الجزيرة:
2025-03-17@14:14:10 GMT

هل بدأت مصر تتخطّى أزمة القمح؟

تاريخ النشر: 15th, May 2024 GMT

هل بدأت مصر تتخطّى أزمة القمح؟

أعلنت الحكومة المصرية قبل أيام، بدء توريد القمح المحلي، وحدَّدت للفلاحين مواعيد تبدأ من 15 أبريل /نيسان وحتى 15 أغسطس/ آب 2024 لتسليم ما لديهم من محاصيل بسعر يصل إلى 2000 جنيه (42,5 دولارًا) للإرْدبّ (الذي يزن 150 كجم)، وذلك وسط أجواء من البِشر بأن تتخطى البلاد في هذا الموسم أزمة القمح متعدّدة الجوانب.

ترتبط هذه الأزمة بكون مصر واحدة من أكثر بلدان العالم استيرادًا للقمح، الذي ظل لسنوات طويلة سلعة إستراتيجية تتحكم فيها بعض الدول، وذلك قبل أن تقل أهميته الإستراتيجية؛ مع تزايد عدد البلدان التي تنتجه مقارنة بالعقود السابقة.

القمح أيضًا ظلّ لسنوات أزمة للفلاح المصري، إذ لم تكن الدولة تعطي ميزة تفضيلية للقمح المحلي في مواجهة المستورد، رغم سهولة زراعته، مقارنة بمحاصيل أخرى ينفر الفلاحون منها، كالفول البلدي الذي يزرع في الشتاء، أو القطن الذي يعاني دائمًا من تذبذب السعر.

اليوم يبدو أن الأزمتين: أزمة الدولة وأزمة الفلاح، في طريقهما للحلحلة، ولو بدرجات متباينة من السرعة، إذ تتسم حلحلة أزمة الدولة ببطء مقارنة بالأخرى.

بدأت معاناة الدولة المصرية من قلة إنتاج القمح وزيادة استهلاكه منذ العام 1952، حتى سبقت اليابان عام 1984 محتلة المركز الأوّل في قائمة المستوردين بنحو 6,3 ملايين طن في ذلك العام.

وتوالت زيادة الاستيراد والاستهلاك منذ ذلك العام بشكل مطرد، متأثرة بزيادة السكان، وتراجع إنتاجية فدان الأرض الزراعية، ونمط الاستهلاك المرتبك الذي يعتمد بالأساس على القمح كمصدر للنشويات، إذ وصل استهلاك الفرد 152 كجم سنويًا.

زاد من هذه الأزمة كذلك محدودية الأرض الزراعيّة، وعدم قدرة الدولة على استصلاح أراضٍ تكفي الحاجة لمزيدٍ من المنتجات الزراعية المحلية. فالاستصلاح يقتضي مزيدًا من المياه، فيما حصة مصر من المصادر الحالية كنهر النيل والبُحيرات والأمطار والمياه الجوفية وغيرها، يذهب ثلثاها للزراعة، ولم تعد عمومًا كافية لحاجة المصريين في مختلف المجالات.

زراعة واستيراد القمح في مصر (2010-2024) (الجزيرة)

لكن الجدول السابق الذي أعددته بناء على مصادر المعلومات المعتمدة في مصر، إضافة إلى بيانات منظمة التجارة العالمية ووزارة الزراعة الأميركية يضعنا أمام عدد من الملاحظات:

أولًا: أنه لم يكن هناك تناسب بين معدل الزيادة السكانية، ومعدل زيادة استيراد الدولة للقمح، فإذا كان عدد السكان قد زاد نحو 30 مليون نسمة خلال الفترة من 2010-2024، فقد لاحظنا أن واردات القمح كانت 10,6 ملايين طن عام 2010، ولم تزد في 2023 عن 10,87 ملايين طن، أي أنه لم يحدث تغير ملموس في الاستيراد خلال عقد من الزمان. ثانيًا: أن مساحة الأرض الزراعية زادت في الفترة من 2010 وحتى 2023 بمقدار 1.3 مليون فدان فحسب، فيما كان المقدر، أن تزيد بنحو 3.6 ملايين فدان، أما المساحة المزروعة بالقمح فقد زادت خلال تلك الفترة بنحو 0.7 مليون فدان؛ أي أن الأرض المستخدمة في زراعة القمح بلغت أكثر من نصف مساحة الأرض الزراعية المضافة. ثالثًا: بمقارنة أرقام الإنتاج والاستيراد في كل عام على حدة، يتبيّن أن زيادة الاستيراد خلال تلك الفترة لم تتناسب طرديًّا مع زيادة السكان. ويبدو أنّ لهذا الأمر علاقة بتغير نمط الاستهلاك تجاه اعتماد مصادر أخرى للنشويات بجانب القمح (مثل الذرة). إضافة إلى تزايد إنتاج القمح داخليًا بمقدار مليون ونصف المليون طن. وهكذا تراجعت مصر من ترتيب أكبر مستورد للقمح، إلى المركز الثالث بعد الصين وتركيا عام 2023.

على جانب الفلاح؛ فأبرز ملامح تحلحل أزمته ابتداء من هذا الموسم، هو حصوله على سعر مُرْضٍ إلى حد كبير. فبعد أن كان مجبرًا على بيع محصوله بأسعار بخسة إلى الدولة – (تقلّ عن سعر الاستيراد)، وهو ما عرض الدولة للانتقاد لدعمها الفلاح الأجنبي على حساب المصري – أصبح يحصل هذا العام على سعر يزيد عن سعر المستورد، فقد أصبح سعر كيلو القمح المستورد (تسليم ظهر السفينة) يعادل 9,73 جنيهات مصرية، فيما وصل سعر الكيلو من إنتاج الفلاح المصري إلى 13,33 جنيهًا، وهو سعر يمكن من تغطية تكلفة الزراعة، ما يشجع الفلاحين على زيادة الإنتاج ليحظوا بالثمن المناسب المضمون، وليحصلوا علاوة على ذلك على غذاء لحيواناتهم عبر تدوير قشّ القمح (التبن) ليتحوّل إلى علف يمكن استهلاكه أو بيعه.

السعر الجديد للإرْدبّ المحلي من القمح أكثر بنحو 25٪ عن سعر العام السابق البالغ 1500 جنيه، وأكثر بنحو 75٪ عن سعر العام 2018 الذي لم يزد عن 585 جنيهًا للإردبّ، وهي السنوات التي لم تساير فيها الحكومة ارتفاع تكاليف الإنتاج بفعل التّضخم.

هكذا يتبين أنّ أزمة القمح في مصر بدأت تنقشع، والأرجح، أنَّ السنوات القادمة ستشهد المزيد من الحلحلة، مع زيادة المستصلح من الأراضي وابتكار طرق حديثة للري واستحداث بذور تقاوٍ تتحمل ملوحة الأراضي المستصلحة حديثًا.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: ترجمات حريات عن سعر

إقرأ أيضاً:

أمين عام الأمم المتحدة يحذر من أزمة إنسانية عميقة تطال اللاجئين الروهينجا

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

 حذّر الأمين العام للأمم المتحدة "أنطونيو جوتيريش"، من أن اللاجئين الروهينجا في بنجلاديش أصبحوا على شفا أزمة إنسانية عميقة، بسبب النقص المتوقع في التمويل الإنساني، والذي سيؤدي إلى كارثة فادحة يعاني فيها الناس ويموتون، مناشدا المجتمع الدولي بشدة أن يسمح بتجنب هذه المأساة.


وقال "جوتيريش"- بحسب مركز إعلام الأمم المتحدة- إن التخفيضات المعلنة في المساعدات المالية تُعرّض الاستجابة الإنسانية في عام 2025 لأزمة اللاجئين الروهينجا لخطر عدم الحصول إلا على 40 في المائة فقط من الموارد التي كانت متاحة العام الماضي. وأضاف أن هذا ستكون له عواقب وخيمة، بدءا من التخفيض الحاد في الحصص الغذائية، وشدد على أن مزيدا من التمويل ضروري للغاية لضمان الحد الأدنى من الدعم للروهينجا في بنجلاديش.
وأضاف "جوتيريش" خلال زيارته إلى بنجلاديش، أنه يوجد في منطقة كوكس بازار حوالي مليون لاجئ من الروهينجا الذين اضطروا إلى الفرار من ميانمار؛ بسبب أعمال العنف.
وأشار إلى أن بنجلاديش من بين أكبر المساهمين في عمليات حفظ السلام الأممية، وأن "كرمها الاستثنائي" في الاستجابة لأزمة الروهينجا هو دليل على الروح الإنسانية القوية التي تتمتع بها.
وتابع: "لسنوات، استضاف شعب هذه الأمة، وخاصة مجتمعات كوكس بازار، أكثر من مليون لاجئ فروا من العنف والاضطهاد. ومن خلال توفير الملاذ الآمن للاجئي الروهينجا، أظهرت بنجلاديش تضامنها وكرامتها الإنسانية، وغالبا ما كان ذلك بتكلفة اجتماعية وبيئية واقتصادية كبيرة. يجب على العالم ألا يعتبر هذا الكرم أمرا مسلما به. سأواصل حث المجتمع الدولي على تحمل مسؤولية أكبر وتقديم الدعم المالي والسياسي اللازم لكل من اللاجئين ومجتمعاتهم المضيفة".
وأعرب الأمين العام، عن التزام الأمم المتحدة الكامل بالعمل مع بنجلاديش وغيرها من الجهات لإيجاد حل دائم لأزمة الروهينجا يُمكّنهم من العودة الآمنة والطوعية والكريمة والمستدامة إلى ميانمار. إلا أنه أشار إلى أن الوضع هناك آخذ في التدهور، إذ يتسبب تصاعد العنف وانتهاكات حقوق الإنسان في جميع أنحاء البلاد في سقوط ضحايا مدنيين ويؤدي إلى النزوح الداخلي وعبر الحدود.
ودعا "جوتيريش" جميع الأطراف في ميانمار إلى ممارسة أقصى درجات ضبط النفس، وإعطاء الأولوية لحماية المدنيين وفقا للقانون الدولي الإنساني، ومنع مزيد من التحريض على التوتر الطائفي والعنف، مما يمهد الطريق لترسيخ الديمقراطية وتهيئة الظروف لعودة كريمة لمجتمع الروهينجا.

مقالات مشابهة

  • الذهب يقترب من مستوياته القياسية وسط زيادة طلب الملاذات الآمنة
  • جولة واسعة لوالي الخرطوم تكشف حجم الدمار الذي طال المرافق الخدمية ومنازل المواطنين بشرق النيل
  • ما الاختلاف الذي لمسه السوريون في أول رمضان بدون الأسد؟
  • الإفتاء الأردنية توضح حكم إخراج زكاة الفطر نقدا
  • ???? عبد الرحمن عمسيب ، الرائدُ الذي لا يكذبُ أهلَه
  • أمين عام الأمم المتحدة يحذر من أزمة إنسانية عميقة تطال اللاجئين الروهينجا
  • عمومية زمالة المعلمين تعتمد زيادة الميزة التأمينية إلى 50 ألف جنيه وصرف المستحقات قريبًا
  • مركزي صنعاء يعلن رفع السقف المتاح للسحب شهرياً لصغار المودعين
  • بنك صنعاء يعلن رفع سقف المبالغ الشهرية للسحب من قبل صغار المودعين
  • دبلوماسي يكشف جهود الدولة لإعادة المصريين من المغرب أثناء أزمة كورونا