مؤتمر باريس في الذكري السنوية الأولي للحرب وصف حرب السودان بأنها حرب منسية، لا بل تكلّم الرئيس الفرنسي ماكرون حاثَاً الصحفيين و الإعلاميين لجعل أخبار هذه الحرب أولوية. و تتوارد مقالات من كبريات الصحف البريطانية و الأمريكية واصفة حربنا بأنها حرب منسية. يقال هذا الكلام لمقارنة حجم الإهتمام الإعلامي بحربي اوكرانيا و غزّة.
الإهتمام من جانب الإعلام العربي (التلفزيون و الإذاعة) غير مهم ببساطة، لأنه إعلام تابع للأنظمة الحاكمة . و حتي لو إهتموا فلن تفعل حكوماتهم و شعوبهم شيئا مهما لأن الأنظمة العربية ببساطة أنظمة إستبداد و عمالة و أنظمة عموما كرتونية لا قيمة لها إلا في قمع المواطن العربي و مصادرة حرياته. علي الصعيد الشعبي فالعرب تحت حكم الإستبداد و الإنظمة التابعة للغرب والحارسة لإسرائيل لن يفعلوا شيئا غير ذرف الدموع علي جيرانهم السودانيين فلا هم من أهل المواكب و المسيرات و لا هم من أهل المبادرة السياسية أو الإنسانية لأنهم ضحايا أنظمة بوليسية مجرمة.
أما إهتمام الإعلام في الدول الغربية فله عدة موانع عملية أولها طريقة الدعم السريع و الجيش في التعامل مع المراسلين الصحفيين الأجانب إما بمنع دخولهم للبلد أو مناطق النزاع أو بإحتمالات تصفيتهم و قتلهم. و يتضح ذلك بجلاء في طريقة تعامل الجيش و الدعم السريع مع الصحفيين السودانيين. الصحفيون الغربيون يتجنبون مناطق نزاع علي شاكلة السودان نتيجة لعدم إحترام طرفي النزاع للقانون الدولي و بقية الأعراف المرتبطة بالتعامل مع طواقم الصحفيين. و يعود ذلك لأن الجيش و الدعم السريع يمارسان إنتهاكات منكرة و مخالفات واضحة للقانون الدولي ضد المدنيين. إذا كانت طواقم الصليب الأحمر و المنظمات الإنسانية تتعرض للقتل و إطلاق النار فلماذا يأتي الصحفيون هل للموت من أجل الشعب السوداني؟
علي الصعيد الرسمي و الدبلوماسي علي شاكلة كلام الرئيس الفرنسي ماكرون المقصود من عبارة "حرب منسية " أنسوا هذه الحرب يا جماعة! حتي يقضي جميع اللاعبين الدوليين من دول جوار و دول أخري وطرهم من نهب موارد السودان. خاصة و إنّ طرفي الحرب يبيعون موارد البلد في سوق الله أكبر لمصلحتهم الخاصة و بأبخس الأثمان. الموارد المعدنية بالمناسبة هي ليست الذهب فقط ،هنالك اليورانيوم و الكوبالت و هما أغلي من الذهب و هنالك الكروم و النحاس و هما أرخص قليلا من الذهب لكنهما مهمان جداً. النفط علي قلته مهم و الأهم هو السمسرة في نفط الجنوب هذا لأن نظام الحاكم في الجنوب أيضا فاسد و ناهب لموارد الجنوب. هذا غير سوق السلاح و هذا لعمري مكسب كبير لجميع منافقي الدبلوماسية الدولية من ممثلي حكومات الدول الغربية و روسيا و الصين، إستمرار الحرب يعني فرصة تجارية كبيرة أمام تجّار السلاح و لكم أن تتخيلوا أن أرخص مُسيّرة تكلف في أقل تقدير ما بين سبعمائة إلي مأئتين ألف دولار. تكلفة المقذوفة المدفعية الواحدة أكثر من سبع ألف دولار. حربنا مربحة للدول المنتجة للسلاح لذلك علينا أن ننساها و حربنا مربحة جدا لمن يشترون مواردنا المعدنية و غيرها للذلك علينا أن ننساها. حربنا ليست منسية يا هؤلاء لأنها تقتلنا و تدمر بلدما فهي ليست منسية حتي و لو أردتم ذلك لها.
طه جعفر الخليفة
اونتاريو- كندا
14 مايو 2024م
taha.e.taha@gmail.com
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
⛔️ حكومة موازية للمليشيا قيد التأسيس تغطية للهزائم
⛔️ حكومة موازية للمليشيا قيد التأسيس تغطية للهزائم
⛔️ تقرير إخباري : عائشة الماجدي
لايف ميديا
جدل كثيف ونيران من اتجاهات عديدة ومختلفة تتجه جميعها صوب الحكومة الموازية التي تجري ترتيبات إعلانها في نيروبي، لجهة تحالف المجتمعون عليها مع مليشيا الدعم السريع المتمردة من جهة، وخطورة الخطوة على وحدة السودان وسلامة أراضيه من جهة أخرى،ويأتي الإعلان عن هذه الحكومة وسط تحديات عديدة يُرجح بحسب مراقبون أن تقف حجر عثرة في طريقها رغم الآمال العريضة من انصارها بأن تصبح حكومة لكل السودانيين وتنازع الشرعية من العاصمة الإدارية المؤقتة بورتسودان..
⛔️ أصل الحكاية —-
في مطلع ديسمبر من العام المنصرم اقترحت الجبهة الثورية تشكيل حكومة منفى، الأمر الذي أثار جدلاً واسعاً داخل إجتماعات تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية “تقدم” بعنتيبي، و أدى إلى تشكيل لجنة مصغرة لمناقشته، ورغم احتواء تقدم للخلافات العاصفة بسبب تشكيل حكومة بهذه اللجنة الا ان الامر لم يتوقف و وضح ذلك جلياً من خلال تصريحات صحفية لرئيس حركة العدل والمساواة سليمان صندل والذي نفى انها حكومة منفى بل حكومة موجودة داخل السودان، ليأتي بعد ذلك ماكشفت عنه مليشيا الدعم السريع حيث قالت انها ستتعاون مع حكومة جديدة مقرر تشكيلها للإشراف على مناطق تخضع لسيطرتها، ومن بين الشخصيات التي أكدت مشاركتها ( محمد التعايشي، الهادي إدريس والطاهر حجر)،الأمر الذي فاقم الخلاف وادي إلى حل تحالف تقدم لتذهب المجموعة التي تعارض تشكيل حكومة إلى تأسيس التحالف المدني الديمقراطي لقوى الثورة “صمود” بقيادة حمدوك، ولتذهب المجموعة الداعمة لتشكيل حكومة مع الدعم السريع وتبدأ في ترتيبات إعلانها..
⛔️ جلسة احتفالية إذاناً بالإعلان ——-
وأُقيمت اليوم الثلاثاء في العاصمة الكينية نيروبي جلسة احتفالية للإعلان عن تحالف السودان التأسيسي “تأسيس”، والذي يضم قوى سياسية وحركات مسلحة ورجال إدارة أهلية ومليشيا الدعم السريع المتمردة ، ويسعى لتكوين سلطة موازية للحكومة القائمة في بورتسودان.
وشارك في الترتيبات رئيس حزب الأمة القومي فضل الله برمة ناصر، وقيادات الجبهة الثورية السودانية، علاوة على رئيس الحركة الشعبية – شمال، عبد العزيز آدم الحلو، وإبراهيم الميرغني، بجانب قائد ثاني المليشيا المتمردة ، عبد الرحيم دقلو.
يُذكر أن التوقيع على الميثاق السياسي الممهّد لتشكيل حكومة موازية في مناطق سيطرة الدعم قد أرجأ بناءاً على طلب تقدم به رئيس الحركة الشعبية – شمال، عبد العزيز الحلو.
⛔️ لاعب جديد بالخط ——
كالصاعقة كانت مفاجأة مشاركة الحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة عبد العزيز الحلو في ترتيبات إعلان الحكومة الموازية بنيروبي، فالرجل وحركته يتمتعان بشعبية واسعة من فئات سودانية عديدة لا سيما مفجروا ثورة ديسمبر وانصارها، حيث ساد الجدل بمواقع التواصل الاجتماعي بشكل ساخط وناقم على مشاركة الرجل و وضع يده فوق يد المليشيا الملطخة بدماء الأبرياء السودانيين وآخرهم ضحايا القطينة عشية الإحتفال الذين بلغ عددهم (433) شهيد.
من ناحية أخرى أبدى مراقبون قلقلهم من تصاعد حدة المعارك بسبب إنضمام حركة الحلو، إلا أن المتحدث الرسمي باسم الجيش السوداني العميد نبيل عبد الله، قلل من هذه المخاوف وقال ان معادلات الحرب لن تتغير بموجب هذه المسرحية العبثية ( في إشارة إلى إنضمام الحركة الشعبية قيادة عبد العزيز الحلو إلى مليشيا الدعم السريع المتمردة لتشكيل حكومة موازية)، مشيراً إلى أن قوات الجيش مازالت تقاتل الحلو في جنوب كردفان واليوم تم تحقيق نصر كبير بفتح طريق الدلنج كادقلي.
وأضاف بتصريحه لـ”لايف ميديا” : “نحن لا نتفاجأ بمثل هذه التصرفات” كما أن جبهة جنوب كردفان مفتوحة منذ سنين عدداً وليس هنالك جديد”.
⛔️ تحدي الجغرافية والاعتراف ——
ويجئ تشكيل الحكومة الموازية في الموعد المضروب لها الذي كشف عنه مسار الشرق في يناير المنصرم، حيث قال إن تشكيلها بفبراير ومن داخل القصر الجمهوري ، بيد أن جغرافية اراضي سيطرة مليشيا الدعم السريع المتمردة تغيرت وتمضي في تقلص سريع، لدرجة ان الجيش السوداني أصبح على بُعد أمتار من القصر الجمهوري ويتوقع أن يتم تحريره من قبضتها بأي لحظة.
وبعيداً عن رمزية القصر السيادية وإعلان الحكومة، فالحكومة ذاتها تواجه إشكالية التواجد داخل البلاد.
ويمضي في ذلك الإتجاه المحلل السياسي د. عبد الناصر سلم، مؤكداً أن تقدم الجيش إشكالية أساسية تواجه الحكومة الموازية، مشيراً إلى أن مناطق سيطرة الدعم السريع بدأت تتضاءل بشكل سريع ويتوقع أن لا يكون للدعم مناطق سيطرة بعينها خلال فترة زمنية وجيزة.
و أوضح سلم من خلال تصريحه لـ”لايف ميديا” إلى أن الحكومة الموازية توجه تحدي الاعتراف الدولي، منوهاً إلى أنه يبنى على أساس أن هذه الحكومة تمثل جيش او حركة تحرر ويتم الاعتراف بها بنسب مختلفة من دول العالم.
وأضاف: “الحكومة المذمع إعلانها لا يمكن أن نقول انها تمثل الثورة لجهة جميع المشرفين عليها حركات مسلحة، كذلك هي غير مجمع عليها لأنها لن تكون في جميع البقع الجغرافية”، مشدداً على أن هذا الإجراء يفتح الباب لصراعات داخل القرن الأفريقي وهذا أمر مقلق لدول الجوار الأفريقي.
وتابع:” المجتمع الدولي متخوف من الاعتراف بحكومة تحمل وزر انتهاكات الدعم السريع وكذلك يتخوف من تقسيم السودان في وقت يمكن حل الخلاف بالحوار مع الفرقاء السودانيين”.
⛔️ الخطوة نفسها مرفوضة —-
في السياق اعتبر القيادي بالحزب الشيوعي كمال كرار أن حكومة نيروبي المزمع اعلانها ، تمثل ذروة المخطط الدولي الاقليمي لتقسيم السودان، مشيراً إلى أنها أحد نتائج هذه الحرب .
ونوه كرار بتصريحه لـ”لايف ميديا” أن طول أمد الحرب نفسه يوضح مدى عمق التدخلات الأجنبية عن طريق الامداد العسكري والدعم السياسي، الأمر الذي جعل الحرب تستمر، و واصفًا إياها بحرب الوكالة.
ولفت الي أن جميع الجهود فشلت كل الجهود في احتواء الحرب.
وأضاف: “بعد سنتين على الدمار والقتل والترويع هاهي الاقنعة تسقط من على الوجوه ويدرك الجميع أن القتال كان ولا زال صراعا على السلطة، وتتحمل هذه النتيجة كافة الاطراف التي شجعت القتال والحرب ومضت فيه لآخر الشوط دون نصر مؤزر لاي طرف” .
وقطع كرار بأن الخطوة نفسها مرفوضة من غالبية الشعب وقواه الوطنية.
وتابع:” لكن مهما يكن فالحكومة التي ستشكل في مناطق سيطرة المليشيا ولدت ميتة، ولن تفرض أي سلطة سياسية على الشعب، والحل النهائي في ابتعاد العسكر والمليشيا عن السياسة وفترة انتقالية مدنية بعد الحرب تعالج آثار الحرب وتلملم اطراف السودان من جديد، وهذا ممكن بالنضال الشعبي المستمر للحفاظ على وحدة السودان “.
وأشار إلى أن توقيع جبهة تقدم اعلاناً سياسياً مع قائد مليشيا الدعم السريع في يناير 2024 ، هدف إلى توفير غطاء سياسي يمهد لتشكيل حكومة في المستقبل، وذكر كرار : “بعد مرور عام على هذا الإتفاق بدأت خيوط الحقائق تتكشف، فانقسمت تقدم بعد اختلافها الداخلي على موضوع تشكيل حكومة في مناطق الدعم السريع، وتم توقيع الميثاق بنيروبي إستعداداً لتشكيل الحكومة .
كرار شدد على أن وجود الجنرال عبد العزيز الحلو لا يعتبر مفاجأة قياساً لمواقفه الرمادية منذ اندلاع الحرب التي فهم منها في وقت سابق أنه يختار المنطقة الوسطي تحسبا لمآلات الحرب، ولكنه ربما خلص لتفاهمات مسبقة مع مليشيا الدعم السريع ادت به لتوقيع ميثاق اليوم.