كيف تصدرت الصين عالم السيارات الكهربائية؟
تاريخ النشر: 15th, May 2024 GMT
قال الرئيس الأميركي، جو بايدن، الثلاثاء، إن الولايات المتحدة لن تسمح للصين بـ"إغراق أسواقها"، وقرر رفع الرسوم الجمركية على سياراتها الكهربائية، أربعة أضعاف.
وأعلنت الحكومة الأميركية عن زيادة كبيرة للرسوم الجمركية لهذا النوع من المركبات من 25% إلى 100%، ضمن قائمة زيادات تتعلق بالعديد من القطاعات الأخرى "الإستراتيجية"، وفي مقدمها أشباه الموصلات أو البطاريات.
وأعربت بكين عن "رفضها" للقرار، مشددة على أن "منظمة التجارة العالمية خلصت منذ فترة طويلة" إلى أن التعريفات الأميركية "تنتهك قواعدها" لكن "الولايات المتحدة تصر على أخطائها أيضا وأيضا"، وفقا لبكين.
سوق تنافسية واعدةيُعد سوق السيارات الكهربائية قطاعا محوريا في مسار الدفع نحو الانتقال من ثاني أكسيد الكربون إلى طاقة نظيفة لمكافحة تغير المناخ.
في عام 2022، شهد القطاع نموا ملحوظا بنسبة 55.1%، إذ تجاوزت مبيعات السيارات الكهربائية في العالم 10.25 مليون سيارة، وحققت إيرادات بقيمة 538.8 مليار دولار أميركي، وفق "ستاتيستيكا".
وفي عام 2023، تم تسجيل ما يقرب من 14 مليون سيارة كهربائية جديدة على مستوى العالم، ليصل إجمالي عددها على الطرق إلى 40 مليونا، وفق وكالة الطاقة الدولية.
وبذلك، تكون مبيعات السيارات الكهربائية قد ارتفعت في عام 2023 بمقدار 3.5 مليون سيارة عما كانت عليه في عام 2022، أي بزيادة قدرها 35% على أساس سنوي.
وهذا أعلى بأكثر من ستة أضعاف مما كان عليه في عام 2018، قبل 5 سنوات فقط.
وفي عام 2023، كان هناك أكثر من 250 ألف تسجيل جديد أسبوعيًا، وهو أكثر من الإجمالي السنوي في عام 2013، قبل عشر سنوات.
وشكلت السيارات الكهربائية حوالي 18% من جميع السيارات المباعة في عام 2023، ارتفاعًا من 14% في عام 2022 و2% فقط قبل 5 سنوات، أي في عام 2018.
وتشير هذه الاتجاهات إلى أن النمو لا يزال قوياً مع نضوج أسواق السيارات الكهربائية.
وشكلت السيارات الكهربائية التي تعمل بالبطارية 70% من مخزون السيارات الكهربائية في عام 2023.
وتقود الصين السوق العالمية للسيارات الكهربائية، تليها الولايات المتحدة.
ومن المتوقع أن تقفز مبيعات السيارات الكهربائية في الصين في عام 2024 إلى حوالي 10 ملايين، وهو ما يمثل حوالي 45% من إجمالي مبيعات السيارات في البلاد، وفق تقرير للوكالة الدولية للطاقة.
كيف تمكنت الصين من تحقيق السبق؟يمكن أن يُعزى نمو الصين إلى الدعم الحكومي، ومجموعة واسعة من السيارات الكهربائية ذات الأسعار المعقولة، وزيادة المنافسة في السوق.
في المقابل، شهدت الولايات المتحدة زيادة كبيرة في المبيعات بنسبة 48%، في حين كان النمو في أوروبا مدفوعًا بتشكيلة موسعة من نماذج السيارات الكهربائية والحوافز.
ومن المتوقع أن يحافظ الاتحاد الأوروبي على هذا الاتجاه، مدفوعا بمعايير الانبعاثات الصارمة والتحرك نحو انتشار أوسع للمركبات الخالية من الانبعاثات.
Elegance in motion.
The sleek BYD SEAL features cutting-edge safety and performance technology, built on the innovative e-Platform 3.0 pic.twitter.com/OTeUnMKJ7R
يقول العديد من الخبراء لمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا إن الحكومة الصينية لعبت منذ فترة طويلة دوراً مهماً في دعم المعروض من المركبات الكهربائية والطلب عليها.
ونتيجة للإعانات الحكومية السخية، والإعفاءات الضريبية، وعقود الشراء، وغير ذلك من الحوافز السياسية، ظهر عدد كبير من العلامات التجارية المحلية للمركبات الكهربائية واستمرت في تحسين التكنولوجيات الجديدة حتى تتمكن من تلبية احتياجات الحياة الحقيقية للمستهلكين الصينيين.
وهذا بدوره أدى إلى تنمية مجموعة كبيرة من مشتري السيارات الشباب.
لكن القصة الكاملة وراء وصول قطاع السيارات الكهربائية في الصين إلى هذا الحد من التطور والريادة العالمية، تتعلق بما هو أكثر من مجرد سياسة الدولة الصينية؛ "ويشمل أيضًا الباحثين الصينيين في مجال تكنولوجيا البطاريات والمستهلكين في بقية أنحاء آسيا"، وفق موقع "تيكنولوجي ريفيو".
وبرزت الصين كزعيم في سوق السيارات الكهربائية العالمية منذ عام 2022، متجاوزة المبيعات المجمعة لبقية دول العالم، ولا سيما الأميركية منها.
وكانت هذه الأرقام أعلى بشكل ملحوظ بستة أضعاف من تلك الخاصة بالولايات المتحدة، التي حصلت على المركز الثاني.
وسجلت الولايات المتحدة زيادة كبيرة بنسبة 48% في مبيعات السيارات الكهربائية من عام 2021 إلى عام 2022.
ارتفعت مبيعات السيارات الكهربائية العالمية بنسبة 18% على أساس سنوي في الربع الأول من عام 2024، وفقًا لمتتبع سوق السيارات الكهربائية التابع لشركة Counterpoint.
أسعار تنافسيةبحسب ذات المتتبع، ظلت الصين الرائدة عالميًا في الربع الأول، تليها الولايات المتحدة وأوروبا.
وارتفعت مبيعات السيارات الكهربائية الصينية بنسبة 28% على أساس سنوي، في حين سجلت الولايات المتحدة نموًا متواضعًا بنسبة 2% على أساس سنوي.
في المقابل انخفضت مبيعات السيارات الكهربائية في الولايات المتحدة بنسبة 3% على أساس سنوي.
وتمكنت شركات السيارات الكهربائية الرائدة مثل Tesla وBYD من تقليل تكاليف تصنيع السيارات الكهربائية التي تعمل بالبطارية، ما سمح لها بتقديم أسعار تنافسية.
وقد أدى هذا إلى الضغط على شركات صناعة السيارات الأخرى مثل فورد وجنرال موتورز التي تكافح من أجل خفض تكاليف التصنيع.
The standard Tesla Model Y now has a 320 mile range!
Although it is rear-wheel-drive, the precision of Tesla’s electric motors means it still has great traction on snow & ice with all-season tires.https://t.co/Oj2hxF9yiE
وقد طرحت هذه الشركات السيارات الكهربائية بالبطارية بأسعار تنافسية ولكنها تواجه خسائر كبيرة.
وللتخفيف من هذه الخسائر، تقوم شركات صناعة السيارات التقليدية بتعديل أهدافها الخاصة بالسيارات الكهربائية التي تعمل بالبطارية، وتعطي الأولوية للسيارات الكهربائية الهجينة القابلة للشحن (PHEV).
ومن المتوقع أن يستمر الاعتماد المتزايد للسيارات الكهربائية الهجينة القابلة للشحن (PHEV) حتى تقوم شركات صناعة السيارات هذه بتطوير استراتيجيات لتقليل تكاليف تصنيع السيارات الكهربائية التي تعمل بالبطارية وتحقيق أهداف الانبعاثات لتجنب الغرامات.
شركات صينية رائدةعلى الرغم من انخفاضها بنسبة 9% على أساس سنوي، استعادت شركة "تسلا" الأميركية، المركز الأول في مبيعات السيارات الكهربائية في الربع الأول من عام 2024، لتستحوذ على حصة سوقية قدرها 19%.
وجاءت بعدها مباشرة مجموعة "بي واي دي" (BYD) الصينية، ومجموعة فولكس فاغن الألمانية.
لكن تجدر الإشارة إلى أن من بين أكبر ثلاث شركات مصنعة للمعدات الأصلية، حققت شركة "بي واي دي" نموًا (13٪ على أساس سنوي)، في حين شهدت كل من تسلا وفولكس فاغن انخفاضات بنسبة 9٪ و4٪ على أساس سنوي على التوالي.
وتفوقت شركة "بي واي دي" أيضًا في قطاع السيارات الكهربائية الهجينة (PHEV)، إذ استحوذت على ما يقرب من ثلث مبيعات السيارات الكهربائية الهجينة القابلة للشحن (PHEV) على مستوى العالم، تليها شركة "جيلي هولدينغز" الصينية أيضا (Geely Holdings) و"لي أوتو" (Li Auto)، الصينية هي الأخرى؟
قامت شركة "بي واي دي" بتصدير ما يقرب من 100 ألف سيارة كهربائية، بما في ذلك السيارات الكهربائية الهجينة القابلة للشحن (PHEV)، مع نمو كبير بنسبة 152% على أساس سنوي، خاصة في منطقة جنوب شرق آسيا.
أسواق الصينكانت الشركات الصينية مستفيدة بشكل كبير من ارتفاع الطلب على السيارات الكهربائية، وخاصة الشركات التي تبيع السيارات الكهربائية التي تعمل بالبطارية وكذلك السيارات الهجينة.
ويعد الاتحاد الأوروبي أكبر متلق لصادرات السيارات الكهربائية الصينية، حيث يمثل ما يقرب من 40 في المائة منها.
واستحوذت الدول الأوروبية الأخرى (ألبانيا، وأعضاء رابطة التجارة الحرة الأوروبية، ومقدونيا الشمالية، وأوكرانيا، والمملكة المتحدة) على حصة 15% من الشحنات الصينية في نفس العام، وفق مؤسسة "أتلانتيك كاونسل".
وأدت شحنات الصين المتزايدة من السيارات الكهربائية التي تعمل بالبطارية إلى أوروبا إلى زيادة حصتها في السوق الأوروبية بشكل كبير.
وبلغت حصة الشركات المصنعة الصينية في سوق السيارات في أوروبا الغربية 9.3 في المئة في الربع الأخير من عام 2023، وهو ارتفاع مذهل عن عام 2019، عندما وصلت حصة الصين في إجمالي سوق السيارات الكهربائية في أوروبا إلى 0.5 في المائة فقط.
لكن في النصف الغربي من الكرة الأرضية، تواجه صادرات الصين القدرات الأميركية الصاعدة، خصوصا في المكسيك "الباب الخلفي للسوق الأميركية" وفق وصف تقرير "أتلانتيك كاونسل".
وتظل صادرات السيارات الكهربائية الصينية إلى المكسيك ضئيلة، حيث يبلغ إجماليها 257 مليون دولار فقط في عام 2023، أي أقل من كندا، التي استوردت 1.6 مليار دولار خلال نفس الفترة.
وبعبارة أخرى، فإن خطر "تسرب" تجارة السيارات الكهربائية الصينية إلى الولايات المتحدة من كندا أكبر من خطر المكسيك "على الأقل في الوقت الحالي" يقول التنقرير ذاته.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: مبیعات السیارات الکهربائیة فی السیارات الکهربائیة الصینیة سوق السیارات الکهربائیة الولایات المتحدة على أساس سنوی ما یقرب من بی وای دی فی عام 2023 فی الربع عام 2022 من عام
إقرأ أيضاً:
عالم الوعود الزائفة.. الأمم المتحدة تنذر بمستقبل مشؤوم للكوكب
بات الحديث عن الاحتباس الحراري من الأمور المستهلكة خلال العقد الماضي، ولا يخفى على الكثير القلق المتزايد حيال مستقبل الأرض المهدَد بفعل تغير المناخ، إلا أن تقريرا جديدا صادرا عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة يرسم صورة أكثر سوداوية، مؤكدا أن الوتيرة الحالية للانبعاثات تدفع الكوكب نحو كارثة مناخية عاجلة.
ويوضح التقرير الذي اتسمت لغته بحدة غير معهودة، حجم التهديد الداهم الذي يواجهه كوكب الأرض بفعل التغيرات المناخية المتسارعة، كاشفا بشكل صارخ عن الفجوة المتسعة بين الوعود التي أطلقتها الدول للحد من الانبعاثات والواقع الفعلي الذي تشير إليه الأرقام.
ذلك أن فشل الدول في خفض الانبعاثات بشكل عاجل قد يؤدي إلى ارتفاع حرارة الأرض بمقدار 3.1 درجات مئوية بحلول عام 2100، وهو ما يزيد على ضعف الهدف المحدد والمتفق عليه في اتفاقية باريس لعام 2015، التي وضعت سقفا لتجنب الكوارث المناخية بحد أقصى 1.5 درجة مئوية.
ومنذ تبني اتفاقية باريس، يُنظر إلى حد 1.5 درجة مئوية على أنه الحد الفاصل الذي يجنّب النظم البيئية والمجتمعات البشرية آثارا كارثية قد يصعب التكيف معها مستقبلا.
وقد صرّح الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، عبر منصة يوتيوب بعد نشر التقرير، قائلا: "نحن نسير على حافة هاوية كوكبية"، في الوقت الذي سجلت فيه الانبعاثات زيادة بنسبة 1.3% العام الماضي، أشار إلى أن الحاجة إلى اتخاذ إجراءات صارمة وسريعة باتت أمرا ملحّا أكثر من أي وقت مضى.
تعني زيادة الانبعاثات زيادة تالية في كل شيء آخر، ليس فقط معدلات درجة الحرارة، بل كذلك زيادة في تردد وشدة وطول الظواهر المناخية المتطرفة مثل موجات الجفاف الشديد والموجات الحارة.
مستقبل مقلق ونذير شؤموضع التقرير أرقاما مروعة حول معدلات الانبعاثات، حيث وصلت إلى 63 غيغاطن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون عام 2023، بزيادة 0.8 غيغاطن عن العام السابق، ويعكس هذا الارتفاع استعادة الأنشطة الصناعية والنقل زخمها بعد فترة التباطؤ التي شهدها الكوكب خلال جائحة كوفيد-19 في نهاية عام 2019.
وقد أشار غوتيريش إلى التكاليف الباهظة التي تسببها الكوارث المناخية المتزايدة، وهو الثمن الذي يدفعه العالم نتيجة تباطؤ التحرك لخفض الانبعاثات، ومع اقتراب موعد مؤتمر المناخ السنوي للأمم المتحدة في باكو مطلع الشهر المقبل، تزداد آمال المجتمع الدولي في وضع التزامات جديدة وفعالة.
وبموجب التقرير، يتطلب الوصول إلى أهداف اتفاقية باريس خفض الانبعاثات بشكل جماعي بنسبة 42% بحلول عام 2030، و57% بحلول 2035، مما يشكل تحديا ضخما خصوصا مع تباطؤ التقدم الذي تحققه بعض الدول الكبرى، خاصة دول مجموعة العشرين التي تمثل أكبر اقتصادات العالم.
وضع التقرير أرقاما مروعة حول معدلات الانبعاثات (غيتي إيميجز) اتفاقية باريس: التزام عالمي لمواجهة التغير المناخيتعد اتفاقية باريس للمناخ، التي أبرمتها 196 دولة عام 2015، بمثابة التزام عالمي للحد من ارتفاع درجات الحرارة، وتهدف إلى وضع سقف لتغير المناخ بحيث لا يتجاوز 1.5 درجة مئوية كسقف آمن للحد من المخاطر المناخية الشديدة.
وارتكزت الاتفاقية على مبادئ تضمن للدول النامية الحصول على دعم مالي وفني، مع اعتماد "المسؤولية المشتركة والمتباينة"، إذ تتحمل الدول المتقدمة مسؤولية أكبر في مساعدة الدول الأقل نموا في جهودها للتكيف مع التغير المناخي.
وأحد الجوانب البارزة في اتفاقية باريس هو "المساهمات المحددة وطنيا"، وهي الأهداف الطوعية التي تحددها كل دولة لنفسها لخفض الانبعاثات، وبموجب الاتفاقية، يتعين على الدول مراجعة هذه الأهداف وتحديثها كل 5 سنوات للتأكد من ملاءمتها مع الأهداف العالمية، وسيكون موعد التحديث المقبل في فبراير/شباط 2025.
غير أن التنفيذ الفعلي لهذه المساهمات يواجه تحديات كبيرة، من بينها ضغوط اقتصادية، واستمرار الاعتماد على الوقود الأحفوري، ونقص التمويل اللازم للتحول نحو مصادر الطاقة النظيفة، وتشجع الاتفاقية على زيادة الالتزامات لتقليص الفجوة بين الأهداف المناخية وما هو مطلوب فعليا لوقف ارتفاع درجات الحرارة.