البوابة نيوز:
2025-04-16@20:12:40 GMT

الشر السائل

تاريخ النشر: 15th, May 2024 GMT

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

إنه «يجري»، و«ينساب»، و«يتسرب»، و«ينتشر» بشكل خبيث كذوبان المادة في السائل، فهو متخفي غير واضح، وحينما يرتدي الشر ثوب الخير، ويلبس الخائن قناع الناصح الأمين، فهو يجسد «الشر السائل» على عكس ما يمكن أن نسميه «الشر الصلب» الذي يمكن تحديد ماهيته وتمييزه بسهولة.

وهي الفكرة التي ناقشها زيجومنت باومان وليونيداس دونسكيس في كتابهما «الشر السائل: العيش مع اللابديل» وفيه يطرح المؤلفان طبيعة الشر السائل مقابل الشر الصلب وصور الشر المنتشرة في حياتنا اليومية في إطار منظومة استهلاكية، وعمليات تزييف الوعي في مجتمعاتنا كأحد أدوات القوة الناعمة والصناعة الإعلامية.

وكما قدم المؤلفان مفهوم الشر السائل على أنه يرتدى ثوب الخير والشر معًا، على عكس ما نسميه الشر الصلب القائم على رؤية اجتماعية ترى الأمور من خلال اللونين الأبيض والأسود، فهناك داخل مؤسساتنا أشخاص يجسدون الشر السائل، فسيولة الشر ليست في المجتمعات ولكنها داخل بعض الأشخاص يستعرضون أنفسهم كنموذج للحياة المحايدة والمتجردة من الأهواء؛ ولكنهم واقع الأمر فقدوا الذاكرة الأخلاقية.

كل ملامح اتصالهم داخل مؤسساتهم لا تنم إلا عن طيبه فهم يسعون لرسم صورة ذهنية عنهم أنهم متعاونون وملتزمون ومساعدون بينما هم عكس ما يُظهرون، واقع الأمر هم لا يعملون ويستمتعون بإسناد واجباتهم للآخرين، وأفضل لحظات حياتهم هي شعورهم بالأهمية لأنها تشبع النقص الشديد بداخلهم فهم في أعين أنفسهم «صغار»!.

ويسعى الشر السائل الموجود لديهم لدعم التمزق والتفكك والانفصال بين أعضاء أي مجموعة، فالوحدة مصدر إزعاج وتهديد لهم، والأذى مصدر إلهام لهم، وبينما يعملون بمبدأ بث الكراهية بخبث بين الأشخاص يتضررون من العون الودود بين آخرين، ويرون أنه غير حقيقي وتمثيل رغم أن أعماقهم تشتعل بنار صدق هذه المودة.

إن للشر السائل قدرة رهيبة على ارتداء أقنعة فعالة تحت دعاوي زائفة، فلا تدركهم الأبصار بل يتوارون عن الأنظار ويخفون طبيعتهم مروجين: أنا صديقًا مُعينًا لا شيطانًا مَريدًا، مستخدمين القوة الناعمة لخداع الآخرين.

ولكن رغم كل شيء، فالشر السائل الموجود داخل  هؤلاء الأشخاص يجعلهم لا يعرفون طعم الراحة ولا الهدوء فهم يفندون ويحللون المعلومات على مدار أربع وعشرين ساعة في اليوم وعلى مدار سبعة أيام في الأسبوع؛ مشغولين بالآخرين بدرجة مرضية ويستخدمون قدرات الشر السائل على المراوغة؛ فيتوغٌلون في نسيج الحياة اليومية ليبثوا سمومهم بهدوء وتروى في عقول أشخاص ضد أشخاص، وفي ذات الوقت يسعون لتوسيع الفجوة بينهم وعلى النقيض يصورون أنفسهم بصورة مخادعة أصدقاء لا أعداء.

وإذا واجهتهم عوائق تعترض طريقهم؛ فهم يدورون حولها وبقدرة رهيبة يعملون على الالتفاف عليها أو على إذابتها حتى يخترقوها، ومثل هذا الشر يقصد تقبيل أيدي من هم في السلطة، ظنا منهم أنه يخدمهم وإيمانا منه بأنه سيطر عليهم ووضعهم في جيبه الأصغر، ونبههم وحفزهم على التصرف الحاد لطمس الحد الفاصل بين الحرب والسلام مؤكدين على مبدأ أن الحرب هي السلام. 

أصحاب الشر السائل يتعبون ويبذلون الجهد، يمارسون ألاعيب نظرية الإغواء والانسحاب، يغيرون من شكلهم طوال الوقت، وما هي النتيجة؟ تستحوذ عليهم نزعات التشاؤمية والخوف وعدم الطمأنينة، يشعرون أنهم مهددون طوال الوقت، خاصةً من نجاح غيرهم، فطوال الوقت يرون مهما حققوا، أن الآخر أفضل منهم، ويظلون يلهثون في دائرة مغلقة هي محاولة الاستمتاع بالشر والفرح لما يصيب الآخرين من أذى ولكنهم طوال الوقت معذبون يزعجهم نجاح غيرهم ويحترقون بنيران إحساسهم بالنقص وعدم كفايتهم وتركيزهم على الآخرين وصورتهم السلبية لدى الجميع بلا استثناء، ولم لا فهذا مبدأ الزرع والحصاد!

المصدر: البوابة نيوز

إقرأ أيضاً:

سبيستودان .. يا لحزنك يا وطني منذ ذلك الوقت ولم يحن الوقت المناسب – فيديو

في الوقت الفيه أي كلمة عن الواقع السوداني (المؤسف) تعتبر فتنة … وفي وقت قلوبنا بتعتصر حسرة وحزن على الحاصل في بلد … وفي اللحظات البندرك فيها انو وجودنا في السودان وفي بيوتنا وفي محلاتنا المفضلة بقى ذكرى طيبة … نتذكرا ونحس بي وجعة ودمعه خفية رافضة تنزل …في اللحظة البتفهم فيها انو حياتك العشتها كلها بقت ذكرى مرتبطة بمكان وزمان … ومجرد تذكرك ليها حتحس بالتوهاندا احساسنا واحساس كتير من الشعب السوداني الساكت… المغلوب على أمره … الحاسي انه مهما عمل ما حيقدر يعمل شي…نحن في Spacetoodan سبيستودان وكمجموعة فنية بنقدم أول عمل إحترافي كدور بسيط مننا عسى يكون سبب في يقظة شخص .. وتعاضد شخصين .. وتسامح ثلاثة أشخاص …عسى يكون سبب للين قلب قاسي.. ويكون سبب في وحدة طرفي نزاع … ويكون سبب لنزول دمعة مكبوته وتخفيف وجعة مسكوت عنها(هكذا نتوحد) … عمل فني تم إنتاجه في ٢٠٢٢ … ومنذ ذلك الحين نحاول ترصد التوقيت الأنسب لنشر رسالته … ويا لحزنك يا وطني منذ ذلك الوقت ولم يحن الوقت المناسبهذه مسؤوليتنا نحن في سبيستودان… مثل أي مواطن سوداني يسعى لتقديم رسالة في ظل ما يحدث الآن عسى ان يكون لها الأثر الطيبولعل مجهودات انتاج هذا العمل كانت كبير بكبر حجم الرسالة والقضيةف(هكذا نتوحد ) هي رسالتنا للشعب السوداني … وللسودانعلى أمل اللقاء ببلد يوحدنا جميعا بكل أطيافنا ..كانت هذه اول تجربة لي ك(مدير انتاج) لعمل إعلاميّاستمتعوا …Hadeel Kamaleldin Eltaiebرصد وتحرير – “النيلين” إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • صراع الوقت قبل كوريا والأردن.. متخصصون يطالبون بمدرب محلي فوراً
  • عرض خاص لمسرحية مملكة الحواديت الاثنين المقبل احتفالًا بالقيامة وشم النسيم
  • "تجمع القصيم الصحي" يفتتح وحدة حقن السائل الزجاجي بمستشفى الرس
  • سبيستودان .. يا لحزنك يا وطني منذ ذلك الوقت ولم يحن الوقت المناسب – فيديو
  • ماذا يعني هذا في اليمن ؟
  • خايفة من الحسد.. «جورجينا رودريجيز» تكتب على يدها «ابعد عنا الشر آمين»
  • جورجينا : ابعد عنا الشر امين ..صور
  • ابعد عنا الشر.. جورجينا تثير الجدل على إنستجرام
  • الرباط وباريس تراجعان اتفاقيات الأمن والهجرة الأساس الصلب في العلاقات بين البلدين
  • ترامب: لا ينبغي لشركة أجنبية السيطرة على صناعة الصلب الأمريكية