموسيقى السودانية الحديثة.
الموسيقار السوداني برعي محمد دفع اللهوبحسب ما نقل محرر موقع النيلين, فإن من أبرز محطاته تعاونه مع الفنان الكبير عبد العزيز محمد داؤود، حيث قدَّما معاً أعمالاً أصبحت علامات في تاريخ الغناء السوداني، مثل “أحلام الحب” و”عذارى الحي” و”أريج نسمات الشمال”. كما لحّن أعمالاً لكبار الفنانين، من بينهم الموسيقار محمد وردي والفنان الكبير إبراهيم عوض، وصاغ مقطوعات موسيقية استثنائية، مثل “مارش الحرية” و”فرحة شعب”.
ورغم وفاته في أبريل (نيسان) 1999، لا يزال اسم برعي محمد دفع الله محفوراً في ذاكرة السودان الموسيقية، إذ ترك خلفه أكثر من 350 عملاً موسيقياً، بينها 100 معزوفة سُجلت في إذاعات عالمية، وبقيت شاهدة على عبقرية رجل لم يكن مجرد ملحن، بل صانع وجدان وأيقونات وطنية.
مصادفة أم قدر موسيقي؟قد يبدو أن تحوّل هذا اللحن من مشهد سينمائي إلى نشيد وطني مجرد مصادفة، لكن تأمل رحلة برعي محمد دفع الله يكشف أن موسيقاه لطالما حملت طابعاً ملحمياً. فهل كان يدرك منذ البداية أن هذه النغمات ستصبح جزءًا من هوية وطنية؟ أم أن الألحان تختار مصيرها بنفسها؟
ربما لم يكن برعي يدرك تماماً تأثير عمله في تلك اللحظة، لكن ما هو مؤكد أن “أحب مكان وطني السودان” لم تعد مجرد أغنية، بل صارت نشيداً غير رسمي محفوراً في ذاكرة السودان، يروي قصة وطنٍ صنع من ألحانه هوية لا تُنسى.
محمد عثمان _ الخرطومالنيلين إنضم لقناة النيلين على واتساب