???? سعر صرف الدولار في السودان الي أين؟
تاريخ النشر: 15th, May 2024 GMT
خلال الاسبوع الماضي وخاصة الايام القليلة الماضية انتشرت حالة من التوجس بخصوص سعر الصرف ، انا في الواقع ومنذ بداية الحرب اراقب سعر صرف الجنيه السوداني بشي من الحيرة .
قبل الحرب اعتدنا ان يرتفع سعر الصرف بشكل فجائي في شكل موجات (المقصود تنخفض قيمة الجنيه) ب 70% واحيانا 100% خلال الصدمات في ايام قليلة واحيانا لاسباب غير معلومة لكل الناس ، ويمكن الرجوع للبيانات لتتاكد من هذا الامر ، حدث كهذا تكرر تباعا ، حينما اندلعت الحرب والتي تعد اكبر من اي صدمة مرت علي الاقتصاد السوداني في التاريخ كان من المتوقع للجميع ان يؤدي ذلك لتدهور في جميع مؤشرات الاقتصاد الكلي ، من بين هذه المؤشرات بالطبع سعر الصرف ، عدم تمكن الناس من الوصول لارصدتهم في البنوك اخر وصول الصدمة علي سعر الصرف في بداية اسابيع الحرب وايضا التوقعات بانها حرب قصيرة الاجل ، ولكن كاي اقتصادي اخر كنت ادرك ان هناك طلب مكتوم ومؤجل سيؤدي بالضرورة لتدهور سعر الصرف، وبالفعل ظهر هذا الاثر ولكن لم يكن بالقدر المتوقع فحتي بعد مرور ثمانية اشهر لم يرتفع سعر الصرف ب 100% ، ادرك تماما ان انخفاض الطلب علي العملة بغرض الاستيراد اسهم في عدم تدهور قيمة الجنيه ولكن في جانب العرض ايضا حدث انخفاض فالصادرات تقلصت بشكل واضح وتحويلات المغتربين جزء مقدر منها تحول مساره للقاهرة وعواصم اخري.
لو ان احدهم قام بعمل استبيان لمائة شخص من الاقتصاديين ورجال الاعمال والباحثين والمهتمين السودانيين بعد شهر من الحرب واخبرهم بانها ستستمر لعام قادم وستتوسع وان ولاية الجزيرة ستسقط في ايدي التمرد وطلب منهم اعطاء تقديرات سعر الصرف بناء علي هذه المعطيات فان اكثر المتفائلين منهم لن يعطي توقع اقل من 3 الف حسب تقديري الشخصي لذلك اجدني في حالة حيرة من اداء سعر الصرف الحالي.
حاليا لا اتوقع انه لازالت هناك حركة رؤوس اموال للخارج بنفس القدر الذي كانت عليه خلال اشهر الحرب الاولي ، ولا اتوقع ان هناك ارتفاع في الطلب الكلي ، والتغيرات في جانب العرض لا يوجد ما يشير الي انها ستكون بنفس وتيرة الاشهر الماضية ايضا ، ربما هناك طلبية محددة ترفع السعر ولكن علي كل حال لا اعتقد انها تعكس تغير دائم في الطلب الكلي . احوال الميدان العسكرية ايضا تسهم في تغذية التوقعات فحالة الجمود او التراجع للقوات المسلحة ترفع من مستوي حالة عدم التأكد بينما الانتصارات والتقدم تشكل دفع ايجابي لسعر الصرف .
لو انني في موقع الناصح للحكومة لاكتفيت بالتنبيه علي الاقتصاد بقدر المستطاع في الطلب الحكومي علي النقد الاجنبي والاستدانة بالعملة المحلية ، ونقول قدر المستطاع لاننا قادرون علي تصور التحديات المرتبطة بانخفاض الايرادات مع ظهور بنود صرف جديدة متمثلة في دعم المجهود الحربي.
عنوان المنشور يقول سعر الصرف الي اين ولكنني في حقيقة الامر لم اهدف لتقديم توقعات لصعوبتها وانما لتسليط الضوء علي وقائع ربما تجعل الناس اقل توجسا .
مصعب عوض محمدخير
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: سعر الصرف
إقرأ أيضاً:
التشكيك: سلاح خفي في الحرب النفسية التي تشنها المليشيات
في الحروب، لا تُطلق النيران فقط من فوهات البنادق والمدافع، بل تنطلق أيضاً من وراء الشاشات وصفحات التواصل، عبر رسائل مشبوهة وأحاديث مثبطة، في إطار ما يُعرف بالحرب النفسية. ومن بين أبرز أدوات هذه الحرب وأكثرها خبثاً: “التشكيك”. هذا السلاح الناعم تُديره غرف إلكترونية متخصصة تابعة للمليشيات، تهدف إلى زعزعة الثقة، وتفتيت الجبهة الداخلية، وبث الهزيمة النفسية في قلوب الناس، حتى وإن انتصروا في الميدان.
التشكيك في الانتصارات العسكرية، أحد أكثر الأساليب استخداماً هو تصوير الانتصارات المتحققة على الأرض من قِبل القوات المسلحة السودانية على أنها “انسحابات تكتيكية” من قبل المليشيات، أو أنها “اتفاقات غير معلنة”. يُروّج لذلك عبر رسائل تحمل طابعاً تحليلياً هادئاً، يلبسونها لبوس المنطق والرصانة، لكنها في الحقيقة مدفوعة الأجر وتُدار بخبث بالغ. الهدف منها بسيط: أن يفقد الناس ثقتهم في جيشهم، وأن تتآكل روحهم المعنوية.
التشكيك في قدرة الدولة على إعادة الإعمار، لا يكاد يمر يوم دون أن نقرأ رسالة أو منشوراً يسخر من فكرة إعادة الإعمار، خصوصاً في مجالات الكهرباء والمياه وإصلاح البنى التحتية المدمرة. هذه الرسائل تهدف إلى زرع الإحباط وجعل الناس يشعرون أن لا جدوى من الصمود، وأن الدولة عاجزة تماماً. لكن الواقع أثبت أن إرادة الشعوب، حين تتسلح بالإيمان والثقة، أقوى من أي دمار، وقد بدأت بالفعل ملامح إعادة الحياة تظهر في أكثر من مكان، رغم ضيق الموارد وشدة الظروف.
التشكيك في جرائم النهب المنظمة، مؤخراً، لاحظنا حملة تشكيك واسعة، تُحاول التغطية على جرائم النهب والسلب والانتهاكات التي ارتكبتها المليشيات طوال عامين. الحملة لا تنكر تلك الجرائم بشكل مباشر، بل تثير أسئلة مغلّفة بعبارات تبدو عقلانية، لكنها في جوهرها مصممة بعناية لإثارة دخان كثيف ونقل التركيز نحو جهات أخرى.
كيف نُساهم – دون قصد – في نشر التشكيك؟ المؤسف أن الكثير منا يتداول مثل هذه الرسائل بعفوية، وأحياناً بدافع الحزن أو القلق على الوطن، دون أن يتوقف ليتساءل: من كتب هذه الرسالة؟ ولماذا الآن؟ وما الذي تهدف إليه؟ وبهذا نُصبح – دون أن ندري – أدوات في ماكينة التشكيك التي تخدم أجندة المليشيات وتطعن في ظهر الوطن.
كيف نواجه هذه الحرب النفسية؟
الرد لا يكون بصمتنا أو بتكرار الرسائل المشككة، بل بـ:
وقف تداول أي رسالة مجهولة المصدر أو الكاتب.
عدم إعادة نشر أي محتوى يحمل ظنوناً أو يشكك أو يُحبط أو يثير اليأس.
نشر الإيجابيات، وبث الأمل، وتعزيز الثقة بالله أولاً، ثم بمؤسسات الدولة مهما كانت لدينا من ملاحظات أو انتقادات.
في الختام، التشكيك لا يبني وطناً، بل يهدمه حجراً حجراً. فلنكن على وعي، ولنُفشل هذا السلاح الخفي، بمناعة داخلية قائمة على الإيمان، والعقل، والأمل، والثقة بأن الوطن سيعود أقوى، ما دام فينا من يرفض الانكسار ويؤمن بأن النصر لا يبدأ من الجبهة، بل من القلب والعقل.
عميد شرطة (م)
عمر محمد عثمان
٢١ أبريل ٢٠٢٥م