الجزيرة:
2025-03-03@22:31:46 GMT

هل بدأت مصر تتخطّى أزمة القمح؟

تاريخ النشر: 15th, May 2024 GMT

هل بدأت مصر تتخطّى أزمة القمح؟

أعلنت الحكومة المصرية قبل أيام، بدء توريد القمح المحلي، وحدَّدت للفلاحين مواعيد تبدأ من 15 أبريل /نيسان وحتى 15 أغسطس/ آب 2024 لتسليم ما لديهم من محاصيل بسعر يصل إلى 2000 جنيه (42,5 دولارًا) للإرْدبّ (الذي يزن 150 كجم)، وذلك وسط أجواء من البِشر بأن تتخطى البلاد في هذا الموسم أزمة القمح متعدّدة الجوانب.

ترتبط هذه الأزمة بكون مصر واحدة من أكثر بلدان العالم استيرادًا للقمح، الذي ظل لسنوات طويلة سلعة إستراتيجية تتحكم فيها بعض الدول، وذلك قبل أن تقل أهميته الإستراتيجية؛ مع تزايد عدد البلدان التي تنتجه مقارنة بالعقود السابقة.

القمح أيضًا ظلّ لسنوات أزمة للفلاح المصري، إذ لم تكن الدولة تعطي ميزة تفضيلية للقمح المحلي في مواجهة المستورد، رغم سهولة زراعته، مقارنة بمحاصيل أخرى ينفر الفلاحون منها، كالفول البلدي الذي يزرع في الشتاء، أو القطن الذي يعاني دائمًا من تذبذب السعر.

اليوم يبدو أن الأزمتين: أزمة الدولة وأزمة الفلاح، في طريقهما للحلحلة، ولو بدرجات متباينة من السرعة، إذ تتسم حلحلة أزمة الدولة ببطء مقارنة بالأخرى.

بدأت معاناة الدولة المصرية من قلة إنتاج القمح وزيادة استهلاكه منذ العام 1952، حتى سبقت اليابان عام 1984 محتلة المركز الأوّل في قائمة المستوردين بنحو 6,3 ملايين طن في ذلك العام.

وتوالت زيادة الاستيراد والاستهلاك منذ ذلك العام بشكل مطرد، متأثرة بزيادة السكان، وتراجع إنتاجية فدان الأرض الزراعية، ونمط الاستهلاك المرتبك الذي يعتمد بالأساس على القمح كمصدر للنشويات، إذ وصل استهلاك الفرد 152 كجم سنويًا.

زاد من هذه الأزمة كذلك محدودية الأرض الزراعيّة، وعدم قدرة الدولة على استصلاح أراضٍ تكفي الحاجة لمزيدٍ من المنتجات الزراعية المحلية. فالاستصلاح يقتضي مزيدًا من المياه، فيما حصة مصر من المصادر الحالية كنهر النيل والبُحيرات والأمطار والمياه الجوفية وغيرها، يذهب ثلثاها للزراعة، ولم تعد عمومًا كافية لحاجة المصريين في مختلف المجالات.

زراعة واستيراد القمح في مصر (2010-2024) (الجزيرة)

لكن الجدول السابق الذي أعددته بناء على مصادر المعلومات المعتمدة في مصر، إضافة إلى بيانات منظمة التجارة العالمية ووزارة الزراعة الأميركية يضعنا أمام عدد من الملاحظات:

أولًا: أنه لم يكن هناك تناسب بين معدل الزيادة السكانية، ومعدل زيادة استيراد الدولة للقمح، فإذا كان عدد السكان قد زاد نحو 30 مليون نسمة خلال الفترة من 2010-2024، فقد لاحظنا أن واردات القمح كانت 10,6 ملايين طن عام 2010، ولم تزد في 2023 عن 10,87 ملايين طن، أي أنه لم يحدث تغير ملموس في الاستيراد خلال عقد من الزمان. ثانيًا: أن مساحة الأرض الزراعية زادت في الفترة من 2010 وحتى 2023 بمقدار 1.3 مليون فدان فحسب، فيما كان المقدر، أن تزيد بنحو 3.6 ملايين فدان، أما المساحة المزروعة بالقمح فقد زادت خلال تلك الفترة بنحو 0.7 مليون فدان؛ أي أن الأرض المستخدمة في زراعة القمح بلغت أكثر من نصف مساحة الأرض الزراعية المضافة. ثالثًا: بمقارنة أرقام الإنتاج والاستيراد في كل عام على حدة، يتبيّن أن زيادة الاستيراد خلال تلك الفترة لم تتناسب طرديًّا مع زيادة السكان. ويبدو أنّ لهذا الأمر علاقة بتغير نمط الاستهلاك تجاه اعتماد مصادر أخرى للنشويات بجانب القمح (مثل الذرة). إضافة إلى تزايد إنتاج القمح داخليًا بمقدار مليون ونصف المليون طن. وهكذا تراجعت مصر من ترتيب أكبر مستورد للقمح، إلى المركز الثالث بعد الصين وتركيا عام 2023.

على جانب الفلاح؛ فأبرز ملامح تحلحل أزمته ابتداء من هذا الموسم، هو حصوله على سعر مُرْضٍ إلى حد كبير. فبعد أن كان مجبرًا على بيع محصوله بأسعار بخسة إلى الدولة – (تقلّ عن سعر الاستيراد)، وهو ما عرض الدولة للانتقاد لدعمها الفلاح الأجنبي على حساب المصري – أصبح يحصل هذا العام على سعر يزيد عن سعر المستورد، فقد أصبح سعر كيلو القمح المستورد (تسليم ظهر السفينة) يعادل 9,73 جنيهات مصرية، فيما وصل سعر الكيلو من إنتاج الفلاح المصري إلى 13,33 جنيهًا، وهو سعر يمكن من تغطية تكلفة الزراعة، ما يشجع الفلاحين على زيادة الإنتاج ليحظوا بالثمن المناسب المضمون، وليحصلوا علاوة على ذلك على غذاء لحيواناتهم عبر تدوير قشّ القمح (التبن) ليتحوّل إلى علف يمكن استهلاكه أو بيعه.

السعر الجديد للإرْدبّ المحلي من القمح أكثر بنحو 25٪ عن سعر العام السابق البالغ 1500 جنيه، وأكثر بنحو 75٪ عن سعر العام 2018 الذي لم يزد عن 585 جنيهًا للإردبّ، وهي السنوات التي لم تساير فيها الحكومة ارتفاع تكاليف الإنتاج بفعل التّضخم.

هكذا يتبين أنّ أزمة القمح في مصر بدأت تنقشع، والأرجح، أنَّ السنوات القادمة ستشهد المزيد من الحلحلة، مع زيادة المستصلح من الأراضي وابتكار طرق حديثة للري واستحداث بذور تقاوٍ تتحمل ملوحة الأراضي المستصلحة حديثًا.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: ترجمات حريات عن سعر

إقرأ أيضاً:

وزير قطاع الأعمال يلتقي وفدا تركيا لبحث التعاون في تطوير مناطق صناعية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

‏‎التقى المهندس محمد شيمي، وزير قطاع الأعمال العام، بمقر الوزارة بالعاصمة الإدارية، وفدًا من شركة "بولاريس باركس" التركية المتخصصة في تطوير المناطق الصناعية، برئاسة تونش أوزكان رئيس مجلس إدارة الشركة، وبحضور عثمان إفرين العضو  المنتدب التنفيذي، وباسل شعيرة المدير العام للشركة.

‏‎تم خلال اللقاء مناقشة سبل التعاون بين الوزارة وشركاتها التابعة مع الشركة التركية في مجال تطوير وإدارة مناطق صناعية وفق المعايير العالمية، وتقديم حلول مبتكرة لدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة، من خلال استغلال بعض الأراضي غير المستغلة والمملوكة للشركات التابعة والاستفادة منها في النشاط الصناعي.

‏‎أكد المهندس محمد شيمي على أهمية الشراكة مع المطورين الصناعيين والشركاء الدوليين لتعزيز جهود الدولة في توفير بيئة استثمارية جاذبة، مشيرًا إلى أن الحكومة تعمل على تحسين مناخ الاستثمار الصناعي وتوفير كافة التسهيلات للمستثمرين المحليين والأجانب.

‏‎وأشار إلى أن الوزارة تسعى إلى الاستفادة من بعض الأراضي غير المستغلة التابعة لشركات قطاع الأعمال العام في إقامة أنشطة صناعية، بما يساهم في تحقيق خطط الدولة للتنمية الصناعية المستدامة وتعزيز الإنتاج المحلي، وتحقيق قيمة مضافة للاقتصاد الوطني وتوفير فرص عمل جديدة، وذلك في إطار استراتيجية العمل لاستغلال كافة الأصول المتاحة وتعظيم العائد الاقتصادي منها.

‏‎ من جانبه، استعرض وفد "بولاريس باركس" نشاط الشركة كمطور للأراضي الصناعية، والاستثمار في المناطق الصناعية وتشييدها وإدارتها، مشيراً إلى تأسيس الشركة عام 2007، ومساهمتها في السوق المصرية من خلال عدد من المشروعات الصناعية في مدن العاشر من رمضان، والسادس من أكتوبر، والسادات،  وتوسعاتها في أكتوبر الجديدة والعاصمة الإدارية لتطوير أراضٍ صناعية، معربا عن الاهتمام بزيادة نطاق أعمالها في مصر، و الاهتمام بالتعاون أيضا مع الوزارة في مشروعات تطوير الفنادق والمنتجعات السياحية.

مقالات مشابهة

  • محافظ الفيوم يتابع معدلات الأداء بملفي التصالح والتقنين ويوجه بتسريع وتيرة العمل
  • من التضييق إلى العلن.. كيف استعاد الأتراك أجواء رمضان؟
  • والي الجزيرة يقرع الجرس لإنطلاقة العام الدراسي
  • استئناف العام الدراسي بولاية الجزيرة و تخفيض ساعات حظر التجوال
  • المنصات ترفض تهديد إسرائيل لسوريا والتدخل من بوابة أزمة جرمانا
  • عمومية بنك فيصل الإسلامي المصري تقر زيادة رأس المال 5%
  • البرلمان الإيراني يقيل وزير المالية جراء طريقة معالجته أزمة التضخم
  • وزير قطاع الأعمال يلتقي وفدا تركيا لبحث التعاون في تطوير مناطق صناعية
  • محاكمة المعتقلين السياسيين بتونس اختبار للقضاء وسط اهتمام دولي
  • الحصادي: ليبيا عاجزة عن تفسير أزمة حرائق الأصابعة وأدعو للاستعانة بخبراء دوليين