سودانايل:
2025-04-23@13:06:02 GMT

هل حرب السودان منسية فعلاً؟

تاريخ النشر: 15th, May 2024 GMT

مؤتمر باريس في الذكري السنوية الأولي للحرب وصف حرب السودان بأنها حرب منسية، لا بل تكلّم الرئيس الفرنسي ماكرون حاثَاً الصحفيين و الإعلاميين لجعل أخبار هذه الحرب أولوية. و تتوارد مقالات من كبريات الصحف البريطانية و الأمريكية واصفة حربنا بأنها حرب منسية. يقال هذا الكلام لمقارنة حجم الإهتمام الإعلامي بحربي اوكرانيا و غزّة.

السؤال الأول ماذا فعل العالم المتذكر لهذين الحربين من أجل إيقافهما أو شكْم روسيا و إسرائيل بوصفهما الدولتان المعتديتان؟ ببساطة وقف العالم علي الصعيد الرسمي متفرجا او متحركاً بطرائق دبلوماسية غير ناجعة و غير مفيدة لضحايا الحربين من المدنيين.
الإهتمام من جانب الإعلام العربي (التلفزيون و الإذاعة) غير مهم ببساطة، لأنه إعلام تابع للأنظمة الحاكمة . و حتي لو إهتموا فلن تفعل حكوماتهم و شعوبهم شيئا مهما لأن الأنظمة العربية ببساطة أنظمة إستبداد و عمالة و أنظمة عموما كرتونية لا قيمة لها إلا في قمع المواطن العربي و مصادرة حرياته. علي الصعيد الشعبي فالعرب تحت حكم الإستبداد و الإنظمة التابعة للغرب والحارسة لإسرائيل لن يفعلوا شيئا غير ذرف الدموع علي جيرانهم السودانيين فلا هم من أهل المواكب و المسيرات و لا هم من أهل المبادرة السياسية أو الإنسانية لأنهم ضحايا أنظمة بوليسية مجرمة.
أما إهتمام الإعلام في الدول الغربية فله عدة موانع عملية أولها طريقة الدعم السريع و الجيش في التعامل مع المراسلين الصحفيين الأجانب إما بمنع دخولهم للبلد أو مناطق النزاع أو بإحتمالات تصفيتهم و قتلهم. و يتضح ذلك بجلاء في طريقة تعامل الجيش و الدعم السريع مع الصحفيين السودانيين. الصحفيون الغربيون يتجنبون مناطق نزاع علي شاكلة السودان نتيجة لعدم إحترام طرفي النزاع للقانون الدولي و بقية الأعراف المرتبطة بالتعامل مع طواقم الصحفيين. و يعود ذلك لأن الجيش و الدعم السريع يمارسان إنتهاكات منكرة و مخالفات واضحة للقانون الدولي ضد المدنيين. إذا كانت طواقم الصليب الأحمر و المنظمات الإنسانية تتعرض للقتل و إطلاق النار فلماذا يأتي الصحفيون هل للموت من أجل الشعب السوداني؟
علي الصعيد الرسمي و الدبلوماسي علي شاكلة كلام الرئيس الفرنسي ماكرون المقصود من عبارة "حرب منسية " أنسوا هذه الحرب يا جماعة! حتي يقضي جميع اللاعبين الدوليين من دول جوار و دول أخري وطرهم من نهب موارد السودان. خاصة و إنّ طرفي الحرب يبيعون موارد البلد في سوق الله أكبر لمصلحتهم الخاصة و بأبخس الأثمان. الموارد المعدنية بالمناسبة هي ليست الذهب فقط ،هنالك اليورانيوم و الكوبالت و هما أغلي من الذهب و هنالك الكروم و النحاس و هما أرخص قليلا من الذهب لكنهما مهمان جداً. النفط علي قلته مهم و الأهم هو السمسرة في نفط الجنوب هذا لأن نظام الحاكم في الجنوب أيضا فاسد و ناهب لموارد الجنوب. هذا غير سوق السلاح و هذا لعمري مكسب كبير لجميع منافقي الدبلوماسية الدولية من ممثلي حكومات الدول الغربية و روسيا و الصين، إستمرار الحرب يعني فرصة تجارية كبيرة أمام تجّار السلاح و لكم أن تتخيلوا أن أرخص مُسيّرة تكلف في أقل تقدير ما بين سبعمائة إلي مأئتين ألف دولار. تكلفة المقذوفة المدفعية الواحدة أكثر من سبع ألف دولار. حربنا مربحة للدول المنتجة للسلاح لذلك علينا أن ننساها و حربنا مربحة جدا لمن يشترون مواردنا المعدنية و غيرها للذلك علينا أن ننساها. حربنا ليست منسية يا هؤلاء لأنها تقتلنا و تدمر بلدما فهي ليست منسية حتي و لو أردتم ذلك لها.

طه جعفر الخليفة
اونتاريو- كندا
14 مايو 2024م

taha.e.taha@gmail.com  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

المفارقات في المشهد السوداني!

تدخل الحرب السودانية عامها الثالث بلا أفقٍ لا في وقفٍ لإطلاق النار أو أملٍ في قبول التفاوض، بينما يسقط العشرات من المدنيين يوميًّا ضحايا لهذه الحرب ويعاني من الجوع ثلاثة أرباع الشعب السوداني طبقًا لتقديرات الأمم المتحدة.

لماذا وصل السودان إلى هنا؟ لماذا يفقد الناس حيواتهم وبيوتهم؟ هل يبرّر الصراع على السلطة محليًّا، وتناقض المصالح الإقليمية، هذا الثمن الفادح؟.

يبدو أنّ هناك حساباتٍ خاطئةً من الجميع في هذه الأزمة ترشّحها للاستمرار لعددٍ من السنوات القادمة، في ضوء حالة الانشغال الدولي بأزمتَيْ أوكرانيا وغزّة وترتيب الأوضاع مع إيران فيما يخصّ مستقبل مشروعها النووي.

الخطأ المركزي، في تقديري، يأتي من جانب معسكر الإسلام السياسي السوداني بقسمَيْه البراغماتي في حزب المؤتمر الوطني والإيديولوجي في الجبهة القومية الإسلامية، إذ لا ينتبه بالقدر الكافي لطبيعة الموقف الإقليمي والدولي من "الإخوان المسلمين"، ذلك أنّ النموذج السوري لم يمرّْ إلّا بإسنادٍ أساسيّ من تركيا بما تملكه من حدودٍ مشتركةٍ أتاحت لها مثل هذا الدور، بينما نموذج "حماس" تمّ الاتفاق الإقليمي والدولي على إخراجه من غزّة بغضّ النظر عن اتفاقنا مع هذا التوجّه من عدمِه، حيث لم يُثمِّن الإقليم العربي الدور المقاوِم ضدّ إسرائيل لكلّ من "حماس" و"حزب الله"، كما ما زالت الولايات المتحددة متحفّظةً على المسار السوري حتّى اللحظة الرّاهنة.

في ضوء هذه الديناميّات، يكون من الخطأ اعتبار أنّ نصر الجيش السوداني مؤخّرًا وقدرته على السيطرة على مناطق واسعة من شرق البلاد والعاصمة السياسية الخرطوم، يمكن أن ينسحبَ على الوزن السياسي لحُلفاء الجيش سواء من الميليشيات التابعة لمعسكر الإسلام السياسي أو الفصائل "الدارفورية" التابعة له، ذلك أنّ للجيش داعمين إقليميين ضدّ هذا الاتجاه، كما أنّه لن يعطي "الدعم السريع" والداعمين له مصداقيةً لمقولة الأخير الشهيرة بأنّ الجيش وقياداته هم انعكاس لإرادة المُعسكر الإسلامي. صحيح أنّ قيادة الجيش قد مارست تعديلًا للوثيقة الدستورية بشطب الشركاء المدنيين من القوى السياسية الموقِّعة على الوثيقة في أغسطس/آب 2019، إلا أنّ هذا الأداء كان بدفعٍ مباشرٍ من حلفاء الجيش على اعتبار أنّ الحكْم العسكري هو الضّامن لاستمرارهم السياسي.

ولكن مع الضّغوط الدولية الراهنة، واتجاه حكومة بورتسودان لرفع دعوى ضد الداعمين الإقليميين لـ"الدعم السريع" أمام محكمة العدل الدولية، سيكون العامل الدولي أكثر تأثيرًا في المعادلات الداخلية.

في هذا السياق، يكون من الخطأ الإستراتيجي لحلفاء الجيش الرّهان على قيادة المعادلة السياسية السودانية على الرَّغم من الضعف النسبي لباقي الأطراف السياسية السودانية في هذه المرحلة، ويكون عليهم بالتالي التأقلم مع هذا المُعطى وتأثيره من حيث التوجّه لوقف الحرب من ناحية، والدفع نحو الحكْم المدني من ناحية أخرى.

أمّا المدنيون في كلّ من "صمود" و"تأسيس"، فلكلٍّ منهما نصيب من الأخطاء في الحسابات، ذلك أنّ "تأسيس" بخروجها عن التحالف الأمّ، لم تحقّق أهدافًا في التأثير في الأداء العسكري ضدّ المدنيين، والذي تمّ إدانته دوليًا، بل إن استمرار هذا الأداء على هذا النّحو الهمجي الذي يحرم الشعب السوداني من مقدّراته اللوجستيّة، ويُدان بالإبادة الجماعية على المستوى الدولي قد وَصم هذا الفريق بالإدانة السياسية واللاأخلاقية خصوصًا أنّ بعض رموزِه القانونية قد وقف ضدّ بلاده في لاهاي.

أمّا تحالف "صمود" الذي يترأسه رئيس الوزراء السابق د. عبد الله حمدوك، فيبدو أن أدواته ما زالت قاصرة، ورهانه على وقف الحرب عبر الفاعل الدولي بشكلٍ أساسيّ يضعفه على الصعيد المحلي، كما أنّه لم يصرّْ على الدفع نحو خيار المائدة المستديرة بين الأطراف السياسية بالزّخم المطلوب حتّى يتمّ وقف الحرب فعلًا.

وعلى الصعيد العسكري، فإنّه من الخطأ الأساسي اعتبار أنّ الحل العسكري وإبادة الطرف الآخر سوف يكون ناجزًا في حلّ الأزمة السودانية، ذلك أنّ استمرار الحرب يُعمّق انقسامات النسيج الاجتماعي السوداني بما يُعدّ تهديدًا وجوديًا للدولة السودانية في هذه المرحلة، حيث لن تتوقف نظرية "الدومينو" في تقسيم السودان عند محطة دارفور كما يتوقع البعض، ولكنها سوف تستمرّ لتنال من شرق السودان أيضًا على المستوى المتوسط، ليتقزّم السودان أو حتّى يساهم استمرار الحرب الراهنة في تدشين النموذج الصومالي في السودان، بكلّ معطياته في انهيار الدولة وتصاعد التهديدات الأمنية نتيجة تمدّد التنظيمات المتطرّفة.

(خاص "عروبة 22")

   

مقالات مشابهة

  • بالأرقام .. أوكرانيا تكشف خسائر الجيش الروسي منذ بداية الحرب
  • ما هي أسباب الحرب في السودان إذن؟
  • السودان يعلن عن خطوة مع الهند لإنتاج أنظمة الطاقة الشمسية
  • إسحق أحمد فضل الله يكتب: خلق آخر
  • حقيقة الحرب في السودان
  • تعليقاً على مقال:” عامان من حرب السودان: لم ينجح أحد*
  • السودان الجديد يتخلق و لكن؛ برؤية من؟
  • نائب نقيب الصحفيين الفلسطينيين: الانقسام داخل حكومة نتنياهو يهدد استقرار إسرائيل
  • المجتمع الدولي وإدمان الفشل حول السودان
  • المفارقات في المشهد السوداني!