الذكاء الاصطناعي وأخلاقيات الصحافة الرياضية
تاريخ النشر: 15th, May 2024 GMT
ما أكثر الصادقين الشرفاء وما اقل الكاذبين الخبثاء وإن كثرت صفحاتهم الصفراء وفضائحهم السوداء، فلن تجد لهم ذكراً طيباً ولن تجد لهم سيرة عطرة ولن تجد لهم مكاناً بين الشرفاء، منبوذين في الماضي والحاضر والمستقبل، قراءهم ومعجبيهم من أصحاب المصالح الفاسدة والأغراض الدنيئة، يشترون بثمن بخس ويبيعون أقلامهم وكلماتهم بأرخص الأثمان، تذكرتهم يوم السبت وأنا أتبادل التهاني بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة، وتذكرت بعض من الشخصيات الإعلامية النزيهة التي تركت فينا علامات بارزة من الأعمال الإعلامية الصحفية سواء المكتوبة أو المسموعة أو المرائية، أعمال عملاقة اتصفت بالمصداقية والحياد والعمل من أجل بناء وتنمية المجتمعات ومحاربة الجهل والفساد والاستغلال المالي والإداري، ومحاربة جماعات تدمير مؤسسات الدولة وناهبي ثروات البلاد، وتعطيل مسيرة بناء الدولة المدنية الحديثة التي تنادي بها وثيقة الرؤية الوطنية لبناء الدولة اليمنية الحديثة «يد تبني ويد تحمي».
يعتبر العمل الصحفي في مختلف دول العالم من وسائل الإعلام الأكثر أهمية للتحكم في الأوضاع وتوجيهها لخدمة أغراض وأهداف وطنية أو لخدمة السلطة أو الجهة المالكة للصحافة، ومع التطور الهائل في تكنولوجيا وسائل الاتصال، من أقمار صناعية وشبكات عنكبوتية وحديثا الذكاء الاصطناعي، تحول العالم إلى قرية صغيرة بحيث أصبحت تغطي كل أرجاء الكرة الأرضية، متيحة للعاملين في مجال الأخبار الرياضية نقل أدق تفاصيل الخبر الرياضي وآخر تطوراته لحظة بلحظة، والتعليق عليه وتحليله على الهواء مباشرة من موقع الحدث، بالتوازي مع أجهزة الهاتف الجوال التي أضحت ناقلا مهما للأخبار الطارئة التي تأتينا عبر الرسائل القصيرة، ونقل الأخبار بالجوالات على المباشر ودون الحاجة إلى عربات نقل البث المباشر واستخدام المعدات والثقيلة، ولقد وصل الأمر إلى محاكاة الماضي الإخباري وتجسيد شخصيات إعلامية قديمة من خلال استخدام تقنية الذكاء الاصطناعي، هذه التقنية المخيفة جدا والتي أن استخدمت بصور لا أخلاقية قد تفسد الكثير من الأخبار، وتفقد المهنية الأخلاقية للعمل الصحفي وتضع الصحافة العالمية في دائرة الشك والتخوين، ما لم يكن هناك شفافية مهنية أخلاقية إعلامية، وضمير حي لدى الإعلامي.
قد يتوجب على الباحثين والأكاديميين المتخصصين في مجال الإعلام، البحث والنقاش حول أخلاقيات الصحافة في العصر الرقمي «تقنية الذكاء الاصطناعي» ليقدموا معالجات منطقية علمية للتحديات التي تواجه الصحافة العالمية والأخلاقيات المهنية الإعلامية، كما يجب عليهم صياغة نهج معرفي مفاهيمي يساهم في تفكيك تلك الإشكاليات الإعلامية الطارئة، وجعلها متسقة مع المبادئ الأخلاقية الجوهرية للعمل الصحفي العالمي والمحلي اليمني على وجه الخصوص، وهي فرص لدعوة كل الباحثين والاكاديميين الإعلاميين إلى المشاركة في المؤتمر العلمي الخامس لجامعة البيضاء الذي ينظم تحت عنوان «دور الذكاء الاصطناعي في تعزيز مكانة البحث العلمي وأثر ذلك على المجتمع»، وفرصة لنتوجه بالشكر للأستاذ الدكتور أحمد العرامي والأستاذ الدكتور محمد النظاري وكل القائمين على تنظيم المؤتمر العلمي لجامعة البيضاء في نسخته الخامسة أغسطس 2024م، على إصرارهم الدائم على استمرار تنظيم المؤتمر منذ انطلاق نسخته الأولى قبل خمس سنوات، وفي ظل هذه الظروف الصعبة التي تمر بها اليمن من حصار وعدوان وعجز مالي بالكاد يغطي تكاليف تشغيل جامعة البيضاء واستمرار عملية التعليم فيها.
في الأسابيع الماضية كان للإعلام اليمني الرياضي حضور مشرف في احتفاليات الاتحاد الدولي للصحافة الرياضية الذي تزامن مع الذكرى التأسيسية لنادي برشلونة ومرور مائة عام على ذلك، بحضور المدير التنفيذي للجمعية اليمنية للإعلام الرياضي وبعض أعضاء الجمعية، وتم خلال هذا الاحتفال تكريم اليمن بعد فوزها بالمركز الأولى عالميا في فئة المصورين الصحفيين الشباب، والتي فاز بها المصور اليمني اكرم عبدالله المتفوق على اكثر من مصور عالمي لأكثر من الدول المشاركة في هذه المنافسة الإعلامية التصويرية، تهانينا لجمعية الإعلامي الرياضي اليمني، وللمصور اكرم عبدالله، ولليمن عامة.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
كيف أصبحت غزة ساحة لتطوير الاحتلال قدرات الذكاء الاصطناعي وتجريبه؟
كشف تقرير نشرته صحيفة "نيويورك تايمز"، عن مدى توغل التكنولوجيا المتقدمة، وخاصة الذكاء الاصطناعي، في العمليات العسكرية الإسرائيلية خلال حربها المستمرة على قطاع غزة.
وأوضح التقرير الذي ترجمته "عربي21"، أن الاحتلال الإسرائيلي اعتمد بشكل متزايد على أدوات وتقنيات الذكاء الاصطناعي لتحقيق تفوق نوعي في ميدان المعركة، وهو ما أدى في بعض الأحيان إلى نتائج قاتلة طالت المدنيين.
وأشار التقرير إلى أن أبرز مثال على هذا الاستخدام جاء في أواخر عام 2023، عندما حاولت القوات الإسرائيلية اغتيال إبراهيم البياري، أحد القادة البارزين في حركة حماس. ونظراً لصعوبة تحديد مكانه الفعلي، نظراً لاحتمال اختبائه في شبكة الأنفاق المنتشرة تحت غزة، لجأ جيش الاحتلال الإسرائيلي إلى تقنية تحليل صوتي مدعومة بالذكاء الاصطناعي، كانت قد طُورت قبل نحو عقد من الزمن لكنها لم تُستخدم في ساحات القتال من قبل.
وبحسب مصادر أمريكية وإسرائيلية مطلعة تحدثت للصحيفة، فقد تولى مهندسون في الوحدة 8200، المكافئة الإسرائيلية لوكالة الأمن القومي الأمريكية، تطوير الأداة ودمجها بتقنيات ذكاء اصطناعي متقدمة.
وتم تحليل مكالمات البياري، واعتمادا على تلك البيانات الصوتية، قامت قوات الاحتلال الإسرائيلي بشن غارة جوية في 31 تشرين الأول/أكتوبر 2023 استهدفت الموقع المشتبه به. غير أن الغارة، التي فشلت في قتل البياري، أسفرت عن استشهاد 125 مدنيا، بحسب منظمة "إيروورز" المعنية بتوثيق ضحايا الحروب.
ويمثل هذا الهجوم، وفق التقرير، نموذجاً مصغراً لطريقة استخدام إسرائيل لتقنيات الذكاء الاصطناعي في حربها ضد غزة، حيث دمجت هذه التقنيات بمجالات متعددة تشمل التعرف على الوجوه، وتحليل البيانات النصية، وتحديد الأهداف العسكرية المحتملة. وقد أشارت مصادر الصحيفة إلى أن عمليات تطوير هذه الأدوات جرت عبر تعاون وثيق بين ضباط الوحدة 8200 وعدد من جنود الاحتياط العاملين في شركات تكنولوجية كبرى مثل غوغل، مايكروسوفت، وميتا.
وتحدث التقرير عن إنشاء ما يعرف بـ"الاستوديو"، وهو مركز ابتكار تابع للوحدة 8200، يهدف إلى تسريع إنتاج وتطبيق أدوات الذكاء الاصطناعي في العمليات العسكرية. وبيّن أن نشر هذه الترسانة التكنولوجية أدى أحياناً إلى نتائج كارثية، منها أخطاء في تحديد الهوية، واعتقالات عشوائية، بل ووقوع ضحايا مدنيين، وهو ما أثار تساؤلات أخلاقية لدى مسؤولين عسكريين إسرائيليين وأمريكيين على حد سواء.
وفي هذا السياق، قالت هاداس لوربر، المديرة السابقة لمجلس الأمن القومي الإسرائيلي ورئيسة معهد الأبحاث التطبيقية في الذكاء الاصطناعي، إن "وتيرة الابتكار تسارعت تحت وطأة الحاجة الملحة للرد على التهديدات"، مشيرة إلى أن هذه الابتكارات التقنية منحت الجيش الإسرائيلي "مزايا استراتيجية"، لكنها "أثارت أيضاً قضايا أخلاقية جوهرية تتطلب وجود ضوابط صارمة".
ورغم امتناع جيش الاحتلال الإسرائيلي عن التعليق المباشر على هذه التقنيات لأسباب تتعلق بالسرية، إلا أن مصادر التقرير كشفت أن الجيش أطلق تحقيقاً داخلياً في الغارة التي استهدفت البياري. أما شركات التكنولوجيا التي ذُكر أن موظفيها شاركوا في هذه الجهود ضمن صفوف جنود الاحتياط، فقد رفض معظمها التعليق، بينما قالت شركة غوغل إن مشاركة موظفيها "لا علاقة لها بمهامهم داخل الشركة".
ويذكر التقرير أن الاحتلال الإسرائيلي دأب على استغلال الحروب، خاصة في غزة ولبنان، كمنصات لاختبار وتطوير قدراتها التكنولوجية، مثل الطائرات بدون طيار، وأدوات اختراق الهواتف، ونظام الدفاع الصاروخي "القبة الحديدية".
ومنذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر، فتح الاحتلال المجال أمام استخدام واسع النطاق لتقنيات الذكاء الاصطناعي بالتعاون مع الوحدات العسكرية المختصة.
كما طوّر جيش الاحتلال الإسرائيلي نموذجاً لغوياً كبيراً باللغة العربية، أنشئ لتشغيل روبوت محادثة قادر على تحليل الرسائل النصية، ومنشورات وسائل التواصل الاجتماعي، وغير ذلك من البيانات. وتم تغذيته بكم هائل من البيانات التي جمعت خلال سنوات من المراقبة الإلكترونية، مما مكنه من تمييز اللهجات المختلفة وتحليل ردود الفعل العامة، كما حدث بعد اغتيال حسن نصر الله في أيلول/سبتمبر الماضي، وفق ما أفاد به ضباط إسرائيليون للصحيفة.
إلا أن النموذج لم يكن خالياً من العيوب، إذ فشل أحياناً في تفسير بعض المصطلحات العامية، أو أخطأ في فهم المحتوى البصري، ما تطلب تدخل ضباط مخضرمين لتصحيح هذه الأخطاء. وعلى الأرض، زودت إسرائيل نقاط التفتيش المؤقتة في غزة بكاميرات مدعومة بتقنيات التعرف على الوجه، لكنها أخفقت أحياناً في التعرف على الأشخاص بدقة، ما تسبب في اعتقال مدنيين عن طريق الخطأ.
ومن بين الأدوات التي أثارت جدلاً أيضاً، خوارزمية "لافندر"، وهي أداة تعلم آلي صممت لتحديد المقاتلين منخفضي الرتب في حماس، لكنها كانت غير دقيقة، ومع ذلك استخدمت لتحديد أهداف في بداية الحرب.
ويخلص التقرير إلى أن هذه التجارب التقنية، رغم ما توفره من قدرات عسكرية متقدمة، قد تؤدي إلى تسريع وتيرة العنف وسقوط ضحايا من المدنيين، في وقت لم تُحسم فيه بعد الأسئلة الأخلاقية الكبرى المرتبطة باستخدام الذكاء الاصطناعي في ميادين الحروب.